هل يؤثر صيام شهر رمضان سلبا على الحامل والجنين؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
يثير صيام رمضان أثناء الحمل جدلا مستمرا بين الخبراء، إذ تتباين الدراسات العلمية بين مؤيدة للصيام ومحذرة من مخاطره المحتملة على الأم والجنين.
دراسة حديثة صادرة عن كلية الصحة العامة المشتركة في جامعة أولد دومينون بعنوان "آثار صيام رمضان أثناء الحمل على نتائج الحمل والولادة" أشارت إلى عدم وجود إجماع علمي حول تأثير الصيام على الحمل، إذ لم تتمكن الدراسات المتوفرة من تقديم دليل قاطع يمكن اعتماده في تقديم توصيات طبية واضحة للحامل.
كما أكدت الدراسة أن الأبحاث الحالية لا توفر دليلا إرشاديا شاملا للنساء الحوامل المسلمات.
دراسات مقابل أخرىفي المقابل، أشارت بعض الدراسات القديمة إلى احتمال وجود آثار سلبية للصيام على صحة الحامل والجنين، خاصة في حالات معينة، وقد أوضحت دراسة، نشرتها المجلة الأميركية لأمراض النساء والتوليد في يونيو/حزيران 2023 بعنوان "صيام رمضان والحمل: دليل قائم على الأدلة لطبيب التوليد"، أن الصيام قد لا يكون له تأثير كبير على وزن الولادة أو خطر الولادة المبكرة، لكنه ارتبط بزيادة إجهاد الأمهات والجفاف، إضافة إلى انخفاض مستويات السائل الأمينوسي، وهو عامل مهم لنمو الجنين داخل الرحم.
وفي دراسة مغربية بعنوان "صيام رمضان في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل وتركيزات اللبأ بعد الولادة"، فأظهرت بدورها أن صيام الحامل قد يؤدي إلى زيادة نسبة الكورتيزول في اللبأ (أول إفرازات حليب الأم بعد الولادة)، مما قد يؤثر على البيئة الهرمونية للرضيع.
أما الحوامل المصابات بداء السكري، فقد حذرت دراسة صادرة عن قسم الغدد الصماء في مستشفى سانت جورج العام في أستراليا سنة 2022 من أن الصيام قد يشكل خطرا كبيرا على استقرار نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى تقلبات حادة في مستويات الجلوكوز، قد تعرّض كلا من الأم والجنين لمضاعفات صحية.
ورغم التحذيرات، لم تجد أبحاث أخرى تأثيرا سلبيا واضحا للصيام على الحمل في ظروف معينة، أبرزها دراسة نُشرت في العدد الأول من مجلة أمراض النساء والتوليد عام 2024، بعنوان "تأثير صيام رمضان على مستويات الإجهاد التأكسدي في الثلث الثاني من الحمل"، لم تجد أي أدلة قوية تشير إلى أن الصيام خلال هذه المرحلة يؤثر بشكل سلبي على صحة الأم أو الجنين.
إعلان نصائح للحامل في حالة الصياممن ناحيتها، تنصح استشارية أمراض النساء والتوليد د. سوزي محفوظ، الحامل التي تتمتع بصحة جيدة في الصيام خلال شهر رمضان، باتباع مجموعة من الإرشادات الطبية، ومنها:
الاهتمام بوجبة السحور، بحيث تحتوي على بروتينات مثل البيض والزبادي والحبوب الكاملة والخضراوات، لضمان الشعور بالشبع لفترة أطول، مع تجنب المخللات والأطعمة المالحة. كسر الصيام تدريجيا عند الإفطار، بالبدء بالتمر والماء، ثم تناول شوربة دافئة قبل الوجبة الرئيسية. تجنب الأطعمة الدسمة والمقلية، والابتعاد عن الحلويات التي ترفع نسبة السكر في الدم بسرعة. شرب كميات كافية من الماء والعصائر الطبيعية بين وجبتي الإفطار والسحور، لتجنب الجفاف. الحصول على قسط كافٍ من الراحة، وتجنب المجهود البدني الزائد أثناء النهار. التوقف عن الصيام فورا في حالات الدوار الشديد، أو القيء المستمر، أو ضعف حركة الجنين.في المقابل، تنصح د. محفوظ بتجنب الصيام للحامل في مجموعة من الحالات حفاظا على صحة الأم والجنين، ومنها:
وجود قيء مستمر أثناء الحمل، مما قد يؤدي إلى الجفاف ونقص التغذية. ملاحظة تغير لون البول ليصبح داكنا، وهو مؤشر على نقص السوائل في الجسم. ضعف عام أو انخفاض شديد في ضغط الدم، مما قد يؤدي إلى الدوار أو فقدان الوعي. الإصابة بمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، حيث يمكن أن يؤثر الصيام سلبا على استقرار الحالة الصحية. ضعف حجم الجنين أو قصور تدفق الدم إليه، وفقا لتقارير الموجات فوق الصوتية.أخيرا، نظرا لتفاوت الآراء الطبية، يبقى قرار صيام الحامل شخصيا، ويعتمد على استشارة الطبيب المختص، الذي يمكنه تقييم الحالة الصحية للأم والجنين واتخاذ القرار الأفضل. كما يجيز الكثير من علماء المسلمين للمرأة الحامل الإفطار إذا شعرت بخطر على صحتها أو صحة جنينها، بل يوجب الإفطار في الحالات التي قد تؤدي إلى ضرر حقيقي.
فإذا كانت الحامل بصحة جيدة، ولم تعانِ من أي مشكلات صحية، يمكنها الصيام وفق إرشادات طبية دقيقة، أما إذا كانت تعاني من مشكلات صحية مثل السكري، أو انخفاض ضغط الدم، أو ضعف الجنين، فمن الأفضل لها الامتناع عن الصيام واستشارة الطبيب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان النساء والتولید صیام رمضان یؤدی إلى
إقرأ أيضاً:
سلاحُ المقاومةِ.. بينَ بقاءِ الأمّةِ وفنائِها
“السلاحُ إن ضاعَ، ضاعَتْ معهُ الكرامة، وإن خُلع، خُلعَتْ هيبةُ الأمة من جذورها، فما كانت الأممُ لتنهضَ إلا بصليلِ السيوفِ ورائحةِ البارود.”
ففي زمنٍ تعالتْ فيه الأصواتُ المناديةُ بنزعِ سلاحِ المقاومة، وانبرى فيه بعضُ من أبناءِ الأمّةِ للعبِ دورِ المحامي عن “السلام الموهوم”، كان لزامًا علينا، نحن أبناءَ الضاد، أن نصدعَ بالحقيقة كما هي، ناصعةً لا يشوبها التزييف، نقيّةً لا يعتريها التمويه، جهرًا لا همسًا، وبلاغةً لا تلعثمًا.
فالسلاحُ ليس قطعةَ حديدٍ تحملها الأيدي، بل هو عنوانُ كرامةٍ، ورمزُ عزةٍ، وحصنٌ منيعٌ تتكسر عليه سهامُ الطغيان. هو، وإن طال صمتُ العربِ، ما زال الناطقَ الوحيدَ باسمِ الأرضِ والعرضِ، وهو وحدهُ من صانَ فلسطينَ حين تخلى عنها الملوكُ والرؤساءُ، وغابتْ عنها المؤتمراتُ والبياناتُ.
إن نظرةً في مرآةِ التاريخِ تكشفُ لنا أن كلَّ أمةٍ نالت حريتها، لم تنلها بالمفاوضات، ولا بالاستجداء، بل بنارِ البندقيةِ، وزئيرِ الثوار.
الجزائر، تلك الأرضُ الطاهرةُ التي خضبتها دماءُ مليون ونصف المليون شهيد، لم تتحرر من نيرِ الاستعمار الفرنسي إلا بعد أن استلّ أبناؤها السلاح، وجعلوا من الجبالِ معاقلَ ومن الصحارى ميدانًا.
الفيتناميون، دكّوا جحافلَ أمريكا تحت نيرانهم، ولم يُمهلوا الاحتلالَ أن يستوطنَ أرضهم.
كوبا تحت رايةِ “تشي غيفارا” و”فيدل كاسترو”، لقّنت الاستعمار درسًا لا يُنسى في المقاومةِ المسلحة.
بل حتى أوروبا ذاتها، ما نالت الخلاص من النازية إلا بالمقاومة المسلحة.
فمن ذا الذي يجرؤ، بعد هذا، أن يقول إن السلاحَ خطرٌ؟ بل الخطرُ كلُّ الخطرِ أن يُنزعَ من يدِ المقاوم، فيصيرَ الوطنُ لقمةً سائغةً في أفواهِ المحتلين، وأرضًا بلا حرّاس.
إنّ ما نشهده اليومَ من دعواتٍ خبيثةٍ لنزعِ سلاحِ المقاومةِ في فلسطين، وفي لبنان – لا سيّما من حزب الله – ليس إلّا حلقةً من حلقات المشروعِ الصهيونيّ الممتد، والذي عجز عن النيلِ من المقاومةِ في الميدان، فأرادها الآن أعزلَ، وحيدًا، محاصرًا لا بسلاحِ العدو، بل بخذلانِ القريب.
السلاح، كما يرى السيد القائد، هو صمّامُ أمانٍ، وهو الحصنُ الأخيرُ بعد انهيارِ جدرانِ الأمة. وإننا إذ نتأملُ في دعوته لتسليحِ فلسطين، لا نملك إلا أن نقفَ مذهولين من واقعٍ فيه تُخذلُ فلسطين من العربِ، وتُدعم من الأحرارِ حيثُ وُجدوا.
فإن التعايشُ مع الصهيونيّ محال، لأن عقيدته تجرّمه. ففي تلمودهم ما يُجيزُ لهم قتلَ غير اليهود، واحتقارَهم، ويصفُ أبناءَ هذه الأمة بأبشعِ الصفات. فكيف يُعقلُ التعايشُ مع من يرى فيك أقلَّ من الحيوان؟!
أليس هذا ما قاله حاخاماتهم؟ بل ألم تُترجم تلك العقيدةُ في المجازرِ المتلاحقةِ: صبرا، شاتيلا، جنين، غزة، وكل بقعةٍ من أرض فلسطين الطاهرة؟
فيا أبناء الأمة، لا تكونوا شهودَ زورٍ على خيانةِ قرنٍ بأسره. إنَّ نزعَ سلاحِ المقاومةِ هو نزعٌ لقلوبِ الرجال، ونزعٌ لراياتِ الكرامة، بل هو خيانةٌ لأشرفِ قضيةٍ في التاريخ.
افتحوا أعينكم، فإنّ المشروعَ الصهيونيّ لم ييأس، بل غيّر التكتيك، وإنّ أصواتَ “الحياد” ليست إلا سهامًا في ظهر المقاومة، وإن صيغت بلغة “العقلانية”.
فالسلاحُ لا يُنزع من المقاوم إلا ويُمنح للعدو، والأمةُ التي تُجرَّدُ من بندقيتها، كالشاةِ التي تنتظرُ الذبحَ، لا تملكُ إلا أن تُذبح.”
لا تخذلوا أنفسكم قبل أن تخذلوا فلسطين. اجعلوا سلاحَ المقاومة مقدّسًا لا يُمسّ، فذلك وحدهُ الكفيلُ بأن تظلَّ الرايةُ مرفوعة والأرضُ مصانة والكرامةُ محفوظة.