القطينة مدينة العلم والعلماء تعود إلى حضن الوطن
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
(1) بين عروس الرمال الأبيض والقطينة عهد سيف ورمح عريق، فقد أسند الإمام محمد احمد المهدي قيادة معركة شيكان للدفاع عن الأبيض لثلاثة من كبار الأمراء وفي طليعتهم أبطال القطينة الأمير محمد عتمان ابوقرجة ، والامير شيخ فضلو ود أحمد وهما من أرومة بني عتمان ، حيث كان يطوف أحد ظرفاء المدينة وهو بين تجليات الحضور والغياب ويردد في شجن لازمة:
ياحليل أولاد عتمان الكلهم فرسان .
سنكتب عن القطينة بدم الشغاف وأنا ابن بجدتها ، فلها دم وعرق وسيف وقلم في مشروع النهضة السودانية منذ أبكار التاريخ ، فهي كانت تشكل الحدود الجنوبية لمملكة علوة المسيحية، وآخر نقطة حشد منها القائد عبد الله جماع جيشه للاجهاز على مملكة علوة ومن شرقها وغربها نهض شعب الفونج العظيم بقيادة عمارة دونقس وهزم جيش عبد الله جماع في أربجي ثم تحالفا وأسسا مملكة الفونج أول سلطنة إسلامية نهضت بعد سقوط الأندلس عام 1493. وقد زارها ملوك الفونج وفي طليعتهم الملك بادي أبوشلوخ.
(2)
في القطينة بدأت وقدة العلم في السودان وأشعل نارها الشيخ محمود العركي الذي سبق أولاد جابر الاكابر في تلقي العلم في مصر ثم عاد إلى السودان وبنى قصره المنيف ذو الشرفات والأسداد والذي يقع في الأحياء الجنوبية الشرقية لمدينة القطينة ولا تزال أوتاده راكزة. وأنار تقابة القرآن وعلم المجتمع الفقه وقد وثق ذلك بروف يوسف فضل عند تحقيقه كتاب الطبقات لود ضيف الله حيث أكد نهوض سبع منارات للعلم ممتدة من الحلفايا إلى مدينة الكوة في النيل الأبيض.
(3)
كما نالت القطينة شرف السبق في التعليم الديني، فقد نالت هذا الشرف الباذخ في التعليم النظامي حيث افتتح فيها جيمس كري وزير المعارف أول مدرسة للبنين عام 1902م والمدرسة الأميرية الوسطى عام 1953م ، لذلك ظلت مدينة القطينة عميقة التأثير في مجرى التاريخ الوطني الحديث ورفدت السودان بالأفذاذ بالسيف ما قنعوا فزانوا المنبرا فمنها على المثال لا الحصر الدرديري اسماعيل مؤسس حزب وحدة وادي النيل، وبابكر عوض الله أول وآخر سوداني تسنم رئاسة السلطات الثلاث في السودان ، والشيخ علي طالب الله أول امين عام لحركة الإخوان المسلمين ، ومحمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي ، وفاطمة احمد ابراهيم أول امرأة تدخل البرلمان ، والشاعر صلاح احمد ابراهيم، والفريق أول بشير محمد علي وزير الدفاع والفريق علي يوسف قائد نسور الجو، والوزير هارون عوض ورجل الاعمال الشيخ بشير النفيدي ،والدكتور عثمان الهادي في طليعة الآباء المؤسسين لتجربة التأمين الاسلامي في السودان، والوزير والشاعر عبد الباسط سبدرات، وأستاذ الأجيال الشيخ بشير سنادة والاستاذات نفيسة الشيخ وفاطمة عبيد طه.
ونسيج وحده البروف الفذ وعالم الفيزياء النظرية محجوب عبيد طه ، وكأني بالقطينة عناها الشاعر ود المكي ابن مدينة الأبيض بأبياته الفولاذية وهي تصدر في قفاز مخملي من أرومة ديوانه أمتي:
أمتي خطت مضاربها فوق يافوخ الشمس
وفرشت موائدها على أعلى الشمس
وتوزع قومها على حارات الشمس
في قمة الشمس الصبية
أمتي لفت عمائمها ووثقت العباءة
هذا عصير الشمس فوق جبهتي
هذا كساء أمتي
هذا الكساء دمغتي
(4)
للقطينة شرف مؤثل في المناجزة بالسنان عن السودان فقد تواثق ابنائها وفي طليعتهم ابوقرجة أمير البرين والبحرين مع الإمام المهدي على تحرير السودان من قبضة حكم أسرة محمد علي باشا وشهدوا معه كل المعارك حتى التحرير الشامل ، وقد وثق هذه الصولات شيخ المؤرخين السودانيين محمد عبد الرحيم في كتابه نفثات اليراع عن الشاعر محمد عثمان جقود
نحن الخيلنا غارا في نواحي سواكن
ونحن صغيرنا بخطف العلوج الماكن
(وشايبنا) عالم بالحروب وعراك
يدخل في الصواريخ قلبه ثابت وساكن
وشايبنا يقصد به الأمير شايب ود أحمد أحد أبطال المهدية.
ونساء القطينة تأبطن السيوف وقتلن المأمور ساتي بك وقنبور في معركة غابة النور بوبا الأب المؤسس للمدينة في ثوبها الحديث ، ومنها أول امرأة سودانية صنعت زاد المجاهد لجيش المهدي أثناء تقدمه لاسقاط الخرطوم وهي مريم بت أحمد والتي كانت تلقب بشقيقة الأمراء.
ولما هفا لسان شعراء الأغنية الوطنية بامدرمان، كانت القطينة حاضرة على لسان احد ابنائها الشاعر جعفر علي
ما براك ياامدرمان
معاك قطينة الفرسان
معاك قرجة ومعاك شايب
معاك عبد الله ود سلمان
صحيح القبة ضاوية مكان
وصحيح الطابية عز وأمان
تعالي معاي شوفي كمان
معاك صايم ديمة وشيخ الدومة
مكاوي ود عثمان
رجال قلوب عامرة بالإيمان
ناس الخلوة واللالوبة
والمهيوبة للضيفان وحواري في داخل الحيشان
(5)
القطينة مدينة الجمال فقد أسرت بسحرها الأخاذ الأدباء والفنانيين وذكرها ود الرضي في رائعته الاسكلا
جبل أولياء حبيبي غشا وحصل في القطينة عشا
وقد خصها الشاعر حسن اكرت في رائعته ظبية البص السريع
عدى بينا وفرك الرمال
للقطينة جنة بلال
قمت ليك أزحت الستار
ضوى وجهك وزاد النضار
والقطينة مدينة التنوع الفكري والسياسي والمجتمعي والتصاهر والاندماج وفي عمق طينتها الخصوب الودود الولود تحقق قولا وفعلا شعار وحدتنا وقوتنا في تنوعنا.
الله أكبر فقد عادت القطينة ببسالة الجيش والقوات النظامية والمقاومة الشعبية ودماء ابنائها البررة خاصة في احياء الكداريس والخلاوات الذين ارتقوا شهداء عزيزة أبية شامخة إلى حضن الوطن وستعود بسواعد ابنائها أكثر إعمارا ونماء وإثمارا ووضاءة وجمال، فشدوا الوثاق على الوثاق
نترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا
لنا ذكر وذكرى من فعال وخلق
ولنا إرث من الحكمة والحلم
وحب الآخرين
وولاء حينما يكذب أهليه الأمين
ولنا في خدمة الشعب عرق
وهكذا نحن ففاخر بنا.
عثمان جلال
الثلاثاء: 2025/2/25
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الأزهر للفتوى يوضح أعمال الحجاج ثاني أيام التشريق
كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته الرسمية على فيس بوك عن أعمال الحجاج ثاني أيام التشريق، 12 ذو الحجة.
وقال ان أعمال الحجاج ثانى أيام التشريق هى:- يبيت الحاجُّ بمِنى هذه الليلة.
- بعد الظُّهر يرمي الجمرات الثلاث ويفعل مثل ما فعل في اليوم السابق.
- ولفتت إلى أن نوى التَّعجُّل بالسفر جاز له، و يلزمه الانصراف من مِنى قبل غروب الشمس، ثم يطوف طواف الوداع.
أما من تأخَّر – وهذا هو الأفضل– يلزمه المبيت بمِنى.
أيام التشريق
أيام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وهي أيام أكل وشرب ولا يجوز فيها الصيام.
أيام التشريق الثلاثة
وأيام العيد وأيام التشريق الثلاثة، هي أيام أكلٍ وشربٍ وفرح، لكن السرور لا يدخل قلبَ المؤمن إلا بذكر الله، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. فقلوبُنا تطمئنُّ بذكره، وتمتلئ نورًا إذا ما تعلَّقت به سبحانه وتعالى.
كما أن أيامُ التشريق من وظائفها أن نُفطر فيها؛ قال رسول الله: «هذه أيامُ أكلٍ وشرب»، وقد حرَّم فيها الصيام، فنهى عن صيام خمسة أيام: يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، وثلاثة أيام التشريق. وقد حُمِل نهيه عند العلماء على الوجوب، فالصيام فيها حرام، لأنها أيامُ أكلٍ وشرب، وأيامُ فرح، لأنها أيامُ عيد، وهي كذلك أيامُ ذكر، لقول النبي فيما يرويه عن ربِّه: «ومن شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضلَ ما أُعطي السائلين».
سبب تسمية أيام التشريق
وسميت أيام التشريق بهذا الاسم، لأن الحجاج كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يقددونها ويبرزنونها للشمس حتى لا تفسد، فسموها أيام التشريق لذلك.
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله سبب تسمية أيام التشريق في كتابه فتح الباري ج 2، ص 589: «سُميت أيام التشريق لأنهم كانوا يُشرقون فيها لحوم الأضاحي أي يقددونها ويبرزونها للشمس، وقيل لأن الضحايا لا تُنحر حتى تُشرق الشمس، وقيل لأن صلاة العيد إنما تَصلى بعد أن تشرق الشمس».