الصحف الإسرائيلية تحتفي بعرض ترامب المجنون لترحيل سكان غزة
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
استيقظ العالم بأسره، صباح اليوم الأربعاء، على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن نية الولايات المتحدة الأميركية الاستيلاء على قطاع غزة، وإجلاء جميع سكانه منه، وتحويله إلى "ريفيرا الشرق الأوسط".
تناولت الصحف الإسرائيلية هذا التصريح ومجريات المؤتمر الصحفي بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأبرزت علامات الدهشة والصدمة الإيجابية إسرائيليا من الموقف الأميركي، وتوسعت في مناقشة التشابه والتباين في رؤية كل من ترامب ونتنياهو لملفات الحرب في غزة، وضم الأراضي الفلسطينية في الضفة، واحتمالات إنجاز تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
ففي يديعوت أحرنوت، تحدث المراسل السياسي للصحيفة ومبعوثها إلى واشنطن إيتمار آيخنر عن الكواليس التي رافقت المؤتمر، وقال "قبل دقائق من بدء المؤتمر الصحفي بين نتنياهو وترامب، قال أحد مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ما حدث في المكتب البيضاوي كان "جنونا". وعلّق على ذلك بالقول "لقد كان هذا هو الوصف الدقيق للمؤتمر الصحفي الذي استمر حوالي 40 دقيقة"، وأطلق عليه "عرض دونالد ترامب الكبير".
وأضاف "لبضع لحظات، كان من الصعب فهم أين كنا. هل رئيس أعظم قوة في العالم يقف أمامنا مجنونا وخياليا أم إنه عبقري ونبي وثوري، يرسم التاريخ أمام أعيننا ويبني شرق أوسط جديدا؟".
إعلانومضى المراسل في وصف ردود الفعل لدى اليمين الإسرائيلي المتطرف، وقال "فتح سموتريتش وقادة المستوطنين زجاجات الشمبانيا واقتبسوا من الكتب المقدسة، وحتى إن ديفيد فريدمان، سفير ترامب السابق في إسرائيل، اقترح بالفعل أسماء لغزة الجديدة، مار غزة، أو غزة لاغو".
ولكنه في الوقت ذاته تساءل عن شركاء ترامب في هذه العملية باستثناء وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير؟
كما نقل جزءا مما جرى في المؤتمر الصحفي، حينما طرح الصحفيون سؤالا على ترامب، وهو "لنفترض أنك نفذت خطتك، فمن سيعيش في غزة بعد إعادة إعمارها؟ هل سيتمكن الفلسطينيون من العودة إلى غزة؟".
وقال إن إجابة نتنياهو كانت "إنهم سيكونون قادرين على العودة إلى غزة، لكن شعوب العالم ستكون قادرة أيضا على العيش هناك. سنخلق آلاف الوظائف ونجعلها مكانا مزدهرا".
كما لفت الانتباه إلى تغيير ترامب لهجته تجاه صفقة القرن التي لم تحقق النجاح المطلوب حينما قال عنها "الكثير من الأشياء تغيرت" في الشرق الأوسط منذ مغادرته البيت الأبيض قبل 4 سنوات.
وسلّط كذلك الضوء على إجابة ترامب على سؤال لصحفي إسرائيلي عن ما إذا كان سيدعم السيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)؟ حيث قال "نحن نناقش هذا الأمر مع العديد من ممثليك. يحب الناس الفكرة، لكننا لم نتخذ موقفا بشأن هذه القضية بعد، ومن المحتمل أن يكون لدينا إعلان حول هذه المسألة في غضون الأسابيع الأربعة المقبلة".
وعلّق على هذه الإجابة بالقول "تشير إجابته إلى أن نتنياهو أثار مسألة السيادة في اجتماع بينهما، ربما بهدف إقناع شركائه في الائتلاف، برئاسة سموتريتش، بعدم إسقاط الحكومة في مثل هذه اللحظة التاريخية".
وفي هذا السياق، ركز المقال الافتتاحي للصحيفة على ردود فعل الصحافة الدولية المستهجنة لتصريحات ترامب عن تهجير سكان قطاع غزة، وأفردت مساحة واسعة للقطات شاشة لافتتاحيات موقع "سي إن إن" الأميركي الذي وصف الاقتراح بالصادم، مقارنة بموقع فوكس نيوز -المقرب من ترامب- الذي علّق على الاقتراح بعنوان "سنمتلكها".
إعلانكما أورد صورا لانتقادات الصحف والمواقع العالمية مثل موقع "بي بي سي" وصحف لوموند، وإل بايس الإسبانية، ولي باريسيان الفرنسية، وتليغراف الهولندية، وديلي ميل البريطانية، وكوييري دي لاسيرا الإيطالية، وصباح التركية، وسيدني مورنينغ هيرالد الأسترالية التي تساءلت: ماذا عن أميركا أولا؟
وعلّقت الصحيفة الإسرائيلية على ذلك قائلة "الرئيس الأميركي أعلن في الواقع تطهيرا عرقيا تحت ستار مشروع عقاري".
طموح شخصيوقال مراسل موقع والا العبري باراك رافيد إن "أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن تصريحات الرئيس الأميركي المتكررة حول ترحيل الفلسطينيين من غزة كانت زلة لسان أو مزحة، فهموا الآن أن هذه هي خطة عمل أقوى رجل في العالم".
أما صحيفة معاريف فأكدت في تعليقها الرئيسي أنه "حتى نتنياهو بدا مندهشا من أداء الرئيس الأميركي الليلة.
ووصفت الصحيفة أجواء المؤتمر الصحفي قائلة إنه قبل دقائق قليلة من دخول ترامب ونتنياهو إلى القاعة، اقترب سفير إسرائيل الجديد في واشنطن ييحئيل ليتر من الصحفيين الإسرائيليين، ولخص بحماس الاجتماع بين الزعيمين بكلمة واحدة: "مجنون".
كما نقلت عن مصدر أميركي مقرب من ترامب أن فكرة الترحيل هي فكرة الرئيس الخاصة، وإنه يتحدث عنها في منتديات مغلقة منذ شهرين على الأقل.
كما أفاد هذا المصدر بأن "الرئيس الأميركي قدم خطته لأنه توصل إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد أي شخص آخر لديه فكرة جيدة عن غزة، باستثناء الأفكار المعاد تدويرها التي فشلت في الماضي".
وأضاف "إنه في مثل هذه الحالة، فإن تصريحات ترامب تتحدى الخطاب وتتطلب من دول المنطقة بذل جهد أكبر للتفكير في حلول بديلة".
من جانبها، عالجت المراسلة السياسية لمعاريف الدوافع التي تقف وراء مخرجات المؤتمر الصحفي، وقالت إن "القاسم المشترك بين ترامب ونتنياهو هو الرغبة في تشكيل إرثهما السياسي والدبلوماسي وقيمتهما الشخصية في كتب التاريخ. السؤال الكبير هو: أين يلتقي إرث دونالد ترامب بإرث بنيامين نتنياهو؟".
إعلانوأجابت على ذلك بالقول "بالنسبة للرئيس الأميركي، في ولايته الثانية والأخيرة، فإن إنهاء الحرب في غزة ليس غاية في حد ذاته، وليس هدفا شاملا، بل وسيلة ومحطة وسيطة ضرورية على الطريق إلى الهدف الحقيقي: إعادة تشكيل الشرق الأوسط".
وأضافت "لذلك، بالنسبة لترامب، ما يجب أن يكون على رأس قائمة الأولويات هو ترتيب إقليمي، لكن المسار الذي يؤدي إليه هو فقط من خلال نهاية الحرب في قطاع غزة".
أما بالنسبة لنتنياهو، فهذه المعادلة أكثر تعقيدا -حسب رأي المراسلة- لأنه "بعد 15 شهرا من الحرب لم يتم القضاء على حماس وبقيت في غزة، ما يعني هزيمة عامة وسياسية لنتنياهو".
وترى المراسلة أنه من أجل ذلك، فإن نتنياهو وشريكيه المتطرفين بن غفير وسموتريتش يرون أنه إذا لم تعد إسرائيل إلى القتال، فلا بد أن يكون البديل مقنعا.
وذكّرت المراسلة في هذا السياق بتصريحات شريكي نتنياهو قبل مباحثاته مع ترامب بيوم واحد، والتي كان مفادها: إما التأكيد على هدف القضاء على حماس أو العودة إلى القتال، وقالت إن موافقة واشنطن على إطلاق يد إسرائيل في السيادة على الضفة لن يشبع غرورهما.
كما أشارت إلى أن موقفهما هو أن إعلان التطبيع مع السعودية بدون إسقاط مطلبها بالدولة الفلسطينية مرفوض.
ولكنها من ناحية ثانية سلّطت الضوء على تعزز خيار بقاء حزبي سموتريتش وبن غفير في الحكومة بعد مواقف ترامب المتعلقة بتهجير أهالي غزة، وقالت إنهما باتا يريان أن "هناك فرصة كبيرة للدفاع عن جميع حدود إسرائيل، ويجب عدم تفويتها".
من جانب آخر، سلّطت المراسلة الضوء أيضا على تباين الموقفين الأميركي والإسرائيلي بخصوص التعامل مع إيران، حيث تلقى المسؤولون الإسرائيليون الذين هم على اتصال مباشر ومستمر مع إدارة ترامب رسالة لا لبس فيها: الرئيس ترامب لا يدعم هجوما عسكريا على المواقع النووية الإيرانية. إنه يفضل طريقة أخرى: الجمع بين الضغط الاقتصادي الشديد وبناء تهديد عسكري ذي مصداقية".
إعلان جزء من خطة كبرىوكان للمحلل العسكري البارز في صحيفة يديعوت أحرنوت رون بن يشاي معالجة للحدث من زاوية مختلفة، إذ رأى أن الرئيس الأميركي يسخّر نتنياهو من أجل رؤيته للسلام، ولا يتماشى ترتيبه للأولويات دائما مع ترتيب رئيس الوزراء.
وافتتح مقاله في الصحيفة بالقول "لا تدع أسلوب دونالد ترامب في حرية التعبير يخدعك. فاجأ رئيس الولايات المتحدة الليلة نتنياهو بالانفتاح والجدية والمعرفة، وأكد في الواقع أن لديه خطة منظمة للشرق الأوسط، في طريقه إلى السلام الذي طال انتظاره".
وأضاف بن يشاي "هناك نية واضحة لترامب لإخلاء غزة من سكانها وإعادة إعمار القطاع، وليست نزوة همس له بها أحدهم في أذنه. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب يقصد حقا أن سكان غزة لن يعودوا على الإطلاق في المستقبل، ومن سيجلس في المنطقة التي أعيد تأهيلها. وعندما سُئل عن المستوطنات الإسرائيلية، قال إنه لا يرى أنها تبنى".
ومضى المحلل العسكري في شرح فهمه الذي يتسم بالتوجس من الموقف الرئيس الأميركي، ويقول "على عكس فترة ولايته السابقة، بدا ترامب في الواقع على دراية بالتفاصيل والفروق الدقيقة، وأظهر واقعية، ومن الواضح أنه مستعد جدا ولديه نهج منظم: حل غزة هو جزء من خطة شاملة للشرق الأوسط".
وأضاف: عندما سُئل عما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستسيطر على غزة؟ قال ترامب إنه غير متأكد مما إذا كان بإمكانهم ذلك. وعندما سُئل عما إذا كان هناك مطلب سعودي بدولة فلسطينية؟ أجاب بأن السعوديين لا يطالبون بذلك. كما أكد في الواقع هدف إخراج حماس من السيطرة في غزة عندما قال إن "هناك أشخاصا معقدين هناك". ولتلخيص قصة غزة، يدعو إلى صفقة لعودة جميع المختطفين، ثم إخلاء غزة لصالح إعادة إعمار المنطقة بأكملها.
ثم تناول بن يشاي محفزات بايدن في مواقفه، إذ يرى أنه يحاول إثبات أن الرئيس السابق كان غير كفء، مع التأكيد على رغبته في أن يتم تصويره على أنه صانع سلام، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضا بين أوكرانيا وروسيا، وفي هذا السياق، يمكن للمرء أن يرى أيضا الموقف تجاه إيران، التي يرى أنها "كانت فقيرة وضعيفة عندما غادر وتعززت بسبب بايدن.
إعلانومضى في شرح التباين بإستراتيجية الطرفين الإسرائيلي والأميركي، وقال "شدد ترامب على أن الإيرانيين لن يمتلكوا أسلحة نووية، لكنه لم يشر إلى الخيار العسكري أو حتى قال إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، خلافا لمطالب إسرائيل".
وتابع أن نتنياهو أراد أن يُظهر للتحالف في إسرائيل أن إيران والسعودية هما الرئيسيتان، وأن غزة على الهامش، لكن ترامب لم يذهب معه حقا، بل مع الصحفيين الذين سألوا بشكل أساسي عن غزة. ولم يولي اهتماما كبيرا للتطبيع، ولم يقدمه على أنه إنجاز وشيك.
وشدد المحلل العسكري على أن نتنياهو بدا أقل ارتياحا في المكتب البيضاوي هذه المرة، وفقا للغة جسده، حيث جلس متوترا على حافة الكرسي بذراعين ويبتسم بحرج شديد.
وقال "ليس هذا نتنياهو الذي ألقى محاضرة في التاريخ لأوباما. وحاول التأكيد على أن الحل سيأتي من خلال العمل المشترك، من خلال مغازلة ترامب والغمز من قناة الرئيس السابق".
وخلص بن يشاي إلى القول "إذا كان نتنياهو يفكر في التلاعب بترامب وتجنيده لصالحه، فيبدو أن المضيف يفكر في الاتجاه المعاكس، وهو تسخير رئيس الوزراء الإسرائيلي لصالح خطته للسلام الكبرى، حيث كان الاجتماع التحضيري المطول أمس مع المبعوث ستيف ويتكوف ومستشار الأمن القومي مايكل والتز هو جزء آخر من الخطة، ويبدو الأمر خطيرا".
استمرار صفقة الأسرىوسلّطت موفدة صحيفة هآرتس إلى واشنطن ليزا روزوفسكي الضوء على جانب مهم من المؤتمر الصحفي، ورأت أن الإنجاز الكبير الذي قد يحققه اللقاء بين نتنياهو وترامب هو أنه لن يدمر ما تم تحقيقه على الأرض وهو صفقة الأسرى.
وفي حين أشارت إلى اندهاش نتنياهو عند سماع اقتراح ترامب بشأن الملكية الأميركية طويلة الأمد لغزة، فإنها رأت أن التأثير المذهل الذي نجح ترامب في إحداثه بمهارته النرجسية يتناسب عكسيا مع وزن كلماته.
وأضافت "إن تصريح ترامب هو أقرب إلى الاحتفال الذاتي الذي خرج عن السيطرة، منه إلى إطلاق مشروع تاريخي واسع النطاق".
إعلانوسلطت المراسلة الضوء على تصريح ترامب الذي قال فيه "نحن نعمل بجد لإخراج جميع الرهائن، وإذا لم نتمكن من إخراجهم جميعا، فسوف يصبح الأمر أكثر عنفا".
وعلقت على ذلك قائلة "بعد أن أسدل الستار على عرض ترامب، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن إدراكه والشعور به هو صفقة الرهائن الجارية حاليا: خروج الناس من الأنفاق وعودتهم إلى عائلاتهم. وكذلك عودة الفلسطينيين إلى منازلهم المدمرة، والسير على الطرق المحروقة المليئة بالضحايا، للبحث عن بقايا أقاربهم".
ورأت المراسلة أن الإنجاز الكبير الذي قد يحققه لقاء نتنياهو وترامب هو أنه لن يدمر ما تم تحقيقه بالفعل، والانتقال للعمل على التفاصيل الصغيرة.
ولكنها حذرت في نهاية تقريرها من أن التعويل على أن ترامب سيضغط على نتنياهو لتنفيذ الاتفاق حتى النهاية ووقف الحرب قد لا يكون في محله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی المؤتمر الصحفی الشرق الأوسط دونالد ترامب رئیس الوزراء ما إذا کان الضوء على فی الواقع ترامب فی على ذلک على أن فی غزة قال إن
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: حمائية ترامب تخنق الاقتصاد الأميركي والتاريخ يعيد نفسه
في وقت تُروَّج فيه السياسات الحمائية باعتبارها حلا سحريا لإنعاش الصناعة الأميركية، يُظهر تحليل نشرته مجلة إيكونوميست أن هذه السياسات قد تكون الوصفة الأقرب لخنق النمو ودفع الاقتصاد نحو الركود.
وترى الإيكونوميست أن الرسوم الجمركية التي يتبنّاها الرئيس دونالد ترامب، بحجّة حماية العمال والشركات، ليست سوى استنساخ لعقائد اقتصادية ثبت فشلها مرارا عبر التاريخ.
ويشير التقرير إلى أن التاريخ الاقتصادي يبرهن أن الحمائية تُضعف الابتكار وتخنق النمو الصناعي. فرغم حجج المدافعين عن الرسوم، التي تستشهد بتحوّل الولايات المتحدة من مستعمرة فقيرة إلى قوة صناعية خلف جدران جمركية عالية، فإن هذا النمو لم يكن نتيجة للحمائية بل بفضل سرقة التكنولوجيا البريطانية آنذاك، وجذب المهارات الأوروبية، كما حدث مع صمويل سلاتر وفرانسيس كابوت لَويل اللذين أدخلا تقنيات النسيج البريطانية إلى أميركا.
الماضي يُعيد نفسه.. من اليابان إلى الصينفي ثمانينيات القرن الماضي، واجهت الصناعات الأميركية صدمة مماثلة مع تفوق اليابان في مجالات السيارات والرقائق الإلكترونية، حين تجاوز إنتاج السيارات اليابانية نظيرتها الأميركية بنسبة إنتاجية بلغت 17%، كما هبطت حصة أميركا في صناعة أشباه الموصلات من 57% إلى 40% بين عامي 1977 و1989، بينما ارتفعت حصة اليابان إلى 50%.
لكن هذا التفوق لم يكن نتيجة ممارسات تجارية غير عادلة، بل بسبب كفاءة الإنتاج والابتكار.
إعلانأمام هذا التحدي، اختارت أميركا تعزيز التكامل مع الاقتصاد العالمي، حيث اعتمد وادي السيليكون على الابتكار والتصميم والبرمجيات، بينما تم نقل عمليات التصنيع إلى شرق آسيا، خصوصا الصين، مما خفّض التكاليف وقلّص الفجوة التنافسية مع اليابان.
الحمائية تعزز الاحتكار وتُضعف المنافسةويحذّر التقرير من أن تراجع التنافسية داخل الاقتصاد الأميركي، الذي بدأ قبل عهد ترامب، أدى إلى زيادة التركّز الصناعي، إذ أصبحت 3 أرباع القطاعات أكثر احتكارا مما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي. وامتدت هذه الظاهرة إلى قطاع التكنولوجيا، إذ تراجعت قدرة الشركات الناشئة على منافسة الكيانات الكبرى.
ورافق هذا التراجع تصاعد في الإنفاق على جماعات الضغط بنسبة تقارب 66% منذ أواخر التسعينيات، مما أسهم في إضعاف تنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار، وزيادة الميل نحو المحاباة السياسية في توزيع الإعفاءات الجمركية.
الأمن الاقتصادي الأميركي يعتمد على توطيد التحالفات لا تقويضها
العالم مترابط.. والاستقلال التكنولوجي وهمويؤكد التقرير أن السعي نحو الاكتفاء الذاتي التكنولوجي أمر غير واقعي. فبينما تهيمن أميركا على برمجيات تصميم الرقائق، تُنتج اليابان 56% من رقائق السيليكون، وتحتكر تايوان 95% من الرقائق المتقدمة، وتُسيطر الصين على أكثر من 90% من المعادن والعناصر النادرة. ولهذا فإن الأمن الاقتصادي الأميركي يعتمد على توطيد التحالفات، لا تقويضها.
كما أن الرسوم الجمركية لا تحمي العمال الأميركيين، بل تُسبب خسائر صافية في الوظائف، كما حدث في فترة ترامب الأولى. إذ إن نحو نصف الواردات الأميركية تُستخدم مباشرة في التصنيع المحلي، ورفع أسعار المواد الخام كالفولاذ الكندي يُضعف القدرة التنافسية للتصدير الأميركي.
ما الذي يجعل الاقتصاد الأميركي فريدا؟ويشير التقرير إلى أن ما يميز الاقتصاد الأميركي هو ديناميكيته وقدرته على تجديد نفسه. ففي حين تهيمن الشركات القديمة على الاقتصادات المتقدمة الأخرى، يبلغ متوسط عمر أكبر 5 شركات أميركية 39 عاما فقط، وجميعها في قطاع التكنولوجيا.
إعلانلكن الحفاظ على هذه الديناميكية يتطلب بيئة تنافسية مفتوحة. وعندما تحل المحاباة محل التنافس، فإن الريادة التكنولوجية تتآكل، ويخسر الاقتصاد الأميركي ميزته التاريخية، يختم التقرير.