لجريدة عمان:
2025-07-07@18:31:07 GMT

أوهام جو بايدن في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

سيمون تريسدول

ترجمة: أحمد شافعي

غريبة هي الطريقة التي يتراجع بها النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، إذ يبدو وكأنها تتبع مسار الانسحاب المهين السابق للإمبراطورية البريطانية من المنطقة نفسها. وكأنما بلاد المنطقة وقد تخلصت من إمبراطورية متعجرفة تتأبى الآن على إمبراطورية أخرى.

ففي بطء ولكن في ثبات، تؤكد الأنظمة الحاكمة استقلالها وحريتها في العمل، فمنهم من يفعل ذلك بديمقراطية والأغلبية بغير ذلك -مع التودد إلى حلفاء جدد.

ويكشف هذا بدوره عن تحوُّل جوهري إلى عالم عديد الأقطاب لا تعود فيه السيطرة حكرا على قوة عظمى منفردة.

في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يغرس أفراد من العائلتين الحاكمتين بلا هوادة صورة هوية متجانسة ويستعرضون القوة بالخارج من خلال المال والنفط والرياضة.

في إسرائيل، يقاتل القوميون اليهود المتشددون والمتطرفون دينيا من أجل الدفاع عن شخصية مستقبلية للدولة اليهودية متحدين رغبات واشنطن ومرددين أصداء الأيام الأخيرة للانتداب البريطاني.

وفي تركيا، يضع رجب طيب أردوجان -وهو وريث إمبراطورية مغلوبة أخرى- الغرب في مواجهة الشرق والشرق في مواجهة الغرب، متناوبا اللعب مع الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.

والرئيس الأمريكي بايدن منذ توليه السلطة في عام 2021، مدرك للنكبات الأمريكية الأخيرة وندوبها الباقية ومشغول بالصين وأوكرانيا، وهو ينأى عن الأزمات المستمرة في الضفة الغربية ولبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان. ويظل عهده الكبير الوحيد في الشرق الأوسط -أي إنقاذ الصفقة النووية الإيرانية التي خربها دونالد ترامب- عهدا لم يوف به. لقد قوض غزو مصر في عام 1956 وضع بريطانيا بوصفها قوة مهيمنة في المنطقة تقويضا مأساويا. فهل تقترب أمريكا من نقطة تحول سياسية أخرى تفقد بها أهميتها؟

ليس من المفاجئ -في ضوء الاعتقاد الراسخ بالتفوق الأمريكي، وإن يكن من غير الحكمة في ضوء اتجاه العصر، أن تكون إجابة بايدن على هذا السؤال هي: لا. فقد أطلق متأخرا للغاية دفعة طموحا إلى إعادة تأسيس القيادة الأمريكية في المنطقة.

وذلك، جزئيا، من أجل مواجهة نفوذ بكين وموسكو، وجزئيا من أجل تذكرة الحلفاء المحليين العصاة بمن يدينون له بأمنهم ورخائهم. ولكي يدعم ذلك، بعث الرئيس بايدن ثلاثة آلاف من القوات الإضافية إلى الخليج هذا الشهر وذلك في ظاهر الأمر لردع إيران، لكنه أيضا لإظهار من صاحب الزعامة.

الحسابات السياسية جارية هي الأخرى. ففي مواجهة إعادة انتخابه في السنة القادمة، يرجو بايدن أن يحقق ثلاثة نجاحات بعيدة الاحتمال. وهذا المغنم هو المعادل الدبلوماسي للتاج الثلاثي: «تفاهم» عملي بين الولايات المتحدة وإيران، صفقة سلام تاريخية بين السعودية وإسرائيل، وتحقيق فتح في ما يخص الدولة الفلسطينية.

ولنبدأ بإيران. كانت المحادثات التي أجريت في قطر من أجل إطلاق سراح أمريكيين في مقابل إلغاء تجميد أصول إيرانية بقيمة ستة مليارات دولار قد أحدثت تقدما كبيرا هذا الشهر. ويتردد أن الجانبين يناقشان إنهاء مبيعات الطائرات المسيرة الإيرانية لروسيا. ويقال إن الهدف النهائي هو إبرام صفقة ثنائية غير رسمية توقف برامج إيران النووية التسلحية المزعومة في مقابل رفع كامل للعقوبات الأمريكية، وهو أكثر ما يسعى إليه النظام الإيراني المهتز شعبيا واقتصاديا. والمحادثات مستمرة.

والشق الثاني المرتبط بهذا التحول في الشرق الأوسطي يتعلق بأعداء إيران القدامى أي السعوديين. لقد اعترى القلق الولايات المتحدة بسبب توسط صيني بين طهران والرياض وبسبب التعاون السعودي مع موسكو. ويريد بايدن أن يسترد الأمير محمد بن سلمان في جانبه مرة أخرى ويضمن تطبيعا للعلاقات على غرار الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل.

وتحقيقا لهذا الهدف، يتردد أنه يحوم حول معاهدة أمنية ودعم من الولايات المتحدة لبرنامج طاقة نووي سلمي سعودي، برغم المخاوف البديهية من الانتشار النووي. ويدق هذا التفكير أجراس إنذار في العاصمة الإسرائيلية. لكن جو لا يرى في ذلك مشكلة. فقد يشمل التطبيع السعودي الإسرائيلي ضمانات دفاع أمريكية وأسلحة متطورة للجانبين. وستكون له هو منفعة إضافية فيه هي تهميش الصين المزعجة.

لماذا يجدر بالولايات المتحدة أن تساعد النظام السعودي وتدافع، الإجابة هي أن التطبيع سوف يمثل فوزا كبيرا للرئيس في ما قبل الانتخابات، وخاصة حينما يتنصل بالعماد الثالث لخطته وهو دفع الدولة الفلسطينية قدما.

بنيامين نتانياهو -رئيس وزراء إسرائيل المحاصَر على المستوى المحلي- في أمسِّ الاحتياج إلى الصفقة السعودية. والسعوديون يصرون على إحراز تقدم ملموس باتجاه دولة فلسطينية. ويعارض شركاء نتانياهو في الائتلاف الحاكم تقديم أي تنازل، وهو لا يكاد يتواصل مع بايدن، بل إنه يخطط لزيارة الصين في أكتوبر نكاية فيه.

ومع ذلك، يبدو أن بايدن يفكر أنه قد يفوز بموافقة إسرائيلية على زيادة الحكم الذاتي الفلسطيني، وإيقاف خطط ضم الضفة الغربية، وربما إحياء عملية السلام القائمة على حل الدولتين في مقابل تقارب مع السعوديين، وخلع أنياب إيران، وتقديم ضمانات أمنية شاملة.

تبدو آمال بايدن في النجاحات الثلاثية أوهاما إلى حد ما. فبغض النظر عما لا يحصى له عدد من العوامل السلبية، ليس الوقت في صالحه. فشأن بقية العالم، يتساءل زعماء المنطقة الباحثون عن مصالحهم الشخصية إلى أي مدى سوف يبقى بايدن، وهل سيحل ترامب بدلا منه؟

كم تغيرت الأمور. ففي زمان ما، كانت الولايات المتحدة -شأن بريطانيا من قبلها- هي التي تضع القانون في الشرق الأوسط. لكن ذلك كان قبل الحادي عشر من سبتمبر والقاعدة، والعراق وأفغانستان، وصعود الصين وفلاديمير بوتين العنيد، وهجوم الاستبدادية عالميا على الديمقراطية وسيادة القانون.

فحتى حفنة من مدبري الانقلاب في النيجر قادرون على عصيان العم سام والنجاة بذلك في أيامنا هذه.

ومع ذلك، وباعتبارات أخرى، فإن هذا التحول موضع ترحاب. فلماذا لا تكون بلاد العالم الأقل قوة والمستقلة برغم ذلك بلادا حرة تراعي مصالحها في اختيار ولاءاتها بدلا من أن تساق كالقطعان في كتل دائمة وتحالفات تفتقر إلى المرونة ومعاهدات تنطوي على عداءات متبادلة؟ في هذه الأوقات التي لا تعترف بالمشاعر، ما الذي يمنع تعدد العلاقات؟

إن حقبة القوة العظمى الوحيدة المسيطرة «والبلد الذي لا غنى عنه» تشرف على نهايتها. وقد يبذل بايدن قصارى الجهد للحفاظ على النظام القديم، ولكن شأن «العصر الإمبراطوري» الضائع من بريطانيا فإن «القرن الأمريكي» الذي تضرب فيه جذور بايدن بعمق يولي وجهه أيضا صوب غيابات التاريخ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط من أجل

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط يترقب قرار “أبو صهيب” .. من هو؟

#سواليف

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية في #الشرق_الأوسط ومسؤولين إسرائيليين أن #عزالدين_الحداد ( #أبو_صهيب ) يتولى حاليا قيادة ” #كتائب_القسام” في قطاع #غزة.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العميد إيفي ديفرين، أن الحداد يشغل حاليا موقع القيادة الفعلية لـ”القسام” وحركة حماس بشكل عام في غزة.

وبحسب مصادر أمنية، شارك الحداد، وهو في منتصف الخمسينيات من عمره، في التخطيط لهجوم ” #طوفان_الأقصى ” في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، وأسر قرابة 250 آخرين بينهم جنود. فيما قتل أكثر من 883 جنديا إسرائيليا منذ بدء الهجوم على القطاع. وتشير التقديرات إلى أن الحداد يعارض أي اتفاق يتضمن الإفراج الكامل عن الأسرى الإسرائيليين دون وقف شامل للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

مقالات ذات صلة حرس الثورة: رد إيران على أي عدوان جديد سيكون ساحقاً وبلا خطوط حمر 2025/07/05

كما يشير صعود عز الدين الحداد في هرم القيادة داخل حركة حماس إلى أن الحركة ستتشبث بموقفها الرافض لإطلاق سراح جميع الأسرى دون وقف كامل للحرب. فالعقبة الأساسية أمام التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، كانت ولا تزال، مسألة ديمومة وقف إطلاق النار.

عز الدين الحداد

وبينما تضغط الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة، فإن القرار النهائي بيد عز الدين الحداد،  ويعتقد أن الحداد يعارض بشدة جهود إزاحة حماس من السلطة، ما يشير إلى أنه قد يعرقل أي محاولة للإفراج عن جميع #الأسرى المتبقين ما لم يتوقف القتال بالكامل ويتم سحب القوات الإسرائيلية من غزة.

وقال ميخائيل ميلشتاين، ضابط استخبارات إسرائيلي سابق مختص بالشأن الفلسطيني: “لديه نفس الخطوط الحمراء التي كانت لدى من سبقوه”. ويعتقد أن الحداد يتخذ من غزة مقرا لقيادته، وقد صرح في الأسابيع الأخيرة أنه لن يقبل إلا بـ”اتفاق مشرف” لإنهاء الحرب، وإلا فإنها ستتحول إلى “حرب تحرير أو حرب استشهاد”.

الحداد، المعروف بلقب “أبو صهيب”، يعد من القادة البارزين في الحركة، وكان يشغل منصب قائد منطقة غزة في الجناح العسكري. وهو واحد من آخر من تبقى من أعضاء المجلس العسكري الأعلى لحماس الذي أشرف على الهجوم في 7 أكتوبر.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن نجل الحداد الأكبر، صهيب، قتل خلال الحرب، كما أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في أبريل مقتل محمود أبو حسيرة، الذي وصف بأنه من أقرب مساعدي الحداد.

وفي مقابلة نادرة بثتها قناة “الجزيرة”، ظهر الحداد متحدثا باسم الحركة، مشيرا إلى أن حماس لن تقبل بأي تسوية لا تشمل وقف الحرب، وسحب القوات الإسرائيلية، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ورفع الحصار المفروض على غزة، والسماح ببدء عملية إعادة الإعمار.

وبحسب المسؤولين، يتحدث الحداد العبرية بطلاقة، ويعتقد أنه قضى بعض الوقت مع الإسرى المحتجزين في شمال غزة.

وفي ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث تجاوز عدد القتلى 56 ألفا بحسب وزارة الصحة في غزة، وتدهورت الأوضاع المعيشية بشكل كبير، كثفت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة جهودها لدفع الأطراف إلى قبول مقترح هدنة مبدئية لمدة 60 يوما، تستأنف خلالها المفاوضات بشأن تسوية دائمة. ولم تعلن حماس حتى الآن موقفا نهائيا من المقترح، فيما يواصل الوسطاء مساعيهم لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.

مقالات مشابهة

  • الحروب وخرائط التوازنات في الشرق الأوسط
  • الأحادية القطبية وسلام الشرق الأوسط
  • بزشكيان: إيران مستعدة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة ولكن هناك مشكلة ثقة
  • اليونيسف: كل 15 دقيقة.. طفل قتيل أو مُصاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • كل 15 دقيقة.. طفل قتيل أو مُصاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • من هو سيد الشرق الأوسط القادم؟
  • إيران تُفـْشِلُ محاولات ترامب ونتنياهو في إعادة تشكيل الشرق الأوسط بالقوّة
  • لعنة "الشرق الأوسط الجديد"
  • جهود وتحركات دبلوماسية مصرية مُكثفة تنقذ الشرق الأوسط من صراع شامل.. تفاصيل
  • الشرق الأوسط يترقب قرار “أبو صهيب” .. من هو؟