لميس أندوني .. الأردن في مواجهة ترامب: موقف لا بديل عنه!
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
#سواليف
#الأردن في مواجهة #ترامب: موقف لا بديل عنه!
#لميس_أندوني
ليس هناك مفر أمام الملك عبد الله الثاني سوى الإصرار على رفض مطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل مئات آلاف الغزّيين من القطاع إلى الأردن ومصر، بغرض “تنظيف المكان كاملاً”، لإتاحة المجال لإسرائيل ولترامب وحلفائه من الأثرياء بالاستثمار نظراً إلى موقعه المميز.
لا يقترح ترامب، بل يهدد، ويتحدّى مبعوثه الخاص، ستيفن ويتكوف، الأردن ومصر بتقديم حلول بديلة لطرد الغزّيين من أرضهم ووطنهم. لكن ما لا يفهمه ترامب، أو لا يأبه بفهمه، أن جعل الأردن “مخزناً سكانياً” أو معسكراً “لضبط الفلسطينيين” بعد تشريدهم تنفيذاً للمخطّط الصهيوني وأحلامه الرأسمالية، يعني القضاء على الأردن بصفتها دولة. وليس ما يطرحه قضية تعاطف إنساني تتطلب لجوءاً وقتياً تقتضيه ظروف حرب أو كارثة طبيعية، وإنما تسهيل لسرقة الأراضي الفلسطينية ولتنفيذ المشروع الاستيطاني الصهيوني، بل تمهيدٌ لإعادة تشكيل المنطقة جغرافياً وديمغرافياً، فخطة ترامب تجعل الأردن كياناً أمنياً لا مهمة له سوى السيطرة على المهجّرين قسراً من وطنهم يحق لإسرائيل التدخّل عسكرياً فيه لحماية أمنها القومي والاستراتيجي. وهو ما بشّر به ودعا إليه بعض مؤسّسي الحركة الصهيونية وإسرائيل، ومنهم زئيف جابوتنسكي، بالأردن “وطناً بديلاً للفلسطينيين”، وينفذه حالياً رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في غزّة، ويقود العملية بطرق أخرى الجيش الإسرائيلي وقيادات المستوطنين ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يهدف إلى تفريغ الضفة الغربية من سكانها وطردهم إلى الأردن. ولا عجب إذا وجد ترامب وشركاؤه فرصاً للاستثمار في الضفة الغربية أيضاً، فالفلسطيني مجرّد عثرة يمكن التخلص منها.
في نظر ترامب؛ ليس #قطاع_غزة إلا فرصة، مباحة ومستباحة، وما الفلسطينييون إلا عائق في الطريق؛ فبقوله إنه يجب “تنظيف المكان كاملاً” يُمعن ترامب في عنصريته، ويعتبر الفلسطينيين بقايا أنقاض وركام متناثر ومكدّس بعد عاصفة أو زلزال، لا بد من إزالتها، فهو يريد المساحة نفسها؛ وما غزّة إلا قطعة عقار يُصار إلى “تطويرها”، بمحو الإنسان الفلسطيني وبناء ناطحات سحاب ومنتجعات سياحية. وقد سبقه صهره جاريد كوشنر في مارس/ آذار 2024، بالتعبير عن إعجابه بالقيمة العقارية لساحل غزّة، مقترحاً نقل الفلسطينين من هناك إلى صحراء النقب، أي إنه أراد البدء بالتطهير العرقي وتفريغ غزّة في أثناء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد أهل غزّة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فأهدافه صهيونية، وهو الشرس في دفاعه عن الاستيطان على أرض فلسطين التي يعتبرها كلها عقاراً مستباحاً.
لا قيمة للأردن عند ترامب سوى ما يراه دوراً وظيفياً له في خدمة حلفائه من الأوليغارشيا، فيما يجري تنفيذ المشروع الصهيوني. فهو يؤمن بـ”عبقريته” رأسمالياً وتاجر عقارات قادراً على عقد الصفقات، خصوصا أنه، بوصفه رئيس الولايات المتحدة، يمكنه فرض الصفقات بالتهديد بقطع المساعدات والقروض عن الدول التي لا تطيعه، وهذا تماماً ما يهدّد به الأردن. وعلى الجميع الانتباه إلى أن هذا الرجل، في حال أُجبر الأردن على القبول، فإن أي مساعدات أميركية سيكون صرفها مرتبطاً بتنفيذ أوامره لتحقيق أغراضه ليس أكثر.
يريد ترامب توريط الأردن في خطة تقوض استقراره، فهو قصير النظر، ويظن أنه يستطيع أن ينفذ كل خططه بإجبار دول الخليج على تمويلها، أي إنه يريد سحب أموال الخليج كيفما استطاع، فيما ينهي ” #القضية_الفلسطينية ” إلى الأبد بقبول وتمويل عربيين. وتستطيع الدول العربية فعل الكثير لدعم الموقف الأردني الرافض، لكن تمويل مخطّط ترامب، إذا قبلت بعض دول منضويةٍ تحت مظلة الاتفاقيات الإبراهيمية به، لن يكون دعماً للأردن، وإنما سيكون تدميراً له، بل المشاركة وتمويل عملية التطهير العرقي الإسرائيلية وتصفية القضية الفلسطينية، ولن تنجو هذه الدول من ابتزاز ترامب الذي يراها مصدراً سهلاً للتمويل، فالضرر والخطر على الجميع. ولكن الخطر المباشر حالياً على الفلسطيينين والأردن، فرفض الأردن اقتراح ترامب، الذي صدر بنبرة الآمر الناهي، هو الموقف الوطني الصائب لحماية كل من الأردن وفلسطين معاً، بل العالم العربي، فإسرائيل تريد جعل الأردن مجرّد ممر لها إلى باقي العالم العربي، ومخزناً سكّانياً لقهر الفلسطينيين والأردنيين معاً، بما يحمله ذلك من خطر تقويض استقرار كل العالم العربي، ولكن الأساس لتصليب الرفض يبقى في الحفاظ على جبهة أردنية داخلية موحدة.
المشكلة؛ أن معظم سياسات الأردن لا تركز على صيانة الجبهة الداخلية، وإنما على السيطرة وكبح حرية التعبير وإصدار قوانين وتعديل أخرى، منها قانون الجرائم الإلكترونية، لمنع أصوات معارِضة للتطبيع مع إسرائيل واعتقال معارضين ومنتقدين وتوقيفهم، بل انصبّ اهتمام الدولة على “هندسة الانتخابات النيابية”، وتهميش الصحافة والإعلام وتطويعهما بشكل غير مسبوق منذ رفع الأحكام العرفية عام 1991. فليس سرّاً أنه يجري مع توقيف شابات وناشطين وناشطات من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، فيما يستمر التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، الذي لم يحم الأردن من تهديداتها ومخطّطاتها لتهجير الفلسطينيين إليه، وهي لا تأبه كثيراً بتصريحات المسؤولين الأردنيين إذا لم تُرفق بتحرّك عملي، وما دامت مصالحها مصونة، فماذا استفاد الأردن غير استقواء إسرائيل عليه؟!
الأهم حالياً عدم الانجرار إلى محاولات تضرب السلم الأهلي بإذكاء الفتنة، كما يحاول كتّابٌ ومحرّضون في وسائل التواصل الاجتماعي، فالمشكلة ليست بين الأردنيين والفلسطينيين، بل نحن نتحدث عن تهديد مصيري تُشارك فيه واشنطن وتل أبيب. وبصراحة شديدة، إذا كان بعضهم يريد إشعال فتنة إقليمية، بعد أن شاهد جرائم إسرائيل المروّعة ضد الفلسطينيين، فهو مهما كان أصله ومنبته، لا يخدم سوى إسرائيل، فهناك تحدٍّ لا يتحمل الفتنة، والمسؤولية على عاتق الجميع، لكن المسؤولية الأكبر على الدولة؛ وقد جاء وقت تحتاج فيه الدولة إلى دعم الجميع، بعد أن اجتهدت في تكميم الأفواه والتخويف من الحديث في السياسة والنزول إلى الشارع للتظاهر ضد جرائم إسرائيل والتضامن مع الفلسطينيين. ولم تفهم أن لا أمان مع كيان استيطاني وصل مشروعه الصهيوني إلى مرحلة إنهاء وجود أيّ آخر، وعلى الجميع الخضوع، لأن المشروع ذاته يعتمد على التطهير العرقي، ولا يرى دوراً للأردن سوى ضمان أمن إسرائيل، والقبول بأن يكون خزّاناً للمهجّرين قسرياً والسيطرة أمنياً عليهم، فلا ترى حلّاً سوى تصفية القضية والقضاء على حلم العودة عند الفلسطينيين.
رفض الأردن الرسمي موقفٌ لا بديل عنه، ويتماهى مع الموقف الشعبي، لكن؛ لا بد من خطوات؛ أهمها إطلاق الحرّيات وتشكيل هيئة وطنية جامعة لمواجهة المخطّطات الصهيو- أميركية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن والفلسطينيين، وجعل الأردن تابعاً و”حديقة خلفية” (Backyard) لإسرائيل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف ترامب لميس أندوني قطاع غزة القضية الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
تقدير موقف: حظر تصدير الأسلحة إلى "إسرائيل" ضرورة ملحّة لحماية المدنيين بغزة
غزة - صفا
أصدر مركز الدراسات السياسية والتنموية، اليوم الأحد، تقدير موقف تحليلي شامل يسلط الضوء على ملف حظر تصدير الأسلحة الأوروبية إلى الكيان الإسرائيلي، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما يرافقها من تدهور إنساني كبير.
تعقيدات ملف الحظر الأوروبي
ركز التقدير، على الصعوبات القانونية والسياسية التي تحول دون فرض حظر شامل وموحد على مستوى الاتحاد الأوروبي، إذ يتطلب القرار إجماع الدول الأعضاء، وهو أمر يصطدم بانقسامات عميقة بين الدول ذات المواقف المتباينة من القضية الفلسطينية وأمن الكيان.
وأبرز التقدير المعوقات المتعلقة باتفاقيات الشراكة، التراخيص القديمة، وتعقيدات تتبع شحنات الأسلحة.
العوامل الدافعة لاتخاذ بعض الدول مواقف فردية
وأوضح أن الوضع الإنساني الكارثي في غزة، والانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني، يدعو إلى تكثيف الدعوات من منظمات حقوق الإنسان والبرلمانيين الأوروبيين، ما دفع دولاً مثل سلوفينيا وإسبانيا إلى فرض قيود أو حظر جزئي على صادرات الأسلحة للكيان الإسرائيلي.
الأبعاد القانونية والإنسانية
وأكد التقدير، أن استمرار تصدير الأسلحة رغم الأدلة على استخدامها في انتهاكات جسيمة يطرح تساؤلات قانونية خطيرة، بما في ذلك انتهاك معاهدة تجارة الأسلحة والقانون الدولي الإنساني، وقد يضع الدول المصدرة تحت طائلة المسؤولية القانونية.
كما أبرز الجانب الإنساني الحاسم، الذي يجعل حظر الأسلحة ضرورة ملحة لحماية المدنيين وتقليل الخسائر، وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني.
المواقف المتباينة على الساحة الدولية
وأشار التقدير، إلى أن الكيان الإسرائيلي يرفض الحظر بشدة، معتبرًا إياه تهديدًا لأمنه القومي، ويستند إلى دعم الشركاء الاستراتيجيين، خصوصاً الولايات المتحدة وألمانيا (قبل قرارها الأخير).
وأضاف: "أما الولايات المتحدة، فتواصل دعمها العسكري رغم انقسام سياسي داخلي وضغوط حقوقية متزايدة، بينما تتخذ بعض الدول الأوروبية خطوات فردية متباينة".
تأثيرات الحظر وإمكانياته
وبيّن التقدير، أن الحظر الحالي محدود التأثير على العمليات العسكرية الإسرائيلية بسبب غياب إجماع أوروبي واستمرار الدعم الأمريكي، لكنه يشكل ضغطًا سياسيًا ودبلوماسيًا متزايدًا قد يفرض إعادة تقييم إسرائيلي مستقبلاً، كما يُشير إلى تحديات سياسية وقانونية واقتصادية كبيرة تحول دون فرض حظر شامل وموحد.
التوصيات العملية
واختتم التقدير، بسلسلة توصيات مهمة للجانب الفلسطيني والفاعلين الحقوقيين والسياسيين، منها: "تعزيز الشراكات مع منظمات حقوق الإنسان الأوروبية، تنظيم حملات توعية ودعم النواب المؤيدين في برلمانات أوروبا، تقديم شكاوى قضائية ضد الشركات المصدرة للأسلحة، ودعم تحركات المجتمع المدني الأوروبي والعربي".
وأبرز التقدير التداخل المعقد بين القانون الدولي، السياسة، والإنسانية في ملف حظر الأسلحة الأوروبية للكيان الإسرائيلي، داعيًا إلى تكاتف الجهود السياسية والمدنية لتحقيق ضغوط فعالة تقف في وجه استمرار الانتهاكات في قطاع غزة.