الشرق كما رآه روبرتس معرض يضم لوحات أثرية نادرة
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
عمّان، "العُمانية": يضم معرض الفنان ديفيد روبرتس حوالي أربعين لوحة متنوعة الأحجام تعود للقرن التاسع عشر الميلادي، وهي عبارة عن نسخ أصلية من الأعمال المنفّذة وفق تقنية الطباعة الحجرية "الليثوغراف".
تصوِّر أعمال روبرتس المعروضة في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، العديدَ من المواقع الأثرية في منطقة بلاد الشام، وبشكل خاص في الأردن وفلسطين، ومن هذه المواقع: الناصرة، بحيرة طبريا، البحر الميت، والبترا.
كان المستشرق الاسكتلندي ديفيد روبرتس، قد وصل إلى مصر في عام 1838، وبحلول عام 1839 انتهى من زيارة أراضي سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، وكان من أوائل الفنانين المستقلين والمحترفين الذين عاينوا الشرق من كثب، إذ وصل روبرتس إلى القدس في عيد الفصح عام 1839، بعد أن سافر من مصر عبر أرض سيناء المصرية والبترا الأردنية؛ ثم واصل رحلته شمالاً إلى لبنان وغادر بيروت في مايو من ذلك العام.
تُظهر رسومات روبرتس التي لقيت نجاحاً كبيراً واحتفاء واسع النطاق عند نشرها، قدرته على إنشاء تركيبات بصرية من مجموعة متنوعة من الموضوعات، وقد أنجز قرابة ثلاثمائة عمل فني نُشرت على أجزاء، ثم جُمعت في ستة مجلدات تحت عنوان "الأرض المقدسة، وأدوم، والجزيرة العربية، ومصر، والنوبة (1842-1849)".
وتميّز أسلوب الفنان بالواقعية والاعتناء بالتفاصيل، سواء من حيث البنية الشكلية أو الألوان المستوحاة من تلك المناظر الطبيعية، حيث عمد إلى الألوان المائية التي تمنح للشكل ظلالاً ممتدة، وركز على نقل التصميم للمشهد الطبيعي أو العمراني برؤية جريئة لا تخلو من دقة الملاحظة ومحاولة إبراز جماليات التصميم المعماري.
وبدا واضحاً في الأعمال المعروضة تأثر الفنان بشمس الشرق المضيئة، مع الاعتناء بنقل الزخارف والمنمنمات وفق أسلوب يحتفي بالتفاصيل الهندسية والأنماط البنائية والأبعاد التشكيلية سواء أكانت بسيطة مثل الأعمدة والمدرجات، أو معقدة كالتاجيات المنحوتة والأسقف المزينة بالنقوش والعقود المتداخلة.
وتبرز في رسومات روبرتس المزاوجة بين الواقع والخيال، حيث ترك الفنان دوماً مسحة روحية على أسطح أعماله، ونظرة حالمة أراد من خلالها نقل ذلك الخليط من المشاعر المتأتي من رؤية مشهد تمتزج فيها الحضارات السابقة باللاحقة، كأنه يحاول الحفر للوصول إلى منع الفن الإنساني.
كذلك اعتنى الفنان بالخطوط الأفقية والمستقيمة المحددة التي توحي بأهمية المكان أو المشهد موضوع اللوحة، ناقلاً الأشكال والأنماط والنماذج ضمن رؤيته الخاصة للفن، إذ يعتمد على الألوان الفاتحة لتصوير المسطحات الضوئية، ويبرز أبعاد الشكل من حيث الارتفاع والمساحة من خلال التجاور بين الألوان الداكنة والفاتحة، مع مراعاة أن ينسجم ذلك مع مفردتي الظل والضوء.
وتبدو المشاهد في لوحات روبرتس مكتملة ومنسجمة وذات أبعاد مدروسة تعتمد على الأشكال الهندسية من مربعات ومثلثات ودوائر، فهي تتحرر من المنظور الهندسي الصارم لتضجّ الرسومات بالحيوية والحياة، ويتحقق الانسجام بين مفردات الطبيعة وهندسة المناطق الأثرية مع ملامح الوجوه والملابس السائدة آنذاك وحركة السكان في الأسواق ومعيشتهم في البيوت وتنقلاتهم على الدواب.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الأزهر يوجه بترميم 100 أسطوانة نادرة للشيخ محمد رفعت.. لم تُذَع من قبل
وجَّه شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، بترميم مئة أسطوانة نادرة تضم قراءات لم تُذَع من قبل لفضيلة الشيخ محمد رفعت، والتي عُثر عليها حديثًا، وجاء ذلك خلال لقائه مع السيدةَ هناء حسين رفعت، حفيدة الشيخ محمد رفعت، في مقر المشيخة.
وأكَّد الشيخ الطيب، أن الأزهر لن يدَّخر جهدًا في حفظ تراث قراءات الشيخ محمد رفعت وصونها ونشرها بالصورة التي تليق بمكانة الشيخ الراحل رحمه الله، كما شدد على أن هذه الخطوة تأتي انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التاريخية في حفظ التراث القرآني لكبار القراء، وتقديرًا لقيمة الشيخ رفعت الذي يُعد علمًا بارزًا في سماء دولة التلاوة.
واستقبل الطيب بمشيخة الأزهر الحاجة هناء حفيدة الشيخ رفعت، حيث عبر لها عن تقديره لإمام المقرئين، وحرصه على رعاية تلاواته وترميمها، كما حضر اللقاء الأستاذ صفوت عكاشة راعي تراث المقرئين، كما شرفت بحضوره، إلى جانب عدد من قيادات الأزهر ومسؤوليه.
كما وجَّه الطيب، قيادات الأزهر بدراسة إطلاق مشروع شامل لحفظ التراث القرآني لكبار المقرئين، والتواصل مع الجهات المعنية لجمع التلاوات والقراءات التي لم تُنشر بعد، توثيقًا لهذا التراث وصونًا له للأجيال القادمة، وتمثل التسجيلات الموجه بترميمها نسبة كبيرة من التسجيلات المتاحة لهذا الصوت الفريد، وبترميم هذه الأسطوانات سيتاح ما يقارب 70 بالمئة من قراءة الشيخ محمد رفعت للمصحف الشريف.
القارئ الشيخ محمد رفعت
ولد الشيخ محمد رفعت في القاهرة سنة (1882م)، وعندما بلغ السنتين من العمر فَقَدَ بصره؛ ولمَّا آنس منه والده توجُّهًا لكتاب الله، دفع به إلى أحد الكُتَّاب ليعلمه تجويد القرآن، وفرغه لذلك، فأفلح الطفل، وحفظ كتاب الله ولمَّا يبلغ العاشرة من عمره.
وعندما توفي والده، وقعت مسؤولية الأسرة على عاتقه؛ ومع ذلك استمر فيما بدأ به، حتى عُيِّن في سن الخامسة عشرة قارئًا في أحد مساجد القاهرة، وذاع صيته، ثم إن الشيخ رحمه الله لم يكتف بما وهبه الله من صوت شجيٍّ، بل وجَّه اهتمامه لدراسة علم القراءات القرآنية، وقراءة أمهات كتب التفسير، ليكون ذلك عونًا له على قراءة كتاب الله وتجويده.
امتاز الشيخ -علاوة على ما كان عليه من عذوبة صوت- بأنه كان صاحب مبدأ سامٍ وخلق رفيع؛ فكان عفيف النفس، زاهدًا بما في أيدي الناس؛ فكان يأبى أن يأخذ أجرًا على قراءة القرآن، وقد أصيب الشيخ محمد رفعت ببعض الأمراض التي ألزمته الفراش، وحالت بينه وبين تلاوة القرآن، وبقي ملازمًا لفراشه حتى وافته المنية سنة (1950م)، بعد أن أمضى جُلَّ حياته قارئًا لكتاب ربه، وحاملًا لراية قرآنه.