لا يزال مصير الأرشيف الوطني العراقي يكتنفه الغموض، وتثار حوله تساؤلات عديدة، أبرزها ما يتعلق بمصير جزء منه، وتحديدًا الأرشيف اليهودي، إذ تتردد أنباء عن إرساله إلى إسرائيل، وهو ما يقابله اتهامات عراقية للجانب الأميركي بتقديم حجج واهية وغير مبررة لعدم إعادته. وتأتي هذه الاتهامات رغم التأكيدات العراقية المستمرة على بذل أقصى الجهود لاستعادة الأرشيف الذي نقل بعد غزو العراق عام 2003.

ويشتمل الأرشيف على كمية من لفائف التوراة لمقاطع من سفر التكوين البالغ عددها 48، مكتوبة على جلد الغزال، وتقويمات باللغة العبرية، و7002 كتاب، ومجموعة من الخطب المطبوعة بشكل جميل طبعها حاخام في ألمانيا عام 1692م، وعشرات الآلاف من الوثائق المدرسية تعود إلى عشرينيات القرن الماضي حتى منتصف السبعينيات، وكتب مدرسية تربوية لمدارس الأليانس.

كما يضم 1700 تحفة نادرة توثق لعهد السبي البابلي الأول والثاني، وأقدم نسخة للتلمود البابلي، وأقدم نسخة للتوراة جلبت من فيينا عام 1568، ومخطوطات تاريخية، وسجلات شرعية تعود إلى قرون عدة تركها يهود العراق، وكتبا دينية وقصصا تعود إلى القرنين 18 و19، ومذكرات كتبت يدويا عام 1902، وكتاب صلوات عيد الفصح يعود إلى عام 1930 بالعبرية والفرنسية.

دار الوثائق والكتب العراقية تعرضت للتخريب بعد الغزو الأميركي (الجزيرة نت-أرشيف) شكوك غير مبررة

وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي أحمد فكاك البدراني أعرب عن استيائه الشديد إزاء الشكوك "غير المبررة" التي يبديها الجانب الأميركي بشأن قدرة العراق على تأمين الأرشيف الوطني، مؤكدا أن هذه الشكوك ليست سوى "حجج واهية" تهدف إلى إبقاء الأرشيف الوطني هناك لأطول فترة ممكنة، وذلك لجني الأرباح من خلال عرضه في المتاحف الأميركية.

وأوضح البدراني -في تصريح للجزيرة نت- أن الحكومة تبذل جهوداً حثيثة لاستعادة الأرشيف الوطني من الولايات المتحدة، والذي يتضمن الأرشيف اليهودي العراقي الذي أرسل إلى أميركا عام 2003 لأغراض الصيانة، ولكنه لم يعد حتى الآن بعد مرور أكثر من 20 عاماً.

وفي 6 مايو/أيار 2003 دخلت قوة أميركية قبوا تحت مقرّ المخابرات العراقية لتعثر على آلاف الوثائق والكتب المغمورة بالمياه، ومن ضمنها الأرشيف الوطني ليهود العراق، فاستولت عليه ثم نقلته إلى واشنطن بذريعة صيانته لكنها لم تعده حتى اليوم.

إعلان

وأشار الوزير إلى أنه في يناير/كانون الثاني 2025، تم تشكيل لجنة عراقية لاستعادة الأرشيف الوطني بعد الانتهاء من ترميمه وعرضه في عدد من المتاحف الأميركية. وذكر أن الأرشيف خرج من العراق بموافقة رسمية لمدة سنتين فقط لإجراء أعمال الصيانة، إلا أن الجانب الأميركي قدم مبررات لعدم إعادته حتى الآن.

القوات الأميركية عثرت عام 2003 على آلاف الوثائق والكتب مغمورة بالمياه داخل قبو تحت مبنى المخابرات العراقية ببغداد (رويترز)

وتابع القول إنه في أغسطس/آب 2024، طالبت هيئة الآثار العراقية بعودة الأرشيف خلال زيارة السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي إلى مقر الوزارة، وأكدت ضرورة عودته إلى العراق دون منح أي تمديد إضافي، موضحا أن الكرة الآن في ملعب الخارجية العراقية للمطالبة بإعادة الأرشيف في أسرع وقت.

وأكد البدراني أنه تم تشكيل لجان تفاوضية بين بغداد وواشنطن، تضم مسؤولين من مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الثقافة والسياحة والآثار وهيئة الآثار ووزارة الخارجية، بالإضافة إلى خبراء في علم المخطوطات.

وأشار إلى أن العراق قد حقق تحسناً ملحوظاً في الوضع الأمني، وأن الحكومة بسطت سيطرتها على كافة جوانب الحياة وأرست قواعد القانون، خاصة بعد دحر الإرهاب وتحسن استقرار المناطق، بالإضافة إلى وجود بنية تحتية محسنة لحفظ الأرشيف. وبالتالي، فإن الشكوك الأميركية حول قدرة العراق على تأمين الأرشيف الوطني لا أساس لها من الصحة.

ودعا البدراني الجانب الأميركي إلى التعاون مع العراق في استعادة الأرشيف الوطني، مؤكداً أنه يمثل جزءاً لا يتجزأ من التراث العراقي، ويجب أن يعود إلى موطنه الأصلي.

مجلد عن "الهاجاداه" أي الكتاب الذي يحتوي على قصة الخروج التوراتية (الأرشيف الوطني الأميركي) وثائق تسربت لإسرائيل وأخرى مزورة عادت للعراق

كشف الباحث في الشأن التأريخي العراقي قاسم بلشان التميمي عن تفاصيل خطيرة تتعلق بمصير الأرشيف الوطني العراقي، وتحديداً الأرشيف اليهودي، الذي يعود إلى عصور موغلة في القدم.

إعلان

وقال التميمي -في حديث للجزيرة نت- إن العراق يمتلك أرشيفاً وطنياً ثرياً يمتد إلى عصور موغلة في التاريخ، ويحتوي على مخطوطات ومنحوتات غاية في الأهمية لا توجد لدى أي أرشيف وطني آخر، مشيرا إلى أن الأرشيف العراقي متنوع بين وثائق منحوتة على الصخر أو على الجلود أو برديات، وهي أمور تكاد تكون معدومة في أرشيف أي دولة أخرى.

وأوضح أن الأرشيف العراقي ينقسم إلى قسمين: الأرشيف الخاص والعام، موضحا أن الأخير منتشر أو موزع لدى الدوائر والمؤسسات والوزارات الحكومية.

وتابع القول أنه عام 2003، وبعد أن احتلت أميركا البلاد وسقطت الدولة، وكان هذا العام حاسماً بخصوص أرشيف العراق، لأنه أصبح تحت أعين وأيد دولية، وبالتحديد أميركا وإسرائيل. حيث تم -حسب قوله- سرقة كل الأرشيف الوطني العراقي وسرقة آلاف الوثائق منذ فجر التاريخ إلى عام 2003.

التلمود البابلي من فيينا 1793يناقش القوانين المتعلقة بيوم الغفران اليهودي (الأرشيف الأميركي)

وبين أنه لعل أهم ما في الموضوع أن الأرشيف اليهودي الذي يحوي أكثر من 5 آلاف وثيقة وتحف نادرة توثق العهود اليهودية بكل دقة وتفاصيل، وخصوصاً سبي اليهود من خلال السبي البابلي الأول والثاني، مستدركا بالقول إن الأرشيف الوطني العراقي يحتوي آثاراً بعيدة جداً قبل السبي اليهودي، ولعل من أهمها نسخة التلمود.

ولفت إلى أن أميركا قامت بنقل هذه الوثائق والمخطوطات، وهي عشرات الآلاف، ووضعتها في صناديق معدة سلفاً لهذا الغرض، وقامت بشحنها، وهناك قسم آخر تم شحنه إلى إسرائيل، وخصوصاً الوثيقة أو كتاب التوراة الحقيقي بالإضافة للتابوت، مشيرا إلى أنها معلومة تُذكر لأول مرة.

وأكد أن الأرشيف الوطني العراقي موثق، بما فيه الأرشيف اليهودي، والذي ضم أكثر من 70% بالعبرية، و30% توزعت ما بين العربية ولغات أخرى.

وشدد التميمي على أن إسرائيل وأميركا استولتا على الأرشيف الوطني العراقي بقوة السلاح، موضحا أن هناك حديثا أو أخبارا تظهر أن العراق استعاد أرشيفه، أو جزءاً منه.

إعلان

واختتم التميمي تصريحه بتأكيد أن تلك المعلومات المتداولة مجرد "فبركة إعلامية" وأن ما تم استرجاعه مجرد نسخ مزورة من الوثائق الأصلية من خلال عمل نسخ طبق الأصل منها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قمة الويب الأرشیف الوطنی العراقی الأرشیف الیهودی إلى أن عام 2003

إقرأ أيضاً:

الرئيس العراقي السابق يتولى منصب المفوض السامي لشئون اللاجئين

أعلنت الأمم المتحدة تعيين الرئيس العراقي السابق، برهم صالح، في منصب المفوض السامي لشؤون اللاجئين، خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي، الذي شغل المنصب منذ عام 2016. 

ويبدأ صالح مهامه رسميًا في الأول من يناير 2026، في ولاية مدتها خمس سنوات، بعد موافقة أولية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، على أن يتم تأكيد التعيين لاحقًا من قبل اللجنة التنفيذية للمفوضية.

ويأتي هذا التعيين في مرحلة حرجة على صعيد اللجوء والنزوح العالمي، حيث بلغت أعداد اللاجئين والنازحين مستويات قياسية غير مسبوقة. وتشير التقديرات إلى أن أعداد الأشخاص الفارين من الحروب والاضطهاد والكوارث تضاعفت تقريباً مقارنة بعام 2016، مع تصاعد النزاعات المزمنة وآثار التغير المناخي، ما يزيد من تعقيد الأزمات ويضع ضغوطاً كبيرة على أنظمة الاستجابة الإنسانية.

تنوع سياسي

ويمثل اختيار صالح تحولًا عن النمط السائد منذ عقود، إذ اعتاد المنصب أن يشغله مسؤولون من الدول الغربية الكبرى الممولة الرئيسة للمفوضية. ويعد هذا التعيين إشارة إلى تعزيز التنوع الجغرافي والسياسي في قيادة المؤسسات الأممية، مع تسليط الضوء على خبرة صالح السياسية والأكاديمية وقدرته على التعامل مع ملفات إنسانية معقدة تتقاطع فيها الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية.

ويتمتع برهم صالح بخلفية سياسية رفيعة، فقد شغل مناصب عدة في العراق أبرزها رئاسة الجمهورية، وهو من كردستان العراق وحاصل على تعليم هندسي في بريطانيا، ما يمنحه رؤية شاملة لإدارة الأزمات وتنسيق الجهود الدولية.

تحديات غير مسبوقة

وتواجه المفوضية السامية لشئون اللاجئين تحديات غير مسبوقة، ليس فقط من حيث حجم الأزمات وعدد اللاجئين، بل أيضًا بسبب ضغوط التمويل، إذ شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً في مساهمات بعض الدول الكبرى، بينما حولت أخرى جزءاً من إنفاقها إلى مجالات الدفاع والأمن. هذا الواقع يفرض على صالح منذ بداية ولايته التعامل مع معادلة صعبة بين تزايد الاحتياجات الإنسانية ونقص الموارد المالية.

ويمثل التعيين فرصة لصالح لتعزيز الجهود الدولية في حماية اللاجئين، وتطوير سياسات دعم فعالة، والعمل على حشد التمويل والدعم السياسي الضروري لتخفيف معاناة الملايين من الأشخاص المتضررين حول العالم.

طباعة شارك برهم صالح كردستان العراق المفوض السامي لشئون اللاجئين المفوض السامي لشؤون اللاجئين العراق

مقالات مشابهة

  • الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً لمفوضية اللاجئين
  • الدبيبة: «المتحف الوطني» يمثل ذاكرة الوطن الكامل عبر العصور
  • الرئيس العراقي السابق يتولى منصب المفوض السامي لشئون اللاجئين
  • العراق يتلقى رسالة أميركية: أموال تهريب نفط تتسلل إلى مصرف بغداد
  • النسخة الأفضل من منتخب الأردن تتحدى تاريخا من التفوق العراقي
  • قانون الدفاع الأميركي 2026.. شروط صارمة على العراق وتثبيت التواجد في سوريا
  • كأس العرب.. الأردن تتأهب لكسر التفوق التاريخي للعراق
  • خلافاً للواقع..السوداني:حقوق الإنسان العراقي لامثيل لها في العالم!!
  • النسخة الأفضل من منتخب الأردن تتحدى تاريخا من التفوق العراقي في كأس العرب
  • المالكي يؤكد على أهمية تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين بغداد وواشنطن