تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت أمريكا عن وجهها القبيح، من خلال تصريحات الرئيس دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماعه مع نتنياهو. أدلى ترامب بتصريحات غريبة وعجيبة، منحت رئيس وزراء الكيان الصهيوني أكثر مما كان يتمنى، وأفضل مما كان يحلم. لقد أنقذ ترامب إسرائيل من ورطتها في غزة، وانتشل نتنياهو من وحل فشله في تحقيق أهدافه المزعومة.
كان جديرًا بهذا الرئيس الذي فقد بوصلة الحق والإنصاف – إذا كان حقًا مشفقًا على الشعب الفلسطيني – أن يدعو إلى حملة دولية لإعادة تعمير قطاع غزة وتعويض سكانه عما لحق بهم من أضرار وخسائر؛ على أن يكون إسهام الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل النصيب الأكبر من الكلفة المالية في عملية الإعمار.
لا شك أن نتنياهو نجح في القيام بعملية غسل دماغ ترامب مستخدمًا أساليبه الحقيرة المتمثلة في الغش والكذب والمكر والدهاء، وساعده على تحقيق مبتغاه ببلاهة وغرور الرئيس الأمريكي. وإذا نسينا فلن ننسى كذب نتنياهو على الرئيس الأمريكي السابق بايدن زاعمًا أن الفلسطينيين احرقوا - في السابع من أكتوبر 2023 - أطفالاً إسرائيليين حتى تفحموا، مما دفع بايدن للمجيء إلى تل أبيب مهرولاً، وكان أول رئيس أمريكي يزور إسرائيل في زمن الحرب. ومن ثمَّ ليس مستبعدًا أن يكون نتنياهو قد حقق بالمكر والخداع مع ترامب ما لم يحققه بالقوة العسكرية المفرطة.
جنون ما بعده جنون، ينظر ترامب إلى كوكب الأرض وكأنه رقعة شطرنج، يحرك من عليها كما يحلو له، وعلى نحو يرضي غروره وجنونه. إن إزهاق أرواح أكثر من خمسين ألف فلسطيني من سكان غزة وإصابة أكثر من مئة ألف، بالإضافة إلى تدمير القطاع وبنيته التحتية تدميرًا تامًا؛ كل هذه الخسائر لم يكتف ساكن البيت الأبيض بتجاهلها والقفز من فوقها، بل أمعن ترامب في جنونه، وأعلن استنكاره صغر مساحة إسرائيل مقارنةً بالمنطقة العربية المحيطة بها، ورأى ضرورة أن تكون مساحة إسرائيل أكثر اتساعًا مما هى عليه، وصرح بأنه يعتزم – بعد عدة أسابيع - إعلان موقفه؛ من قيام إسرائيل ضم الضفة الغربية لها!! ومن المرجح أنه سوف يوافق على ضم إسرائيل للضفة الغربية؛ ومما يدعم هذا الترجيح أن ترامب أمسك قلمًا، وذكر أن القلم يمثل مدى صغر مساحة إسرائيل قياسًا بالمنطقة العربية المحيطة بها؛ والتي شبهها بمساحة مكتبه البيضاوي.
ينظر ترامب إلى الفلسطينيين والعرب بوجه عام، بوصفهم كائنات أدنى من البشر، وهى النظرة ذاتها التي ينظر بها قادة الكيان الصهيوني إلى الفلسطينيين والعرب؛ ومن ثم يتحتم إجبارهم على الاستجابة صاغرين للقرارات التي يصدرها سيد البيت الأبيض؛ مهما كانت حقارتها وتفاهتها. إن ترامب وأمثاله ينظرون إلى المنطقة العربية وكأنها أرض لا أصحاب لها. إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تفهم سوى لغة القوة؛ وأوضح دليل على ذلك موقفها المهادن لكوريا الشمالية. إن أمريكا تتحاشى أي صدام مع دولة كوريا الشمالية، وتحاول دومًا أن تخفض لها جناح الذل خوفًا من القوة النووية الكورية. بل إن هذا الترامب أثناء ولايته الأولى سافر مهرولاً وصاغرًا لزيارة دولة كوريا الشمالية.
كان الأجدر بالرئيس الأمريكي ترامب أن يعتذر عما ارتكبته الإدارة الأمريكية السابقة عليه من جرائم في حق الشعب الفلسطيني بدعمها العسكري والسياسي والاقتصادي لإسرائيل في حرب الإبادة التي شنتها ضد الأطفال والنساء والسكان الآمنين في غزة، كان يجب على ترامب لو أن لديه ذرة عقل أو قدر ضئيل من الأخلاق أن يعتذر عما ارتكبته الإدارة الأمريكية السابقة؛ بدلاً من معاقبة الضحايا بتهجيرهم وإخراجهم من ديارهم بلا عودة.
عندما شاهدت المؤتمر الصحفي الذي جمع بين ترامب ونتنياهو؛ ورأيت طريقة ترامب وهو يتكلم بصلف وغرور عن ضرورة تهجير الفلسطينيين وامتلاك أمريكا لقطاع غزة؛ طرأت على ذهني صورة «راعي البقر cowboy» في أفلام هوليود وهو يمتطي صَهْوَة حصانه ويطلق النار على الهنود الحمر حتى أبادهم!!
أيها القارئ الكريم ترامب ليس إله هذا الكون حتى نعتقد أن لا راد لقضائه .. فضلاً عن أننا لسنا هنود حمر.
*أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بآداب عين شمس
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غطرسة القوة الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل غزة الولایات المتحدة الأمریکیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
بيان قوي للخارجية المصرية .. إسرائيل تُشعل فتيل كارثة.. والقاهرة تُحذر من حرب إقليمية شاملة
أعربت جمهورية مصر العربية عن إدانتها الشديدة للهجمات العسكرية التي شنّتها القوات الإسرائيلية، فجر اليوم الجمعة، على عدد من المنشآت والأهداف الإيرانية، معتبرةً إياها تصعيداً خطيراً وغير مبرر من شأنه تهديد استقرار المنطقة بأسرها.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية والهجرة، شدّدت القاهرة على أن هذه الضربات تمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة أن استخدام القوة العسكرية خارج إطار الشرعية الدولية يُعد سابقة مقلقة وخطوة متهورة في مسار يزداد احتداماً يوماً بعد يوم.
وأضاف البيان: "تتابع مصر ببالغ القلق التطورات المتسارعة في المنطقة، وتستنكر اللجوء إلى الحلول العسكرية التي لن تؤدي سوى إلى تعميق الأزمات القائمة، وجرّ المنطقة نحو مواجهة مفتوحة سيكون لها تداعيات غير مسبوقة على الأمن الإقليمي والدولي، ومقدرات شعوب المنطقة".
كما جدّدت مصر تمسكها بالحلول السياسية والدبلوماسية لمعالجة النزاعات، مؤكدة أن "غطرسة القوة لن تفضي إلى أمن حقيقي، حتى بالنسبة لإسرائيل"، مشددة على أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
الخارجية: غطرسة القوة لن تحقق الأمن لأي دولة بالمنطقة
الخارجية: الهجوم الإسرائيلي على إيران تصعيد بالغ الخطورة وتهديد مباشر للأمن والسلم الإقليمي والدولي
ويعكس الموقف المصري الرافض للهجوم الإسرائيلي قلقاً إقليمياً واسعاً من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة، فمع تعمق الاستقطاب بين تل أبيب وطهران، تتزايد المخاوف من أن تؤدي عمليات مثل "الأسد الصاعد" وفقا للاصطلاح الرمزي الذي اطلقته اسرائيل على العملية العسكرية، إلى انهيار الجهود الدبلوماسية المتعثرة أصلاً بين إيران والدول الغربية بشأن ملفها النووي.
ويأتي بيان الخارجية المصرية في وقت يتسم فيه الوضع الإقليمي بحساسية بالغة، إذ بات واضحاً أن أي شرارة قد تفتح الباب أمام صراع لا تُعرف عواقبه. وتنسجم تصريحات القاهرة مع مواقف دولية حذّرت من "استخدام مفرط للقوة" في صراع معقد تدور رحاه منذ عقود.
مصر وميزان الحياد الاستراتيجيوتعكس لهجة البيان المصري رغبة القاهرة في الحفاظ على موقف متوازن بين أطراف الصراع الإقليمي، فبينما تدين العدوان الإسرائيلي، فإنها تدعو إلى ضبط النفس وتغليب الحوار، في إطار ما يمكن وصفه بـ"الحياد الاستراتيجي البنّاء"، الذي تسعى من خلاله مصر إلى تجنيب المنطقة كوارث إضافية، والدفع نحو مسارات تفاوضية أكثر عقلانية.
وفي ظل تطورات الساعات القادمة، من المرجح أن يكون لمصر دور متزايد في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى احتواء التصعيد، سواء من خلال جامعة الدول العربية أو عبر قنوات الاتصال الثنائية مع أطراف الأزمة.