الوجه الاستعماري.. ترامب يقدم الحقيقة الأمريكية بلا مواربة
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
يمانيون/ تقارير يقدّم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحقيقة الأمريكية بلا مواربة؛ بلا رتوش، يقدّمها على ما هي عليه من روح استعمارية إمبريالية، تطغى على ما هي عليه من خداع.
كشفت تفاصيل لقائه بالعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أن ترامب باستعراضاته وعدم التزامه بنواميس الدبلوماسية، وتجرأه على ضوابط العلاقات الدولية، أن هذه هي أمريكا بوجهها القبيح، إذ أن كل تلك الاستعراضات البهلوانية، هي جزء من الحقيقة الأمريكية، التي تريد أن تدير العالم، وكأنه مسرح عرائس (أراجوز).
تحدث ترامب في تصريحات سابقة ملتزمًا بشراء غزة وامتلاكها، هكذا بكل صفاقة، وكأنه تاجر عقار، وليس رئيس دولة؛ لكنه فيما بعد قال إنه لا يوجد شراء، مشيرًا إلى أن رغبته بالامتلاك والتطوير مازالت قائمة؛ وهو بهذا الأسلوب يعتمد على التهديد بسقف أعلى، والمقايضة على ما دون ذلك؛ وهو ما أكده قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائلًا: “ترامب يعبّر عن التوجهات الأمريكية بشكل صريح ومكشوف، لأن العادة في الأسلوب الأمريكي هو اعتماد الخداع، وأن يكون هناك غطاء بعناوين زائفة”.
وهذا يؤكد مدى إدراك السيد القائد لواقع الحال الأمريكي، وما يرمي إليه؛ كما يؤكد ضرورة التعامل معه انطلاقًا من المعرفة بالحقيقة الأمريكية، قائلًا: “يجب أن يكون هناك حذر من الأساليب الأمريكية وأن يتجه الجميع للوقفة الصحيحة تجاه ما يطرحه الأمريكي”، معتبرًا أن “الأسلوب الأمريكي يهدف إلى تحقيق مكاسب مرحلية لم ينجح في الوصول إليها”، مشيرًا إلى أنَّ “الأسلوب الأمريكي والإسرائيلي هو أسلوب مخادع يطرح أحيانًا سقفًا أعلى ثم يدخل أيضًا لمقايضات ومساومات على حساب القضية الفلسطينية”.
عندما سأل مراسل وكالة “رويترز” ترامب: ما هي السلطة التي تعتمد عليها فيما يتعلق بغزة؟ أجاب ترامب: السلطة الأمريكية. وبهاتين الكلمتين أماط اللثام عن الوجه الاستعماري الحقيقي للهيمنة الأمريكية؛ وهي هيمنة لا تعترف بالقوانين الدولية، هيمنة تؤكد إصرار أمريكا على التمسك بالنهج الاستعماري القبيح للغرب.
لقد جاء حديثه وكأنه مَن يحكم زمام العالم، وفق رؤية لا تحترم سيادة وحقوق أي دولة؛ انطلاقاً من رؤية أُحادية، وتلك الرؤية الأحادية هي جزء من أبجدية الحقيقة الأمريكية.
بل إن إصراره على التهجير يعكس تلك الرؤية بشكل فج؛ وهي رؤية عبثية، وتنطوي في ذات الوقت على جهل عميق بالجغرافيا السياسية للمنطقة والجغرافيا السياسية لفلسطين؛ وهو ما يمكن اعتباره بشكل أدق تجاهلًا، وذلك انطلاقًا من نزعة عنصرية، والعنصرية ليست غريبة؛ فتلك هي الحقيقة الأمريكية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الحقیقة الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
نيويورك: إسلام الشافعي
في خطوة تعيد رسم خريطة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا بعنوان «ضمان إطار وطني للسياسة الخاصة بالذكاء الاصطناعي»، يهدف إلى ترسيخ هيمنة واشنطن في هذا القطاع عبر تقليص سلطة الولايات في سنّ قوانينها المنفردة. يأتي الأمر استكمالًا لمسار بدأه ترامب في يناير 2025 بالأمر التنفيذي 14179 «إزالة العوائق أمام قيادة أمريكا في الذكاء الاصطناعي»، الذي ألغى عددًا من سياسات الإدارة السابقة واعتبر أنها تعرقل صناعة الذكاء الاصطناعي وتكبّل الابتكار.
يقدّم الأمر التنفيذي الجديد رؤية واضحة: الولايات المتحدة تخوض سباقًا عالميًا على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وأي «ترقيع تنظيمي» على مستوى الولايات من شأنه إضعاف الشركات الأميركية في مواجهة منافسيها الدوليين. الإدارة ترى أن تعدد القوانين بين ٥٠ ولاية يخلق عبئًا تنظيميًا معقدًا، خاصة على الشركات الناشئة، ويحوّل الامتثال القانوني إلى متاهة مكلفة تهدد الاستثمارات التي تقول الإدارة إنها بلغت تريليونات الدولارات في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.
يلفت الأمر التنفيذي النظر بشكل خاص إلى تشريعات بعض الولايات، وعلى رأسها قانون في كولورادو يستهدف «التمييز الخوارزمي» في أنظمة الذكاء الاصطناعي. ترامب يهاجم هذا النوع من القوانين بوصفه محاولة لفرض «انحياز أيديولوجي» على النماذج، بل يذهب إلى القول إن متطلبات تجنّب «الأثر التفاضلي» على الفئات المحمية قد تجبر الأنظمة على تقديم نتائج خاطئة أو غير دقيقة من أجل استيفاء الاعتبارات القانونية.
لتنفيذ هذه الرؤية، يكلّف الأمر التنفيذي وزارة العدل بإنشاء «فريق تقاضٍ للذكاء الاصطناعي» تكون مهمته الوحيدة الطعن في قوانين الولايات التي تتعارض مع السياسة الفدرالية الجديدة، سواء بحجة انتهاك سلطة الحكومة الاتحادية في تنظيم التجارة بين الولايات، أو بحجة تعارضها مع اللوائح الفدرالية القائمة، أو أي أسباب قانونية أخرى تراها الوزارة مناسبة. بالتوازي، يطلب من وزارة التجارة إعداد تقييم شامل لقوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات، مع تحديد تلك التي تُلزم النماذج بتعديل مخرجاتها الصحيحة أو تجبر المطورين على إفصاحات يُحتمل أن تصطدم بالتعديل الأول للدستور الأمريكي وحماية حرية التعبير.
أحد أكثر بنود الأمر إثارة للجدل هو ربطه بين موقف الولايات التشريعي من الذكاء الاصطناعي وبين إمكانية حصولها على تمويل اتحادي في مجالات حيوية، مثل برنامج «الإنصاف في النطاق العريض وإتاحته ونشره» (BEAD) المخصص لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. فالأمر التنفيذي يفتح الباب أمام حرمان الولايات ذات القوانين «المُرهِقة» من بعض التمويل غير المخصص للبنية التحتية المباشرة، بذريعة أن البيئة التنظيمية المجزأة تهدد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الشبكات فائقة السرعة وتعطّل هدف تحقيق اتصال شامل للمواطنين.
ويمضي الأمر أبعد من ذلك، إذ يدعو هيئات فدرالية مثل لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة التجارة الفدرالية إلى بحث وضع معايير وطنية ملزمة للإبلاغ والإفصاح عن نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون لها الأسبقية على القوانين المتعارضة في الولايات، وإلى توضيح متى تُعتبر قوانين الولايات التي تفرض تعديل المخرجات «الحقيقية» للنماذج نوعًا من الإلزام بالسلوك المضلِّل المحظور بموجب قانون التجارة الفيدرالي.
في الخلفية، تلوّح الإدارة أيضًا بمسار تشريعي طويل الأمد؛ إذ يوجّه الأمر المستشار الخاص بالذكاء الاصطناعي والتشفير، ومستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، لإعداد مشروع قانون يضع إطارًا فدراليًا موحدًا للذكاء الاصطناعي يَسمو على قوانين الولايات المتعارضة مع هذه السياسة، مع استثناءات تتعلق بحماية الأطفال، والبنية التحتية للحوسبة، واستخدام الحكومات المحلية للذكاء الاصطناعي.
بهذا، لا يقتصر الأمر التنفيذي على كونه وثيقة تنظيمية تقنية، بل يتحول إلى محطة جديدة في الصراع بين الحكومة الفدرالية والولايات حول من يملك الكلمة العليا في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في أميركا، بين من يرى أن التساهل التنظيمي شرطٌ للحاق بالسباق العالمي، ومن يخشى أن يتحول ذلك إلى فراغ رقابي يترك الحقوق المدنية والبيانات الحساسة دون حماية كافية.
و بينما تصف إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية الابتكار الأميركي وتفادي “فسيفساء تنظيمية” تعطل الاستثمار، ترى حكومات ولايات ومجموعات حقوقية أن الأمر التنفيذي يضعف طبقة الحماية المحلية التي فُرضت استجابة لمخاوف حقيقية تتعلق بالتمييز الخوارزمي والخصوصية، ما يفتح جولة جديدة من الجدل القانوني والسياسي حول من يملك حق رسم قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
حذّرت حكومات عدد من الولايات من أن الأمر التنفيذي يعتدي على سلطاتها الدستورية في تنظيم شؤون مواطنيها، خصوصًا في مجالات حماية الخصوصية والتمييز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد مسؤولون في هذه الولايات أن القوانين المحلية لا تستهدف عرقلة الابتكار، بل وضع حدّ لاستخدامات قد تضر بالحقوق المدنية أو تعزز التحيّز ضد مجموعات بعينها.
ومن جانبها، سارعت المجموعات الحقوقية إلى انتقاد القرار، معتبرة أنه يمنح الشركات التكنولوجية حرية واسعة على حساب آليات المساءلة والشفافية، ويُضعف قدرة الضحايا المحتملين على مواجهة الأضرار الناجمة عن أنظمة خوارزمية متحيزة أو غير شفافة.
وترى هذه المنظمات أن ربط التمويل الفيدرالي بمواقف الولايات التشريعية قد يتحوّل إلى أداة ضغط سياسي تُستخدم لثني المشرّعين المحليين عن سنّ قوانين لحماية المستهلكين.