كيف استطاع السيد نصر الله وضع اليمن في قلب الصراع الإقليمي؟
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
يمانيون../
منذ اندلاع الحرب على اليمن في عام 2015، اتخذت القضية اليمنية أبعاداً سياسية وعسكرية معقدة، تحتاج إلى تحليل عميق لفهم دينامياتها. في هذا السياق، برز الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كأحد الأصوات القليلة التي وضعت اليمن في إطارها السياسي الصحيح، مبرزاً الأبعاد الاستراتيجية للصراع وتأثيره على المنطقة بأسرها.
منذ بداية الحرب، كانت نبرة السيد نصر الله واضحة، حيث أكد في خطابه في مارس عام 2015 أن العدوان على اليمن هو جزء من خطة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة لمصلحة القوى الغربية. لقد فند المزاعم التي تدّعي الدفاع عما تسمى “الشرعية”، مشيراً إلى أن الأخيرة مجرد ستار لتغطية الأهداف الحقيقية التي تسعى القوى المتعددة لتحقيقها في اليمن. كان واضحًا منذ البداية أن السيد نصرالله يدرك أن اليمنيين يمثلون نموذجًا للمقاومة، وأنهم ليسوا مجرد فصيل محلي، بل هم جزء من محور مقاوم يستهدف الهيمنة الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
في كل مرة يتحدث فيها السيد نصرالله، يعيد توجيه الأنظار نحو الاستراتيجيات التي تنتهجها القوى المعادية، حيث اعتبر أن الحرب على اليمن هي جزء من استهداف المقاومة في لبنان وفلسطين، وهو ما يجعل من القضية اليمنية معركة وجودية لا تقتصر على حدود اليمن. في خطابه في 2016، وصف السيد نصرالله التدخل العسكري بأنه “حرب إبادة”، واعتبر أن الجرائم التي ترتكب في اليمن هي تجسيد حقيقي لعقيدة القوى الاستعمارية التي تسعى إلى تدمير الهوية الوطنية.
تجلى دور السيد نصرالله في دعمه المستمر لليمنيين من خلال إيضاح الخلفيات السياسية للمعتدين، حيث عمل على فضح المصالح الاقتصادية والعسكرية التي تكمن وراء الهجوم على اليمن. في خطاباته، كان يسرد كيف أن التحالف العربي يتبنى أجندات مدعومة من واشنطن، تستهدف التحكم في ثروات اليمن ومنع أي نموذج مقاوم من الظهور في المنطقة.
ومع تصاعد الأزمات الإنسانية في اليمن، كان السيد نصرالله يؤكد على ضرورة تجاوز الخطاب الإنساني إلى مستوى التحليل السياسي العميق. لقد أشار في العديد من خطاباته إلى أن الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اليمني ليست مجرد صدفة، بل هي نتيجة مباشرة للسياسات العدوانية. وقد عمل على إبراز كيف أن الحصار المفروض على اليمن لا يمثل اعتداءً على الشعب فقط، بل هو محاولة لتمرير مشاريع سياسية تتناقض مع حق اليمنيين في تقرير مصيرهم.
في عام 2018، وفي ذروة تصاعد الهجمات على اليمن، ألقى السيد نصرالله خطاباً هاماً، اعتبر فيه اليمن “ساحة المقاومة” الجديدة في مواجهة الاستكبار. وقد استحضر التاريخ النضالي لليمنيين، موضحاً كيف أن صمودهم يمثل اختباراً للقدرة على المواجهة. أشار إلى أن اليمنيين يتمتعون بإرادة قوية قادرة على مقاومة الاحتلال والهيمنة.
عندما بدأت انتصارات اليمنيين تتجلى على الأرض، زادت نبرة السيد نصرالله تفاؤلاً، حيث أشار في خطابه عام 2020 إلى أن “الأمة التي تصمد في وجه التحديات ستحقق الانتصار”. في هذا السياق، كان يشير إلى أهمية تعزيز الوحدة بين جميع قوى المقاومة، وأن النصر ليس فقط في الميدان العسكري، بل يتطلب أيضاً وعياً سياسياً يستند إلى استراتيجية طويلة الأمد.
حرص السيد السيد نصرالله على ربط نضال اليمن بقضية الأمة الكبرى. لقد أكد مراراً أن كفاح الشعب اليمني يتقاطع مع مقاومة الشعب الفلسطيني، وهو ما يجعل من التجربتين نموذجاً للتحدي أمام المشاريع الغربية في المنطقة. هذا الربط أسهم في تعزيز الشعور لدى اليمنيين بأن نضالهم ليس منعزلاً، بل هو جزء من حركة أكبر تهدف إلى تحرير الأراضي العربية.
في اليمن، كان يُنظر إلى السيد نصرالله كقائد عربي ملهِم، حيث اعتُبر الشخص الوحيد الذي انتصر على إسرائيل في معركة تموز 2006. هذا الانتصار أعطى الأمل لليمنيين بأنهم قادرون على مواجهة التحديات رغم قسوة الظروف. لقد كانت خطابات السيد نصرالله تعبر عن إيمان عميق بقدرة الشعوب على تحقيق النصر، مما حفز العديد من اليمنيين على تعزيز صمودهم.
السيد الشهيد حسن السيد نصرالله، أسس لنموذج سياسي مختلف في التعاطي مع القضية اليمنية. لقد استطاع أن يضع اليمن في قلب الصراع الإقليمي، حيث لم يكن صوته مجرد تعبير عن المظلومية، بل كان منارة تضيء الطريق نحو فهم أعمق للصراع وأبعاده. إن تأثير كلماته تجاوز حدود التحليل السياسي ليصبح دافعاً حقيقياً للعديد من اليمنيين الذين أدركوا أنهم ليسوا وحدهم في معركتهم، بل هم جزء من محور مقاوم يتجاوز الجغرافيا.
موقع الخنادق اللبناني مريم السبلاني
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید نصرالله على الیمن الیمن فی فی الیمن جزء من إلى أن
إقرأ أيضاً:
مليشيا الحوثي تقضي على مصدر رزق اليمنيين بحظر إعلانات "جوجل"
في خطوة وصفت بأنها عقابية واستهداف مباشر لمصادر دخل آلاف اليمنيين، أقدمت مليشيا الحوثي الإرهابية على حظر الإعلانات الرقمية من حسابات وقنوات المؤثرين وصنّاع المحتوى، ما تسبب في آثار اقتصادية مباشرة على شريحة واسعة من الشباب والأسر التي تعتمد على هذه الإعلانات كمصدر دخل رئيسي.
وأفادت مصادر تقنية أن شركة "يمن نت"، المحتكرة لخدمة الإنترنت في مناطق سيطرة الحوثيين، قامت أواخر مايو الماضي بحظر إعلانات Google بشكل كامل داخل اليمن، بما يشمل التطبيقات والمواقع الإلكترونية، وكذلك قنوات "يوتيوب"، دون إصدار أي بيان رسمي أو توضيح لأسباب هذا القرار المفاجئ.
القرار أثار موجة من الانتقادات الواسعة على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية، لا سيما من قبل مؤثرين وناشطين في مناطق سيطرة الجماعة، الذين اعتبروا أن حظر الإعلانات يمثل ضربة قاصمة لقطاع رقمي يعتمد عليه مئات الأشخاص في إدارة مشاريعهم الصغيرة وتحقيق دخل شهري مستقر.
وأطلق العشرات من صناع المحتوى والناشطين حملة احتجاجات إلكترونية منددة بالقرار، محذرين من تبعاته الاجتماعية والاقتصادية، ومطالبين بإلغائه فورًا باعتباره تعديًا سافرًا على أرزاق الناس وحريتهم الاقتصادية.
وبحسب خبراء في المجال الرقمي، فإن "يمن نت" عمدت إلى حظر نطاقات عرض إعلانات Google، مما أدى إلى توقف ظهور الإعلانات للمستخدمين داخل اليمن، باستثناء نسبة ضئيلة للغاية، الأمر الذي انعكس سلبًا على عائدات القنوات والمنصات التي تستهدف الجمهور اليمني.
ولم يقتصر الضرر على صنّاع المحتوى، بل امتد ليشمل عشرات الآلاف من الشباب وأرباب الأسر الذين لا يملكون محلات تجارية على أرض الواقع ويعتمدون كليًا على الإعلانات الممولة للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم عبر الإنترنت.
وربط ناشطون بين هذا القرار وبين الحملة الإعلانية المكثفة التي استهدفت الجماعة الحوثية مؤخراً، عبر التطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي، خلال الحملة الجوية الأمريكية على مواقع المليشيا داخل اليمن مطلع مايو الماضي.
ورغم توقف الحملة العسكرية في السادس من مايو، عاودت وزارة الخزانة الأمريكية بث إعلانات رقمية موجهة لليمنيين تحثهم على الإبلاغ عن قنوات تمويل المليشيا الحوثية، الأمر الذي يُعتقد أنه أثار مخاوف الجماعة ودفعها إلى اتخاذ قرار الحظر كخطوة دفاعية.
وفي الوقت الذي تلتزم فيه "يمن نت" الخاضعة لسيطرة الحوثي الصمت حيال هذا القرار، تتزايد المطالب بإلغاء الحظر فورًا، ووقف التعديات المتكررة على الحريات الرقمية ومصادر الدخل المشروعة للمواطنين في اليمن.