ممارسة الرياضة خلال شهر رمضان تُعد من العادات الصحية التي ينبغي على الصائم تبنيها لما لها من فوائد كبيرة على الصحة الجسدية والنفسية، بشرط أن تتم بطريقة صحيحة ومنتظمة. ومع ذلك، يفرض الصيام تحديات خاصة تتعلق باختيار التوقيت المناسب لممارسة التمارين، بالإضافة إلى تحديد نوعيتها وشدتها، مع مراعاة أهمية التغذية السليمة قبل وبعد التمرين.
يمكن ممارسة الرياضة في رمضان في أوقات محددة لتحقيق أفضل النتائج دون التأثير على صحة الصائم. يُعد التوقيت قبل الإفطار بساعة إلى ساعتين من أفضل الفترات لممارسة التمارين، خاصة التمارين متوسطة الشدة مثل المشي أو التمارين الهوائية الخفيفة. في هذا الوقت، يكون الجسم قد استهلك جزءًا كبيرًا من مخزون الجلوكوز، مما يعزز عملية حرق الدهون بشكل أكثر كفاءة. ومع ذلك، يُنصح بتجنب التمارين الشديدة خلال هذه الفترة لتفادي الجفاف والإرهاق.
يُعد الوقت بعد الإفطار بساعتين إلى ثلاث ساعات مناسبًا كذلك لممارسة الرياضة، حيث يكون الجسم قد استعاد جزءًا من طاقته بعد هضم وجبة الإفطار، ما يجعله أكثر قدرة على أداء التمارين عالية الشدة مثل رفع الأثقال، الجري، أو الرياضات الجماعية. هذا التوقيت مثالي لمن يسعون إلى بناء العضلات أو تحسين مستوى اللياقة البدنية بشكل عام. يمكن أيضًا ممارسة التمارين الخفيفة بعد وجبة السحور، خاصة لمن اعتادوا على التمارين في الصباح الباكر. ومع ذلك، من المهم تجنب المجهود الشديد لتفادي الشعور بالعطش أو الإرهاق خلال ساعات الصيام.
توجد عدة أنواع من التمارين المناسبة لممارستها خلال شهر رمضان، حيث يمكن أداء التمارين الخفيفة إلى متوسطة الشدة، مثل المشي، التمدد، أو التمارين الهوائية الخفيفة، التي تساهم في تحسين الدورة الدموية وزيادة النشاط دون استنزاف طاقة الجسم. أما تمارين القوة، مثل رفع الأثقال، فمن الأفضل ممارستها بعد الإفطار، عندما يكون الجسم قد استعاد طاقته من الطعام، مع التركيز على تمارين قصيرة وفعّالة وتجنب الإفراط في الشدة. وبالنسبة للرياضات الجماعية، مثل كرة القدم أو كرة السلة، يُفضل ممارستها بعد الإفطار مع الحفاظ على ترطيب الجسم جيدًا وعدم بذل مجهود مفرط. أما تمارين التحمل، مثل الجري أو ركوب الدراجة، فمن الممكن أداؤها بعد الإفطار بساعتين على الأقل.
لممارسة الرياضة بأمان خلال شهر رمضان، هناك عدة نصائح يجب اتباعها. أولًا، احرص على ترطيب الجسم جيدًا من خلال شرب كميات كافية من الماء بين الإفطار والسحور لتجنب الجفاف، مع تناول مشروبات تحتوي على الأملاح المعدنية لتعويض ما يفقده الجسم أثناء التمرين. ثانيًا، تجنب ممارسة التمارين الشديدة في الطقس الحار، خاصة عند ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وابتعد عن الأوقات التي تكون فيها الشمس ساطعة ودرجات الحرارة مرتفعة لتفادي الإجهاد الحراري. ثالثًا، تناول وجبة متوازنة بعد التمرين، بحيث تحتوي على البروتين لبناء العضلات، الكربوهيدرات لاستعادة الطاقة، والخضروات والفواكه لتعويض الفيتامينات والمعادن. رابعًا، استمع إلى جسدك، فإذا شعرت بالتعب أو الدوخة، توقف عن التمرين فورًا وخذ قسطًا من الراحة، وتجنب دفع نفسك إلى أقصى حدودك أثناء الصيام. وأخيرًا، تجنب الإفراط في تناول الطعام قبل التمرين، فإذا كنت تخطط لممارسة الرياضة بعد الإفطار، ابتعد عن الوجبات الدسمة أو الكبيرة مباشرة قبل التمرين، لأنها قد تسبب الشعور بالخمول والثقل.
هناك العديد من الفوائد لممارسة الرياضة خلال شهر رمضان، منها تحسين الصحة العامة من خلال تعزيز الدورة الدموية، دعم صحة القلب، وتقوية العضلات. كما تساعد على التحكم في الوزن، حيث تسهم التمارين المنتظمة في حرق الدهون والحفاظ على وزن مثالي، خاصة مع تغير أنماط الأكل خلال الشهر الفضيل. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الرياضة الصحة النفسية عبر تحسين المزاج وتقليل التوتر والقلق، ما ينعكس إيجابيًا على جودة الحياة. وعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن ممارسة الرياضة بشكل معتدل تزيد من مستويات الطاقة وتحدّ من الشعور بالخمول، ما يساعد الحفاظ على النشاط طوال اليوم.
ممارسة الرياضة في رمضان ليست ممكنة فحسب، بل هي مفيدة للغاية عند ممارستها بطريقة صحيحة. السر يكمن في اختيار التوقيت المناسب، وانتقاء التمارين الملائمة، والاهتمام بترطيب الجسم والتغذية السليمة. من خلال اتباع هذه الإرشادات، يمكنك الاستفادة من فوائد الرياضة دون الإضرار بصحتك، ما يجعل شعر رمضان فرصة مثالية لتحسين لياقتك البدنية وتعزيز صحتك العامة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ممارسة الریاضة فی لممارسة الریاضة ممارسة التمارین خلال شهر رمضان بعد الإفطار
إقرأ أيضاً:
خبير رياضي: مصر تمتلك مواهب.. ومنظومة الرياضة بحاجة إلى إنقاذ شامل خلال 8 سنوات
أكد الدكتور علاء حلويش خبير الأداء الرياضي والعميد الأسبق لكلية علوم الرياضة، أن الرياضة المصرية تعيش حالة من “التراجع المنهجي” نتيجة تراكم أخطاء كبيرة امتدت لسنوات طويلة، موضحًا أن الحلول الجزئية أو التدخلات العاجلة لم تعد كافية على الإطلاق، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك المواهب والقدرات، لكن غياب التخطيط والحوكمة يمثل فجوة ضخمة بين الإمكانات والنتائج.
وأوضح حلويش في تصريح خاص، أن إحدى أبرز المشكلات تتجسد في ضعف الإدارة الرياضية، حيث ما زالت العديد من الاتحادات تعتمد على قرارات فردية دون منظومة مؤسسية واضحة، وهو ما يؤدي إلى غياب تقييم الأداء وارتباك القرارات الفنية، إلى جانب تضارب المصالح داخل بعض الهياكل الإدارية، مما يضعف قدرة المنظومة على التطوير والنمو.
وأضاف حلويش، أن الطب الرياضي يمثل “ثغرة خطيرة” داخل البنية الرياضية الحالية، إذ تُجرى الفحوصات الطبية بشكل سطحي، بينما تفتقر البطولات لخُطط طوارئ معتمدة أو فرق إسعاف مجهزة، وهو ما تسبب في حوادث مؤسفة كان يمكن تفاديها تمامًا، لافتًا إلى أن أي نهضة رياضية حقيقية يجب أن تبدأ بسلامة اللاعب قبل أي شيء آخر.
وانتقل خبير الأداء الرياضي للحديث عن تأثير ثقافة الشو الإعلامي التي طغت، على حد وصفه، على العمل الفني الحقيقي، مشددًا على أن اختيار اللاعبين للمشاركات الدولية ينبغي أن يخضع لمعايير واضحة وبيانات دقيقة، وليس للأضواء أو الضغوط الإعلامية.
وأضاف أن غياب برامج صناعة البطل منذ المراحل العمرية المبكرة ساهم في فقدان مصر مكانتها في الرياضات الفردية والبطولات العالمية.
وتناول حلويش أزمة نموذج التمويل الرياضي، موضحًا أن الاعتماد الكامل على الدعم الحكومي لم يعد كافيًا؛ فالعالم الرياضي الحديث قائم على شراكات اقتصادية قوية، وصناديق استثمار، واستغلال ذكي لحقوق البث والرعاية، بينما ما زالت الاتحادات المحلية تقف بعيدًا عن هذه المنظومة الحديثة، مما يحد من قدرتها على المنافسة.
وأشار العميد الأسبق لكلية علوم الرياضة إلى أن ضعف المنافسة المحلية يعد من الأسباب الجوهرية للتراجع، إذ تفتقر البطولات المحلية للانتظام والجودة الفنية والتنظيمية، وهو ما يؤدي إلى خروج لاعبين غير قادرين على مواجهة المستوى الدولي، بينما يظل تطوير المدربين والحكام من الملفات المهملة رغم أهميته القصوى.
وفي سياق متصل، أكد حلويش أن القصور الإداري داخل المنشآت الرياضية يعرقل أي محاولات للتطوير، موضحًا أن كثيرًا من الملاعب والمنشآت لا تطبق معايير السلامة أو نظم الإدارة الحديثة، وتُدار بطرق تقليدية لا تُواكب التطورات العالمية، مؤكدًا أن هذا القصور يتزامن مع غياب شبه كامل للتحول الرقمي، حيث لا توجد قواعد بيانات موحدة للرياضيين أو سجلات إلكترونية تساعد بالفعل في التقييم والتطوير.
وانطلاقًا من هذا التشخيص، طرح الدكتور علاء حلويش خارطة طريق تمتد من 6 إلى 8 سنوات لإصلاح المنظومة الرياضية، تبدأ بإعادة هيكلة الاتحادات وتطبيق منظومة حوكمة صارمة، ثم إنشاء مركز طبي رياضي وطني، يتبعه برنامج قومي لاكتشاف المواهب “Talent ID”، مع التركيز على الألعاب الواعدة مثل رفع الأثقال، السباحة، الجمباز، المصارعة، والجودو.
وشدد على ضرورة تمكين القطاع الخاص عبر شراكات طويلة الأمد وصندوق دعم للمواهب، إضافة إلى تطوير دوريات محلية قوية، وأخيرًا تنفيذ تحول رقمي شامل يمنح الرياضة المصرية بنية معلوماتية حديثة.
وفي ختام حديثه، أكد حلويش، أن الرياضة المصرية قادرة على استعادة مكانتها، لكن ذلك لن يحدث دون “إرادة حقيقية ورؤية واضحة” تلتزم بها كل المؤسسات الرياضية. وختم بقوله: "الإنجاز ليس صدفة.. والبطولة ليست قرارًا فرديًا، ما نحتاجه هو بناء منظومة كاملة تقود الأجيال القادمة لتحقيق ما تستحقه مصر من إنجازات".