هذا العام، أحيا المسلمون الشيعة في دمشق ذكرى عاشوراء وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي ظل غياب المواكب والرايات التي كانت تميّز المناسبة سابقًا، بعد تغيّر المشهد السياسي بسقوط نظام الأسد وهجمات استهدفت مناطق دينية. اعلان

في السابق، كان المسلمون الشيعة من سوريا وخارجها يتوافدون سنويًا إلى مرقد السيدة زينب، الواقع جنوب العاصمة دمشق، لإحياء ذكرى عاشوراء، وهي مناسبة دينية تحيي ذكرى مقتل حفيد النبي محمد، الحسين بن علي، في القرن السابع.

وكانت الشوارع في الأيام التي تسبق عاشوراء تُزيّن برايات سوداء وحمراء وتُنصب الخيام. وفي يوم الذكرى، كانت المواكب تجوب الطرقات، فيما كان أبناء الطائفة الشيعية يتجمّعون في "الحسينيات"، حيث يستمعون إلى روايات رجال الدين حول معركة كربلاء ويبكون على مصير الحسين ورفاقه.

خلال سنوات الحرب السورية، شكّل تأمين مرقد السيدة زينب، المنسوب إلى حفيدة النبي محمد، شعارًا بارزًا بالنسبة لبعض الفصائل الشيعية المسلحة، وكان يُستخدم كمبرر لتدخل مقاتلين من إيران ولبنان والعراق إلى جانب حكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد.

أما هذا العام، وبعد سقوط الأسد في هجوم خاطف شنّته فصائل معارضة، فقد خيّم الهدوء على الأحياء الشيعية في دمشق. الفنادق التي كانت تعجّ بالزوار الدينيين أصبحت خالية، واختفت المواكب والرايات.

لا تزال الطقوس الدينية تُقام داخل المرقد وقاعات الصلاة، ولكن بهدوء وتحت إجراءات أمنية مشددة.

ويقول أبناء الطائفة الشيعية إنهم باتوا يشعرون بوضع هشّ بعد تغيير المشهد السياسي. وقد تصاعدت مخاوفهم الشهر الماضي بعد هجوم انتحاري استهدف كنيسة في ضاحية قرب دمشق، أسفر عن مقتل 25 شخصًا وإصابة العشرات. وقد حمّلت السلطات مسؤولية الهجوم لخلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، وقالت إنها أحبطت أيضًا مخططًا لاستهداف مرقد السيدة زينب.

في حي زين العابدين بدمشق، يدخل أشخاص من الطائفة الشيعية إلى "الحسينيات" بعد إخضاعهم للتفتيش عبر بوابات إلكترونية.

Relatedأول موسم عاشوراء دون نصرالله.. شيعة لبنان يستعدون لإحياء المناسبة بتحدّ وخيام وسط الركام يحمل "5 رسائل".. ماذا يعني شعار سوريا الجديد؟العراق: مدينة الصدر في بغداد تستعدّ ليوم عاشوراء بمواكب حداد وطقوس دينية

وقال قاسم سليمان، رئيس هيئة التنسيق بين الطائفة الشيعية والسلطات الجديدة، إن هناك تنسيقًا مع الدولة على تنظيم إحياء عاشوراء داخل القاعات، مع تقليص بعض الأنشطة الخارجية "حرصًا على السلامة العامة وتجنبًا لأي مشاكل".

وأضاف سليمان: "الهجوم على كنيسة مار إلياس في دويلعة أدخلنا في حالة من القلق والخوف، لذلك سعينا قدر الإمكان إلى إقامة مراسم عاشوراء داخل القاعات المغلقة".

من جهته، أعرب جعفر مشهدية، أحد المشاركين في المراسم، عن قلقه من هشاشة الوضع الأمني، قائلاً: "الشارع لا يشهد تدابير وقائية كافية، وهناك جماعات معادية تنظر بعداء للطائفة الشيعية، ما يثير مخاوف من احتمال وقوع هجمات".

وقد أثّر غياب الأجانب هذا العام على الحياة الاقتصادية في المنطقة.

وقال سليمان إنه يأمل أن تعود الأمور إلى طبيعتها في العام المقبل، مع استئناف قدوم الزوار من الخارج، ومشاركة السوريين من مختلف الطوائف في مشاهدة مراسم عاشوراء كما كان يحدث في السابق.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة رجب طيب إردوغان إيران أوكرانيا إسرائيل دونالد ترامب غزة رجب طيب إردوغان إيران أوكرانيا عاشوراء كربلاء سوريا إسرائيل دونالد ترامب غزة رجب طيب إردوغان إيران أوكرانيا النزاع الإيراني الإسرائيلي فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عالم العمل سوريا معاداة السامية الطائفة الشیعیة هذا العام

إقرأ أيضاً:

سوريا وإسرائيل بين المخاطر وفخاخ التطبيع

لم تقم أي دولة بتوقيع اتفاقية سلام مع دولة أو كيان آخر وهو يحتل أرضا لها، ناهيك عن أن تكون هذه الدولة أو الكيان متاخما لحدودها، لأن الاتفاق معناه ببساطة تسامحا مع جريمة المحتل وتشجيعا له على المضي قدما في احتلال مزيد من أراضي هذه الدولة. هذه المعادلة التي لا يريد أن يفهمها كثيرون وهم يلوكون بالألسنة احتمالية توقيع اتفاقية سلام بين سوريا في عهدها الجديد وإسرائيل.

إن الدول التي وقعت اتفاقات سلام أو تطبيع مع إسرائيل لا تحتل إسرائيل أرضِا لها بشكل مباشر، بدءا من مصر مرورا بالأردن وصولا لدول عربية أخرى، الأمر الذي يعني أنه نظريا على إسرائيل أن تعيد كافة أراضي الجولان السوري المحتل للسيادة السورية في مقابل السلام، وهذا أمر شبه مستحيل في الوضع الإقليمي الحالي.

تعرف تل أبيب أنها لا تستطيع فرض تطبيع على دمشق في الوقت الراهن، لهذا فهي تعتمد الاستفزازات العسكرية بين الفينة والأخرى والتدخل السافر في الشأن الداخلي السوري، خاصة على الحدود وفيما يخص العرقيات والأديان والمذاهب المختلفة، لتخفض سقف أي مطالب سورية
تعرف تل أبيب أنها لا تستطيع فرض تطبيع على دمشق في الوقت الراهن، لهذا فهي تعتمد الاستفزازات العسكرية بين الفينة والأخرى والتدخل السافر في الشأن الداخلي السوري، خاصة على الحدود وفيما يخص العرقيات والأديان والمذاهب المختلفة، لتخفض سقف أي مطالب سورية مقابل اتفاقيات تطبيعية في المستقبل بين سوريا وإسرائيل. فإسرائيل لا تقبل أن يكون على حدودها نظام مستقر غير خاضع بشكل كامل للإرادة الإسرائيلية بشكل علني أو سري، ناهيك عن أن يكون نظاما وليد ثورة شعبية وله صبغة إسلامية.

من وجهة نظر دمشق، فإن النظام الوليد يقع بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان المبادئ والأخلاقيات المتعلقة بالتعامل مع إسرائيل، كعدو يحتل أراضي سورية ناهيك عن جرائمه في فلسطين، وخاصة أن النظام السوري البائد كان يرفع شعار مناصرة فلسطين حتى سقوطه. فليس منطقيا ولا مقبول شعبيا أن يأتي نظام بثورة شعبية في بلد مثل سوريا ليمد لتل أبيب أيادي السلام خاصة في هذا التوقيت. وفي الوقت ذاته فإن سوريا الجديدة في حاجة لكسب المجتمع الدولي كي تستعيد عافيتها، وهذا المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة محابِِ لإسرائيل.

ورغم هذا، فحسنا فعلت الحكومة السورية الجديدة بأن جددت مسألة اتفاقية فض الاشتباك القديمة الموقعة عام 1974 كإطار لعدم الصدام العسكري بين سوريا وإسرائيل، وحسنا فعلت أيضا أن جعلت المفاوضات بينها وبين إسرائيل غير مباشرة، فلا هي أنكرتها ولا هي هرولت إلى الجلوس مع شخصيات إسرائيلية في الغرف المغلقة طمعا في ذهبها وخوفا من سيفها كما فعل سياسيون عرب آخرون للأسف، وعلى رأسهم العسكريون في السودان، ستبقى سوريا في موقف قوة طالما أبقت التعامل مع الملف الإسرائيلي كملف أمني عسكري وليس كملف سياسي دبلوماسيفما جنوا من تلك اللقاءات سوى الفضيحة ودخل السودان بعدها في نفق مظلم ولم يربح شيئا من مثل هذه العلاقات.

هذا الموقف المتزن من سوريا قابلته إسرائيل بتصريحات غريبة عجيبة على لسان وزير خارجيتها جدعون ساعر، يعرب فيها عن رغبتها في تطبيع العلاقات مع دمشق، وداعيا في الوقت ذاته إلى إبرام اتفاق مشابه مع لبنان، وهي التصريحات التي تؤكد التحليل الذي ذهبنا إليه من أن تل أبيب تهدف من الاستفزازات في سوريا لدفع دمشق دفعا نحو تطبيع شبه مجاني منزوع الجولان.

ستبقى سوريا في موقف قوة طالما أبقت التعامل مع الملف الإسرائيلي كملف أمني عسكري وليس كملف سياسي دبلوماسي. وهذا يتطلب إبقاء خط المفاوضات غير المباشرة مفتوحا وفي الوقت نفسه الإصرار على دور للأمم المتحدة في المناطق المتاخمة للقوات الإسرائيلية، وعدم التفريط في أراضي الجولان تحت أية ذرائع ومغريات، فلا هي تقدر على غض الطرف عما يجري على حدودها الجنوبية ولا هي تقدر على خوض مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.

x.com/HanyBeshr

مقالات مشابهة

  • الهيئة النسائية في الحصن تحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • محافظة إب تحيي ذكرى عاشوراء
  • سوريا وإسرائيل بين المخاطر وفخاخ التطبيع
  • المفتي دريان: إذا كانت سوريا بخير لبنان بخير
  • أردوغان يؤيد سوريا… وبريطانيا تستأنف الدبلوماسية
  • بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
  • السليمانية تحيي عاشوراء بمجالس عزاء حسينية
  • دعاء آخر ساعة يوم عاشوراء .. ردد 50 دعوة تسدد الديون لو كانت كالجبال وترزقك الخيرات
  • سوريا .. قوات إسرائيلية تنفّذ إنزالا جويا في يعفور قرب دمشق