بعد عقود من محاولة الحفاظ على تفوقها العالمي، تجد الولايات المتحدة نفسها تواجه واقعًا جديدًا، حيث لم تعد الهيمنة الأحادية ممكنة، مهما بلغت إجراءات الحماية التجارية التي تتبعها.

أسطورة "خسارة الصين" تعيد إنتاج نفسها

وعلى غرار الجدل الذي ساد في أعقاب "خسارة" الصين للشيوعية، تتبنى واشنطن اليوم خطاباً مشابهاً حول "تمكين" الصين والهند ودول أخرى، إذ يروج الجمهوريون وبعض الديمقراطيين لفكرة أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة فتحت اقتصادها بسذاجة أمام التجارة، بينما امتنعت الدول الأخرى عن فعل الشيء نفسه، ما أدى إلى التراجع النسبي لأمريكا.

وهذه السردية تدعم النزعة الحمائية المتزايدة في واشنطن، حسبما يوضح الكاتب جنان غانيش في مقال لفايننشال تايمز. 

Tariffs won’t bring back America’s unipolar moment via @FT
https://t.co/VqWyP6qVS7

— Karishma Vaswani (@KarishmaJourno) February 12, 2025 حقيقة العلاقات التجارية مع الصين

خلافاً للاعتقاد السائد، لم تتسرع الولايات المتحدة في فتح أسواقها للصين، بل واجهت بكين مقاومة شديدة قبل انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، بعد 6 سنوات من الرفض الأمريكي، وبشروط صارمة.

وبالتالي، فإن تصوير انضمام الصين وكأنه خطأ فادح يتجاهل الحقائق التاريخية.

هل كان بإمكان واشنطن منع صعود الصين؟

وحتى لو حاولت الولايات المتحدة الحد من الصعود الاقتصادي للصين والدول الأخرى عبر تقليص التجارة معها، فإن ذلك لم يكن ليحدث دون تكلفة. فالواردات الرخيصة من آسيا ساهمت في كبح التضخم خلال التسعينيات وبداية الألفية، وساعدت على ازدهار شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى. وبالتالي، فإن أي محاولة لتخيل سيناريو بديل يجب أن تأخذ في الاعتبار التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأمريكي نفسه.

سياسة ترامب الجمركية.. مكاسب سريعة ومخاطر طويلة الأمد - موقع 24لفت محمد العريان، رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر التعريفات الجمركية "أجمل" كلمة في قاموسه، ويستخدمها لتحقيق أهداف متعددة. غير أن خبراء الاقتصاد حذروا من مخاطر اعتماد أداة واحدة لتحقيق نتائج مختلفة، ما قد يوقع الولايات المتحدة في فخ اقتصادي ... البديل مستحيل

وحتى لو مارست الصين سياسات تجارية غير عادلة، فهل كان الغرب قادراً على عزلها؟ منع ثاني أكبر اقتصاد عالمي، يمثل خُمس سكان الأرض، من الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي كان ليقوض شرعية المؤسسات الدولية ويهز استقرار النظام العالمي الذي قادته الولايات المتحدة نفسها.

تفوق أمريكا.. مرحلة مؤقتة

والحقيقة القاتمة، والمريحة في آن، هي أن تفوق أمريكا لم يكن ليبقى بلا منازع، إذ كان جزء من هذا التفوق قائماً على خيارات اقتصادية سيئة اتخذتها الدول الأكثر اكتظاظاً بالسكان.

وبمجرد أن صححت هذه الدول مسارها، برزت قوى جديدة، ما أدى إلى إعادة تشكيل ميزان القوى العالمي.

استراتيجيات الصين لمواجهة الرسوم الأمريكية.. هل تنجح؟ - موقع 24يقول المصنعون الصينيون إنهم سيعززون جهودهم لنقل الإنتاج إلى دول أخرى للتحايل على الرسوم الجمركية الأمريكية، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هجوم تجاري جديد ضد ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقد يكون للحواجز التجارية بعض الفوائد، مثل الضغط على الدول الأخرى لتقديم تنازلات أو حماية الصناعات الاستراتيجية، لكن الاعتقاد بأن الحمائية يمكن أن تعيد أمريكا إلى موقعها المهيمن يتجاهل الحقائق الجيوسياسية والاقتصادية.

التاريخ يعيد نفسه؟

كما أدى هاجس "خسارة الصين" في الماضي إلى ظهور المكارثية وحرب فيتنام، فإن نزعة إلقاء اللوم على التجارة اليوم قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. فبدلاً من الاعتراف بأن الدول الأخرى تمتلك إرادة مستقلة وقدرة على المنافسة، يروج البعض لفكرة أن انحدار أمريكا هو نتيجة قرارات خاطئة اتخذت في واشنطن.

الصين تسعى إلى دور صانع سلام في أوكرانيا - موقع 24في وقت يشير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استعدادهما لبدء المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تسعى الصين إلى لعب دور.

واختتم الكاتب مقاله بتحذير من أن عصراً جديداً من اللوم غير المبرر قد يكون في الأفق، مع الأمل بأن تقتصر تبعاته على تعريفات جمركية باهظة، وليس كوارث سياسية جديدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الصين الولايات المتحدة الاقتصادي الولايات المتحدة الاقتصاد الصين ترامب الولایات المتحدة الدول الأخرى

إقرأ أيضاً:

اتفاق أمريكي صيني بشأن الرسوم الجمركية.. هذه تفاصيله

توصلت واشنطن وبكين أخيرا إلى اتفاق بشأن الرسوم الجمركية، في أعقاب توتر ونذر حرب تجارية كانت تلوح في الأفق خلال الأيام والأسابيع الماضية.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، التوصل إلى اتفاق مع الصين بشأن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المُصدّرة بين البلدين.

وأوضح ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال"، أن الاتفاق يقضي بفرض واشنطن رسوما جمركية بنسبة 55 بالمئة على السلع الصينية وبكين بنسبة 10 بالمئة على السلع الأمريكية.

وأضاف ترامب أن الاتفاق رهن الموافقة النهائية منه ومن الرئيس الصيني شي جين بينغ.


ولفت إلى أن الصين ستزود بموجب الاتفاق الولايات المتحدة الأمريكية بالمعادن الأرضية النادرة، بينما ستسمح واشنطن للطلاب الصينيين بالالتحاق بكلياتها وجامعاتها.

ومطلع نيسان/ أبريل الماضي، أعلن ترامب، فرض رسوم جمركية إضافية على عدد من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وفي مقدمتهم الصين، التي ردت بفرض رسوم مماثلة، ما أدى إلى تصعيد متبادل رفع الرسوم الأمريكية على الصين إلى 145 بالمئة، والصينية على الولايات المتحدة إلى 125 بالمئة.

وعلى خلفية هذا التصعيد، اجتمع ممثلون من البلدين بجنيف في 10 و11 آيار/ مايو الفائت، وأسفرت المحادثات عن اتفاق لخفض الرسوم الجمركية المتبادلة مؤقتًا لـ90 يومًا، بدءًا من 14 آيار/ مايو، بحيث تُخفّض الرسوم الأمريكية على البضائع الصينية إلى 30 بالمئة، وتُخفّض الرسوم الصينية على البضائع الأمريكية إلى 10 بالمئة.

مقالات مشابهة

  • الصين تؤكد التزامها تجاه أفريقيا وتعرض إلغاء الرسوم الجمركية
  • ترامب يعيد قضية الرسوم الجمركية الأحادية إلى الواجهة.. ما القصة؟
  • معركة الرسوم الجمركية تهدأ مؤقتاً.. ماذا يعني الاتفاق الأمريكي الصيني للأسواق؟
  • الصين: محادثات لندن التجارية أحرزت تقدما في حل الخلافات مع الولايات المتحدة
  • اتفاق أمريكي صيني بشأن الرسوم الجمركية.. هذه تفاصيله
  • هل انتهت أزمة الرسوم الجمركية؟ ترامب يعلن عن اتفاق شامل مع الصين
  • أزمة الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق مع الصين
  • ترامب يعلن توصل أمريكا إلى اتفاق تجاري مع الصين بعد حرب الرسوم
  • حول الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن عن اتفاق مع الصين بانتظار موافقة الرئيس شي جين بينج
  • عاجل | بلومبيرغ عن مصادر: الولايات المتحدة والصين تؤكدان التوصل إلى توافق لتنفيذ اتفاق جنيف بشأن الرسوم الجمركية