حرب السودان: 12 مليون نازح وبنيةٌ صحية منهارة واستهدافٌ ممنهج للمستشفيات والأطباء
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
يدخل الصراع في السودان عامه الثاني وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتواصل المواجهات بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وسط هذا النزاع الدامي، يختزل المدنيون كل المعاناة، حيث أجبر أكثر من 12 مليون شخص، أي ما يزيد عن ثلث السكان، على الفرار من منازلهم.
لم تسلم المرافق الصحية والعاملون في المجال الطبي من تبعات الحرب، إذ تعرضت المستشفيات للقصف والنهب، ما أدى إلى خروج نحو 70 إلى 80% منها عن الخدمة.
في ولاية الخرطوم وحدها، قتل 54 طبيبًا منذ اندلاع القتال، وفقًا للسلطات الصحية. فيما أشار الأطباء إلى أن الهجمات على المستشفيات تتم بشكل متعمد.
في مدينة أم درمان، لا يزال مستشفى "النو" أحد المرافق القليلة لتقديم الرعاية الصحية رغم الظروف القاسية. كما أن هناك مرضى وكوادر طبية يحاولون الصمود وسط التهديدات المستمرة.
من بين الضحايا، الطفل سليمان، الذي أصيب في هجوم بطائرة مسيّرة بينما كان يتسوق مع والدته، التي قضت في الحادث.
بسبب خطورة إصابته، اضطر الأطباء إلى بتر ساقه. وبينما والده طريح الفراش، تبقى عمته صفية هي الوحيدة التي ستتكفل به وبالأطفال الخمسة الآخرين.
وقد أصيب شاب في العشرين من عمره بشظايا قنبلة أثناء وجوده في سوق مزدحم بأم درمان، مما أدى إلى تشوه وجهه بالكامل، ولم يعد قادرًا على تناول الطعام إلا عبر أنبوب تغذية.
حالته تلك ليست الوحيدة من نوعها، فمعظم المستشفيات التي كانت تعج بالمرضى قبل الحرب باتت اليوم مغلقة بسبب نقص الإمدادات الطبية أو تعرضها للهجمات.
في بحري شمالي الخرطوم، تعرض مستشفى رئيسي لهجوم من قبل مقاتلي قوات الدعم السريع، حيث تم تدميره ونهبه بالكامل.
ويروي أحد الناجين، وهو الصيدلي السماني الحاج، لحظات الرعب: "قلت لهم إننا لا نعالج سوى المدنيين، لكنهم لم يستمعوا لي. دخلوا غرفة مجاورة، سمعت طلقات نارية، ثم خرج زميلي مغطى بالدماء وهو يصرخ: لقد قتلوا مصعب!"
وفي هذا السياق، أكدت التقارير الحقوقية أن قوات الدعم السريع تنفذ عمليات تصفية للعاملين في المجال الطبي، متهمةً إياهم بمساعدة الجيش السوداني.
وفي ظل استمرار الهجمات، يجد الطاقم الطبي نفسه أمام معضلة: كيف يمكنهم مواصلة العمل وسط هذه المخاطر؟ وأضاف السماني: "فقدنا زميلًا كان يقدم الرعاية الطبية للناس، لكنه قُتل وهو يؤدي واجبه. كيف يمكننا التوقف الآن؟ لكن في الوقت نفسه، كيف نستطيع الاستمرار؟"
في المقابل، تنفي كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع استهداف المستشفيات والمدنيين، رغم توثيق منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة لهذه الانتهاكات.
بالعودة إلى مستشفى "النو"، خضع سليمان لعملية البتر واستفاق للتو من التخدير، فيما تعبر عمته عن قلقها بشأن مستقبله: "كيف سيعيش بساق واحدة؟ من سيساعده؟"
وقد أعرب جمال محمد، مدير المستشفى، عن مخاوفه بشأن سليمان وغيره من الضحايا: "من سيتكفل بإعادة تأهيله؟ من سيؤمن له طرفًا صناعيًا؟ بلدنا في وضع كارثي، والأطفال مثل سليمان بحاجة إلى دعم المنظمات الدولية."
وسط هذا الدمار، تستمر الحرب في إزهاق مزيد من الأرواح، فيما لا تلوح في الأفق أي بوادر لحل يضع حدًا لهذه المأساة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية واشنطن تتهم موسكو باللعب على الحبلين في حرب السودان لاستثماراتها في تجارة الذهب الحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ألف قتيل و12 مليون نازح السودان: المجاعة آخذة في الازدياد والأزمة تتعمق.. ضحاياها الأساسيون ما بين لاجئ ونازح قوات الدعم السريع - السودانمحمد حمدان دقلو (حميدتي)عبد الفتاح البرهان مستشفياتأزمة إنسانيةجمهورية السودانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب ضحايا إسرائيل بنيامين نتنياهو غزة قطاع غزة دونالد ترامب ضحايا إسرائيل بنيامين نتنياهو غزة قطاع غزة قوات الدعم السريع السودان محمد حمدان دقلو حميدتي عبد الفتاح البرهان مستشفيات أزمة إنسانية جمهورية السودان دونالد ترامب ضحايا إسرائيل بنيامين نتنياهو قطاع غزة غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أزمة إنسانية احتجاجات الصحة روسيا أسلحة قوات الدعم السریع یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
الحكومة السودانية تنفي استخدام أسلحة كيميائية بعد اتهامات أميركية
الخرطوم- رفضت الحكومة السودانية الجمعة 23 مايو 2025، الاتهامات الأميركية للجيش باستخدام أسلحة كيميائية في نزاعه المستمر منذ أكثر من عامين مع قوات الدعم السريع، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسمها.
وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة خالد الإعيسر في بيان إن هذه "اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق بشأن الأوضاع في السودان".
ويأتي هذا البيان غداة إعلان واشنطن عن عقوبات تدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من السادس من حزيران/يونيو تشمل تقييد نفاذ الحكومة السودانية إلى خطوط القروض الأميركية وقيودا على الصادرات الأميركية إلى السودان، ثالث أكبر البلدان مساحة في إفريقيا والذي تمزّقه حرب منذ أكثر من سنتين.
يشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح 13 مليونا، وتسبب بما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث.
والخميس، دعت الولايات المتحدة الحكومة السودانية إلى التوقّف عن استخدام الأسلحة الكيميائية، لكن من دون تحديد المكان المفترض لهذا الاستخدام أو تاريخه.
وندّدت الخرطوم بما وصفته بادعاءات "لا تستند إلى أي دليل".
واتّهمت واشنطن بـ"التواطؤ" مع "الجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في السودان، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة"، وفق ما جاء في البيان.
وأشار الناطق باسم الحكومة السودانية إلى أن الولايات المتحدة "تلتزم الصمت حيال الجرائم الموثقة بحق المدنيين في دارفور ومناطق أخرى، التي تقف خلفها دولة الإمارات العربية المتحدة عبر دعمها غير المحدود للميليشيات، ومن خلال تزويدها بطائرات مسيّرة استراتيجية، وأسلحة أميركية حديثة، وتمويل مالي كامل، أقرت به لجنة خبراء الأمم المتحدة".
تنفي أبوظبي من جهتها الاتهامات الموجهة إليها بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة.
واعتبر الإعيسر أن "هذه الرواية الكاذبة، التي تسعى الإدارة الأميركية إلى تسويقها دوليا، ليست سوى محاولة جديدة لتضليل الرأي العام، وتوفير غطاء سياسي لجهات فقدت شرعيتها وتورطت في ارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني".
وقسمت الحرب المستعرة بين الجنرالين البرهان ودقلو السودان إلى مناطق نفوذ حيث يسيطر الجيش على شمال البلاد وشرقها، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب.
وبموازاة القتال، تحاول الأطراف المختلفة تعزيز مواقعها على المستوى الدولي.
وفي منتصف نيسان/ابريل، أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو تشكيل حكومة منافسة، ما قد يؤدي بحسب الأمم المتحدة إلى الإمعان في تفتيت البلاد.