منذ إعلان حكومة دمشق عن بدء استجرار النفط والغاز من مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أمريكياً، والأنباء تتوارد عن وساطة سعودية أفضت إلى هذا التفاهم المبدئي.

وكانت "قسد" قد أوقفت تزويد الداخل السوري بالنفط الخام منذ إسقاط النظام السوري، حيث كان النفط يصل مناطق سيطرة النظام بالصهاريج، عبر شركة "القاطرجي" الوسيطة.



وبعد تسلم الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس السوري أحمد الشرع الحكم، دخلت في مفاوضات مع "قسد"، لكن يبدو أن حجم التباين قد حال حتى الآن دون التوصل إلى أي اتفاق.

واستمر الحال على ذلك، حتى الإعلان مؤخراً عن تفاهم مبدئي على تزويد الداخل السوري بالنفط وهي
الخطوة غير المسبوقة منذ سقوط النظام، الأمر الذي بدا كنتيجة لتقدم المفاوضات.

بموازاة ذلك، تحدثت مصادر محلية عن وساطة سعودية، بهدف كسر الجمود بين الطرفين عبر بوابة التعاون الاقتصادي، وذلك بضوء أخضر أمريكي، ضمن مساع لتهيئة مناخ أكثر استقرارا في سوريا.

وقال موقع "فوكس بريس": "نجحت الوساطة السعودية في تجديد عقد توريد الغاز من مناطق شمال وشرق سوريا إلى محطات توليد الكهرباء في حمص ودمشق، وهو الاتفاق الذي ساهم بشكل ملموس في زيادة ساعات التغذية الكهربائية بمعدل 4 ساعات يوميا".

لكن مصادر رسمية من دمشق أو من "قسد" لم تعلق على هذه الأنباء، وسط غموض يكتنف مصير المفاوضات بين الجانبين.

وساطة سعودية
من جهتها أشارت مصادر لـ"عربي21"، إلى دور سعودي "مباشر" في الاتفاق، مشيرة إلى "العلاقة القديمة" التي تجمع الرياض بـ"قسد"، حيث أجرت شخصيات سعودية رسمية زيارات سابقة إلى مناطق شمال شرقي سوريا، أكثر من مرة، برفقة وفود أمريكية.

ولا يستبعد المحلل الاقتصادي، رضوان الدبس، أن تكون السعودية التي تتمتع حالياً بعلاقة وطيدة مع الإدارة السورية الجديدة، قد توسطت للتوصل إلى تفاهم مع "قسد".

وأضاف لـ"عربي21" أن نجاح الوساطة السعودية هو نجاح للجهود العربية الداعمة للدولة السورية الجديدة، معتبراً أن "سوريا كانت ساحة صراع إقليمي أطرافه غير عربية (تركيا، إيران، روسيا)، وبعد سقوط النظام بدأنا نشهد دوراً عربياً تقوده الرياض".

واعتبر الدبس، أن التفاهم على استجرار النفط يعطي دفعة للمفاوضات بين "قسد" والدولة السورية، وقال: "الاتفاق أعطى بوادر أمل بالتوصل إلى اتفاق يحقن دماء السوريين".

وبحسب المحلل الاقتصادي، يُنتظر من الجانب السعودي أن تساهم في تطوير قطاع النفط السوري، وقال: "لن تدعم الرياض قطاع النفط، إلا في حال التوصل لاتفاق شامل بين "قسد" والدولة السورية".
وكان مدير العلاقات العامة في وزارة النفط السورية، أحمد سليمان، قد أعلن أنه تمت قبل أيام إعادة ضبط" العقود بين الجانبين بما يتناسب مع مصلحة الشعب السوري".

واعتبر أن العقود المبرمة في ظل حكم الأسد كانت "مجحفة جدا" و"توجد بها بنود غير قانونية"، من دون تقديم تفاصيل، موضحاً أن الاتفاق يشمل تسليم 150 ألف برميل نفط ومليون متر مكعب من الغاز يومياً، وقال: إن "العقود الجديدة صالحة لمدة 3 أشهر مبدئيا".


دمشق في حاجة لشراء النفط
في المقابل أكد الكاتب السياسي الكردي علي تمي لـ"عربي21" أن استجرار النفط من مناطق "قسد" جاء بعد طلب الدولة السورية شراء النفط.

وقال إن "خطوط الاتصال بين دمشق وقسد مفتوحة، والحكومة بحاجة النفط، واضطرت إلى شراء بعض الكميات من "قسد"، وذلك بعد تنصل الدول من وعود تزويد الدولة السورية بالنفط".

واعتبر تمي، أن الولايات المتحدة عرقلت توجه الدول لتزويد سوريا بالنفط، تحت مبرر "العقوبات"، بهدف إضعاف دمشق، ودفعها إلى تقديم تنازلات لـ"قسد".

سبب وراء قرار ترامب
بدورها، نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا قالت فيه إن السيطرة على الموارد الطبيعية، التي يتركز جزء كبير منها في المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، أحد أدوات النفوذ السياسي لكل من القادة الأكراد وحلفائهم الخارجيين، على رأسهم الولايات المتحدة.

وأضافت الصحيفة أن ملف النفط هو السبب الرئيسي وراء قرار دونالد ترامب الإبقاء على وجود عسكري أمريكي محدود في سوريا  خلال ولايته الرئاسية الأولى.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم  إصرار دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى على مسألة سحب القوات الأمريكية من سوريا، إلا أنه عدل عن رأيه في أواخر سنة 2019 مقررا الإبقاء على مئات من الجنود هناك، مبررًا ذلك بأهمية السيطرة على النفط.

وعليه، فإن توصل قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الانتقالية في دمشق إلى اتفاق من شأنه إعادة منطقة شرق الفرات تحت سيطرة السلطات الجديدة بشكل كامل، ويجعل وجود القوات الأمريكية دون جدوى.

ووفقًا لمصادر شبكة "إن بي سي" بدأ البنتاغون في دراسة خيارات تقليص وجوده في سوريا. وقد قامت القيادة الأمريكية بمحاكاة هذه السيناريوهات بشكل منتظم، حتى خلال عهد الرئيس جو بايدن.

وبعد كشف أحد قادة قوات سوريا الديمقراطية، أبو عمر الإدلبي، عن استعداد الوحدات الكردية للاندماج في القوات المسلحة الموحدة التي تعمل الإدارة الانتقالية في دمشق على تشكيلها حاليًا، باتت بوادر تحقيق تقدم في الحوار بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق في الفترة الأخيرة جلية للعيان. وأشار الإدلبي بشكل خاص إلى إمكانية خروج المقاتلين الأجانب من صفوف قوات سوريا الديمقراطية، في إشارة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني.

ونقلت الصحيفة عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط أنطون مارداسوف أن تصريح أبو عمر الإدلبي بشأن الاندماج لا يعني قطعًا انتهاء عملية التفاوض بين السلطات الفعلية في شرق الفرات ودمشق، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتعدى حدود كونه إشارة إلى الإمكانية، خاصة على ضوء المحادثات الأخيرة بين مختلف الفصائل الكردية ذات النفوذ.


الاتفاق الكلي بعيد
وبحسب مارداسوف خلال المفاوضات تم التطرق إلى مسألة الاندماج في الجيش الوطني السوري الجديد، لافتًا الى ظهور خلافات واضحة داخل المجموعات، مما يعني أن التوصل إلى اتفاق نهائي سيستغرق وقتًا طويلًا. وأكد مارداسوف أن وحدة قوات سوريا الديمقراطية كقوة عسكرية وسياسية ترتبط بالظروف.

وذكر مارداسوف أنه في ظل الظروف الراهنة، تمتنع الحكومة السورية المؤقتة عن اتخاذ قرارات تصعيدية بشأن المناطق الشمالية الشرقية. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من بينها رغبة دمشق في الحفاظ على صورتها كقوة بناءة في نظر اللاعبين الدوليين والنأي بنفسها عن سمعة "القوة الوكيلة" لتركيا، التي تسعى إلى القضاء على قوات سوريا الديمقراطية.

وفي ختام التقرير نوه مارداسوف بأن دمشق تحتاج إلى تأمين إمدادات ثابتة من النفط والغاز من منطقة شرق الفرات.

يُذكر أن المفاوضات بين دمشق و"قسد"، لا زالت تراوح مكانها، بسبب رفض الحكومة السورية انضمام "قسد" ككتلة واحدة في الجيش السوري الجديد، إلى جانب مواضيع خلافية أخرى.

وتسيطر "قسد" على محافظتي الرقة والحسكة وأرياف دير الزور، وهي المناطق الغنية بالثروات الباطنية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية النفط سوريا قوات سوريا الديمقراطية قسد الغاز سوريا النفط الغاز قوات سوريا الديمقراطية قسد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات سوریا الدیمقراطیة

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء» يستعرض آفاق النفط والغاز في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل

سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن وكالة فيتش والذي يتناول آفاق قطاع النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك في إطار متابعة المركز المستمرة لأبرز التقارير والدراسات الدولية التي تتناول القضايا والموضوعات ذات الأهمية للشأن المصري، مشيراً إلى أن توقعات الوكالة أكدت على أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستشكل أحد المحركات الرئيسة لنمو المعروض العالمي من الطاقة خلال العقد القادم، مع زيادة الاستثمارات من أجل استغلال الموارد الواسعة في المنطقة.

وأشار المركز نقلاً عن فيتش، إلى أن النفط سيبقى المورد الأساسي، لكنه سيشهد تنافسًا متزايدًا من الغاز الطبيعي، خاصة مع توجه الحكومات لتطوير مواردها المحلية. ويتوقع أن ينمو الطلب على الغاز بشكل كبير بالتوازي مع المعروض، بينما يستمر الطلب على النفط في الارتفاع مدعومًا بالعوامل السكانية والاقتصادية الكلية الإيجابية.

وأشار التقرير، إلى تراجع مستويات إنتاج النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث التزمت الدول المنتجة الرئيسية باتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده مجموعة أوبك+، ومع ذلك، ومع بدء المجموعة في التراجع عن خفض الإنتاج البالغ 2.2 مليون برميل يوميًا، من المتوقع أن يشهد الإنتاج قفزة كبيرة خلال النصف الثاني من عام 2025 وعام 2026، ومن المتوقع أن يتم إلغاء التخفيضات البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا بالكامل خلال النصف الثاني من عام 2025، مما سيرفع إجمالي نمو الإمدادات للمجموعة إلى نحو 2.5 مليون برميل يوميًا خلال العام بأكمله.

ومع ذلك، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن كيفية تطور استراتيجية أوبك+ استجابةً لتغيرات أوضاع السوق. فقد أصبح التوجه العام أكثر ميلًا للتراجع، وقد قامت الوكالة هذا الشهر بمراجعة توقعات سعر خام برنت نحو الانخفاض. وأبقت الوكالة على توقعاتها لعام 2025 دون تغيير، عند متوسط سنوي يبلغ 68 دولارًا للبرميل، لكن من المتوقع الآن متوسطًا سنويًا قدره 67 دولارًا للبرميل لعام 2026، انخفاضًا من 71 دولارًا في التقديرات السابقة. وإذا واجهت الأسعار تراجعات كبيرة ومستمرة، فقد تختار المجموعة التدخل، إما بإيقاف زيادات الإنتاج أو التراجع عنها.

على المدى الطويل، توقع التقرير استمرار الاستثمارات الرأسمالية في النمو بمعدل 4.2% سنويًا حتى 2029، وهو ما يفوق بكثير متوسط النمو العالمي في هذا المجال، وستكون دول الخليج في طليعة هذا التوسع، بإضافة 3.74 مليون برميل يوميًا خلال فترة التوقعات الممتدة لعشر سنوات حتى 2034، تليها دول الشرق الأوسط غير الخليجية وشمال إفريقيا. وستقود السعودية النمو الإقليمي بزيادة إنتاج تبلغ 1.71 مليون برميل يوميًا، تليها الإمارات التي سترفع إنتاجها بمقدار 1.31 مليون برميل، بينما تسجل قطر والكويت زيادات معتدلة.

أشار التقرير، إلى أن إيران والعراق يهيمنان على إنتاج النفط في الشرق الأوسط خارج دول مجلس التعاون الخليجي. وفي العراق، من المتوقع أن يزداد الإنتاج بمقدار 1.43 مليون برميل، مدعومًا باستثمارات ضخمة أبرزها من شركة بي بي البريطانية. وعلى العكس، يبقى مستقبل إيران غير مؤكد بسبب الاضطرابات الجيوسياسية والقصف الأمريكي للمواقع النووية الإيرانية وخطر العودة إلى صراع، رغم توقعات مبدئية بزيادة 1 مليون برميل. أما في شمال إفريقيا، فتسجل ليبيا وحدها نموًا ملحوظًا في الإنتاج رغم الأوضاع السياسية المعقدة، بينما تواجه الجزائر انخفاضات ناتجة عن التراجع المتزايد في الحقول الناضجة والاعتماد المفرط على شركة سوناطراك المملوكة للدولة. ورغم أن الإصلاحات الأخيرة والحوافز الموجهة للمشروعات الجديدة قد تحسّن من الآفاق المستقبلية، فإن المخاطر لا تزال قائمة.

أوضح التقرير، أن الطلب على الوقود المكرر في المنطقة سيواصل نموه بمعدلات قوية، حيث من المتوقع أن يزداد استهلاك المنتجات النفطية المكررة في المنطقة بمقدار 2.44 مليون برميل يوميًا خلال السنوات العشر المقبلة، ليصل إلى 11.94 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2034. تدعم هذه الزيادة عوامل ديموغرافية واقتصادية، مع تركّز أكبر للاستهلاك في السعودية وإيران، وهما الأكبر من حيث السوق المحلي.

على صعيد المصافي، أشار التقرير، إلى أن المنطقة أضافت قدرات كبيرة خلال العقد الماضي، لكن النمو المستقبلي سيكون محدودًا بـ170 ألف برميل فقط بين 2025 و2026، دون توسعات بعد ذلك. يتركز الاستثمار الحالي في تحديث المصافي القائمة، من خلال مشاريع لتحسين جودة الوقود ورفع الكفاءة التشغيلية، مع زيادة متوقعة في معدلات الاستخدام. تسجل دول الخليج أعلى معدلات الاستخدام، بينما تبقى ليبيا واليمن في أدنى المراتب.

أوضح التقرير، أن الغاز الطبيعي يمثل أولوية إستراتيجية للمنطقة، مع توقعات بزيادة الإنتاج بمقدار 202 مليار متر مكعب حتى عام 2034. وتقود دول الخليج هذا النمو، خاصة السعودية التي استثمرت 110 مليارات دولار لتطوير حقل الجافورة، والإمارات التي تسعى لتعزيز إنتاجها من الغاز غير التقليدي.

وتظل إيران منتجًا رئيسًا رغم تحديات التمويل والعقوبات، فيما تسعى العراق لاستغلال الغاز المحترق وتطوير موارده، وانطلاق مشاريع واعدة بدعم من شركات دولية.

اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء: مصر حققت فائض تجاري مع 83 دولة خلال الربع الأول من 2025

معلومات الوزراء: أكثر من 100 صندوق استثمار متداول للذهب حول العالم حتى الآن

«معلومات الوزراء»: الطاقة الشمسية الكهروضوئية ستصبح أكبر مُساهم في توليد الكهرباء

مقالات مشابهة

  • فايننشال تايمز: تعهدات أوروبا باستيراد النفط والغاز الأميركي مستحيلة
  • مظلوم عبدي: السعودية قد تتولى الوساطة في المفاوضات مع دمشق
  • باريس تحتضن المفاوضات بين الإدارة السورية وقسد
  • شركة "دونغ فانغ": 21 عامًا من الإنجازات في دعم قطاع النفط والغاز بسلطنة عُمان
  • حمزة: تلقينا حتى الآن تأكيدات بمشاركات دولية كبيرة إضافة إلى مشاركة فاعلة من المحافظات السورية والقطاعات الصناعية والزراعية والحرفية وهو ما يجعل من هذه الدورة منصة وطنية شاملة تعبر عن قدرات سوريا وتنوعها
  • حمزة: هذه الدورة تعكس إرادة الدولة السورية في العودة القوية إلى واجهة الاقتصاد الإقليمي والدولي
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: معرض دمشق الدولي حدث تاريخي عريق طالما شكل علامة فارقة في المشهد الاقتصادي السوري والعربي والدولي
  • العراق..تمتلك خطة لمد شبكة أنابيب متشعبة لتصدير النفط والغاز
  • «معلومات الوزراء» يستعرض آفاق النفط والغاز في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل
  • العراق يعتزم مد شبكة أنابيب متشعبة لتصدير النفط والغاز