علي الفاتح يكتب: مواقف يفرضها لغط «التهجير»
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
إذا لم تنعقد القمم العربية، والعربية الإسلامية الطارئة، الآن فمتى ستنعقد دفاعا عن الأمن القومي في المنطقة ودرءا لشبح فوضى عارمة، وحروب يهدد باندلاعها مخطط التهجير؟
سيكتشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ربما خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة، أنّ الأسلوب الذي يتبعه لإدارة مصالح بلاده كان سببا في خسائر كبيرة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وأنّ نهج صفقات العقارات لا يصلح لإدارة شؤون الدول وعلاقاتها الخارجية، وأنّ ما حصده من خسائر يوازي في حجمه الولايات المتحدة الأمريكية كقوة دولية عظمى.
على سبيل المثال بدأت أسعار النفط ترتفع فور إعلانه رفع رسوم التعريفات الجمركية على كل من كندا والمكسيك بنسبة 25%، وخرج خبراء أسواق النفط العالمية يحذرون من ارتفاع أسعار البنزين في السوق الأمريكية.
نهج ترامب إزاء حلفاء بلاده، مثل كندا والدنمارك، سيدفع الآخرين للحذر منه وأخذ احتياطاتهم قبل أن تصلهم عواصفه غير المتوقعة بعقد تحالفات سرية مع خصومه الدوليين الكبار، وعلى رأسهم الصين وروسيا الاتحادية.
غير أنّ اللافت في شخصية الرئيس الأمريكي أنّه رغم مبالغته في إظهار قوته، يخشى الاقتراب من الأقوياء، ويفضل التفاوض معهم، مع توجيه رسائل تحذيرية خفيفة، وربما منعدمة الأثر، كما فعل مع الصين، التي لم يستطع رفع الرسوم الجمركية على بضائعها سوى بنسبة 10%.
في الشرق الأوسط كانت أول مواجهة علنية مع صلف سيد البيت الأبيض، ولحسن الحظ أنّها كانت مع دولة بحجم مصر.
الرئيس عبدالفتاح السيسي واجه ما بدا أنّه إصرار ترامبي على تهجير مليون ونصف المليون فلسطيني إلى كل من مصر والأردن، وبصراحة وصف مخطط التهجير بالظلم، وأعلن رفضه المطلق المشاركة فيه، والتشبث بمواقف مصر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، بدءا من رفض التهجير وصولا إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
القرار المصري جاء مدويا ومزلزلا لأن مصدره كان أعلى سلطة تنفيذية وسياسية وعسكرية في البلاد، مدركا أنّ الجميع من أبناء شعبه، المعارضين لسياساته وتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية، قبل الداعمين، يتبنون ذات الموقف، ومستعدون لتحمل تبعات الدفاع عنه.
وصحيح أنّ لدينا أزمات اقتصادية، إلا أنّ قرارا كهذا للمواجهة المباشرة والصريحة لا يمكن أن يتخذه قائد دون أن يكون لدى مؤسسات بلاده ما يكفي من الأوراق، التي تجعل من محاولة ترامب استغلال الورقة الاقتصادية مسألة هامشية، وغير مؤثرة.
في تقديري أنّ إحدى أهم تلك الأوراق، التي لا تحتاج ليد تلوح بها معاهدة كامب ديفيد للسلام، والعلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وقد برزت بمجرد حديث الرئيس، وتوجه الحشود الشعبية إلى بوابة رفح.
وعلى الرئيس الأمريكي أن يعي أنّ أي محاولة بمزيد من الضغط على مصر والأردن ستبوء بالفشل وستقوض النفوذ الأمريكي في المنطقة، لا بد من قمة عربية أو عربية إسلامية طارئة تعلن ذات الموقف المصري والأردني، ليس دعما للقاهرة أو عمان، ولا حتى دفاعا عن مصالح الشعب الفلسطيني، وإنما حماية للمنطقة من موجات عنف وفوضى ستُفضي حتما إلى حرب شاملة.
الكيان الصهيوني الذي لم ينجح في القضاء على المقاومة، ويرفض عودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة تماما، كما يرفض استمرار حركة حماس، لم يعد أمامه سبيل لتحقيق النصر الاستراتيجي سوى تهجير سكان القطاع، لذلك طالب مبعوث ترامب لشؤون الرهائن آدم بهلر مصر والأردن بإيجاد بديل لمخطط التهجير.
لو وافقت مصر والأردن على استقبال أبناء غزة ستنفجر المنطقة، ولو حاول ترامب، ومن خلفه الكيان الصهيوني فرض الأمر بالقوة، عبر استئناف حرب الإبادة، أيضا ستنفجر المنطقة.
لذلك لا بد من موقف شرق أوسطي جماعي، لأن الأوضاع الهشّة في غالب الإقليم، وإن كانت لا تبدو كذلك في الظاهر، لا تسمح لغالب أطرافه بتحمل تبعات وتداعيات تلك الحرب على عكس الدولة المصرية، فرغم مشاكلنا وأزماتنا، إلا أنّ اتفاق الجميع على موقف واحد كشف صلابة وقوة بنيان الدولة والمجتمع، وكما نقول باللهجة المصرية: «ساعة الجد هتكفينا بصلة ولقمة عيش»، ولن يكون بيننا خائف أو خائن.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التهجير المستويات السياسية المستويات الاقتصادية المستويات العسكرية مصر والأردن
إقرأ أيضاً:
التصنيع الأمريكي تحت الضغط.. تكاليف الرسوم قد تطيح بالوظائف
#سواليف
يستعد #الرئيس_الأمريكي #دونالد_ترامب لفرض #زيادات_جديدة على #الرسوم_الجمركية، وقد بدأت تداعيات هذه السياسات تظهر بقوة.
ومن بين القطاعات المتضررة قطاع التصنيع المحلي، الذي يعتمد بشكل كبير على سلاسل الإمداد العالمية. وأشار تحليل لمركز “واشنطن للنمو العادل” إلى أن تكاليف الإنتاج في المصانع قد ترتفع بنسبة تتراوح بين 2% و4.5%.
ونقل تقرير نشرته وكالة “آسوشيتد برس” عن الباحث كريس بانغرت-درونز، معدّ الدراسة، إن هذه الزيادات رغم صغرها النسبي قد تكون كافية لإحداث ضغط كبير على مصانع ذات هوامش ربح ضئيلة، مما قد يؤدي إلى تجميد الأجور أو حتى تسريح العمال وإغلاق المصانع في حال أصبحت التكاليف غير قابلة للتحمّل.
مقالات ذات صلةوترامب، من جانبه، يواصل الترويج للرسوم باعتبارها وسيلة لتعزيز التوظيف الصناعي وتقليص العجز التجاري، مشيرًا إلى أنها ستوفر دخلًا يُستخدم لسد العجز في الميزانية. وقد أعلن عن أطر تجارية جديدة مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان والفلبين وإندونيسيا، تتضمن فرض رسوم تتراوح بين 15% و50% على واردات عدة.
لكن الدراسة الحديثة تسلط الضوء على التكاليف الاقتصادية والسياسية المحتملة لهذه السياسات، خاصة في ولايات حاسمة مثل ميشيغان وويسكونسن، حيث تمثل الوظائف في قطاعات الصناعة والبناء والتعدين والطاقة أكثر من 20% من سوق العمل.
وبينما يؤكد البيت الأبيض أن هذه الاتفاقيات ستفتح أسواقًا جديدة للشركات الأمريكية، إلا أن قطاع الذكاء الاصطناعي – الذي يراهن عليه ترامب كمستقبل للاقتصاد – يعتمد على واردات كثيرة، حيث أن أكثر من 20% من مدخلات صناعة الإلكترونيات تأتي من الخارج، ما يعني أن الرسوم قد ترفع بشكل كبير كلفة تطوير هذا القطاع.
وفي استطلاع أجراه الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، أشار غالبية الشركات إلى أنها ستمرر نحو نصف التكاليف الناتجة عن الرسوم الجمركية إلى المستهلكين عبر رفع الأسعار. كما أظهرت بيانات وزارة العمل فقدان 14,000 وظيفة صناعية منذ إعلان الرسوم في أبريل/نيسان، مما يزيد الضغط على إدارة ترامب لإثبات قدرتها على تحفيز نمو حقيقي.
ولا يقتصر تأثير الرسوم على الشركات المستوردة. ففي ميشيغان، يعاني مصنع “Jordan Manufacturing” من ارتفاع أسعار لفائف الصلب بنسبة تصل إلى 10%، رغم أنه لا يستورد من الخارج. فبفضل القيود المفروضة على المنافسة الأجنبية، رفعت المصانع الأمريكية أسعارها أيضًا.
أما “Montana Knife Co”، المتخصصة في صناعة السكاكين، فتواجه رسومًا بنسبة 15% على معدات ألمانية لا بديل أمريكي لها، فضلًا عن رسوم مستقبلية بنسبة 50% على الفولاذ السويدي بعد إفلاس المورد الأمريكي السابق.
ورغم طمأنة البيت الأبيض بأن التضخم تحت السيطرة، تشير تقديرات “Budget Lab” في جامعة ييل إلى أن الأسر الأمريكية قد تخسر نحو 2400 دولار سنويًا بسبب تأثيرات الرسوم. ويبدو أن الاقتصاد الأمريكي يسير على حافة التوازن، وسط تصاعد المخاوف من أن الرسوم قد تضر أكثر مما تنفع.