وداعًا أيها القائد.. إنّا على العهد
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
محمد يحيى الملاهي
حين ارتفعت صرخات الحشود: “إنّا على العهد”، اختلطت دموع الفراق بصوت التحدي، رافضةً أن يُدفن القائد وحده، وكأن الأُمَّــة تُعيد اكتشاف ذاتها: نبكيك؛ لأَنَّك جعلتنا نرفض أن نبكي على ذلِّنا.
السيد حسن نصر الله، شهيد الإنسانية وشهيد المقاومة، لم يكن مُجَـرّد قائد، بل كان وجدان أُمَّـة وضميرًا حيًّا لا يعرف المساومة.
لم يكن السيد وحده في رحلته إلى الخلود، بل لحق به في هذا المجد رفيق دربه، الشهيد السيد هاشم صفي الدين، الرجل الذي كان سنده في كُـلّ معارك العزة، وقلب المقاومة النابض بالحكمة والصبر. حين حملت الجماهير نعشيهما في بيروت، كانت تحمل معهما عهدًا جديدًا بأن الطريق لن يتوقف، وأن المسيرة لن تنكسر.
“ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون” [آل عمران: 169]
لقد نال حسن نصر الله ورفيقه السيد هاشم صفي الدين هذا المقام العظيم، فلا موت للشهداء، بل حياة أبدية في سجل الخالدين، حَيثُ تبقى أرواحهم نورًا يضيء درب المستضعفين.
وكما قال الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي:
“من أعظم نكبات الأُمَّــة أن تفقد عظماءها”.
واليوم، نحن أمام هذه النكبة الكبرى، لكننا نعلم أن العظماء لا يرحلون إلا ليزدادوا حضورًا في ضمير الشعوب.
الشهيد حسن نصر الله لم يكن فقط رجل سلاح، بل كان رجل كلمة وموقف. كان شهيد الإنسانية؛ لأَنَّه رفض الظلم أينما كان، فصرخ في وجه العدوان على اليمن حين صمت الجميع، ودافع عن فلسطين حين تواطأ الكثيرون، ومدّ يده إلى كُـلّ مظلوم، مؤمنًا أن المقاومة ليست مُجَـرّد بندقية، بل روح ترفض الخضوع.
أما الشهيد السيد هاشم صفي الدين، فكان رفيق الدرب، ومهندس الصمود، ورجل الميدان الذي رسم معالم المواجهة مع العدوّ، ليؤكّـد أن المقاومة ليست خيارًا، بل قدر أُمَّـة قرّرت ألا تركع.
حرب تموز 2006 لم تكن مُجَـرّد معركة، بل كانت معجزة عسكرية، قادها الشهيد حسن نصر الله ورفاقه، ليثبتوا أن اليقين بالله أقوى من أية ترسانة. هناك، سقطت أُسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وولدت معادلة جديدة: المستحيل ممكن، والإرادَة تصنع النصر.
وحين انطلقت عملية طوفان الأقصى، لم يكن السيد حسن نصر الله متفرجًا، بل كان السند والداعم، مؤكّـدًا أن غزة ليست وحدها، وأن المقاومة واحدة. في خطاباته، رسم معادلة الردع، وأوصل رسالة واضحة: أي اعتداء واسع على غزة سيشعل المنطقة؛ لأَنَّ المقاومة لا تعرف الحياد عندما يكون العدوّ الصهيوني هو الذي يظلم. واجه العدوّ الإسرائيلي بالسلاح والصواريخ والمواجهة المباشرة، فكان سندًا لغزة وانتصارا للقدس.
“ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أمواتٌ بل أحياء ولكن لا تشعرون” [البقرة: 154]
نحسبك كذلك يَـا سيد المقاومة، لم تغب، بل صرت رمزًا حيًّا في قلوب الأحرار، كما أن دماءك ودماء رفيقك ستبقى مشعلًا لا ينطفئ في درب تحرير فلسطين.
اليوم، تبكيك قلوب الملايين؛ ليس لأَنَّ الموت انتصر عليك، بل لأَنَّ الأُمَّــة فقدت رجلًا جعلها تؤمن بأن الكرامة لا تُوهب، بل تُنتزع. ولكن دموعنا ليست دموع يأس، بل وعد بأن طريقك سيستمر، وأن القدس ستظل حلمنا، واليمن ستبقى قلعة المقاومة والجهاد، وأن كُـلّ قطرة دم سقطت ستُزهر نصرًا جديدًا.
كنت تقول يا شهيد الإنسانية:
“لا يجوز تسويق الجرائم ضد المدنيين بذرائعَ سياسية”.
وجعلتنا نرفع رؤوسنا ونردّد: “هناك رجال لا يخافون إلا الله”.
واليوم، وقد رحلت جسدًا، سنُخلِّد ذكراك بالثبات. سنجاهد كما جاهدت، ونحب القدس كما أحببتها، وننصر الضعيف كما فعلت.
يا سيدي، لقد علمتنا أن الشهادة بداية وليست نهاية. حين سقط الأبطال شهداء، كنت تقول:
“كل قطرة دم تُسفك في سبيل الله تُقرّبنا من القدس”.
واليوم، نقول لك ولرفيقك السيد هاشم صفي الدين: ستروننا من خلف الغيوم ماضين على دربكم، سنحرّر القدس، وسنُعيد للأُمَّـة عزّها وكرامتها.
الوداع ليس آخر الكلام، بل هو بداية الطريق. نعدكما أن دموعنا ستتحول إلى صواريخ تحطم عروش الظالمين، وأن كُـلّ طفل سيكبر وهو يردّد اسمكما؛ لأَنَّ الإنسانية فقدت قادتها، لكنها لم تفقد طريقها.
رحلتما عن أعيننا، لكن قلب الأُمَّــة لن يفارقكما. ستسمعان في جنّتكما هتافنا: لن ننساكما… ولن ننسى القدس!
“ومن يقتلْ شعبًا لِيُسكتَه، سيُخلقُ مِن صمتهِ ألف ثورةٍ”.
نحنُ اليمنيون، أبناء الجبالِ التي لا تنحني، نقسمُ إننا:
سنَمضي حتى تُفتحَ أبواب الأقصى، وحتّى يُقالَ للتاريخِ:
“هؤلاءِ اليمنيون.. ثأروا لسيّدِ الشهداءِ، فحرّروا القدسَ!”
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید هاشم صفی الدین حسن نصر الله بل کان لم یکن
إقرأ أيضاً:
عاجل : مؤامرة صهيونية جديدة لإبادة أبناء غزة بمشاركة أمريكية غربية وهذا ما كشفه السيد القائد
في كلمة حملت وجع ومعاناة لا توصف، كشف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله الصورة المؤلمة للمأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مكرسًا في جوهر حديثه معاناة الأطفال الذين يمثلون العنوان الأبرز لهذه المظلومية نتيجة العدوان الصهيوني المدعوم أمريكياً ، مؤكداً أن هذه المعاناة ليست مجرد أرقام أو إحصائيات، بل هي انعكاس لخذلان دولي وإسلامي متواصل، وتحول الأطفال في غزة إلى أهداف مباشرة للعدوان الإسرائيلي.
يمانيون / خاص
أطفال غزة .. ضحايا التجويع والاستهداف المباشر
تبدأ مأساة الأطفال في غزة بخطر الموت جوعًا الذي يهدد 100 ألف طفل، بينهم 40 ألف رضيع محرومون من أبسط مقومات الحياة، كالحليب مثلاً، ويُبرز السيد القائد في كلمته أن استهداف الأطفال الرضع هو جزء من الاستراتيجية العملياتية للعدو الإسرائيلي، الذي لم يرحم حتى النساء أثناء الولادة، وهو ما يدل على مستوى التوحش والوحشية الذي بلغته آلة العدوان الصهيوني.
حصار خانق وتدمير ممنهجكما يصف السيد القائد، لا تقتصر المأساة على استهداف الأفراد، بل تشمل الحصار الذي يُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على التكدس في 12% فقط من مساحة القطاع، وسط تجويع ممنهج، قصف مستمر، وتهجير قسري، حتى المناطق التي يصنفها العدو الإسرائيلي بـ”الآمنة” ليست بمعزل عن التجويع والقصف.
خدع الهدن الإنسانية وإنزال المساعداتأشار السيد القائد إلى خدعة من نوع آخر وهو إعلان الهدنة الإنسانية الذي أطلقه العدو مع استمرار القصف والقتل، موضحًا أن كثيرًا من الضحايا خلال هذه الفترة هم من يبحثون عن الطعام لسد جوع أطفالهم ونسائهم، وأشار إلى أن إنزال المساعدات جواً ليس سوى خدعة للعدو، تهدف إلى اللعب بحياة وكرامة الفلسطينيين، في ظل منع العدو لإدخال المساعدات برا وتوزيعها بشكل منظم.
استراتيجية الفوضى والإجرام المستمرأوضح السيد القائد أن العدو الإسرائيلي يهدف إلى خلق حالة من الفوضى داخل القطاع حول ما تبقى من المساعدات الضئيلة، مانعاً أي تنظيم مدروس لتوزيعها، ما يزيد من معاناة السكان، وأضاف أن تدمير العدو لكل مقومات الحياة في غزة، والنسف المستمر للمباني والمدن، يهدف إلى إنهاء وجود الفلسطينيين في القطاع.
الاستفزازات والتلذذ بمعاناة الفلسطينيينكما انتقد القائد قيام مجموعات يهودية صهيونية بإقامة حفلات شواء قرب حدود غزة، ما يعكس استفزازًا مفتوحًا لعواطف العرب والمسلمين، ويظهر مدى الوحشية التي وصل إليها العدو الإسرائيلي.
الإجرام الذي لم يعد خافياًأشار السيد القائد إلى أن حجم الإجرام الإسرائيلي أصبح مكشوفًا أمام العالم كله، وأن الإعلام ينقل هذه المشاهد القاسية، لكنه أكد أن مجرد الإدانات والبيانات لا تكفي، وأن المطلوب مواقف وإجراءات حقيقية لإنهاء هذه المأساة، كما لفت السيد القائد إلى أن الأصوات المنتقدة للعدو الإسرائيلي تصدر من معظم دول العالم، إلا أن الناشطين الذين يرفعون صوت الضمير الإنساني يُقمعون في بعض البلدان، مثل ألمانيا والولايات المتحدة، في محاولة لإسكات الحقيقة.
خاتمةيوجه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، صرخة المسؤولية والإنسانية واحتجاج على مستوى الإجرام للعدو الإسرائيلي الذي يستهدف الفلسطينيين بدون رحمة أو شفقة ، وبالأخص الأطفال الذين يمثلون رمز المأساة الكبرى، ويكشف حجم الخذلان الدولي والإسلامي، ويفضح خدع الهدن والمساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، داعيًا إلى موقف دولي جاد وفعلي لإنقاذ ما تبقى من حياة الفلسطينيين في غزة ، بعيدًا عن الكلمات الرنانة والتصريحات التي لا تترجم إلى أفعال.