بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس، أحيت الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية حفلة موسيقية في كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين في مونو، بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، ومشاركة كورال جامعة سيدة اللويزة بإدارة الأب خليل رحمة، وأداء: السوبرانو ماري جوزيه مطر، الميزو الفرنسية آكسيل سان سيرل، التينور بشارة مفرّج والباريتون شادي طربيه.


حضر الاحتفال نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، النائب علي عسيران، وسفراء: فرنسا، روسيا، إسبانيا، البرازيل، النمسا، الإورغواي، تشيلي، ووزراء ونواب سابقون: محمد المشنوق، الياس حنا، وغسان مخيبر، وشخصيات سياسية ودبلوماسية وثقافية وإعلامية ومدراء عامون، وجمهور كبير من محبي الموسيقى ومتابعي حفلات الكونسرفتوار الوطني.
اختلفت هذه الأمسية عن سابقاتها، بما تضمنته من نبض استثنائي حلّق بها إلى شواهق المتعة الخالصة. تمثّل هذا النبض بعودة افتتاح الموسم الموسيقي للأوركسترا الفلهارمونية بعد "فترة من الصمت فرضته عواصف الحرب" كما جاء في كلمة رئيسة المعهد، ولأن "لبنان كالموسيقى، لا يستسلم للصمت" بتعبيرها أيضًا، شهدت كنيسة القديس يوسف "غزوًا" جماهيريًّا حاشدًا غصّت به مقاعد الكنيسة والباحات الجانبية والممرات، وصولًا إلى بهوها الخارجي الذي ملأه محبّو الموسيقى والأوركسترا، رغم البرد القارس.
توليفة مسكونة بالجمال والإبداع والإبهار، قدمها الكونسرفتوار الوطني في أمسية تجلّت فيها عناصر الإبداع مكتملةً. فاحتفت الأوركسترا بـ "القداس الجنائزي"-"Requiem"، أحد أعظم الأعمال الكلاسيكية للمؤلف النمساوي الشهير وولفغانغ أماديوس موازرت (1756 - 1791) العمل الموسيقي الملهِم وأحد روائع موزارت الخالدة، الذي يتجاوز الموسيقى إلى رحلة روحية قدسيّة نغميّة تُجاور أعمق المشاعر الإنسانية. كما حلّقت 
مفتتحةً مع المؤلف الموسيقي الألماني – الأميركي والمنظّر الموسيقي والشاعر والعازف بول هيندميث (1895-1963) في خمس مقطوعات لوتريات الأوركسترا.
حضر جمهور الموسيقى ليشهد على هذه اللوحة الفنية المرصّعة بجميع أنماط الرّقي. فإلى جانب أوركسترانا الوطنية العظيمة، ضمّت التوليفة الساحرة لوحات مترفة بعبق الموسيقى والأصوات المبهرة: جماعيًّا، جوقة مترنّمة كسربٍ يخترق بأصواته المتناغمة سكون الروح، مع كورال سيدة اللويزة التي قادها وأدارها باحترافيته المشهودة الأب خليل رحمة بعد شهر وأكثر من التمرينات المكثّفة، لتنصهر بقداس موزارت كأنهما صرحٌ صوتيّ واحد يعجز السامع عن تسلّقه. منفردةً، لمعت على أسوار هذا الصّرح الأصوات المتدفقة كنهر مسحور: السوبرانو ماري جوزيه مطر، الميزو آكسيل سان سيرل القادمة من فرنسا خصيصًا للحفلة، التينور بشارة مفرّج والباريتون شادي طربيه.
عبرت الفلهارمونيّة الوطنية بقيادة بعلبكي جمالية هذا المشهد، إلى تلك الأمكنة العميقة التي تتجسّد فيها تساؤلاتنا عن المصير، في كل جملة صوتية ولحنية حيث تلتقي الروح بالجمال الأبدي. وحيث، تربط عبقرية موزارت بين الوجود والتلاشي، بين الآلام والسلام، وتجمع بين الحزن والرجاء، في لحظات من السكون الصاخب، وكأنها دعوة للتأمل في الأبعاد الأعمق للروح البشرية. بعازفيها اللبنانيين والأجانب القادمين من روسيا ودول أخرى، جسّدت الأوركسترا، العاصفة الموسيقيّة المتوارية خلف أوتار كمنجاتها، موزّعةً برقّةٍ أحيانًا وعصف أحيانًا أخرى، في كريشندو يتنقّل على أقواس التشيلو والفيولا والكونترباص، مستجيبًا لعصا القائد. متسرّبًا بحنوّ وعنف كأنفاس متهدّجة، إلى آلات النفخ التي تستمدّ منه النسائم والرياح على حد سواء، لتلتقي بروح موزارت التائقة دومًا إلى ما خلف الموسيقى في قداسه الخالد.
افتتحت رئيسة الكونسرفتوار د. هبة القواس الحفل الاستثنائي بكلمة تضمنت الكثير من المشاعر الوطنية الوجدانية، ومشاعر الاعتزاز بعودة الأوركسترا بعد "فترة من الصمت"، كما أعلنت عن مفاجأة موسيقية تندرج ضمن النهضة التي يشهدها الكونسرفتوار عبر إطلاق مشاريع مهمة. وقبل أن تتوجه إلى الحضور، استأذنتهم بتلاوة كلمتها باللغة الإنكليزية، بسبب وجود مجموعة كبيرة من السفراء والدبلوماسيين الأجانب الذين يتعذر عليهم فهم العربية، وهي التي تحرص دائمًا على التحدث باللغة العربية تقديرًا واحترامًا للغتها الأم. وجاء في كلمتها:  
"الليلة، بينما ترتفع النغمات الأولى من "قداس موزارت" من هذه الخشبة، فإنها تفعل ذلك ليس فقط كتحفة موسيقية، بل كشهادة عميقة على الصمود، والولادة الجديدة، والتجدد. تمثل هذه الأمسية إعادة افتتاح الموسم بعد فترة من الصمت، صمت فرضته عواصف الحرب واللايقين الذي كانت سائدة. لكن لبنان، كالموسيقى، لا يستسلم للصمت. فالموسيقى، في جوهرها، هي صوت الحضارة، وصوت التعبير الإنساني، والجسر العابر للحدود الذي يوحد القلوب والسياسة والاختلافات. والليلة، هي أكثر من مجرد لوحة فنية، إنها بمثابة بيان. إنها صوت لبنان يقول لشعبه، وللمنطقة، وللعالم: نحن هنا، نحن صامدون، ونعزف سيمفونية الأمل من جديد.
"ومع انتخاب رئيس جديد، وتشكيل حكومة برئاسة رئيس وزراء جديد، يقف لبنان على عتبة عهد جديد. العالم يراقب والتوقعات كبيرة والمسؤولية جسيمة. لكن لبنان لطالما وجد طريقه، تمامًا كما تجد السمفونية دائمًا حلّا لها، مهما بدت حركتها متنافرة.
في هذه اللحظة الحاسمة، كان لي شرف إجراء حوار عميق مع وزير الثقافة الجديد، الدكتور غسان سلامة، حيث تشاركنا رؤية مشتركة، رؤية متجذرة في قوة الموسيقى كقوة دفع للدبلوماسية الثقافية والنهضة الاقتصادية. اتفقنا معًا على ضرورة تطوير مشاريع استراتيجية لا تعزز فقط القطاع الإبداعي في لبنان، بل تجعله أيضًا ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني. ستشكل هذه المشاريع حجر الأساس لاقتصاد موسيقي يولّد الفرص، ويجذب الاستثمارات، ويبرز التميز الفني اللبناني على الساحة العالمية.
من خلال الدبلوماسية الموسيقية، سنرفع صوت لبنان في الحوار الثقافي الدولي، مؤكدين أن لغة الموسيقى قادرة على تجاوز الفوارق وإلهام الوحدة. نحن ملتزمون بمبادرات تضع لبنان في صلب التعاون الثقافي العالمي، مشاريع لا تقتصر على الحفلات الموسيقية، بل تمثل أفعالًا من التمثيل الثقافي والصلابة الوطنية".
وأضافت القواس: "هذا هو التزامنا: تمكين الموسيقى والثقافة والفنون كمساهمين أساسيين في تعافي لبنان ومسيرته قدمًا إلى الأمام. وهذه الجهود ليست منفصلة عن التقدم الوطني، بل هي جزء لا يتجزأ منه. إنها تدعم تطلعات الحكومة، وتعزز مكانة لبنان في العالم، وتخلق مستقبلاً يقود فيه الإبداع والابتكار مجتمعنا نحو الازدهار". وتابعت: "في هذه اللحظة، أود أن أعرب عن أبلغ امتناني لعازفي الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية، إلى موسيقيينا اللبنانيين الملتزمين، وكذلك الموسيقيين العالميين المتميزين الذين انضموا إلينا، لا سيما من روسيا ودول أخرى من العالم. إن حضوركم وإبداعكم في هذه المرحلة الدقيقة، هما شهادة على قوة الموسيقى ودورها في إعادة بناء لبنان.
وأود أن أشكر المايسترو لبنان بعلبكي، الذي يشكل بإخلاصه الراسخ ملامح المشهد الموسيقي في لبنان، وينقل صوته إلى العالم بشغف وتميز. كما أود أن أحيّي وأحتفي بالأصوات اللبنانية الجميلة والاستثنائية التي نفخر بها: السوبرانو ماري جوزيه مطر، التينور بشارة مفرج، والباريتون شادي طربيه. ويشرفني أن أرحب وأشكر الصوت المرموق والفريد، الميتزو- سوبرانو أكسيل سانت سيريل، التي انضمت إلينا من فرنسا لتكون جزءًا من هذه الأمسية المتميزة. إن حضورك يثري هذا العرض ويجعل هذه اللحظة أكثر أهمية للبنان." وتوجهت القواس بالشكر الجزيل إلى جوقة جامعة سيدة اللويزة (NDU) و"قائدها الاستثنائي"، الأب خليل رحمة، على جهودهم الجبارة في إنجاح الحفل.
وعن مفاجأة موسيقية مهمة أعلنت القواس: "وأنا أقف أمام هذا "الريكوييم" العظيم، أستغل هذه الفرصة لأعلن عن خطوة مهمة تُدشن حقبة جديدة في التاريخ الموسيقي اللبناني. يسعدني أن أعلن رسميًا عن إطلاق الجوقة الفلهارمونية الوطنية اللبنانية (الكورال) للمرة الأولى في لبنان. وأفتخر بالإعلان عن فتح باب الانضمام إلى هذا الكورال الجديد والتاريخي، الذي سيقف إلى جانب الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية لتمثيل التميز الثقافي اللبناني. وهكذا تكون بداية رحلة سترتقي بالتقليد الكورالي في لبنان وتعزز صوته الوطني في عالم الموسيقى السيمفونية".
وتابعت: "بينما يتكشف "قداس موزارت" الليلة، سيتردد صداه بين أصداء الفقد، لكنه سيحمل أيضًا وعد القيامة، ليذكّرنا بأن من الظلام ينبثق النور، ومن المعاناة يولد الجمال، ومن الصمت تعود الموسيقى دائمًا. الليلة، نحن لا نفتتح موسمًا موسيقيًا فحسب، بل نفتتح فصلًا جديدًا، فصلًا جديدًا للبنان، حيث لا نحتفي بالموسيقى والفن والثقافة فقط، بل نمنحها القوة لتكون ركائز أساسية في نهضة وطننا".
وختمت: "نأمل ألا يكتفي لبنان بالتعافي فقط، بل أن يعيد تخيّل وتشكيل نفسه. وهو الذي تعكس موسيقاه تناغم شعبه، لبنان لا يراقبه العالم فحسب، بل ينصت إليه".  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: سیدة اللویزة ة الوطنیة من الصمت فی لبنان

إقرأ أيضاً:

جراحة تحت أنغام الموسيقى.. بين الدراسات العالمية والشعبي المغربي

أثار مقطع فيديو وصف بـ"الصّادم" لطاقم طبي وهو يرقص على أنغام موسيقى شعبية صاخبة، داخل غرفة عمليات، أثناء إجراء جراحة، جدلا واسعا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، خلال الساعات القليلة الماضية.

المقطع المتداول، خلّف تباينا صارخا بين مختلف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين من وصفه بـ"انتهاك صارخ لأخلاقيات المهنة الطبية، واستهتار غير مبرّر بسلامة المرضى"، ومن قال إنّ المشهد يقلّل من هيبة المؤسسات الصحية، وبين أشار إلى أنّ: "الموسيقى في غرفة العمليات هي تقليد عالمي لخفض التوتّر".

في هذا التقرير، تستعرض "عربي21" ما توصلت إليه الدراسات الطبية العالمية حول استخدام الموسيقى في غرف العمليات، مقارنةً بالواقع المغربي الذي كشفه مقطع الفيديو المثير للجدل. فهل يمكن مقارنة التنظيم الدقيق للموسيقى في المستشفيات الأوروبية بما حدث في المغرب؟


جدل صحي يطفو على السطح
داخل غرفة العمليات في مصحة خاصة بمدينة أكادير، وأثناء قيامهم بعملية جراحية، ظهر طاقم طبّي وهو يرقص على أنغام موسيقى مغربية شعبية صاخبة؛ فيما أوردت مصادر محلّية أنّ: "الشخصين الظاهرين في التسجيل هما ممرضان، أحدهما ذو خبرة والآخر حديث التخرج"؛ ما أثار موجة تفاعل أخرى.

وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ: "الطبيب الجرّاح المشرف على العملية، وكذلك طبيب التخدير، لم يكونا حاضرين أثناء لحظة التصوير"، وهو ما جعل المغاربة، في عدد من منشوراتهم، يستفسرون عن شروط السلامة الطبية التي يجب أن تُؤمَّن خلال العمليات الجراحية، بالقول: هل يعدّ الوضع مقبولا في المؤسسات الصحية؟.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎ihata.ma إحاطة‎‏ (@‏‎ihata.ma‎‏)‎‏
وأوردت عدد من المنشورات، ومقاطع فيديو، بعضها لأطباء، أنّ: "تشغيل الموسيقى خلال إجراء العمليات الجراحية، أمر شائع عبر العالم، بغية خلق أجواء من الهدوء والتركيز"؛ بينما أبرز آخرين: "ما جرى خلال هذه الحالة مختلف تماما، إذ أنّ الموسيقى الشعبية صاخبة ومرتفعة الصوت، ما يعكس ظروفا غير مناسبة للعمل داخل غرفة العمليات".

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Aymane boubouh ???????? أيمن بوبوح‎‏ (@‏‎drboubouh‎‏)‎‏
إلى ذلك، طالب عدد من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، بـ"فتح النقاش بخصوص المصحات الخاصة والتأكد من مدى التزامها بالمعايير الطبية والأخلاقية"، مؤكّدين في الوقت نفسه على ضرورة تدخل السلطات المختصة لفتح تحقيق بخصوص المقطع المتداول.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎آش خباركم ؟ ACH KHBARKUM‎‏ (@‏‎ach_khbarkum‎‏)‎‏
دراسات عالمية تكشف مفارقة صادمة
قبل مائة عام، انطلقت قصة الموسيقى في غرفة العمليات، حين أقدم جرّاح في إنجلترا باستئجار موسيقيين للعزف، وتهدئة أعصاب مرضاه، وذلك قبل التخدير، بغرض الخضوع للجراحة، أي أن المستهدف بالأصل كان المريض الذي سيخضع إلى العملية الجراحة. فيما باتت عقب ذلك، تُشغّل وفقا لرغبة العاملين في العملية.

بعدها بسنوات طوال، قام كبير الباحثين في إمبريال كوليدج في لندن، شارون ماري ويلدون، وفريقه، بتصوير 20 عملية جراحية في بريطانيا، على مدى ستة أشهر، بعضها أجري مع موسيقى وأخرى بدونها. ليتبيّن أنّ: "العمليات التي تمت مع الموسيقى كان الجراح أكثر عرضة بخمس بمرات لأن يكرر طلبا من أحد أعضاء فريقه الجراحي".

وفي السياق نفسه، توصّلت دراسة بريطانية، نشرت في دورية (Journal of Advanced Nursing)، إلى أنّ: "الموسيقى في غرفة العمليات، قد يعرض صحة المريض للخطر، وذلك نتيجة تأثيرها على التواصل بين الطاقم الجراحي في العملية".

"في بعض الحالات، ظهر أنّ الممرضات تبذلن جهدا كبيرا من أجل سماع تعليمات الجرّاحين أثناء العملية. وفي إحدى العمليات، سألت الممرضة الجراح خفض صوت الموسيقى لأنها كانت تجد صعوبة في معرفة عدد أدوات التنظيف القطنية التي استخدمتها"، وفقا للدراسة نفسها.

وخلصت الدراسة، إلى أنّ: "الموسيقى في غرفة العمليات قد تتعارض مع التواصل بين أعضاء فريق الجراحة، ولكن نادرا ما يتم الاعتراف بها بوصفها خطرا محتملا على السلامة".

في المقابل، أبرز تقرير نشر في موقع The BMJ، أنّ: "النوع المختار في غالب الأحيان هو الموسيقى الكلاسيكية التي يتم اختيارها بشكل عام من طرف الجرّاح الرئيسي، خلال 62 و 72 في المئة من الوقت تقريبا في الكثير من غرف العمليات". 

وأبرز التقرير، أنّ: "ما يناهز 80 في المئة من عاملي غرفة العمليات، أفاد أن الاستماع لمقاطع موسيقية يُساعد في تحسين التعاون بين أعضاء الفريق، ويُقلل من مستويات القلق، ويُحسّن من كفاءة الأداء". 

ووفقا لدراسة أُجريت خلال عام 2012، من مركز أبحاث الألم في جامعة يوتا، فإنّ: "المشاركين الذين ركّزوا بنشاط على الألحان المختلفة خلال تلقّي الصدمات الكهربائية لم يشعروا بألم كبير بنسبة 17 في المئة". فيما أكّدت الكلية الملكية للجراحين في بريطانيا، أنه في حالة تشغيل الموسيقى أثناء الجراحة، فإنه "يجب أن لا تكون عامل تشتيت".

وأوضح رئيس فريق الباحثين من قسم الجراحة والسرطان في امبريال كوليدج في لندن، شارون ماري ويلدون، أنّ: "الموسيقى يمكن أن تكون مفيدة للعاملين في غرف العمليات حيث غالبا ما يكون هناك الكثير من الضوضاء في الخلفية، فضلا عن الارتباك، ويمكن أن تساعد في تحسين التركيز".


بين المعايير العالمية والواقع المغربي
فيما تؤكد التجارب العالمية أنّ تشغيل الموسيقى أثناء إجراء العمليات الجراحية -إن وُجدت- يجب أن تخضع إلى معايير دقيقة، للحفاظ على حقوق المرضى وسلامة العمليات، وصفت جُملة من التصريحات، "أنّ: الإشكالية الحقيقية تكمن في غياب الضوابط الواضحة لاستخدام الموسيقى في الغرف الجراحية المغربية".

بين التصريحات التي رصدتها "عربي21" قول نقابي بقطاع الصحة، رحال لحسيني، إنّ: "الموسيقى في حد ذاتها ليست بالضرورة مشكلة، إذا لم تؤثر على ظروف إجراء العملية أو التركيز المطلوب، حتى وإن كانت بسيطة"، مردفا: "نوع الموسيقى المستعملة في الفيديو، قد يكون أحد أسباب الضجّة المثارة، لا الموسيقى في حد ذاتها".

وبينا اعتبر لحسيني، أنّ "الأهم هو احترام الشروط العلمية لإجراء العمليات الجراحية، وضمان نجاحها لصالح المريض، وأي تجاوز لذلك يظل غير مهني وغير مقبول"؛ قال رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، علي لطفي، إنّ: "الموسيقى داخل غرف العمليات لها جوانب إيجابية وسلبية على حد سواء".


وأوضح لطفي، في عدد من التصريحات الإعلامية، في الساعات القليلة الماضية: "دراسات متعددة في أوروبا أثبتت أن الموسيقى قد تساعد على التخفيف من التوتر وتحسين تركيز الفريق الطبي، وتُعتمد في نحو 50 في المائة من الدول الأوروبية، بل وتصل إلى 72 في المائة في بريطانيا".

"بعض الجراحين يعتمدون على الموسيقى الكلاسيكية لخلق أجواء انسجام خلال العمليات، إلا أن ذلك لا يمنع وجود رأي مخالف يرى أنّ الموسيقى، خاصة بصوت مرتفع أو بنوع صاخب، قد تحدّ من جودة التواصل بين أعضاء الطاقم الطبي، ما يشكل خطرا في بعض الحالات" وفقا لرئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة.

إلى ذلك، يكشف الجدل حول استخدام الموسيقى في غرف العمليات عن إشكالية تتطلب موازنة بين تحسين أداء الفريق الطبي وضمان سلامة المرضى. فبينما تكشف بعض الدراسات العالمية أنّ الموسيقى الهادئة قد تحسن التركيز وتخفف التوتر، فإن ما جرى في الفيديو المغربي يُبرز غياب الضوابط والمعايير المنظمة لهذه الممارسة. 

مقالات مشابهة

  • مخزومي: لم نتسلم في مجلس النواب الردّ الذي جرى تقديمه لبرّاك
  • المرأة اللبنانية بين الحروب والأمل: طائر الفينيق لا يستسلم
  • سيدة وتحمل شهادة دكتوراه.. تعرفوا إلى المديرة العامة الجديدة لتلفزيون لبنان
  • الراعي عرض مع المكاري وعبد المسيح ووفد لقاء سيدة الجبل للتطورات
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • الردّ الذي فجّر الأزمة: ماذا خلف هجوم القوات؟
  • "هاعيش حياتي".. 16 عام على الألبوم الذي غيّر قواعد الموسيقى العربية وأطلق تامر حسني نحو العالمية
  • نقل 7 أشخاص من عائلة واحدة إلى المستشفيات... ما الذي أصابهم؟
  • وزير الداخلية استقبل 4 نواب وعرض مع وفد من جامعة سيدة اللويزة إمكان التعاون
  • جراحة تحت أنغام الموسيقى.. بين الدراسات العالمية والشعبي المغربي