نهر جليدي اصطناعي يساعد سكان قرية جبلية في قيرغيزستان على تلبية احتياجاتهم من المياه
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
أغسطس 21, 2023آخر تحديث: أغسطس 21, 2023
المستقلة/- ترحب السيدة Manzura Orolbaeva بالضيوف، حسب العادات والتقاليد التي درج عليها سكان قيرغيزستان، بتقديم الخبز المصنوع منزليًا وصحن من الزبدة المذابة. فالخبز مصنوع باستخدام دقيق الحبوب من مزرعتها أما الزبدة فتأتي من الماشية التي تربيها.
وتشكِّل الزراعة المصدر الرئيسي للدخل والغذاء لعدد كبير من السكان المحليين في قرية كارا دوبو (Kara-Dobo) الجبلية الواقعة في جنوب قيرغيزستان، ولكن بسبب المناخ الجاف ونقص الأراضي الصالحة للزراعة، بات من الصعب زراعة المحاصيل هنا.
وبالنسبة إلى السيدة Manzura، فإن أقرب مصدر لها للحصول على المياه هو منبع جبلي يقع على بعد كيلومترين. وتقطع هذه المرأة البالغة من العمر 63 عامًا وأحباؤها تلك المسافة ذهابًا وإيابًا، ليس مرة واحدة بل عدة مرات في اليوم، من أجل جلب ما يكفي من المياه لتلبية احتياجاتهم واحتياجات حيواناتهم ونباتاتهم في مزرعتهم.
وتوضِّح السيدة Manzura قائلة “يمكن للإنسان العيش بدون غاز؛ وبدون إنترنت، لكن يستحيل عليه العيش بدون ماءٍ”.
وليست قرية كارا دوبو (Kara-Dobo) وحدها التي تعاني من شح المياه، بل هناك أيضًا العديد من القرى الأخرى التي تعاني نفس الأمر في هذه المنطقة التي يقل فيها سقوط الأمطار. ففي الشتاء يكون الجو باردًا ونادرًا ما يشهد تساقطات ثلجية، وفي الصيف يكون الجو حارًا جدًا ونادرًا ما يشهد تساقطات مطرية. وتشكِّل الينابيع الجبلية مصادر المياه الرئيسية، لكنها غالبًا ما تكون في أماكن وعرة يصعب الوصول إليها.
وتعاني قيرغيزستان بشكل حاد، باعتبارها بلدًا مرتفعًا عن سطح البحر، من آثار تغير المناخ. إذ تؤدي تقلّبات درجات الحرارة إلى تقلّب أنماط هطول الأمطار كما أن وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية بشكل أكثر تواترًا يتسبب في القحط والجفاف، لا سيما في المراعي الجبلية.
ولزيادة قدرة المجتمعات على الصمود أمام هذه الظواهر المناخية القصوى، اقترح خبراء من المنظمة إنشاء نهر جليدي اصطناعي في المنطقة كجزء من مشروع “الازدهار المشترك من خلال التعاون في المناطق الحدودية لقيرغيزستان وأوزبكستان.”
ويُنفذ هذا المشروع بالتعاون بين المنظمة وصندوق الأمم المتحدة للسكان بتمويل من صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام، ويهدف إلى تعزيز التعاون البيئي والاجتماعي والاقتصادي عبر الحدود بين أوزبكستان وقيرغيزستان؛ كما يرمي إلى بناء الثقة بين الحكومات والمجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني. ويستخدم المشروع ممارسات زراعية ذكية مناخيًا للحفاظ على الموارد الطبيعية المشتركة واستدامتها.
وكان الكثيرون يرون فكرة إنشاء نهر جليدي اصطناعي مجرد مزحة، كما تقول السيدة Manzura Orolbaeva، لكن سكان قرية كارا دوبو (Kara-Dobo) أيّدوا المبادرة.
وتشير السيدة Manzura، في هذا الصدد، قائلة “إذا لم نسق البساتين، فسيجّف كل شيء. وبالتالي، لن نستطيع تغطية نفقاتنا أو إطعام ماشيتنا”.
وتولى القرويون بأنفسهم أعمال البناء، في حين قدمت المنظمة لهم الدعم الفني والمالي. وانطلق إنشاء النهر الجليدي الاصطناعي بتركيب خط أنابيب تحت الأرض. وفي أسبوع واحد فقط، حفر 55 شخصًا خندقًا باستعمال آلات يدوية ووضعوا فيه أنابيب تبدأ من منبع الجبل إلى المراعي، حيث ترعى مواشيهم. ورُفعت نهاية الأنبوب بمقدار 20 مترًا فوق سطح الأرض.
وأثناء سير الأشغال، أصبح منزل السيدة Manzura شبيهًا “بمقر قيادة” حيث كان القرويون يخططون مسار العمل. وقد قدمت لكل من شارك في حفر الخندق الشاي والحلويات المصنوعة منزليًا.
وفي فصل الشتاء، يتشكّل الجبل الجليدي. حيث تبدأ المياه الخارجة من الأنبوب تتجمّد وتتحوّل ببطء إلى برج جليدي ضخم. ثم في الصيف، يذوب جبل الجليد ببطء، ما يتيح للسكان الحصول بشكل منتظم على المياه العذبة لأغراض الري واستخداماتهم الخاصة.
وخلال فصل الشتاء الأول، وصل ارتفاع الجبل الجليدي إلى أكثر من 70 ألف متر مكعّب من الجليد. وهذه مياه كافية لملء حجم 100 ملعب كرة قدم.
وأعربت السيدة Manzura قائلة “لقد أثارت تجربتنا الآن اهتمام سكان القرى الأخرى، الذين لم يصدقونا في البداية.” وأضافت بالقول “قد تُنشأ في العام القادم أنهار جليدية اصطناعية أخرى في منطقتنا. فالمياه هي الحياة”.
وتعتزم السلطات المحلية إنشاء نهر جليدي آخر من مصادر تمويلها الخاصة وإدراج النفقات في خطة الميزانية المحلية.
وتدعم المنظمة في قيرغيزستان عدة مشاريع لمعالجة ندرة المياه ومساعدة القرويين على استخدامها بحكمة. فعلى سبيل المثال، اعتُمد نظام إلكتروني لقياس حجم مياه الري مؤخرًا، بمساعدة فنية ومالية من المنظمة، في مقاطعة كوتشكور (Kochkor) في منطقة نارين (Naryn) في قيرغيزستان. ولم تساعد التكنولوجيات الرقمية من هذا القبيل في التوزيع الرشيد للمياه فحسب، بل قضت أيضًا على النزاعات بين المزارعين حول هذا المورد الحيوي.
المياه هي الحياة؛ المياه هي الغذاء. إنها قوة دافعة للناس والاقتصادات والطبيعة وأساس نظمنا الغذائية. ولكن هذا المورد الثمين محدود. ومع اقتراب يوم الأغذية العالمي، الذي سيُعقد في 16 أكتوبر/تشرين الأول، نغتنم هذه الفرصة لكي نشكر #أبطال_الأغذية الذين يتخذون #إجراءات بشأن المياه لإدارتها بحكمة مع توفير الأغذية لنا حاضرًا ومستقبلًا – من دون ترك أي أحد خلف الركب.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: نهر جلیدی
إقرأ أيضاً:
تحت رعاية سمو ولي العهد.. الدول المؤسِّسة للمنظمة العالمية للمياه توقع ميثاق المياه العالمي وتدشن أعمالها من الرياض بمشاركة محلية ودولية واسعة
الرياض-واس
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- حفظه الله- وبحضور صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، ومشاركة محلية ودولية واسعة، أقيم اليوم، الحفل الدولي لتوقيع ميثاق انضمام الدول للمنظمة العالمية للمياه، وتدشين أعمال المنظمة من مقرها في الرياض. في بداية الحفل، نقل سمو وزير الخارجية ترحيب وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بضيوف المملكة من الدول والمنظمات المشاركة في حفل التوقيع، منوهًا بأهمية المنظمة العالمية للمياه في حل قضايا المياه على مستوى العالم بشكلٍ شمولي، وضرورة العمل بشكل جماعي لدعم وتحقيق الأهداف المشتركة، مؤكدًا أن المملكة العربية السعودية ستعمل باستمرار مع الشركاء من أجل تحقيق المستهدفات، التي وضعتها المنظمة من خلال دعم المؤسسة ماليًا ولوجستيًا لمدة خمس سنوات مقبلة. وقال سموه في كلمته خلال الحفل: “إن إطلاق المنظمة العالمية للمياه يأتي تأكيدًا على التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز المبادرات الدولية، ومواجهة التحديات العالمية بشراكـات قائمة على التعاون المتبادل بين الدول والحكومات”، مبينًا أن المملكة تتطلع لأن تكون المنظمة منصة دولية جامعة تدفع بالحلول المستدامة، وتدعم الدول النامية في تطوير قدراتها المائية. وأضاف” أن المملكة وانطلاقًا من التزامها بتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 جعلت من إدارة الموارد المائية أولوية وطنية تتبنى نهجًا متكاملًا في تعزيز الشراكات العالمية، والمساهمة الفعالة في القضايا الدولية للمساهمة في استقرار وتنمية المجتمعات”، داعيًا جميع دول الأمم المتحدة ومؤسسات القطاع الخاص، للانضمام للمنظمة لتكون منصة عملية وشاملة لمعالجة تحديات المياه وإيجاد الحلول المبتكرة والمستدامة لقطاع المياه حول العالم. من جانبه، أكد وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، أن توقيع ميثاق المنظمة العالمية للمياه، وتدشين أعمالها من الرياض، يعزز المسؤولية الدولية المشتركة للحفاظ على الموارد المائية، مضيفًا أن أهمية المنظمة تأتي كون المياه ليست فقط موردًا، بل مصدر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار على مستوى العالم. وأوضح أن المنظمة ليست فقط منصة تجمع الدول، بل عقل عالمي مشترك يعمل على تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي، ودعم الحلول التقنية والبحث العلمي وتيسير التمويل لتعزيز الشفافية في إدارة المياه، مؤكدًا الدور القيادي الرائد الذي تؤديه المملكة في إطلاق المبادرات العالمية الطموحة. وبين الفضلي أن المنظمة العالمية للمياه تعدّ أداة لقيادة العمل الدولي لمواجهة تحديات المياه وتغيير الفكر التقليدي في إدارتها، مشيرًا إلى أن التحديات لا تقتصر على ندرة المياه بل تشمل توفيرها في الوقت والمكان المناسب، وتأثيرها على الاقتصاد العالمي وصحة الإنسان والأمن الغذائي وسلاسل الإمداد، في ظل التغيرات المناخية والكوارث المرتبطة بها، منوهًا بأهمية وجود خدمات متكاملة تشمل الإنتاج والنقل والتخزين والتوزيع والمعالجة وإعادة الاستخدام، وضرورة تبنّي اقتصاديات مبتكرة ترتكز على تحليل الكلفة والعائد، ونماذج تمويل جديدة، وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي، مع إشراك فاعل للقطاع الخاص. وأشار إلى أهمية إيجاد بيئة استثمارية جاذبة عبر تقليل المخاطر، واعتماد نماذج خصخصة مضمونة، ودعم الأبحاث الهندسية والتقنيات الصديقة للبيئة من الصناديق الخضراء، وتكييف النماذج التمويلية والهندسية مع خصوصية كل دولة، لجعل المياه محرّكًا للنمو وتسريع وتيرة الحلول العالمية ضمن مفهوم الاقتصاد الدائري والاستفادة من الموارد غير التقليدية. وشهد الحفل التوقيع على ميثاق المنظمة العالمية للمياه من قبل ممثلي الدول المؤسِّسة (المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، إسبانيا، الجمهورية الهيلينية “اليونان”، السنغال، باكستان، وموريتانيا)، إضافة إلى عرض مرئي تعريفي عن أهداف المنظمة وأولوياتها. مما يذكر أن المنظمة العالمية للمياه، تعد نقطة تحول في مسار التعاون الدولي في قضايا المياه من خلال برامج بحثية وتنموية، وتعزيز تبادل الخبرات، وابتكار حلول نوعية تعزز استدامة الموارد المائية حول العالم، وتهدف إلى تعزيز جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي، من خلال تبادل وتعزيز التجارب التقنية والابتكار والبحث والتطوير، وتمكين إنشاء المشاريع النوعية ذات الأولوية وتيسير تمويلها سعيًا لضمان استدامة موارد المياه وتعزيزًا لفرص وصول الجميع إليها.