قالت مجموعة الأزمات الدولية إن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لا يزال هشا، مما يطرح تساؤلات بشأن تداعيات الحرب التي اندلعت بين حزب الله وإسرائيل بين عامي 2023 و2024، وتمتد لتشمل مدى تمسك القوى المعارضة للحزب بمطلب نزع سلاحه وفقا لما ينص عليه الاتفاق.

وأضافت المجموعة -في تقرير نُشر اليوم الخميس بعنوان "احتواء التوترات الداخلية في لبنان بعد الحرب"، ووصل للجزيرة نت نسخة منه- أن تداعيات الحرب مع إسرائيل أعادت النقاش بشأن دور حزب الله العسكري في لبنان، إذ يرى الحزب أنه انتصر في المعركة رغم تفوق إسرائيل العسكري، لكن خصومه يرون أنه مسؤول عن جرّ لبنان إلى حرب مدمرة قبل أن يوافق لاحقا على شروط هدنة قاسية.

وأشار تقرير المجموعة إلى أن أزمة النزوح تعد من أبرز تداعيات الحرب، حيث نزح مئات آلاف اللبنانيين، ومعظمهم من الطائفة الشيعية. ورغم أن وقف إطلاق النار خفّف نسبيا من حدة التوترات فإن التقرير يحذر من أن هذه الأزمة لم تنته تماما، وقد تتفاقم مجددا إذا انهار اتفاق وقف إطلاق النار.

تحديات القيادة الجديدة

وفيما يتعلق بالأزمات السياسية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، ترى مجموعة الأزمات أن هناك تحديات جمة تواجه القيادة الجديدة للبلاد، خاصة بعد أن خرجت البلاد أخيرا من أزمة سياسية استمرت عامين من دون رئيس للجمهورية، ومع إدارة شؤون البلاد من قبل حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات.

إعلان

ففي أوائل العام الجاري، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وبعدها شُكلت حكومة جديدة برئاسة نواف سلام، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية.

ووضع تقرير المجموعة عدة تحديات تواجه هذه القيادة الجديدة، ومن أبرزها:

التعامل مع التحديات الكبرى التي تواجه البلاد، بما في ذلك الأزمات السياسية والاقتصادية. اعتماد نهج قائم على التسوية بدلا من المواجهات السياسة داخليا. بناء مؤسسات الدولة القادرة على تأمين مستقبل البلاد. الحفاظ على وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتجنب اندلاع حرب جديدة. إدارة العلاقة مع حزب الله بحذر لتفادي تصعيد غير محسوب. التعامل مع التدخلات الأجنبية التي قد تؤثر على استقرار لبنان عنصران من حزب الله يطلقان طائرة مسيرة باتجاه موقع إسرائيلي (مواقع التواصل) سلاح حزب الله

يفيد التقرير بأن الضربات التي تلقاها حزب الله من إسرائيل لم تؤد إلى انهيار قدراته العسكرية بالكامل، وأن الحزب لا يزال يحتفظ بقوة قتالية معتبرة مقارنة بمنافسيه المحليين، كما أنه وحليفه الرئيسي حركة أمل لا يزالان يتمتعان بنفوذ سياسي واسع داخل البرلمان والحكومة الجديدة، رغم تقديمهما بعض التنازلات.

وتحذر مجموعة الأزمات من أن محاولة فرض نزع سلاح حزب الله بالقوة لن تكون ناجحة، ومن غير المرجح أن يرضخ الحزب لمثل هذه الضغوط.

ويعدد تقرير المجموعة الأسباب تجعل الحزب يرفض التخلي عن سلاحه، ومنها:

القدرة على مواجهة التهديد الإسرائيلي: حزب الله يرى أن إسرائيل لا تزال تشكل تهديدا مباشرا للبنان، خاصة بعد تدخلها العسكري في سوريا وسعيها لتغيير موازين القوى في المنطقة. عدم الثقة في الدولة اللبنانية: الحزب يعتقد أن الدولة غير قادرة على حماية البلاد من التهديدات الخارجية، مما يجعله يرى في المقاومة ضرورة لحماية لبنان. الدعم الشعبي داخل الطائفة الشيعية: رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها الحزب، فإنه لا يزال يتمتع بدعم قوي داخل بيئته الحاضنة، مما يعزز موقفه في رفض التخلي عن سلاحه. إعلان الضغوط الخارجية

وكما أوصى تقرير مجموعة الأزمات القوى السياسية اللبنانية بالتحرك بحذر وتدريجيا في مسألة نزع سلاح حزب الله لتجنب التصعيد، فإنه يدعو الدول الأجنبية إلى الامتناع عن التدخل المباشر في هذا الملف، مشيرا إلى أن تعزيز الاستقرار اللبناني يتطلب:

العمل مع الحكومة الجديدة على تقديم المساعدات الإنسانية ودعم جهود إعادة الإعمار. يمكن للجهات المانحة دعم الجيش من خلال تقديم مخصصات مالية لتعويض الرواتب المنخفضة. الضغط الدبلوماسي على جميع الأطراف للالتزام بشروط اتفاق وقف إطلاق النار.

توتر طائفي

ورغم أن مسألة نزع سلاح حزب الله تمثل أهم التحديات التي تواجه لبنان، وأثارت مشاعر الاستياء في البلاد على مدار عقود، وفقا لتقرير مجموعة الأزمات، فإن البلاد ما زالت أمامها تحديات لا تقل صعوبة، ومنها "التوترات الطائفية الخطيرة" التي لا تزال كامنة تحت السطح ويمكنها الانفجار في أي لحظة، مما يجعل الحفاظ على الاستقرار مهمة معقدة.

ورغم أنه "من حق اللبنانيين المطالبة بحكومة تمارس سيادة حقيقية خالية من الجماعات المسلحة التي تضعف سلطة الدولة وتسبب الحروب"، فإن المجموعة تحذر كذلك من أن على السياسيين التعامل بحذر وحساسية مع هذه القضايا، "حتى لا يقودوا البلاد إلى فصول جديدة مظلمة من ماضيها الدموي".

ومجموعة الأزمات الدولية منظمة مستقلة مقرها بلجيكا، تأسست عام 1995، وتعمل على منع الحروب وتشكيل السياسات التي من شأنها بناء عالم أكثر سلاما، كما ينصب عملها على منع الصراعات حول العالم، والعمل على دعم الحكم الرشيد وتمكين المجتمعات من الازدهار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار مجموعة الأزمات سلاح حزب الله فی لبنان نزع سلاح

إقرأ أيضاً:

الأمين العام لحزب الله: كل من يطالب بتسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي

أكد نعيم قاسم في كلمته: "لن نقبل بأن يكون لبنان ملحقًا بإسرائيل، ولو اجتمع العالم كلّه، ولو قُتلنا جميعًا". اعلان

أكّد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، في كلمة ألقاها عبر الشاشة بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، الذي قُتل بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، أن سلاح الحزب "شأن داخلي لبناني"، مشدّدًا على أن "هذا السلاح ليس وسيلة تهديد، بل جزء من استراتيجية الدفاع الوطني التي تُصان بها سيادة لبنان واستقلاله".

وأضاف قاسم أن "إسرائيل واصلت خرق اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر 2024، بهدف الضغط على حزب الله وإجباره على التخلي عن سلاحه"، معتبرًا أن أي مطالبة بتسليمه "تخدم المشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة".

وأكد أن "سلاح حزب الله ليس ضد اللبنانيين، ولا يستخدم داخل الأراضي اللبنانية أبدًا"، مشيرًا إلى أن وجوده يُعدّ "ردعًا استراتيجيًا ضد التهديدات الخارجية"، لا سيما بعد ما وصفه بـ"التوسع الإسرائيلي المتواصل في الجنوب اللبناني"، والذي يشبه ما يحدث في سوريا حسب قوله.

وقال إن "الكيان الإسرائيلي لا يهتم بأمن مستوطناته في الشمال الفلسطيني المحتل، بل يسعى إلى توسيع نفوذه على كامل الأراضي اللبنانية"، مضيفًا أن "الولايات المتحدة تسعى إلى تدمير البنية السياسية والاجتماعية للبنان، وإثارة فتنة داخلية لخدمة مشروعها المعروف بالشرق الأوسط الجديد"، وفق تعبيره.

وأشار قاسم إلى أن لبنان، بكل طوائفه، يواجه اليوم "خطرًا وجوديًا حقيقيًا" من قبل "إسرائيل، والولايات المتحدة، والجماعات التكفيرية".

وأردف: "لن نقبل بأن يكون لبنان ملحقًا بإسرائيل، ولو اجتمع الكون كله، ولو قُتلنا جميعًا، ولن نقبل بذلك ما دام فينا عرق ينبض وفينا نفس حي".

وأوضح أن حزب الله "ليس ضعيفًا"، مؤكّدًا على حضوره السياسي والشعبي "القوي" داخل المجتمع اللبناني، وقال: "عندما أصبحت الدولة مسؤولة عن الأمن، لم نعد نتحمل وحدنا مسؤولية التصدي للعدوان، لكننا لن نستسلم لأي محاولة لفرض تسوية تُنهي وجودنا السياسي أو العسكري".

Related "الكلمات لن تكون كافية"... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاحضغط أمريكي على لبنان لإصدار قرار وزاري بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف المحادثاتالجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه استمرار الغارات الإسرائيلية رغم الاتفاق

على صعيد الملف الأمني، تستمر إسرائيل في تنفيذ غارات جوية في مناطق لبنانية متعددة، خاصة في الجنوب، حيث تدّعي توجيهها ضد "عناصر مسلحة مرتبطَة بحزب الله أو مواقع له". وتؤكد تل أبيب أنها ستواصل العمل "لإزالة أي تهديد يُشكل خطراً عليها"، مطالبة بوقف "إعادة ترميم القدرات العسكرية" للجماعة.

وفي المقابل، أفاد تقرير لوكالة "رويترز" بأن الولايات المتحدة تُكثف ضغوطها على الحكومة اللبنانية لإصدار قرار وزاري رسمي يلتزم بنزع سلاح حزب الله، كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات حول وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.

وأوضح التقرير أن المبعوث الأمريكي توم باراك لن يُرسل إلى بيروت لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين، إلا إذا تمّ التزام حكومة بيروت بخطوة واضحة في هذا الإطار، مشيرًا إلى أن واشنطن بدأت تُصرّ على إجراء تصويت سريع في مجلس الوزراء على القرار.

خارطة طريق أمريكية مقابل تمسك حزب الله بالسلاح

تجري محادثات بين بيروت وواشنطن منذ نحو ستة أسابيع حول خارطة طريق أمريكية تنصّ على نزع سلاح حزب الله بالكامل، مقابل وقف إسرائيل لضرباتها الجوية وسحب قواتها من خمس نقاط حدودية في جنوب لبنان.

وبحسب المصادر، فإن الاقتراح الأصلي يتضمّن شرطًا مركزيًا يتمثل في إصدار قرار وزاري لبناني يتعهد بنزع السلاح، وهو ما رفضه حزب الله علنًا، لكنه قد يدرس إمكانية تقليص الترسانة العسكرية بشكل محدود.

وقد طلب رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الحليف الرئيسي لحزب الله، من الولايات المتحدة ضمان وقف إسرائيل لضرباتها الجوية كخطوة أولى، قبل المضي في أي عملية تنفيذ لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم.

لكن التقارير أفادت بأن إسرائيل رفضت هذا الاقتراح في نهاية الأسبوع الماضي، ما دفع واشنطن إلى تعزيز ضغوطها على بيروت، وبدء إجراءات رسمية لتقييد الدعم السياسي والعسكري حتى تُتخذ خطوات ملموسة.

بعد زيارة إلى بيروت، كتب المبعوث الأمريكي توم براك منشورًا على موقع "إكس"، قال فيه: "ما دام حزب الله يحتفظ بالسلاح، فلن تكفي الكلمات. على الحكومة وحزب الله الالتزام الكامل والتحرك الآن، حتى لا يُسلّم الشعب اللبناني إلى الوضع الراهن المتداعي".

ووفي السياق، دعا رئيس الوزراء نواف سلام الى جلسة حكومية تعقد الأسبوع المقبل من أجل "استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً"، إضافة الى "البحث في الترتيبات الخاصة بوقف إطلاق النار".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • جديد ملف سلاح الحزب.. أمرٌ لن تقبله واشنطن
  • الأمين العام لحزب الله: كل من يطالب بتسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي
  • ضغوط أمريكية على لبنان لنزع سلاح حزب الله
  • ضغط أمريكي على لبنان لإصدار قرار وزاري بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف المحادثات
  • سلاح الحزب على طاولة الحكومة... القرار الصعب يقترب
  • السفير الاميركي المقترح للبنان: نزع سلاح حزب الله ليس خيارًا بل ضرورة
  • محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
  • واشنطن تضغط على لبنان بشأن نزع سلاح الحزب.. وهذا ما طلبه بري ورفضته اسرائيل
  • جعجع: سلاح حزب الله بلا فائدة ولم يعُد يُخيف إسرائيل
  • بأعلام مصر.. مظاهرة دعم وتأييد للقيادة السياسية بمؤتمر الجبهة الوطنية بالجيزة