مجدّدًا، نجح مسؤول ملف الموارد والحدود في "حزب الله"، نواف الموسوي، بتصريحاتٍ وُصِفت بـ"الجدلية"، ربطًا بنتائج الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، حيث تحدّث فيها صراحةً عن "قصور وتقصير"، في معرض إشارته إلى أنّ ما يعتبره الاحتلال الإسرائيلي "إنجازات" حقّقها ضدّ الحزب في هذه الحرب، لا تتسم في واقع الأمر بالذكاء، "إنّما هي ناجمة عن قصور لدينا، وأحياناً تقصير"، وفق تعبيره.


 
وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين، أفصح الموسوي عن الكثير، حيث أعرب عن استغرابه لبقاء الشهيد السيد حسن نصر الله في مكان استشهاده في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطرّق إلى "مجزرة البيجر"، منتقدًا كيف أنّ الجهات المعنية في الحزب لم تبادر إلى فحص أجهزة البيجر، ولكنّه قال إنّ الحزب قادر على تعريض الاحتلال لضربات "إذا عوّض القصور وأنهى التقصير وحلّ الاختراقات التقنية والبشرية"، وفق قوله.
 
وانقسم الرأي العام، بما في ذلك جمهور "حزب الله" نفسه، إزاء تصريحات الموسوي، التي وصفها جزء منه بـ"الجريئة والمتقدمة"، باعتبار أنّ حقّ الجمهور على القيادة أن تتوجّه إليه بمثل هذه "المصارحة"، بغضّ النظر عن كلّ التفاصيل، فيما رأى آخرون أنّها "تضرّ الحزب وتخدم خصومه إلى حدّ بعيد"، خصوصًا أنّ المراجعة المطلوبة يجب أن تنجَز خلف الغرف المغلقة، وليس عبر الإعلام، كما فعل الموسوي..
 
"جرأة.. وواقعية"
 
صحيح أن الآراء بما صدر عن الموسوي تباينات، حتى داخل البيئة الحاضنة لـ"حزب الله"، التي خرج فيها من يدعو إلى "مساءلة" الرجل، بل "طرده" من صفوف الحزب، باعتبار أنّها ليست المرة الأولى التي "يجتهد" فيها، فـ"يحرج" القيادة، وفق ما قال البعض، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ الكثيرين في هذه البيئة أيضًا وجدوا في كلام الموسوي نوعًا من "فشّ الخلق"، أو ربما جزءًا من "المصارحة" التي تأخّر أوانها كثيرًا.
 
وفي هذا السياق، يرى العارفون أنّ كلام الموسوي يشكّل في مكانٍ ما، استكمالاً لما كان قد بدأه الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في أحد خطاباته الأخيرة، حين اختار "المصارحة والمكاشفة" عنوانًا، لتفنيد بعض ملابسات الحرب الأخيرة، وإن بقيت "محدودة" نوعًا ما في سياقها، إما بانتظار اكتمال مرحلة التقييم والمراجعة داخل "حزب الله"، أو لأنّ الهدف منها كان "محصورًا" بتثبيت مبدأ "الصمود الأسطوري".
 
وإذا كان هناك من رأى في كلام الموسوي "جرأة وواقعية"، لم يسمعها الجمهور من أيّ من مسؤولي "حزب الله" وقياديّيه منذ انتهاء الحرب، التي تُعَدّ الأقسى في تاريخ الحزب، وهي ربما تتلاقى مع ما قاله الشهيد نصر الله في خطابه الأخير حول "مجزرة البيجر"، فإنّ العارفين يلفتون إلى أنّه يأتي أيضًا في سياق "المراجعة" التي يقوم بها الحزب، والتي كان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد قد أشار إليها في كلمته أخيرًا أمام البرلمان في جلسات الثقة.
 
وجهتا نظر "متباينتان"
 
مع ذلك، يتحدّث العارفون عن وجهتي نظر "متباينتين" من كلام الموسوي "الجريء" إن صحّ التعبير، تنطلق الأولى من أنّ كلامًا من هذا النوع لا يمكن أن يخرج عن الرجل، من دون أن يكون "منسَّقًا" مع قيادة الحزب، بل "موجَّهًا" في مكان ما، حتى لو صحّ أنّ الموسوي عُرِف تاريخيًا بـ"جرأته" التي قد ترقى لمستوى "التهوّر"، والتي دفعت القيادة في مرات سابقة إلى إنذاره ومعاقبته، وصولاً إلى إجباره على تقديم استقالته من مجلس النواب.
 
في المقابل، واستنادًا إلى "تاريخ" الرجل، ثمّة من يرى أنّ الموسوي أخطأ بتصريحاته الأخيرة، التي لم تخدم الحزب، بمعزل عن "النوايا الحسنة"، فهو ربما أراد القول إنّ العدو الإسرائيلي لم يحقق "إنجازات" بقوته الذاتية، بل إنّ ما حقّقه ناجم عن "قصور" لدى الطرف الآخر، إلا أنّه بذلك رمى بأصابع الاتهام إلى الحزب، الذي بدا أنه ارتكب أخطاء، وربما خطايا، بشهادة أهل بيته، وهو ما يكفي ظاهريًا لإفراغ أيّ "انتصار" مفترض من مضمونه.
 
أكثر من ذلك، ثمّة من يرى أنّه حتى لو كانت الوقائع التي أشار إليها الموسوي صحيحة، فإنّ طريقة الكشف عنها بهذا الشكل وعبر الإعلام لم تكن مناسبة، خصوصًا أنّ مسار المراجعة الداخلية لم يكتمل بعد، وكان يفترض التريّث أكثر من أجل الوصول إلى استنتاجات "قاطعة"، يتمّ الإعلان عنها بطريقة منظّمة، وبعيدًا عن العاطفية والانفعالية، ومن قبل القيادة العليا، بعيدًا عن منطق "توزيع الرسائل" الذي لا يستقيم في مثل هذه الظروف.
 
تشير بعض المعطيات إلى "استياء واسع" في صفوف "حزب الله" من كلام الموسوي، وإن تلقّفته إيجابًا بعض الأوساط الشعبية في اليوم الأول، بل هناك من يشير إلى اتخاذ قرارات "تنظيمية" بحقّ الرجل، كان أولها تجميد عضويته الحزبية، ومنعه من الإطلالات الإعلامية. قد تكون هذه المعطيات دقيقة وقد لا تكون، إلا أنّ الأكيد أنّ "العاصفة" التي أثارتها تصريحات الموسوي، لن تنتهي، إلا بمكاشفة حقيقية وجادّة، ينتظرها مؤيّدو الحزب قبل خصومه!
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله کلام ا

إقرأ أيضاً:

‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان

قال ‏رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، إن الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان.

وأعلنت إسرائيل، موافقتها رسميًا على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بين حزب الله وتل أبيب والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت.

وفي وقت سابق، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البني التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.

وقد شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.

هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.

مقالات مشابهة

  • تركيا.. وفد كردي يلتقي عبد الله أوجلان
  • بنعبد الله ينتقد استمرار ظاهرة العزوف السياسي والأحزاب التي لا يمكنها كسب مقاعد دون مال أو قفف
  • حكام أوروبيون: حكم مواجهة الهلال أخطأ بإلغاء ركلة الجزاء
  • كلام عن الجنوب.. ماذا أبلغ عون وزير الخارجية البريطاني؟
  • الموسوي: للوحدة والثبات في هذه المرحلة الحرجة
  • رئيس الحكومة اللبنانية يطالب بتوقيف المشاركين بالاستعراض المسلح في العاصمة بيروت
  • ‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان
  • جديّة الدولة في الورقة الجوابية على براك
  • حزب الله استخدم كاميرات اليونيفيل.. كلام إسرائيلي مُفاجئ!
  • دبي عاصمة الرفاهية.. من قصور ڤيرساتشي إلى أطباق ميشلان