للتّعبير عن البهجة في استقبال شهر رمضان، تتوارث الأجيال، في بلدان القرن الأفريقي، موروثاتها، فيما تزيد الحركة في الشوارع، ويتدفق السكّان إلى الأسواق لشراء حاجياتهم، كما تتبادل الأسر الزيارات.

ومع دخول شهر رمضان المبارك، تتباين عادات شعوب بلدان القرن الأفريقي بشكل كبير خلال رمضان، وإن تشابهت بعض الشيء ببعض بلدان المنطقة.



 نرصد في هذا التقرير أجواء شهر رمضان المبارك في بلدان القرن الأفريقي.


رمضان في إرتيريا.. فرصة لإنهاء الخصومات
تتهيّأ مدن أرتيريا لشهر رمضان المبارك، قبل قدومه، ببعض مظاهر الاحتفاء بهذا الشهر الكريم، استعدادا لصيام نهاره وقيام ليله.

وتتواصى الأسر الإريترية بتناول مشروب مرطّب يسمى باللهجة الإريترية (السنا)، وهو مشروب نباتي، خليط من صنع إريتري بحت، يؤخذ قبله فنجان من السمن البلدي؛ لتهيئة المعدة وتنقيتها، للتكيف مع مأكولات شهر رمضان. 

ويحرص السكان في إرتيريا خلال شهر رمضان على الاعتناء بالمساجد وإقامة الإفطارات الجماعية للفقراء، فيما يحرص المسلمون والذين يشكّلون 50 في المائة من سكان البلاد، على إصلاح ذات البين وإنهاء الخصومات بين الأشقاء والأصدقاء، وحتى العشائر والقبائل التي غالباً ما تكون بينها نزاعات حول المرعى والماء والمزارع.



وتشتمل المائدة الرمضانية في إرتيريا، على: التمر والماء وعصير البرتقال أو الليمون وبعض عصائر الفواكه الموسمية، والقرمش والمشبك، وفتة الشفوت وهي عبارة عن مزيج من الفلفل والثوم اللحم، وفتة الثريد وتسمى باللغة المحلية "فتفت".

وفي العاصمة الإريترية، أسمرا، يتسابق الناس على إحضار المأكولات إلى المساجد كل أيام الجمع والإثنين، رحمة على أمواتهم، وذلك ابتداء من الخامس عشر من رمضان. 

كذلك، تكتظ المساجد دائما بالمصلين رجالا ونساء وأول ما يقدّم للصائم في وجبة الإفطار، هو: "المديدة" الساخنة المخلوطة باللحم والكسرة العادية والعصيدة.

وبعد صلاة العشاء والتراويح، يعود الناس إلى منازلهم، لتناول العشاء الذي يتكون من أرز ولحم وشعرية، وفي السحور يتناول الناس العصيدة والجبنة.


جيبوتي.. تكافل وبهجة في رمضان
 يستقبل السكان في جيبوتي شهر رمضان المبارك، بفرح وسرور، وتقبل النساء على الأسواق والمحال التجارية لتأمين مستلزمات الإفطار، من أواني السفرة إلى أنواع الطعام المختلفة.

عند الإعلان عن ثبوت رؤية هلال رمضان، يهرع السكان في جيبوتي إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، فجيبوتي بلد مسلم بالكامل وليس فيه أقليات أخرى، ويتشكّل سكانه من قوميات ثلاث؛ الصومالية والعَفَرية والعربية، وجميعها تدين بالإسلام السُنّي.

يحرص الجيبوتيين على أداء الصدقات بكثرة في رمضان، حيث يحصرون على إدخال السرور إلى بعضهم البعض، فيما تشرف بعض الجمعيات طيلة الشهر الكريم على جمع الصدقات العينية والنقدية، من الطعام والمواد التموينية والملابس، وتقوم بتوزيعها على العائلات الفقيرة، لإغنائها في رمضان وإدخال الفرحة.



تتصدر السمبوسة مائدة الجيبوتيين في رمضان، وهناك أنواع مختلفة منها، بعضها باللحم المفروم، ومنها ما يُعدّ بمفروم الدجاج، ثم يضاف إليه بعض الخضراوات كالجزر والبصل، ثم تقلى بالزيت.

وبالإضافة إلى السمبوسة، تعدّ الكعكة المصنوعة من الفاصوليا والحمص والعدس من وجبات رمضان الرئيسية في جيبيوتي، تقلى الكعكة بالزيت، ويمكن تناولها مع الفلفل أيضا.

يحرص السكان على تناول وجبات رمضان في البيوت أو على شاطئ البحر، ويتميزون جميعهم بحسن الضيافة وحرارة الاستقبال.


حليب الإبل يروي عطش الصائمين في الصومال 
مع بدء شهر رمضان، تبدأ معه عادات اجتماعية لتعزيز التكافل والتراحم الاجتماعي لتخفيف معاناة الأسر الفقيرة في الصومال، خصوصا الذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، نتيجة غلاء الأسعار وقلة فرص العمل.

يبلغ عدد سكان دولة الصومال ما يقرب من عشرة ملايين نسمة، وجميع السكان فيها من المسلمين، يتبعون المذهب الشافعي.

وبسبب تقسيم البلاد إلى مناطق سياسية متعددة، قد يختلف ثبوت الشهر من مكان لآخر، فيصوم كل مكان حسب رؤيته الخاصة لهلال رمضان، ولا يعوّل على رؤية غيره.

يبدأ الإفطار في هذا البلد العربي الأفريقي، بتناول التمر ثم وجبة السمبوسة، وشيء من العصير المرطب، ثم يبادر الناس بعدها إلى صلاة المغرب في المسجد، وعقب الصلاة يعودون إلى منازلهم لتناول وجبة إفطارهم الأساسية مع عائلاتهم، وغالبًا تكون الأرز واللحم.



ومن أنواع المشروبات التي يفضّلها الصوماليون أثناء رمضان خاصّة وجبة الإفطار كالليمون الحامض والسمسم والبطيخ وغيرها من الخضروات، حيث تختفى ظاهرة تناول المشروبات الغازية والأخرى المعلبة والمستوردة من الخارج خلال شهر رمضان المبارك.

ويعدّ حليب الإبل "النوق" سيد المائدة خلال رمضان في الصومال التي تشتهر بامتلاكها ثروة كبيرة من الإبل. 

ويروي صوماليون أن حليب النوق له قدرة عالية في مقاومة العطش أثناء رمضان، كما أنه يساعد في حرق الدهون والحموضة، ومقاومة بعض الأمراض، وهذا ماجعل الصوماليين يقبلون على شربه وخاصة في رمضان.


"المديدة وشراب الأبري" مائدة رمضان في تشاد
يستقبل التشاديون، شهر رمضان المبارك بفرحة وسرور، فيما يتسابق الأثرياء من المسلمين في تقديم وجبات الإفطار للفقراء والمساكين وعابري السبيل.

أيضا، يتسابق التشاديون لجذب الصائمين للإفطار على موائدهم الرمضانية، حيث تجدهم يقفون في الطرقات وهم يدعون المارة للإفطار لديهم.



تتصدّر مائدة رمضان في تشاد، مشروبات الكركديه وماء الأبري وعصير الليمون، إذ أن معظم الطعام في رمضان في تشاد يتركز على السوائل، بفعل ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد الصحراوي.

يبدأ التشاديون الاستعداد لشهر رمضان، قبل أسابيع من حلوله، فيما يبدأ البعض استعداداتهم لرمضان من بداية شهر شعبان.


تحرص غالبية الأسر التشادية على تناول وجبة الإفطار في الساحات الخارجية للمنازل، وعادة ما يبدأ هذا الفطور تدريجيا بالماء والتمر وبعض العصائر واللحم الناشف، فيما تبقى بعض الأسر متحلقة حول مائدة الإفطار حتى قرب صلاة العشاء.

ومن عادات رمضان في تشاد، حرص الأسر على تنفيذ برنامج تقوم خلاله كل أسرة بالإفطار عند أحد أقاربهم على مدار أيام الشهر، ويتسابقون على هذه العادة بصورة لافتة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية القرن الأفريقي القرن الأفريقي رمضان2025 اجواء رمضان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شهر رمضان المبارک السکان فی فی رمضان

إقرأ أيضاً:

مجاعة القرن تحصد 14 روحا في يوم والشفاء يدق ناقوس الخطر

كشف مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية عن مأساة إنسانية مروعة تتكشف فصولها داخل أروقة المستشفيات الفلسطينية، حيث سجل المجمع 6 وفيات خلال أقل من 24 ساعة -بينها طفل- نتيجة الجوع وسوء التغذية.

ووصف أبو سلمية الوضع بأنه جريمة ضد الإنسانية، مؤكدا أن هذه الأرواح لم تجد كسرة خبز واحدة لتبقى على قيد الحياة.

وتتسع دائرة المأساة لتشمل قطاع غزة بأكمله، حيث بلغ إجمالي الوفيات نتيجة المجاعة في يوم واحد 14 وفاة توزعت بين 6 وفيات في مجمع الشفاء و8 وفيات في باقي مستشفيات القطاع.

ويتراوح هؤلاء الضحايا بين أطفال ونساء ومن هم في مقتبل الثلاثينيات من العمر، وجميعهم وصلوا إلى المستشفيات قبل 5 أيام في وضع مأساوي وكارثي، لكن الطواقم الطبية عجزت عن تقديم أي خدمة لهم.

وتجسدت المأساة الإنسانية -وفقا لأبو سلمية- في قصة طفل يبلغ من العمر 5 سنوات لم تجد أمه له طعاما ولا حليبا، حتى إن حليب الرضاعة الطبيعي جف من ثدييها.

واضطرت الأم اليائسة إلى إطعام طفلها بعض الأعشاب التي أدت إلى مضاعفات خطيرة وتسمم، مما تسبب في وفاة الطفل.

وتكشف هذه الحادثة عن مستوى اليأس الذي وصلت إليه الأمهات الفلسطينيات في محاولاتهن الحفاظ على حياة أطفالهن.

ووفقا لإحصائيات أبو سلمية، وصل العدد الإجمالي لشهداء التجويع في قطاع غزة إلى 147 شهيدا، لكنه أكد أن هذا الرقم قليل جدا مقارنة بالواقع الحقيقي.

والسبب في ذلك أن المئات يموتون بصمت في خيامهم وبيوتهم دون أن يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات، وبالتالي لا يتم تسجيل وفياتهم رسميا، مما يعني أن الأرقام الحقيقية أكثر إيلاما مما هو معلن.

وانتقد مدير مجمع الشفاء المساعدات التي يتم الترويج لدخولها إلى قطاع غزة، واصفا إياها بأنها ذر رماد في العيون ولا تدخل بالكميات الكافية، موضحا أن ما دخل من مساعدات اقتصر على كميات قليلة من الدقيق، والذي رغم أهميته فإنه لا يعالج المجاعة ولا نقص الفيتامينات ولا الأمراض المترتبة على سوء التغذية.

إعلان

وأوضح أن المشكلة تفاقمت بعدم وصول هذه الكميات القليلة إلى جميع المحتاجين، حيث تم الاستيلاء عليها من قبل بعض الأشخاص بسبب غياب آليات توزيع واضحة.

آثار ممتدة لسوء التغذية

وكشف أبو سلمية عن ظهور شريحة جديدة ومؤلمة من الضحايا، وهم الجرحى الذين خضعوا لعمليات جراحية ناجحة، لكنهم يواجهون الموت بسبب سوء التغذية.

هؤلاء المرضى الذين كان من المفترض أن يمكثوا في المستشفى 5 أيام يضطرون للبقاء شهرا أو أكثر، لأن جروحهم لا تلتئم بسبب نقص التغذية، جروحهم تلتهب وتتعفن، وبعضهم يفقد حياته رغم نجاح العملية الجراحية نفسها.

كما تمثل أزمة حليب الأطفال واحدة من أخطر التحديات التي تواجه قطاع غزة، حيث يواجه آلاف الرضع خطر الموت المحقق، وفقدت النساء المرضعات القدرة على الإرضاع الطبيعي بسبب سوء تغذيتهن، مما يضطر الأمهات إلى إعطاء أطفالهن الرضع المياه والأعشاب، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على حياتهم.

وحذر أبو سلمية من أن آثار سوء التغذية ستمتد لتشمل الأجيال المقبلة، مؤكدا أن سوء التغذية ليس مرضا عارضا يمكن علاجه خلال أيام، بل يحتاج إلى تأهيل طويل.

وأوضح أن الأطفال في مرحلة النمو من عمر يوم إلى 10 سنوات يمرون بمرحلة النمو الجسماني والإدراكي والعقلي، وإن لم تتوفر تغذية جيدة فسيعانون في المستقبل من أمراض الكلى والكبد والبنكرياس، بالإضافة إلى مشاكل إدراكية وعقلية تشمل أنواعا من التوحد والانطوائية وصعوبات التعلم.

وكانت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية حذرت -مؤخرا- مما وصفتها بـ"مجاعة وشيكة"، والآن تؤكد أن المجاعة باتت واقعا حتى إن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس وصف في مؤتمر صحفي المشاهد بغزة قائلا "لا أرى وصفا أنسب لما يحدث سوى أنه تجويع جماعي، وهو من صنع الإنسان، وهذا جلي للغاية".

وفي الوقت نفسه، تقف نحو 6 آلاف شاحنة محملة بالغذاء والماء والإمدادات تابعة للأمم المتحدة عند مشارف غزة، وتؤكد المنظمة الدولية أن إسرائيل تمنع دخول هذه القوافل.

مقالات مشابهة

  • محور عسكري جديد في القرن الإفريقي
  • عقب زلزال كامتشاتكا… أمواج تسونامي تصل إلى هاواي الأمريكية وتحذيرات في بلدان عدة حول العالم
  • بيان من أسرة الشهيد محمد المبارك عبدالعزيز وإبنته جواهر
  • سائق يحمل دعمًا لـ غزة: نقل الغذاء لإخواننا في القطاع فرحة لا توصف | فيديو
  • (اين جوجو المبارك يا التعايشي وفارس النور ؟)
  • فرحة تحوّلت إلى مأساة... هكذا خسر محمد حياته بعد نجاحه في الإمتحانات
  • سيلين شميت لـ سانا: يبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين العائدين طوعاً 72 لاجئاً، وتتجه بعض العائلات إلى مناطق في حمص، فيما تعود عائلات أخرى إلى مناطق في ريف دمشق تشمل: قطنا، الزبداني، ببيلا، النشابية، وداريا
  • سلمى المبارك تلتقي أعضاء المكتب التنفيذي لمسار الوسط بولاية سنار برئاسة هجو
  • فرحة في بيت نجم الأهلي.. مروان عطية يستقبل مولودته ألما
  • مجاعة القرن تحصد 14 روحا في يوم والشفاء يدق ناقوس الخطر