الفلسطيني زيد العامر هدّده الاحتلال بالتصفية وأبعده إلى غزة
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
"كنت أبحث عنه في حافلات الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية المفرج عنهم، فاتصل بي قائلاً أنا في غزة". تذكر رشا زوجة الأسير الفلسطيني زيد العامر، المحرر ضمن الدفعة الثانية من صفقة تبادل الاسرى بين حماس وإسرائيل. وكانت لحظة خبت فيها فرحة العائلة وتهيّأت وتزينت لاستقبال غائبها المعتقل منذ 9 سنوات والمحكوم بالسجن المؤبد.
وورد اسم العامر (35 عاما) ضمن قائمة المحررين العائدين إلى سكنهم في نابلس شمال الضفة. ورغم توقّع العائلة إبعاده بسبب حكمه المؤبد، إلا أن فرحتهم كانت كبيرة بوجود اسمه ضمن المحررين العائدين إلى منازلهم، وبعد تحضرها وتوجهها إلى رام الله لاستقباله، وصل الأسرى المحررون ولم يكن موجوداً معهم.
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة عبدالله العطار Abdallah Alattar (@abdallahalattarr)
انتظار ثم إبعادتقول الزوجة "في البداية جهزت حقائب السفر، ورتّبت أموري، وحضّرت أولادي لاحتمالية سفرنا، في حال إبعاد والدهم. وحين ورد اسمه ضمن المحررين العائدين إلى الضفة، كانت فرحتي كبيرة لأنني لم أكن متشجعة لترك عائلتي وبيتي ونقل أولادي من محيطهم الذي اعتادوه كل هذه السنوات والانتقال لبلدة أخرى. لكني كنت أترقب اجتماعنا مع زيد وهذا المهم".
إعلانوتضيف "أفرغت الحقائب مرة أخرى وحدثت أبنائي أن والدهم أخيراً سيعود للمنزل وسيكون معنا هنا، وتركتهم ينتظرون وقلت لهم مساء اليوم (الجمعة الماضية موعد تحرر الاسرى ضمن الدفعة الثانية) سيكون والدكم هنا".
واهتمت رشا بأدق التفاصيل، واختارت المطعم الذي سيتناول فيه الأب وأطفاله طعام العشاء بعد استقباله، واشترت لهم الألعاب ليقدمها لهم، وجهّزتهم بملابس جديدة لارتدائها في حفل الاستقبال.
ولم تكن الطريق من نابلس إلى رام الله سهلة بسبب كثرة الحواجز الاسرائيلية، وتعطيلها حركة سير وتنقل الركاب الفلسطينيين عليها.
وبعد ساعات طويلة ومشاعر ترقب وفرحة وخوف من تراجع إسرائيل عن الإفراج عنه، وصل الخبر رشا وبقية العائلة بأنه تم إبعاد العامر إلى قطاع غزة.
وتصف رشا للجزيرة نت الصدمة التي عاشتها حين علمت بوصول زوجها إلى غزة فقد "كنت أسأل عنه كل أسير ينزل من حافلة الصليب، ولم يره أحد. وسألت العاملين في الصليب فقالوا إن اسمه في القائمة لكنه غير موجود بالحافلة، وتوقعت عندها أنه نقل للمستشفى لأنه يعاني من حالة صحية خاصة".
وكانت سيارات الإسعاف تنقل من فترة لأخرى عدداً من الأسرى المحررين بسبب سوء حالتهم الصحية وتعرضهم للضرب والتنكيل حتى قبل الإفراج عنهم بساعات، مما دفع العائلة للسؤال عنه في مراكز الطوارئ بمحيط مكان وصول المحررين.
بعلم الصليب الأحمر"حين كنت أبحث عنه وأسأل الأسرى الواصلين وموظفي الصليب الأحمر، كانت سيارات الصليب تنقله إلى داخل قطاع غزة" وتقول رشا إن أحد الأسرى "قال لي زيد أُبعد، وسمعنا ضابط المخابرات يخبره بقرار إبعاده، في هذه الأثناء وردنا اتصال من زيد، وقال: وصلت غزة، أبعدوني بالإجبار، أنا الآن في المستشفى الأوروبي".
ولم يكون شعور الخيبة فقط هو ما ألمّ برشا بعد اتصال زوجها، لكنها أحست بالعجز والغضب والخوف من ردة فعل أطفالها. وتقول "بكيت كثيراً، وأحسست أن كل ما حدث معي طوال هذه السنوات عاد أمامي هذه اللحظة: سنوات الانتظار، هدم المنزل، ولادة أطفالي من دون زيد، تحمل المسؤولية وكل شيء".
إعلانوحاولت العائلة التحدث مع الصليب الأحمر ورفع الأمر للوسطاء المشرفين على الصفقة، فتبين لهم أن إسرائيل أجبرت العامر على الإبعاد لغزة تحديداً، بعد تهديده بعدم الإفراج عنه أولا، ثم تهديده بالتصفية في حال أفرج عنه وعاد للضفة أو أي دولة أخرى.
وأكد العامر لعائلته بعد وصوله غزة أنه طلب من الصليب الأحمر إبلاغهم بأمر إبعاده إلى غزة حتى لا يتكبدوا مشقة الوصول إلى رام الله، لكن الصليب الأحمر لم يتصل بالعائلة.
ولم يقتصر الأمر على الإبعاد، فقد اتصلت المخابرات الإسرائيلية بالعائلة أكثر من مرة لتهديدهم ومنعهم من إقامة الاحتفالات بتحرره، أو رفع رايات كتائب القسام أمام المنزل.
ورغم التزام العائلة بعدم إقامة أية مظاهر للاحتفال، فإن ضابط مخابرات إسرائيليا اتصل بشقيق العامر وطالبه بإخلاء القاعة التي فُتحت لاستقبال المهنئين بالإفراج عنه في نابلس، وأبلغه بقرار قصف القاعة إن لم يتم الإخلاء خلال دقائق.
وتعلق زوجته "لم ندعُ الناس ولم نقم أية احتفالية، لكن العادة أن يزور الأهالي الأسرى وتهنئتهم، وكان هناك قرابة 600 مواطن في القاعة لحظة اتصال الضابط الإسرائيلي وتهديدنا بقصفها، فاعتذرنا للكل وأخلينا القاعة كي لا تحصل مجزرة، فالاحتلال لا يردعه شيء".
في أبريل/نيسان 2015 اعتقل الاحتلال العامر بعد مرور 37 يوما على زواجه، واتهمه بالمشاركة بتنفيذ "عملية إيتمار" التي أدت لمقتل الحاخام إيتان هنكين وزوجته. وبقي في السجن دون الحكم عليه حتى عام 2023، عندها حكم عليه بالسجن المؤبد مرتين إضافة إلى 30 عاما، وغرامة مالية بحوالي 3 ملايين شيكل، كما هدم الاحتلال منزله.
وعند اعتقاله كانت زوجته حاملا بطفلته الأولى هديل، وبعد 5 سنوات من سجنه رزق العامر بتوأم ذكر "أسامة ورضا" عن طريق النطف المهربة. وأكمل دراسته في السجن وحصل على درجة الماجستير.
إعلانوحتى الآن لا يعرف العامر إلى أين سينتهي به الأمر، حيث يقبع بالمستشفى الأوروبي في خان يونس، ورغم إبلاغ الوسطاء بإبعاده إلى غزة بعد التهديد والتخويف لكن الاحتلال لم يستجب ولم يبلغ بأي جديد.
وتقول زوجته إنه يحتاج إلى عملية في القلب بشكل عاجل، حيث يعاني منذ سنوات من تسارع ضربات القلب. وتقول رشا إن الأطفال أصيبوا بالصدمة بعد انتظارهم تحرره وعودته إلى البيت "والآن نحاول بطريقة صعبة التحدث معه عبر الهاتف فقط".
عقوبات للمحررينقال نادي الأسير الفلسطيني -في بيان- إنّ أجهزة الاحتلال الإسرائيلي بمختلف مستوياتها مارست إرهابا ممنهجا بحق المحررين وعائلاتهم، وتضمن ذلك تهديدات وصلت إلى حد القتل والاعتقال، إلى جانب اقتحام منازلهم وتخريبها.
وبحسب نادي الأسير، فإن الاحتلال لم يكتف بالتهديد إنما مارست إدارة السجون أساليب الضرب والتنكيل بحق المحررين. وقال النادي الفلسطيني إنه وثّق شهادات لمحررين في كافة محافظات الضفة بينت أن عمليات التنكيل استمرت لأيام وكانت ظاهرة على أجساد المحررين.
وقد تحرر ضمن الدفعة الثانية من صفقة الأسرى 290 أسيرا وجرى إبعاد 71 منهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصلیب الأحمر إلى غزة
إقرأ أيضاً:
ويتكوف يشارك في تظاهرة لعائلات الأسرى الإسرائيليين.. لا مجاعة في غزة
زار مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مكان تظاهرة في "تل أبيب" لعائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتقى ببعض هذه العائلات، وسط وغموض وضغوط متزايدة للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وقال ويتكوف لعائلات الأسرى، إن "معظم الجمهور الإسرائيلي يريد أن يكون الأسرى في بيوتهم، ومعظم الجمهور الغزي يريد عودتهم لأنه يريد إعادة إعمار القطاع".
وعن المجاعة في غزة قال: "هناك صعوبة ونقص، لكن لا توجد مجاعة في غزة، وبعد أن نفند ما تدّعيه حماس حول المجاعة، سنتمكن من الاستمرار في المفاوضات لإنهاء الحرب وإعادة جميع الأسرى".
ووصل ويتكوف إلى الأراضي المحتلة الخميس، في محاولة للتوسط في هذه الأيام الحساسة، والتقى برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد أن نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصرحات قال فيها: إن "أسرع سبيل لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة هو أن تُطلق حماس سراح الرهائن وتستسلم".
وذكر تقرير لـ"القناة 12" الإسرائيلية أن ويتكوف يتعامل مع قضيتين مُلحّتين وهما: "استمرار القتال في القطاع وتدهور الوضع الإنساني/ وهو يُنصت إلى الرسائل من كلا الجانبين، ويُدرك أن حماس تُصرّ على مواقفها".
وأضاف التقرير أنه "مع ذلك، يُطالب ويتكوف بعدم تضييع فرصة التوصل إلى اتفاق قبل أن تُقرر إسرائيل اتخاذ خطوات أحادية الجانب قد تُؤخّر المفاوضات طويلًا".
ويتزايد التشاؤم في "إسرائيل" بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار، وحذر مصدر سياسي مطلع على تفاصيل المفاوضات قائلاً: "المحادثات في طريقها إلى الانهيار".
وأضاف: "من وجهة نظر إسرائيل، ليس هناك اتفاق جزئي مطروحاً. والآن، وبسبب رفض حماس، فإن فرصة التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ضئيلة. تستعد إسرائيل لتكثيف حملتها لهزيمة حماس".
وتأتي زيارة وتكوف لتظاهرة عائلات الأسرى، بعدما بثت كتائب القسام مشاهد لأحد جنود الاحتلال الأسرى لديها، وظهر في حالة نحول جسدي، نتيجة التجويع الوحشي الذي يقوم به الاحتلال، بحق سكان قطاع غزة، والذي راح ضحيته حتى الآن 154 شهيدا.
وفي المشاهد التي التقطت من داخل أحد الأنفاق، نشرت القسام صورة للأسير، من آخر عملية تسليم للأسرى، وكان بصحة جيدة، قبل أن ينقلب الاحتلال على اتفاق وقف إطلاق النار، ويشرع في عملية التجويع الوحشية بحق غزة.
لكن في المشاهد الحالية بدا الأسير نحيل الجسد، بصورة كبيرة وعظامه بارزة، وقالت القسام، "يأكلون مما نأكل، قررت حكومة الاحتلال تجويعهم".
وتضمن المقطع تصريحات للوزير المتطرف إيتمار بن غفير وهو يشير إلى أن ما يجب إرساله إلى القطاع القنابل فقط، وكذلك تصريحات لنتنياهو وهو يتحدث عن إدخال الحد الأدنى من الغذاء لسكان القطاع لتجويعهم.
كما تضمن المقطع صورا للأطفال الفلسطينيين في غزة، وأجسادهم قد التهمها الجوع، وبرزت فيها عظامهم نتيجة تجويع الاحتلال وجريمته بحق سكان القطاع.