لجريدة عمان:
2025-06-06@01:56:15 GMT

النقد والصداقة

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

أن تبدي رأيًا صادقًا في كتابة صديق آخر فتلك مهمة حسَّاسة، دعونا نتفق على ذلك. كلا، ليس مستغربًا أن يكون التعليق على ما يكتبه الأصدقاء مسألةً تتطلب توخي الحذر من احتمال تحول النقد إلى مجاملات دبلوماسية. وهذا ما يجعل من مشاركة انطباعاتنا مع الأصدقاء حول أعمالهم الجديدة إحدى أكثر مسؤوليات الصداقة حساسيةً، ومع أن مبدأ الصداقة يفترض صدق الطرفين في تبادل الشعور وتقبل النقد، لكن الأمر لا يسير على هذا النحو دائمًا حينما يتعلق النقد بالكتابة.

من يمارس الكتابة حرفةَ حياة حقًا، سيدرك مع الوقت أن نرجسية أي كاتب هي جزأ لا يتجزأ من رأسماله المعنوي، من قيمته حتى مع نفسه أمام مرآة الحمام كل صباح. شعورٌ عالٍ بالاستحقاق، واعتدادٌ كبير بالنفس، وتحفُّز نشِط على مدار الساعة ضد النقد. لعلها خصال دفاعيَّة ضروريَّة إلى حد ما، حين يتحتم على الكاتب عبور الإهانات اليومية ومجابهة عالمٍ أقلَّ من أحلامه، عالمٍ يمعن في تهميشه، لا بل قد يحرض على استعدائه في كثير من الأحيان لأنه «مثقف»، انطلاقًا بالطبع من السمعة الشائهة التي تحوم حول هذه الصفة. لذا فإن النرجسية، هنا، تعمل عملها في سلوك أي كاتب كآلية مقاومة تلقائية للدفاع عن الذات في علاقته بالآخرين. غير أنها في الوقت نفسه تواري ما لا يمكن مواراته بسهولة عن العيون: إنها الهشاشة!

يبقى أن نقد أصدقاء الكتب والكتابة في هذه الحالة أقسى من أي نقد آخر. نستطيع استخلاص فكرة شائعة تفيد بأن كاتبًا لا يتعرف به أصدقاؤه من الكتَّاب هو كاتبٌ فاشل. لكنني أعرف شاعرًا أستطاع أن يعكس هذه العبارة؛ فهو الشاعر غير المعترف به بين أصدقائه الشعراء لكنه أكثر جماهيرية منهم جميعًا. لا بأس، فثمة عوامل أخرى تحسم هذه المسألة لا مجال للوقوف عليها هنا.

من الناس من يُعنَون بآراء أصدقائهم فيما يكتبون أكثر من رأي عامة القراء أو الجمهور. بعض الكتَّاب، حرفيًا، لا يستأنس إلا بقراءة أصدقائه عندما يكتب، مهما بلغت شهرته، وهكذا كان غابريل غارسيا ماركيز مثلًا. وبعضهم الآخر، الأقل حظًا في الرواج والانتشار، لا جمهور له خارج دائرة أصدقائه، باستثناء عدد محصور من القُراء يكاد يعرفهم واحدًا واحدًا بالأسماء. لذا، فإن أي انطباع سلبي أو أي ملاحظة صغيرة قد تجرح النص في موضع منه يمكنها أن تعبث بهرمونات الكاتب، خاصة حين يصدر هذا النقد من أحد أصدقائه الذين يدخرهم للتعزيز. وربما يقود رأيٌّ صريح، سلبي، علاقة الصداقة إلى منعطف آخر، حيث تبدأ الندية والتنافس والحساسية المفرطة، تلك التي تنشأ عادةً بين أصدقاء المهنة الواحدة.

إلى أي حد أصدقاؤنا مسؤولون عن جودة ما نكتب؟ أفكر بالسؤال كمن يعترف في الوقت نفسه بأننا نكتب كي نستدرج الأصدقاء أكثر، وبأن أصدقاءنا هم أول القراء المفترضين. لهذا السبب، بحد ذاته، يصبح نقد الأصدقاء أكثر أهمية، غير أن النقد الأدبي بين الأصدقاء ليس بالمسألة الهينة كما نتخيل، فتقبله يحتاج إلى استعداد نفسي وتواضع أكبر بكثير من تواضع الكاتب للجمهور.

في حياتنا الثقافية اليوم يصبح من الصعب أكثر فأكثر المجازفة بإبداء انطباع سلبي أو رأي نقدي في كتاب ما أو مقالةٍ أو قصيدة، حتى لو كان ذلك الرأي باعترافنا مجرد «رأي». الخشية من ردود فعل الكتَّاب المعنيين تجعلنا نحجم عن النقد لصالح الحفاظ على العلاقة الشخصية والإبقاء على المودة، أو حتى لا نُعرض أنفسنا لنقد مضاد. سادت هذه الحالة من التفاعل بين الكاتب والقارئ بمرور الوقت، وتبدو كما لو أنها باتت عُرفًا. وبدل أن يُكتفى بمساحة الفيسبوك فضاءً عامًا للمجاملة والمديح المتبادل، تسللت هذه الحالة إلى الصحافة الثقافية، حيث يُكتب المديح السهل والمجاملات المجانية ورَدُّ الجمائل في مقالات ودراسات باسم النقد الأدبي. الأنكى من ذلك حين يتجاوز الأمر صفحات الصحافة الثقافية إلى كتابة رسائل علمية على هذه الشاكلة!

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

4 نجوم يغيبون عن رحلة ريال مدريد «المونديالية»

معتز الشامي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة تغيير جذري في قواعد ركلات الجزاء بسبب واقعة «ديربي مدريد» بعثة العين إلى واشنطن لبدء الإعداد لمونديال الأندية

في غضون أسبوعين، يبدأ ريال مدريد تحديه الأول تحت قيادة مديره الفني الجديد تشابي ألونسو، عندما يبدأ رحلته في كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة التي تنطلق يوم 15 الجاري، وقبل التوجه إلى البطولة، والتي قد يكون الفوز بها مربحاً للغاية للنادي، يواجه ريال مدريد عدداً كبيراً من مشاكل اللياقة البدنية للاعبيه الأساسيين. وهناك أمل في أن يتمكن بعض اللاعبين مثل؛ داني كارفاخال، وإيدير ميليتاو، وأنتونيو روديجر، من التعافي في الوقت المناسب للبطولة ولكن هناك لاعبين آخرين قد لا يكونون جاهزين. وبحسب إذاعة COPE الإسبانية، فإن 4 لاعبين من ريال مدريد لن يشاركوا في كأس العالم للأندية هذا الصيف، لن يتمكن المدافعان ديفيد ألابا وفيرلاند ميندي، إلى جانب لاعب الوسط إدواردو كامافينجا والمهاجم الشاب إندريك، من المشاركة في النسخة الموسعة الافتتاحية من البطولة، فبعد تعافيه من إصابة في الرباط الصليبي قبل بضعة أشهر فقط، اضطر ألابا للخضوع لجراحة في الركبة مجدداً بسبب تمزق في الغضروف المفصلي، وبينما كان هناك أمل في عودته في الوقت المناسب للبطولة، يبدو أن النمساوي لن يتمكن من المشاركة. وغاب ميندي عن الملاعب لأكثر من شهر بسبب إصابة في الفخذ، ومن غير المرجح أن يعود قبل شهرين، وهو ما يستبعده من الرحلة إلى الولايات المتحدة. كما غاب كذلك كامافينجا عن الملاعب منذ أواخر أبريل بسبب تمزق في العضلة المقربة، ومن المتوقع أن يستمر تعافيه لعدة أشهر. ولذلك، لن يشارك في كأس العالم للأندية، ويأمل في العودة في الوقت المناسب مع بداية الموسم الجديد، كما تعرض إندريك لإصابة في وقت متأخر من الموسم، خلال المباراة أمام إشبيلية، وسيغيب عن الملاعب لمدة شهرين، ما يعني أنه لن تكون لديه أي فرصة للعب في كأس العالم للأندية.

مقالات مشابهة

  • موعد ذبح الأضحية حسب الشريعة.. الإفتاء توضح الوقت الأنسب
  • ماهي أسباب إعفاء الكاتب العام لوزارة النقل من طرف الوزير قيوح؟
  • ينشر المثلية الجنسية ويزعزع الأمن.. روسيا تحذر الأصدقاء من مؤسسة بريطانية
  • هل يمكننا ترك أجهزة الشحن موصولة بالكهرباء طوال الوقت؟
  • تكبيرات عيد الأضحى.. الصيغة الصحيحة لها رددها طوال الوقت
  • قيوح يُقيل الكاتب العام لوزارة النقل وسط تكهنات بتصفيات حسابات
  • 4 نجوم يغيبون عن رحلة ريال مدريد «المونديالية»
  • كيف تتغلب على التوتر في مكان العمل؟ 7 طرق أساسية
  • محرر خطاب الروبوت حميدتي، استعان هذه المرة، بتطبيق مجاني????
  • أونا تهنئ الكاتب سليمان جودة بفوزه بجائزة الصحافة العربية لـأفضل عمود صحفي