تحقيق لـ: سلمى عبد العزيز

تصميم: محمد الحاج أحمد

إخراج بصري: وفاء خيري

بصوتٍ خافت خوفًا من كشفها، أرسلت المحكومة بالإعدام شنقًا نجاة علي (اسم مستعار ) من داخل سجنها، رسالةً صوتيةً قصيرةً عبر تطبيق “واتساب” إلى معدّة التحقيق، لا تتجاوز الثانيتين، اتبعتها كاتبة :”أنا سُجنت ظلمًا، اضطررتُ للعمل في ظروف الحرب القاسية لإعالة اخوتي ووالدتي المريضة و.

.”، لكنها لم تستطع إكمال حديثها حيث اقتربت منها السجّانة التي ترافقها كظلها، حتى إن رغبت في الذهاب إلى دورة المياه، وذلك منذ أن أصدرت محكمة بولاية نهر النيل الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني حكمًا عليها بالإعدام، بتهمة التخابر مع “قوات الدعم السريع”.

سكرين شوت لمحادثة المحكومة بالإعدام نجاة علي ( اسم مستعار) مع معدّة التحقيق

وثّقت معدّة التحقيق، قصص 15 امرأة ، أعمارهنَّ بين 18 – 70 عامًا، هربن من جحيم الدعم السريع بحثًا عن ملاذ آمن، فوجدن أنفسهن محتجزات في السجون، ومدانات بأحكام تصل عقوبتها للإعدام، بعضهنَّ تمت تبراءتهنَّ بعد أشهر من المعاناة قضينها خلف القضبان، فيما لا تزال تنتظر أخريات مصيرهنَّ.

وأصدرت محاكم في الولايات الخاضعة للجيش السوداني في كلاً من مدن (عطبرة وكسلا وبورتسودان والدامر والمناقل، وأمدرمان) أحكامًا بالإعدام شنقًا حتى الموت بحقّ النساء، بسبب العثور على (مقاطع فيديو، أو صور، أو وصفة طبية، أو تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي) عقب تفتيشهن من قبل عساكر نقاط التفتيش المنتشرة على امتداد الطرق المؤدية إلى تلك المدن، أو اعتقالهن لأسباب مختلفة. وتأتي هذه الأحكام جميعها بموجب المواد 50-51-26 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، وسط تشكيك محاميين في صِحة هذه المحاكمات ونزاهتها.

خريطة لمدن سودانية خاضعة لسيطرة الجيش والتي أصدرت محاكم فيها أحكام بالإعدام بحق النساء.

سُجنت الدر (24 عامًا) التي تعمل كـ “فني مختبرات طبّية” في 13 مايو/أيار 2024، عندما كانت تحاول النزوح مع عائلتها من منطقة عِد بابكر في محلية شرق النيل في شمال  شرق العاصمة الخرطوم، تخضع أجزاء منها لسيطرة “قوات الدعم السريع” إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، هربًا من انتهاكات القوات غير النظامية.

المحكومة بالإعدام الدر حمدون

عند وصول الأسرة إلى مدينة الدامر، تم تفتيشها مع أسرتها، يقول شقيق الدُر : “أفرغوا جميع حقائبنا وفتّشوها بدقّة ليعثروا على وصفة دواء في حقيبة اليد التي كانت تحملها الدُر، و”طلقة” قالوا إنهم وجدوها داخل حقيبة ثياب شقيقتها الصغيرة مريم، أخبرتهم الدُر أنها لا تعلم عن الطلقة شيئًا، وأنها كانت تعمل في مختبر طبّي، في شرق النيل، وأن وصفة الدواء تعود لشخص طلب منها تسليمها لآخر، وعندما لم تجده وضعتها في حقيبتها ونُسِيت مع مرور الوقت. لكنهم اتهموها بالتعاون مع “قوات الدعم السريع”، وتم ترحيلها إلى قسم الشرطة بمدينة عطبرة الذي احتجزت فيه لـ 26 يومًا قبل تحويلها إلى سجن النساء والحكم عليها بالإعدام.

تقول فاطمة محمد، والدة الدر: “غادرتُ وأبنائي منزلنا في منطقة (العزبة طيبة الاحامدة) بمدينة الخرطوم بحري إلى منزل أقربائي بشرق النيل بعد شهر من اندلاع الحرب عندما بدأ أفراد الدعم السريع باقتحام المنازل. مكثنا هناك لأشهر، لكنهم كانوا يتهمون الشباب الذين يرفضون العمل معهم بالتخابر لصالح الجيش، لذا قررتُ مغادرة همام وشقيقاته خوفًا من استهدافه”.

فيديو مقابلة والدة الدر، السيدة فاطمة محمد

الحكم بالإعدام مرتين

بيِّنات الاتهام ضد الدُر حمدون هي (وصفة طبية) و(طلقة) فقط، ولا تحتوى الوصفة الطبية على اسمها، وهي خالية من أي تاريخ، كما أنها معنونة بترويسة مكتوب عليها (القائد العام للقوات المسلحة) ما يُشير إلى أنها تعود لفترة قبل الحرب.

وفي 11أغسطس/آب 2024 أصدرت المحكمة العامة حكمًا بالإعدام شنقًا ضد الدر حمدون لمخالفة المادة (51) من القانون الجنائي السوداني للعام 1991، استنادًا على البيِّنات المذكورة آنفًا. تم استئناف هذا الحكم لدى “محكمة الاستئناف” المكونة من ثلاث قضاة، أدلى كلاً منهم برأيه.

رأي القضاة الثلاثة

وجاء القرار الأخير لـ “محكمة الاستئناف” بإرجاع ملف القضية إلى المحكمة العامة لتوجيه التُهم المناسبة، والتي وجهت إليها هذه المرة تهمًا بمخالفة المواد 50/51/26. وبعد عُدة جلسات، أصدرت المحكمة العامة للمرة الثانية حكمًا بالإعدام شنقًا ضدها. و للمرة الثانية أيضاً تنتظر الدُر حمدون قرار محكمة الاستئناف الذي لم يصدر حتى الآن.

على أي أساس حُكم على الدر بالإعدام؟

تتعلق المادة (50) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 ـ تعديل 2020 ـ كما هو موضح على النسخة المنشورة بالجريدة الرسمية لحكومة السودان العدد 1904 الصادر بتاريخ 13 تموز/ يوليو بتقويض النظام الدستوري، وتنص على أن “من يرتكب أي فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد أو بقصد تعريض استقلالها أو وحدتها للخطر، يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله”.

أما المادة (51) فتتعلّق بإثارة الحرب ضد الدولة، وتنص على أنّه “يعد مرتكبًا جريمة إثارة الحرب ضد الدولة ويعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أوالسجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله من:

(أ) يثير الحرب ضد الدولة عسكريًا بجمع الأفراد أو تدريبهم أو جمع السلاح أو العتاد أو يشرع في ذلك أو يحرض الجاني على ذلك أو يؤيده بأي وجه، أو

(ب) يعمل بالخدمة العسكرية أو المدنية لأي دولة في حالة حرب مع السودان أو يباشر معها أو مع وكلائها أي أعمال تجارية أو معاملات أخرى، أو

(ج) يقوم في داخل السودان، دون إذن من الدولة، بجمع الجند وتجهيزهم لغزو دولة أجنبية أو يقوم بعمل عدائي ضد دولة أجنبية يكون من شأنه أن يعرض البلاد لخطر الحرب، أو

(د) يخرب أو يتلف أو يعطل أي أسلحة أو مؤن أو مهمات أو سفن أو طائرات أو وسائل نقل أو اتصال أو مبان عامة أو أدوات للمرافق العامة كالكهرباء أو الماء أو غيرها بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي .

وتخصّ المادة (26) المعاونة، وتنص على : (كل من يعاون على ارتكاب أي فعل، يشكل جريمة بقصد تسهيل وقوعها ، تطبق بشأنه أحكام المادة( 25 ) الخاصة بالتحريض، ويعاقب بالعقوبة المقررة للمحرض بحسب الحال).

يقول الخبير في القانون الدولي وحقوق الإنسان المعز حضرة: “إن كافة أحكام الإعدام الصادرة مؤخراً هي عبارة عن أحكام ظنية ولم تقم على أُسس منطقية، ولو طبق القاضي الذي أصدرها مبدأ المحاكمة العادلة لقام بشطب البلاغات”.

وأضاف حضرة، أن السلطة القضائية والنيابية في السودان أصبحت “مخلب قط” لتنفيذ توجيهات السلطة السياسية، لافتًا إلى أن مثل هذه المحاكمات تُرسل رسائل سالبة بأنه لا يُوجد قضاء عادل ومحايد في السودان، وقال أيَضًا: “لا يمكن محاكمة امرأة بالإعدام لوجود صور أو محادثة على هاتفها فقط”.

كما كشف عن منع بعض المتهمين من مقابلة محاميهم، والقبض على محاميين حاولوا الدفاع عن بعض المتهمين.

كما أن إجراءات السلطات السودانية، بما في ذلك أحكام الإعدام، والاعتقال والتفتيش دون إذن من النيابة العامة، أو الاحتجاز لفترات طويلة دون توجيه تهمة، أو تدوين بلاغات استنادًا على أدلة غير كافية لا تتوافق مع نصوص المواد الموجهة إليهن، تخالف عددًا من القوانين والمواثيق الدولية الموقع أو المصادقة عليها السودان، ومنها المواد 6.(1)، 6 .(2)، 9.(1)، 10.(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمواد (6)، و 7 (1. د)، 7 (2) ، و(26) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (ميثاق بانجول).

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مواد ميثاق (بانجول)

 

 

 

 

16 امرأة واجهنَ الإعدام!

أكملت غفران عثمان (21 عامًا) شهرها السابع في سجن للنساء بولاية (كسلا) شرقي السودان بعيدة عن طفلتها مستبين ذات الثلاث سنوات، في انتظار قرار محكمة الاستئناف بعد أن أصدرت المحكمة العامة حكمًا ضدها بالإعدام شنقًا بسبب ترحمها على قائد بقوات الدعم السريع اتهمت على أثره بالتعاون معها.

غفران عثمان – الصورة مقدمة من والدها

واعتُقلت غفران، مساء الثامن من يوليو/ تموز 2024، بعد مداهمة منزلها، واقتيادها لمقر القوات الخاصة بمدينة حلفا، وهناك أخرج ضابط من هاتفه “لقطة شاشة” لتعليق قال إنه يعود لها وهي تترحم على قائد الدعم السريع علي يعقوب، ثم بدأ التحقيق معها لساعات طويلة وترحيلها إلى مايُعرف بـ “الخلية الأمنية” بمدينة كسلا.

وبعد 49 يومًا من الاحتجاز داخل الخلية، تم نقلها إلى مقر (المباحث المركزية) في زنزانة منفردة، لتنقل بعدها إلى سجن النساء بمدينة (كسلا)، لتبدأ جلسات المحاكمة الاستماع للشهود ومنهم مهندس يتبع لنيابة المعلوماتية بمدينة كسلا ، والذي نفى أن تكون لقطة الشاشة التي تظهر الترحم على قائد الدعم السريع تم إخراجها من هاتفها، وفي 11 نوفمبر 2024، أصدرت محكمة الجنايات بمدينة كسلا حكمًا بالإعدام شنقًا ضدها بموجب المواد 50\51 من القانون الجنائي السوداني.

برًّرت المحكمة حكمها بالإعدام، لتأييد غفران “قوات الدعم السريع” استنادًا إلى “لقطة الشاشة” ذاتها وبعض التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي. بحسب محاميها، الذي تابع: “هذه المبرًّرات لا ترتقى للإدانة بالإعدام، ارتكب القاضي خطًأ قانونيًا فادحًا، ونحن بانتظار قرار محكمة الاستئناف الذي لم يصدر حتى الأن”.

وبتاريخ 28/ يناير/ كانون الثاني/ 2025 تم ترحيل غفران عثمان من سجن كسلا الذي ظلت محتجزة فيه قُرابة أربعة أشهر إلى سجن بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة.

تقول عضوة المكتب التنفيذي لمحامي الطوارئ، رحاب المبارك إن 16 حكمًا بالإعدام صدر ضد نساء في ولايات (البحر الأحمر والشمالية وكسلا والقضارف والنيل الأبيض ونهر النيل والمناقل بولاية الجزيرة، وكرري شمالي أم درمان بولاية الخرطوم)، موضحةً أن عشرات النساء في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق يواجهن أحكامًا مماثلة، فيما لا تزال أخريات قيد الاعتقال في انتظار المحاكمة.

وأضافت المبارك، أن الخلية الأمنية بمدينة الدمازين – ولاية النيل الأزرق اعتقلت في الثاني من يناير 2025 خمس نساء وتعرّضنَ للتهديد بالسجن عشر سنوات، إن لم يعترفن بتعاونهن مع “قوات الدعم السريع”، وكشفت عن امتلاء السجون والمعتقلات في مدينة الدمازين بالنساء ورفض السلطات الأمنية لمنظمة الصليب الأحمر زيارة النساء المعتقلات.

وتُرجح المحامية إقبال محمد علي، تزايد عدد النساء المختفيات في الفترة الأخيرة بسبب الاعتقال غير القانوني الذي تمارسه السلطات الأمنية في السودان، تقول: “جزء من النساء المختفيات قسريًا يتم اعتقالهن واحتجازهن ومحاكمتهن بالإعدام بمثل هذه المواد المستندة على بيِّنات غير كافية لا ترتقي لمستوى الادانة”.

مقتل الابن والحكم على الأم بالإعدام

صباح الثاني من سبتمبر 2023 أسقطت طائرة حربية براميلًا متفجرةً على ميدان يلعب به أطفال في منطقة (الكلاكلة ود العَقلي) شرقي العاصمة الخرطوم، ما أدّى لمقتل عدّة أطفال، بينهم طفل يبلغ عمره 14عامًا، ابن السيدة عائشة محمد ( اسم مستعار ) 32 عامًا، مع صديقه. تذكر (عائشة ) ذلك اليوم وتقول: “خرجتُ فوجدت أشلاء الجثث مبعثرة على الأرض، لم تكن هناك جثة كاملة جميعهم ممزقون، هنا كف يد، وهناك فروة رأس، وعلى بعد مسافة جزء من قدم، حتى الأشجار المحيطة بالميدان احترقت وتفحمت”.

تم نقل أشلاء الجثث إلى المستشفى التركي القريب من المنطقة، وهناك أجبر أفراد من “الدعم السريع” عائشة على تصوير فيديو انتقدت خلاله القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، لم يكن أمامها خيار آخر، لأنها كانت تريد استلام جثة ابنها وتخاف على زوجها الذي يعمل في الشرطة القضائية فصوّرت الفيديو.

والد الطفل القتيل يحمل جثمانه

لم تستطع عائشة البقاء في تلك المنطقة بعد مقتل ابنها، فانتقلت إلى منطقة القوز احدى قرى ولاية الجزيرة ، ومنها إلى ولاية كسلا ثم إلى مصر، حيث كانت تريد الابتعاد لنسيان حادثة مقتل ابنها لكنها لم تستطع فعادت إلى كسلا مرة أخرى. وبعد أسبوع بلغت جارتها عنها طمعًا بمبلغ 400 ألف جنيه سوداني وقطعة الأرض التي خصصها والي الولاية كحافز لكل من يبلغ عن أي شخص يعتقد أنه متعاون مع “قوات الدعم السريع”.

اعتقلت عائشة في مقر “الخلية الأمنية” بمدينة كسلا، ضمن مكان على شكل صفوف دراسية، وتم وضعها داخل فصل لا يوجد فيه كهرباء أو مياه للشرب أو حتى أسرّة نوم، وتقول: “كنت أفرش ثوبي على الأرض وأنام، تمت معاملتي بقسوة، اسمعوني شتائم لا أستطيع نطقها، قالوا لي انت “متعاونة“، كنت أحاول أن أوضح لهم أنني فقط أم قتل ابنها، لكنهم كانوا يقولون لي أنت كاذبة، ويأتي أحدهم لضربي، وأخر لشتمي، أعاني الآن من ألم في قدمي اليمنى بسبب ضربي بعصا من قبل أحد العساكر، عذبوني لدرجة أنني تمنيت أن أموت.

بعد ذلك تم تحويلها إلى المحكمة، استمرت محاكمتها لثمانية جلسات، تقول عائشة إن القاضي اتهمها بالكذب وادعاء مقتل ابنها بالرغم من أنه على قيد الحياة، وتساءلت متعجبة هل توجد أم تتمنى لابنها الموت بهذه الطريقة؟!، وتابعت: “قدمت للمحكمة صورة من شهادة ميلاده ورقمه الوطني، وصورة شخصية له، وصورة أخرى لجثمانه الممزق داخل كيس، لكنه أصر على موقفه.

سجون سيئة السمعة

لم تستطع والدة الدُر حمدون مقاومة دموعها وهي تروي معاناة ابنتها داخل سجن النساء بمدينة عطبرة الذي أُحتجزت فيه قُرابة ستة أشهر قبل ترحيلها إلى سجن بورتسودان مطلع يناير/ كانون الثاني/ 2025.

تقول السيدة فاطمة محمد: “تنام ابنتي على الأرض لعدم وجود أسرّة أو حتى مفارش داخل السجن، ما تسبب لها باحمرار في الجلد بدا واضحًا جدًا خلال زيارتها الأخيرة لها، إلا أن ذلك كله لا يعد أكثر صعوبة من وجود الثعابين داخل السجن، تمسح السيدة دموعها وتكمل: “قالت لي ابنتي، توجد ثعابين داخل السجن يا أمي، تخرج أثناء نومنا على الأرض فنستيقظ فزعين”.

تعاني (الدر) منذ طفولتها من نقص في الكالسيوم ومشاكل صحية في الأسنان واللثة ما يجعلها تحتاج لعدد من الفيتامينات بشكل شهري، لكنها غير متوفرة في السجن، تقول والدتها: “لم نستطع توفيرها لها منذ أشهر”.

الأوضاع داخل سجن النساء بمدينة كسلا الذي سُجنت فيه غفران عثمان لأربعة أشهر لا تختلف كثيرًا عن سجن عطبرة، ووفقًا للمحامية رحاب المبارك فان حالة غفران الصحية سيئة للغاية، وذلك بسبب طول مدة احتجازها التي استمرت لـ7 أشهر منذ تاريخ اعتقالها، وقالت المبارك إن الفتاة بجانب تدهور صحتها و إصابتها بالتهاب حاد تطلب أخذ المحاليل عبر الوريد، فإنها لا تزال تعاني من مضاعفات (حمى الضنك) التي تعرضت لها أثناء النزوح المتكرر، هذا إضافة إلى تدهور وضعها النفسي بسبب ابتعادها عن طفلتها.

بتفويض من القوات المسلحة السودانية

وفقًا لمستند حصلت عليه معدّة التحقيق فإن النيابة المختصة رفعت أوراق البلاغ لمحاكمة غفران عثمان وأسندت إليها تهمًا تحت المواد 50\51 بعدما أفاد المبلغ المفوض من القوات المسلحة السودانية بأنها تدعم قوات الدعم السريع المتمردة.

وأكد محامو دفاع عن محكومات بالإعدام – تحدثت معهم معدّة التحقيق-، أن المبلغ عنهن أشخاص مفوضين من القوات المسلحة السودانية لتدوين بلاغات ضدهنَّ بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

عرضت معدّة التحقيق ما لديها من شهادات وحقائق حول قضية أحكام الأعدام التي صدرت بحق نساء سودانيات دون أسس وأدلّة متينة، على القوات المسلحة، إلّا أنّها لم تتلقَّ أي رد حتّى لحظة نشر التحقيق.

الوسومالدر حمدون الدعم السريع السجون السودان القوات المسلحة النيابة بورتسودان كسلا محامو الطوارئ

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع السجون السودان القوات المسلحة النيابة بورتسودان كسلا محامو الطوارئ قوات الدعم السریع محکمة الاستئناف ا بالإعدام شنق ا المحکمة العامة القوات المسلحة حکم ا بالإعدام بمدینة کسلا سجن النساء المسلحة ا على الأرض لم تستطع المواد 50 أحکام ا ر حمدون إلى سجن

إقرأ أيضاً:

تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،، الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية

تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،،
الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية..
مخاوف تنتاب ذويهم جراء الظروف القاسية التي تواجه الأسرى..
ضغوط محلية وإقليمية عبر مذكرتين للبرهان ومُفوَّض الاتحاد الأفريقي..
مطالب بتسليم الملف لرئيس الوزراء ليكون أحد مفاتيح الحل السياسي..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
بعد مرور أكثر من شهرين على تحرير العاصمة الخرطوم وإعلانها خالية من ميليشيا الدعم السريع، بدأت جيوش القلق تجتاح نفوس الأسر والعائلات الذين كان أبناؤهم محتجزين لدى ميليشيا الدعم السريع لفترات متفاوتة في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم وضواحيها، وتزداد مخاوف هذه العائلات عن مصير أبنائهم في ظل الحديث المتواتر عن ترحيلهم القسري إلى مدينة نيالا، حيث اتخذتهم ميليشيا آل دقلو دروعاً بشرية لتفادي خطر القصف الجوي من سلاح الطيران أثناء مغادرتهم العاصمة في اتجاه الغرب، وبعد مرور أكثر من شهرين على ترحيلهم، تتفاقم مأساة هؤلاء الأسرى، وتخبو جذوة الأمل في نفوس عائلاتهم الذين لم يعودوا يطلبون إلا خيط، أو معلومة تطمئنهم على حياة أبنائهم.
ظروف إنسانية قاسية:
وكان الأسرى الذين تم العثور عليهم في مناطق صالحة وجبل أولياء عقب تحرير العاصمة الخرطوم، قد عانوا من ظروف قاسية ومخالفة لأدنى معايير المعاملة الإنسانية وفقاً لشهادات عدد من الأسرى الذين تم تحريرهم، حيث أكدوا أنهم قاسوا أوضاعاً مأساوية، افتقروا خلالها لأبسط مقومات الحياة، ما أدى إلى وفاة عدد منهم بسبب الجوع وانعدام الرعاية الصحية، ومن خرج منهم كان “عبارة عن هياكل عظمية”، نتيجة الجوع والعطش، وانعدام النوم، والتعرض المستمر للتعذيب النفسي، وسط تجاهل كامل لمتطلباتهم الإنسانية، وقد ظلت هذه الصور الإنسانية عالقة في النفوس، وهو ما يزيد طين القلق بلة لدى أسر وعائلات الأسرى الذين تم ترحيلهم إلى مدينة نيالا، خاصة وأن مصادر أكدت أن عملية الترحيل تمت عبر طرق برية وعرة، قطع خلالها الأسرى مئات الكيلومترات وهم في حالة صحية ونفسية بالغة التدهور دون الحصول على الغذاء الكافي أو الرعاية الطبية، الأمر الذي يجدد القلق والمخاوف من تفاقم أوضاعهم الصحية، خاصة في ظل تفشي الأمراض ونقص الدواء في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع.
مطالبة البرهان بالتدخل:
وفي الثالث والعشرين من يوليو الجاري وفي خطوة عكست حالة القلق الدائم والترقّب المؤلم والمخاوف التي تسللت إلى أفئدتهم وقلوبهم، وجهت أسر وعائلات الأسرى، نداءً إنسانياً مؤثراً إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وطالبوا في مذكرة لهم الرئيس البرهان بالتدخل العاجل للكشف عن مصير أبنائهم الذين انقطع الاتصال بهم منذ اندلاع الحرب، مشددين على ضرورة أن تتحرك الحكومة وأجهزتها المختصة بشكل فوري للكشف عن مصير أبنائهم المختفين منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تعرضهم لانتهاكات جسيمة قد تصل حد الإخفاء القسري أو التعذيب الممنهج، وأعربت أسر وعائلات المحتجزين لدى ميليشيا الدعم السريع عن قلقها البالغ على سلامة أبنائهم في ظل غياب المعلومات المؤكدة عن أوضاعهم، مناشدين كل من له تواصل أو اتصال أو تأثير على هذه القوات أن يُسارع بنقل صوتهم إليها، وأن يعمل على طمأنتهم عن ذويـهم من هؤلاء الأسرى، ويمكِّن الجهات المختصة من الوصول إليهم والاطمئنان على سلامتهم، مؤكدين أن قضية الأسرى من النظاميين والمدنيين قضية إنسانية بحتة، ولا ينبغي أن تكون رهينة للتجاذبات أو الصراعات.
مذكرة للاتحاد الأفريقي:
ولم يمضِ أسبوع على النداء الذي وجهه أسر وعائلات المعتقلين لدى ميليشيا الدعم السريع إلى الفريق عبد الفتاح البرهان، حتى عادت ذات الأسر والعائلات إلى مطالبة الاتحاد الأفريقي لتبني مبادرة إنسانية ترمي إلى إبرام صفقة تبادل بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، ودعوا في مذكرة قدمت إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي السفير محمود علي يوسف، التكتل القاري إلى الاضطلاع بدور قيادي في تسهيل مبادرة محايدة وخاضعة للرقابة الدولية لتبادل الأسرى بين أطراف النزاع في السودان، منوهين إلى القلق الذي ينتاب هذه الأسر والعائلات على سلامة أبنائها المحتجزين في ظل غياب المعلومات المؤكدة عن أوضاعهم، داعين الاتحاد الأفريقي إلى الدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة من المحتجزين، وخاصة الأطفال والنساء وذوي الإعاقة، بما يتماشى مع الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ومعايير القانون الدولي الإنساني.
دور حكومة الأمل:
ويطالب مراقبون بضرورة الدفع بملف الأسرى المعتقلين لدى ميليشيا الدعم السريع إلى رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، الذي يحمل على عاتقه مسؤولية انتشال البلاد من هذا النفق المظلم، وقالوا إن إدريس مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعطاء هذا الملف أولوية قصوى، ذلك أن ملف الأسرى ليس فقط قضية إنسانية وأخلاقية، بل أحد مفاتيح الحل السياسي وبوابة لبناء الثقة بين أطراف النزاع، الأمر الذي يتوجب على حكومة الأمل المدنية أن تضغط عبر الوسائل الدبلوماسية والمنصات الإقليمية والدولية لكشف مصير الأسرى وتأمين إطلاق سراحهم وفقاً لمواثيق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، مشددين على ضرورة أن تتحمل المنظمات الإنسانية والحقوقية، سواء المحلية أو الدولية، إضافة إلى الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية في هذا الملف، وإعمال ضغوط مستمرة على ميليشيا الدعم السريع للسماح بزيارة الأسرى، وضمان معاملتهم معاملة إنسانية، وفق ما نصت عليه اتفاقيات جنيف.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى النداءات الإنسانية المتكررة من قبل الأسر والعائلات، ضرورة مرحلية ملحة لما تُحدثه من تأثير سياسي وأمني كبير، فهي تعيد ملف الأسرى إلى واجهة الأحداث، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والإنسانية، كما تشكل ورقة ضغط داخلي على الميليشيا المتمردة لإبداء حسن النية عبر إطلاق سراح الأسرى، ذلك أنّ استمرار التعتيم على مصير المحتجزين يكرّس مزيداً من الألم ويعمّق جراح الوطن، وبالتالي فإنّ كل صوت يُرفع للمطالبة بالكشف عنهم، وكل جهد يُبذل لتحريرهم، هي مبادرة نحو استعادة إنسانية ضاعت في أتون الصراع، وخطوةٌ أولى على طريق طي تداعيات النزاع.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • جواهر المبارك في تسجيل تحدد مكان اعتقالها من قبل الدعم السريع
  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع “حميدتي” داخل منزله بالخرطوم
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
  • تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،، الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية
  • في "مصائد الموت".. هكذا امتهن جيش الاحتلال كرامة نساء غزة
  • جيمي لي كورتيس تتحدث عن الضرر الذي لحق بالنساء بسبب صناعة التجميل