يمانيون../
واصل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يوم التاسع من فبراير خلال الأعوام: 2016 م، و2017م، و2018م، و2019م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية ضد الإنسانية، بغاراتِه الوحشية، ومخلفاته العنقودية، على المدنيين، في منازلهم ومزارعهم، وشاحنات نقل المساعدات الإنسانية، والمواد الغذائية، في محافظات صعدة، وصنعاء، والحديدة، وإب.

ما أسفر عن 11 شهيداً، و16 جريحاً، بينهم أطفال ونساء، وتدمير للممتلكات والمنازل، وتشريد عشرات الأسر، وزيادة المعاناة الإنسانية، وتفقم الأوضاع المعيشة، وتشديد الحصار، ومشاهد لجثث ممزقة ومتفحمة وجراحات نازفة من أجساد بريئة، تهز وجدان العالم.

وفيما يلي أبرز التفاصيل:

9 فبراير 2016..18 شهيداً وجريحاً في جريمة إبادة بغارات العدوان على منزل الإعلامي الحكيمي بصنعاء:

في التاسع من فبراير، عام 2016م، استيقظت صنعاء على جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجل العدوان السعودي، الأمريكي، الذي استهدف منزل الإعلامي منير الحكيمي، في حي بيت معياد بمديرية السبعين، ولم يراع حرمة الآمنين.

في لحظة، تحول المنزل إلى كتلة من اللهب والدخان والدمار والشظايا، وصراخ الأبرياء امتزج بصوت الانفجارات، ودويّها هز أرجاء الحي، تحت الأنقاض كانت جثث الأبرياء تنتظر من يرفع عنها الركام، خمسة شهداء، بينهم الإعلامي منير الحكيمي وزوجته وأطفاله، ارتقوا إلى السماء، تاركين وراءهم حزنًا عميقًا في قلوب من عرفوهم، و13 جريحًا، من أهالي الحي، جروحهم كانت شاهدة على همجية العدوان، واستهدافه المتعمد للمدنيين الأبرياء.

لم يكن بيت الحكيمي وحده المدمر، بل امتدت آثار الدمار لتطال كل ما حوله، مدرسة شقائق النعمان، صرح تعليمي للأطفال، ومحلات ومستودعات تجارية، كانت مصدر رزق لأسر بأكملها، تضررت، معدات وسيارات، كانت تسهل حياة الناس، أصبحت حطامًا لا قيمة له.

فرق الإنقاذ لم تتمكن من الوصول إلى مكان الغارات إلا في اليوم التالي، حجم الدمار كان كبيرًا، والنيران كانت لا تزال مشتعلة.

يقول أحد المسعفين: “إلى الآن وجدنا الزوجة وأطفالها بين الأنقاض، جثث مقطعة، فيهم طفل رضيع، وباقي الأب تحت الدمار لم نصل إلى جثته، وما زال العمل جار، والدمار كبير في البيت، والصبيات هي التي تمنع المسعفين من الوصول إلى الجثة، ضربوا البيت بغارتين، المرأة والطفلة متفحمتين، وطفلان كانا خلف العمود يحتميان به”.

هذه الجريمة المروعة، ارتكبت بإشراف أمريكي وتنفيذ سعودي إماراتي، أثارت غضب واستنكار كل ذي قلب رحيم. استهداف المدنيين، نساءً وأطفالًا، عمل إجرامي لا يمكن السكوت عنه.

9 فبراير 2016..3 شهداء بغارات سعودية أمريكية استهدفت شاحنة محملة بالقمح في صعدة:

وفي اليوم والعام ذاته، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب جديدة، مستهدفاً هذه المرة شاحنة محملة بالقمح، على الطريق العام في مديرية حيدان، محافظة صعدة، بغارة وحشية مباشرة، أسفرت عن 3 شهداء، واحتراق الشاحنة بحمولتها ومن عليها، في مشهد إجرامي يهز الإنسانية.

هذه الجريمة ليست مجرد غارة عسكرية، بقدر ما هي إبادة جماعية لثلاثة أبرياء كانوا على متن الشاحنة، كانوا يحملون أحلام أسرهم في الحصول على لقمة عيش، لكن طيران العدوان لم يرحمهم.

استهداف شاحنة القمح هو استهداف لقوت الشعب اليمن، وتكريس للحصار على ملايين اليمنيين، وتعميق سياسة التجويع واستهداف الغذاء جريمة حرب، ليست المرة الأولى، فمنذ بداية العدوان، قصفت المخازن والمزارع والشاحنات التي تحمل الغذاء، في محاولة لإخضاع الشعب اليمني، وتجويعه، بحلقة أخرى من حلقات الحصار الظالم، الذي تسبب في أزمة إنسانية خانقة، يعاني منها الملايين من اليمنيين.

يقول أحد الأهالي: “هذه أشلاء الشهداء، مقطعين، ومتفحمين، الساعة الثامنة ليلاً، كان الطيران التجسسي محلقاً فوق سماء المنطقة، ويلاحق حركة السيارة، وعندما وصلت إلى هذا المكان استهدفها العدوان، بغارة، وهناك ثلاثة على متن السيارة، وتقطعوا”.

هذه الجريمة النكراء، التي ارتكبت بإشراف أمريكي وتنفيذ سعودي إماراتي، أثارت غضب واستنكار كل ذي قلب رحيم. استهداف المدنيين، نساءً وأطفالًا، عمل إجرامي لا يمكن السكوت عنه.

9 فبراير 2016.. غارات سعودية أمريكية تستهدف مديرية السبراء بإب:

وفي التاسع من فبراير عام 2016م، ايضاً، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب ثالثة، بغاراته الجوية المباشرة، على ممتلكات المواطنين، بمديرية السبراء في محافظة إب، لم تراعِ هذه الغارات حرمة المدنيين، واستهدفت بشكل عشوائي المراعي والطرقات والمزارع، بشكل عشوائي، ما أثار الرعب والفزع في قلوب الأهالي.

كما تركت الغارات رعباً وفزعاً في قلوب النساء والأطفال، والرعاة والمزارعين الذين كانوا يعملون في أراضيهم، و أضرارًا كبيرة بالمراعي والطرقات والمزارع، ما أثر على حياة الناس وأرزاقهم، وشكلت صدمة نفسية على الأطفال الذين شاهدوا هذه الهجمات الوحشية.

يقول أحد الأهالي “لم نكن نتوقع أن يستهدفوا قريتنا الهادئة، لا فيها معسكرات، ولا منشآت حكومية، ولا يوجد فيها ما يستحق الاستهداف، كنا نعيش في سلام وأمان، ولكن فجأة تحول كل شيء إلى جحيم، لم نعد نشعر بالأمان حتى في منازلنا” مضيفاً “استهدفوا مزارعنا، والطريق العام والأشجار والمراعي، وتأثرت المنازل القريبة، وارتعب الأطفال والنساء، كيف سنعيش الآن؟ نحن أمام غارات تدمر كل شيء، المزارع لم تعد صالحة للزراعة حتى الآن”.

هذا الاستهداف الوحشي على مديرية السبراء هو مثال آخر على جرائم الحرب التي يرتكبها العدوان السعودي الأمريكي في اليمن، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويتدخل لوقف هذه الحرب العبثية وهذا العدوان الذي يدمر ويبيد شعب أعزل.

9 فبراير 2017.. استشهاد 3 مواطنين على متن سيارة استهدفتها غارات العدوان بصعدة:

في العام 2017م، من اليوم ذاته، ارتكب العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب إضافية، بغاراته الوحشية المباشرة، على سيارة أحد المواطنين، كانت تقل على متنها قمحاً قدم مساعدات إنسانية، للمحاصرين، والنازحين، في منطقة ذويب بمديرية حيدان، محافظة صعدة، أسفرت عن استشهاد 3 مواطنين، وتحولت السيارة وحمولتها إلى رماد، قضت على الأمل والغذاء والحياة في لحظة واحدة.

فيما كانت السيارة تمر على الطريق العام كعادتها، وعليها مواطنون ينتظرهم أهاليهم وأسرهم، وأطفالهم الجائعين، كان طيران العدوان محلقاً فوق سماء اليمن، يبحث له عند هدف مدني، وفي لحظة مشاهدته لحركة السيارة بدأ يلقي حمولة حقدة عليها، بصواريخ وقنابل مدمرة، حولتها إلى كتلة من اللهب والدخان، وتناثرت أشلاء الضحايا واختلطت بحبات القمح الذهبية، التي كانت تحمل الخير والبركة.

ثلاثة مواطنين أبرياء، كانوا يستقلون السيارة، استشهدوا في هذه الغارة الغادرة، كانوا يحلمون بيوم يعود فيه السلام إلى اليمن، ولكن أحلامهم تحطمت تحت قصف طائرات العدوان.

لماذا يستهدفون الغذاء؟

استهداف المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، ليس أمراً جديداً، بل حوله العدوان إلى مصدر لتوزيع أهدافه وغاراته، ورصد أهدافه العسكرية، فمن يجوع، يذهب لاستلام المساعدات، وما أن يخرج للعودة بها إلى دارة، باتت حياته مرصودة، وحياته معرضة للاستهداف، ذنبه الوحيد أنه جائع.

هذه الجريمة واحدة من مئات الجرائم المماثلة التي تستهدف المدنيين، وتوضع حولها علامات تعجب كثيرة، تشير عن وجود علاقة استخباراتية بين منظمات توزيع المساعدات، وبنك أهداف العدوان، وتحول الغذاء إلى سنارة بيد صياد ماهر ، وطعم خبيث لإبادة الشعب اليمني، قبل أن يلتهم حبة قمح واحدة مما تقدمة الأمم المتحدة.

رغم ذلك، صحيح أن القمح لم يصل إلى الأهالي في منطقة ذويب، ولكنهم لن يستسلموا، وسيظلون صامدين، وسيعملون جاهدين لإعادة بناء ما دمره العدوان، سيظلون يحلمون بيوم ينتصر فيه اليمن ويعم فيه السلام، والخير على كل بيت.

يقول أحد الأهالي: “كانت السيارة تحمل قمحاً للمواطنين، هذه جثة المواطن عبدالرحمن مرشد كان محمل بر وبضاعة للدكان ، قتل ظلماً وعدواناً، هو واثنين معه من الجماعة، عدوان غاشم حول جثثهم إلى أشلاء ممزقة وعظام متفحمة”.

9 فبراير 2018.. إصابة طفلين وامرأة إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات العدوان بالحديدة:

أما في التاسع من فبراير عام 2018م، فسجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب، جديدة، إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات الغارات السابقة، على منطقة المتينة بمديرية التحيتا في الحديدة، أسفرت عن جرح طفلين وامرأة، حولت حياتهم إلى كابوس مرعب، دماء مسفوكة، وتهديد بسلب الأرواح.

طفلان وامرأة كانوا بجوار منزلهم، لا يدركون أن عنقودية محرمة، كانت مغمورة بعضها في الأرض، ولم تنفجر بعد ، وما إن اقتربوا منها لأخذها ظناً منهم أنها أنية، يمكنهم الاستفادة منها، وفي لحظة انفجرت بينهم، وتوزعت شظاياها المتطايرة على أجسادهم الضعيفة، ونفوسهم البريئة.

في تلك اللحظة، انتشرت رائحة البارود، وارتفع صراخ الطفلين الذي مزق سكون المكان، الأم التي كانت تراقب طفليها، أصيبت أيضاً، فنست جراحها وهمت بطفليها لتحضنهم مذعورة، رأت الدماء تسيل من جسديهما الصغيرين، وعرفت أن القنبلة العنقودية التي زرعها العدوان قد أصابت فلذات كبدها، دون أن تشاهد دماءها.

لم تتمالك الأم دموعها، وانخرطت في بكاء مرير، كانت خائفة على طفليها، وكانت تعلم أن القنابل العنقودية، التي يستخدمها العدوان، تسببت في إعاقات دائمة للكثير من الأطفال الأبرياء.

وصل الأهالي إلى مكان الانفجار والصراخ، وقاموا بنقل الطفلين والأم إلى المستشفى، كانت الأم تدعو الله أن يحفظ طفليها، وأن يشفيهما من آثار هذه الإصابة.

يقول والد الأطفال: “كنت عائداً إلى البيت من المحطة، وسمعنا دوي الانفجار، وصلت البيت، حصلت أطفالي معورين من القنبلة، وما في إلا الدم، وأخذناهم وأسعفناهم إلى المستشفى، والشظايا في أرجلهم، وبين وجه الطفل، ما ذنب أطفالنا؟”.

دكتور في المستشفى يتساءل: “أين هي الطفولة أين هي البراءة، كل هذا القصف على أطفال، عدوان من عدة دول يستهدف أطفالاً، أين هي الإنسانية؟ أين هي حقوق المدنيين؟ هذه جرائم حرب، يحاسب مرتكبيها عاجلاً.

القنابل العنقودية هي أسلحة محرمة دوليًا، ولكن العدوان يستخدمها بشكل متكرر في اليمن، هذه القنابل تتسبب في مقتل وجرح المدنيين، وتترك آثارًا مدمرة على البيئة، وتعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية والإنسانية.

9 فبراير 2019.. غارات العدوان تستهدف سيارات وممتلكات الأهالي بصعدة:

وفي اليوم والعام ذاته، استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي، 3 سيارات للمواطنين كانت تسير في منطقة آل علي بمديرية رازح، بغارات مباشرة، أسفرت عن تدمير سيارتين وتضرر الثالثة، وأضرار في الممتلكات، وترويع الأهالي، وتقييد حركة التنقل، ودخول الامدادات الغذائية والدوائية، وإسعاف المرضى، ومضاعفة المعاناة.

الغارات العشوائية تسببت في خسائر مادية كبيرة للمدنيين، حيث فقدوا سياراتهم التي كانت مصدر رزقهم، وصدمة نفسية في نفوس الأطفال والنساء، والمشاهدين في المنطقة والمناطق المجاورة، وأهالي أصحاب السيارات.

يقول شاهد عيان: “قام طيران العدوان السعودي الأمريكي، أمس الليل، باستهداف سياراتنا، ومنازلنا، والبيت تضرر، وتدمرت السيارات، وتشرد السكان من المنطقة”.

استهداف المدنيين والأعيان المدنية بمنطقة آل علي هو مثال آخر على جرائم الحرب التي يرتكبها العدوان السعودي الأمريكي في اليمن، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، لوقف العدوان ورفع الحصار المستهدف للشعب اليمني طوال 9 أعوام متواصلة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدوان السعودی الأمریکی طیران العدوان غارات العدوان هذه الجریمة جریمة حرب یقول أحد أسفرت عن فی لحظة أین هی

إقرأ أيضاً:

تكلفة الغموض الأمريكي في اليمن

الآمال في شن هجوم بري في اليمن مدعوم دولياً لإخراج الحوثيين، من الساحل الغربي لليمن، تبددت بفضل الصفقة غير المتوقعة التي أبرمتها الجماعة مع الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، بوساطة عمان.

بعد 51 يوماً من المواجهة، أعلن الرئيس دونالد ترامب وقف العمليات الهجومية الأمريكية ضد الحوثيين مقابل تعليق الهجمات على السفن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب – لا سيما تلك المرتبطة بالمصالح الأمريكية. يبدو أن هذه الخطوة تهدف إلى تأمين تحوّل يحفظ ماء الوجه بعيداً عن المواجهة وسط تصاعد التكاليف لكلا الجانبين. كما تؤكد المسار المتقلب للسياسة الخارجية الأمريكية وتفصل بشكل فعال جبهة البحر الأحمر عن الصراع الأوسع بين الحوثيين وإسرائيل.

في نهاية المطاف، لا يرقى هذا الترتيب إلى مستوى استراتيجية أمريكية متماسكة تجاه اليمن ويخاطر بتشجيع الحوثيين – سواء في الداخل أو في جميع أنحاء المنطقة.

اتفاق ستوكهولم

في الفترة التي سبقت اتفاق 6 مايو/أيار بين الحوثيين والولايات المتحدة، أشارت الدلائل إلى معركة أوسع تلوح في الأفق في اليمن. في 29 مارس/آذار، ألمح رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي إلى احتمال شن هجوم بري خلال خطابه للأمة بمناسبة عيد الفطر. وبعد أسابيع، في 14 أبريل/نيسان، أفادت وسائل إعلام غربية أن محادثات جارية بشأن عملية برية محدودة مدعومة أمريكياً، ولكن بقيادة يمنية، لاستعادة مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها الحوثيون.

بعد سبع سنوات من لعب التدخلات البريطانية والأمريكية دوراً رئيسياً في منع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من التحرك لاستعادة الحديدة، كانت القوات الموالية للحكومة على وشك إعادة فتح تلك الجبهة مرة أخرى.

في عام 2018، كانت للحكومة اليمنية اليد العليا عسكرياً ولكنها قُيدت باتفاق ستوكهولم، الذي رسخ في النهاية سيطرة الحوثيين على الميناء الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر. وقد مهدت هذه التنازلات الطريق للجماعة اليمنية المدعومة من إيران لتتمكن لاحقاً من مهاجمة السفن التجارية، مما أدى إلى رد عسكري أمريكي بريطاني بدأ في عهد إدارة جو بايدن في يناير/كانون الثاني 2024 وتصاعد بشدة من قبل ترامب في مارس/آذار من هذا العام.

لا يزال الزخم لمعالجة اختلال توازن القوى في اليمن متوقفاً – مقيداً جزئياً بالديناميكيات الإقليمية، لا سيما حذر المملكة العربية السعودية الاستراتيجي، وتحول تصورها للتهديد، وأولوياتها الاجتماعية والاقتصادية. تعكس هذه الأبعاد حقيقتين أساسيتين: قراءة واضحة للمدة الأولى لترامب وتركيز سعودي عملي على تقدم مصالحها الوطنية فوق كل شيء آخر.

تحول في الإدراك وسط التكاليف الباهظة

منذ أواخر عام 2023، شن الحوثيون أكثر من 200 هجوم على السفن التجارية والعسكرية عبر البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي – أحياناً بالتنسيق مع القراصنة الصوماليين. والجدير بالذكر أن الجماعة أطلقت أيضاً أكثر من 200 صاروخ و170 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، مع إصابة بعض المقذوفات عن طريق الخطأ دولاً مجاورة بما في ذلك مصر والأردن والمملكة العربية السعودية.

لقد أجبرت عمليات الحوثيين – التي أُطلقت ظاهرياً لدعم القضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة – شركات الشحن العالمية على تغيير مسار السفن. وقد أُجبرت العديد من السفن منذ ذلك الحين على عبور رأس الرجاء الصالح، متجاوزة البحر الأحمر وقناة السويس، مما أضاف ما يصل إلى أسبوعين من وقت العبور. ويتصاعد الضغط على دول البحر الأحمر المطلة: فقد أعلنت مصر، على سبيل المثال، عن خسارة 7 مليارات دولار أمريكي من إيرادات قناة السويس في عام 2024. وبحلول فبراير من هذا العام، انخفضت عمليات العبور اليومية عبر القناة إلى 32 سفينة فقط – بانخفاض 57٪ عن متوسط 75 سفينة قبل إطلاق الضربات البحرية الحوثية.

لقد تحدت الأزمة النظام البحري الدولي بشكل مباشر وتثير تساؤلات حول قدرة – ورغبة – الولايات المتحدة في الحفاظ على حرية الملاحة باستمرار. لقد أعاد الحوثيون وضع أنفسهم كتهديد موثوق للسلام والتجارة والأمن العالميين، مما أدى إلى تحوّل في تصورات التهديد الأمريكية بعد سنوات من التقليل من شأن التهديدات المتعددة للجماعة.

نهج أمريكي غير كافٍ

لقد تبنى ترامب نهجاً أكثر تركيزاً إلى حد ما تجاه اليمن مقارنة ببايدن، لكن موقفه لا يزال يفتقر إلى الاستراتيجية والتماسك العام. مع إضعاف حزب الله اللبناني، وسقوط الرئيس السابق بشار الأسد في سوريا، وضبط جماعات مسلحة شيعية مدعومة من إيران في العراق منذ الخريف الماضي، اختار الحوثيون حتى وقت قريب التصعيد بدلاً من البقاء. وقد دفع المشهد الإقليمي المتغير في البداية إدارة ترامب إلى استنتاج أن الوقت قد حان للتصعيد ضد الجماعة.

ابتداءً من 15 مارس وحتى إعلان الهدنة في 6 مايو، شنت الولايات المتحدة أكثر من 1100 ضربة استهدفت ورش الطائرات المسيرة والصواريخ التابعة للحوثيين، ومرافق التخزين، والقواعد العسكرية، وأنظمة الرادار، ومنازل القادة المتوسطي المستوى، والتجمعات العسكرية المتنقلة، ومنصات الإطلاق، وحتى البنية التحتية المدنية، بما في ذلك ميناء رأس عيسى. يُزعم أن الهجمات قتلت أكثر من 500 مقاتل حوثي، على الرغم من أنها أسفرت أيضاً عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وأضرار جانبية أخرى.

لم تُستعاد الردع الأمريكي بعد بشكل موثوق أو مستدام، حيث يواصل الحوثيون إظهار القدرة والنية لتنفيذ المزيد من الهجمات – وهو ما يؤكده تبادلهم المستمر لإطلاق النار مع إسرائيل.

ولكن للمرة الأولى منذ اتفاق ستوكهولم، تبدو الجماعة ضعيفة حقاً. فبعد ضربة حوثية طفيفة نسبياً على مطار بن غوريون في تل أبيب في 4 مايو، دمر الانتقام الإسرائيلي بنية تحتية لوجستية وطاقة حيوية في اليمن – بما في ذلك أربع طائرات مدنية مملوكة للخطوط الجوية اليمنية – مما يسلط الضوء على الخسائر الفادحة التي تلحق بالمدنيين الذين يعانون بالفعل. كما تفيد مصادر مطلعة في اليمن أن كبار قادة الحوثيين قد اختفوا، مما أدى إلى تغييرات مفاجئة في بروتوكولات الاتصال والأمن وسط مخاوف متزايدة من الاختراق السيبراني والتسريبات من الاستخبارات البشرية.

بالإضافة إلى ذلك، تزعم مصادر يمنية على الأرض أن معلومات استهداف حية قد تم مشاركتها مع الولايات المتحدة من داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون – وهو خرق غير مسبوق يشير إلى تزايد الاستياء الشعبي. إن الإحباط الشعبي لا ينبع فقط من الحكم القمعي للمتمردين الحوثيين، واحتكارهم للسلطة، وسوء الإدارة الاقتصادية، ولكن أيضاً من التكاليف المتزايدة الوضوح لمغامراتهم الإقليمية على اليمنيين في الداخل والخارج.

لقد ألحقت الضربات مثل قصف الولايات المتحدة لميناء رأس عيسى في الحديدة خسائر فادحة بالمدنيين، مما فاقم معاناة أولئك الذين تعلق آمالهم على تخفيف التصعيد، وتحسين الظروف المعيشية، وتعزيز الأمن.

تكرار أخطاء ستوكهولم

تتوقف احتمالية استعداد واشنطن لاتخاذ إجراءات أكثر حسماً لحماية الشحن الدولي على عاملين رئيسيين: التقدم في المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة، وامتثال الحوثيين لهدنة 6 مايو/أيار. قبل الترتيب بين الحوثيين والولايات المتحدة، أشارت الضربات الأمريكية على المواقع الأمامية في الحديدة ومأرب – وكذلك على البنية التحتية بالقرب من الجزر الاستراتيجية مثل كمران – إلى استراتيجية أوسع لتأمين خطوط الإمداد البحرية والضغط على الحوثيين للدخول في محادثات.

في غضون ذلك، لا تزال الحكومة اليمنية تأمل في شن هجوم مدعوم دولياً لاستعادة صنعاء في نهاية المطاف، معتبرة إياه السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم – بما في ذلك في البحر الأحمر. ومع ذلك، كشفت صفقة وقف إطلاق النار عن تفضيل إدارة ترامب لنهج أضيق: احتواء التهديدات البحرية الحوثية مؤقتاً، وتدهور قدراتهم، وإجبارهم على طاولة المفاوضات.

بينما قد تكون مكلفة، فإن استجابة أمريكية أكثر حزماً ضد الحوثيين يمكن أن تثبت أنها استراتيجية. إن استعادة أكثر من 300 كيلومتر (186 ميلاً) من منطقة تهامة – وهي سهل ساحلي ضيق على طول البحر الأحمر من الحدود السعودية إلى ما يقرب من مضيق باب المندب – سيقطع الشريان الغربي لإمداد الحوثيين وكذلك يعطل طرق تهريب الأسلحة والوقود والمرتزقة والمخدرات. كما سيؤدي ذلك إلى تحييد التهديدات من الألغام البحرية والقوارب المفخخة، وحصر الجماعة في المرتفعات – مما يقوض بشكل كبير نطاق عملياتهم وصمودهم.

ليس هذا هو الوقت المناسب لتكرار أخطاء اتفاق ستوكهولم، الذي حمى الحوثيين، وشرعن وجودهم في الحديدة، وسمح للتهديدات البحرية بالنمو دون رادع. ومع ذلك، لا يزال هناك اليوم خطر حقيقي لتكرار نفس الخطأ الأساسي: وهو معالجة الأعراض بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية.

بُعد أبوظبي – الرياض

لا تزال الحسابات الإقليمية بشأن هجوم بري ضد الحوثيين منقسمة وتمثل قيداً حاسماً. فالمملكة العربية السعودية، التي تخشى من عدم قدرة ترامب على التنبؤ به وقابلية الحوثيين لشن هجمات عبر الحدود، تطالب باتفاق أمني أمريكي شامل وتبقى متشككة في شن عملية برية. كما تشعر الرياض بالقلق من التوسع المحتمل للنفوذ الإماراتي على طول البحر الأحمر.

ومع ذلك، فإن الإمارات– مستفيدة من تجربتها العملياتية بالقرب من الحديدة في 2017-2018 إلى جانب علاقاتها المستمرة مع القوات المشتركة على ساحل تهامة – أكثر استعداداً لدعم هجوم بري مدعوم من الولايات المتحدة، إذا كان استراتيجياً. إن شراكة أبوظبي الأمنية القوية مع واشنطن – إلى جانب مصالح الطاقة والبحرية وسعيها للنفوذ الجيوسياسي – تدفع موقفها، على الرغم من الإنكار العلني الأولي.

بالنظر إلى المستقبل، هناك شيء واحد واضح: أزمة البحر الأحمر تؤكد صمود الحوثيين – ليس بسبب قوة الجماعة المتأصلة، ولكن بسبب غياب استراتيجية استقرار مدعومة دولياً وبقيادة يمنية والفشل المستمر في معالجة الأسباب الجذرية للتهديدات عبر الحدود. وهذا الأخير يستلزم سيطرة الحوثيين على الأراضي ورفضهم الانخراط بشكل فعال في عمليات السلام الوطنية.

يتطلب مواجهة هذا التحدي استراتيجية متماسكة وطويلة الأمد لليمن والبحر الأحمر، ترتكز على دعم عسكري ومالي واستخباراتي وأمني ودبلوماسي ولوجستي مستمر للحكومة اليمنية – بالتنسيق الوثيق مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. بينما أعربت إدارة ترامب عن رغبتها في سلام واستقرار دائمين في البحر الأحمر، إلا أنها لا تبدو مستعدة للانخراط طويل الأمد الذي يمكن أن يبشر بعصر جديد في اليمن. في هذا السياق، تبدو المحادثات المتجددة بشأن خارطة طريق الأمم المتحدة لخفض التصعيد، المدعومة من عمان والمملكة العربية السعودية، مرجحة بشكل متزايد.

ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”

المصدر: أمواج ميديا

إبراهيم جلال30 مايو، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام ترامب: أعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أصبح قريبا مقالات ذات صلة ترامب: أعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أصبح قريبا 30 مايو، 2025 (وكالة).. السعودية حذّرت إيران من خطر ضربة إسرائيلية ما لم يتم التوصل لاتفاق نووي مع ترامب 30 مايو، 2025 الانتهاكات في اليمن.. إرث ينتظر العدالة 30 مايو، 2025 العفو الدولية ورايتس ووتش تطالبان الحوثيين بالإفراج عن موظفين أمميين 30 مايو، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة كرب إل وتر.. موّحد اليمن الأول 23 مايو، 2025 الأخبار الرئيسية تكلفة الغموض الأمريكي في اليمن 30 مايو، 2025 ترامب: أعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أصبح قريبا 30 مايو، 2025 (وكالة).. السعودية حذّرت إيران من خطر ضربة إسرائيلية ما لم يتم التوصل لاتفاق نووي مع ترامب 30 مايو، 2025 الانتهاكات في اليمن.. إرث ينتظر العدالة 30 مايو، 2025 العفو الدولية ورايتس ووتش تطالبان الحوثيين بالإفراج عن موظفين أمميين 30 مايو، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك الانتهاكات في اليمن.. إرث ينتظر العدالة 30 مايو، 2025 كرب إل وتر.. موّحد اليمن الأول 23 مايو، 2025 ترامب غيّر العلاقات الأميركية العربية 22 مايو، 2025 الثورة والوحدة ركائز الجمهورية  22 مايو، 2025 مُطيع .. في سيرة وزير خارجية اليمن الديمقراطي 22 مايو، 2025 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 20 ℃ 28º - 19º 43% 1.05 كيلومتر/ساعة 28℃ السبت 28℃ الأحد 28℃ الأثنين 28℃ الثلاثاء 29℃ الأربعاء تصفح إيضاً تكلفة الغموض الأمريكي في اليمن 30 مايو، 2025 ترامب: أعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أصبح قريبا 30 مايو، 2025 الأقسام أخبار محلية 30٬309 غير مصنف 24٬214 الأخبار الرئيسية 16٬537 عربي ودولي 7٬785 غزة 10 اخترنا لكم 7٬375 رياضة 2٬558 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬395 كتابات خاصة 2٬179 منوعات 2٬110 مجتمع 1٬939 تراجم وتحليلات 1٬950 ترجمة خاصة 183 تحليل 25 تقارير 1٬705 آراء ومواقف 1٬602 ميديا 1٬533 صحافة 1٬501 حقوق وحريات 1٬414 فكر وثقافة 952 تفاعل 854 فنون 504 الأرصاد 475 بورتريه 68 صورة وخبر 40 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات أحمد ياسين علي أحمد

المتحاربة عفوًا...

أحمد ياسين علي أحمد

من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...

haber-haziran

It is so. It cannot be otherwise....

haber-7

It is so. It cannot be otherwise....

عبدالعليم محمد عبدالله محمد البخاري

سلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...

مقالات مشابهة

  • ارتفاع ضحايا الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 54418 شهيداً
  • ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 54 ألفا و418 شهيدا
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة 54,381 شهيدا و 124,054 مصابا
  • صحة غزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 54 ألفا و381 شهيدا
  • ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 54381 شهيدا و 124054 مصابا
  • تكلفة الغموض الأمريكي في اليمن
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 54 ألفا و321 شهيدا فلسطينيا
  • ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة الى 54,321 شهيدا و123,770مصابا
  • ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على غزة إلى 54,321 شهيداً
  • منظمة انتصاف: 186 ألف شهيداً وجريحاً ومفقوداً خلال 600 يوم من العدوان على غزة