القدس المحتلة- عكست نتائج تحقيق جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك"، حول سلسلة الإخفاقات الاستخباراتية والعملياتية التي أتاحت لحركة حماس تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، التوتر السائد بين أجهزة الاستخبارات والمستوى السياسي ممثلا بحكومة بنيامين نتنياهو.

وبرز هذا التوتر من خلال حملة في معسكر اليمين دعت إلى الإطاحة برئيس "الشاباك" رونين بار، الذي رغم إقراره واعترافه وتحمله المسؤولية بالإخفاق، فإنه وجه أصابع الاتهام إلى المستوى السياسي وحمله مسؤولية الفشل، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية خلافا لرغبة نتنياهو.

وأظهرت نتائج التحقيق أن "الشاباك" اعترف بالفشل في منع هجوم "طوفان الأقصى" على الرغم من المعلومات التي كانت بحوزته من العام 2018، حول خطة عرفت بـ"جدار أريحا"، وتمحورت حول تخطيط حماس لشن هجوم مفاجئ على "غلاف غزة"، بيد أنها لم تعتبر تهديدا جديا، حيث أعيد تحديثها وتقييمها بالعام 2022، ولم يتم إدراجها ضمن سيناريوهات إمكانية تعرض إسرائيل لهجوم مستقبلي.

وفي مؤشر يعكس الإخفاق الممنهج في تعامل المؤسسة الإسرائيلية مع قطاع غزة، كشف التحقيق عن خلل بالتنسيق وتوزيع المهام ما بين "الشاباك" والجيش الإسرائيلي، ممثلا بوحدة الاستخبارات العسكرية "أمان"، بكل ما يتعلق بالمسؤوليات عن جمع المعلومات الاستخباراتية والتحذيرات عن أي هجوم مفاجئ، والفشل كليا في استشراف سيناريو الحرب.

إعلان

يأتي هذا مع الإقرار بالفشل أيضا بتجنيد وتشغيل العملاء بالقطاع، وكذلك عدم فهم أو تحليل المعلومات الاستخباراتية والعجز عن فهم نوايا ومخططات حماس، في وقت دفع فيه المستوى السياسي نحو "التهدئة"، وتمادى نتنياهو بالترويج بأن "حماس مردوعة"، وهو ما أشعل الخلافات مجددا بين "الشاباك" وحكومة نتنياهو، بحسب قراءات المحللين والباحثين.

نتنياهو يعتبر كلا من بار وغالانت وهاليفي "طغمة معادية" ويسعى لتعزيز نفوذه في المؤسسة الأمنية والعسكرية (الإعلام الإسرائيلي) تراشق علني

بدت هذه الخلافات أكثر علانية وواضحة في أعقاب نشر صحيفة "هآرتس"، مساء الأربعاء، كواليس الجلسة التي جمعت نتنياهو وبار يوم 21 مايو/أيار 2023، عقب انتهاء العملية العسكرية ضد حركة الجهاد الإسلامي، حيث دعا بار إلى توجيه ضربة عسكرية استباقية ومفاجئة ضد حماس، بينما تحفظ نتنياهو على ذلك، وجدد طرحه أن الحركة مردوعة وغير معنية بالتصعيد.

ويعتقد محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر أن بار، الموجود منذ أشهر في مرمى نيران ما وصفه "آلة السم" التي يقودها نتنياهو، تحول إلى هدف يجب الإطاحة به، على غرار رئيس الأركان المنتهية ولايته هرتسي هاليفي، ووزير الدفاع المعزول يوآف غالانت، حيث وصفهم معسكر اليمين بـ"أنهم أعداء يجب إحباطهم".

وأضاف أن مخاوف رئيس جهاز الشاباك تعززت بعد استهدافه علنا من قبل المستوى السياسي مع تقديم التحقيق في أداء الجهاز وإخفاقاته، حيث وصف نتنياهو كلا من بار ورئيس الموساد ديفيد برنيع، بأنهم أعضاء في "الطغمة" التي تآمرت ضده.

ويوضح محلل الشؤون الحزبية أن إحدى أكثر وكالات الأنباء -التي تعتبر بوقا إعلاميا لنتنياهو- نشرت تقريرا يفيد بأن "رئيس الوزراء ورئيس الشاباك اتفقا على موعد تقاعد الأخير، في نهاية مارس/آذار الحالي"، وهو خبر زائف تماما بطبيعة الحال، وفق ما أكد فيرتر.

وفي أعقاب الهجوم الذي شنه نتنياهو، يتابع فيرتر، جاء دور بار للرد، حيث استدعى من استدعاهم إلى جلسة إحاطة، خرجت منها سلسلة رسائل، كلها كانت موجهة إلى نتنياهو بتحد، "رئيس الشاباك لن يستقيل، ليس في نهاية الشهر، ولا بعد بضعة أشهر، ويهتم بالعمل على إعادة المختطفين الـ59 في غزة، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية".

إعلان عداء قديم

تعتقد مراسلة الشؤون السياسية في صحيفة "معاريف" آنا بارسكي أن التوترات بين رئيس الوزراء ورونين بار وصلت إلى مستوى جديد بعد تصريحاته بشأن إقامة لجنة تحقيق رسمية، حيث إن "التكتيك المعقد الذي يتبعه نتنياهو بانتظار التوقيت المثالي والسبب المناسب، يظهر كيف أن قرارات الإطاحة بالمسؤولين المناهضين له، لا تعدو أن تكون مجرد انتظار للوقت المناسب".

وتقول المراسلة إنه "بالنسبة لنتنياهو، فقد تم بالفعل فصل رئيس جهاز الشاباك من حيث المبدأ منذ فترة طويلة، أي قبل وقت طويل من نشر التحقيق حول إخفاق الشاباك بمنع كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وقبل وقت طويل من النص الغامض الذي وضعه بار في تصريحاته لموظفي الجهاز، بأنه يشترط تشكيل لجنة تحقيق رسمية قبل الاستقالة من منصبه".

لكنها تضيف أنه من المبكر جدا تقييم الأمر، لكن من الممكن أن يكون هذا التصريح لرئيس الشاباك قد حدد ملامح الطريق أمام نتنياهو للإطاحة به، حيث وصل رئيس الوزراء إلى استنتاج مفاده أنه "لا يوجد سبيل آخر، سوى إقالة شخص اعتبره عنصرا معاديا له، ويعمل ضده بشكل منهجي وعلى مدى فترة طويلة".

وخلصت للقول إن "القرار بشأن إقالة رئيس جهاز الشاباك يقع على عاتق رئيس الوزراء وحده وضمن صلاحياته هو فقط، ويشهد المقربون من نتنياهو بأن العداء بينه وبين بار كان موجودا منذ اليوم الأول تقريبا، أي قبل أحداث 7 أكتوبر، وخلال الحرب تزايد مستوى العداء بشكل يومي تقريبا".

نتنياهو يتوسط رئيس الأركان المنتهية ولايته هرتسي هاليفي ووزير الدفاع المعزول يوآف غالانت (الإعلام الإسرائيلي) صلاحيات الشاباك

وفي تحذير من تداعيات التصعيد المتدرج بين نتنياهو وبار على هيكلة واستقلالية الجهاز الاستخباراتي، قال مراسل الشؤون القضائية في مواقع "والا" بيني أشكنازي إن "جهاز الأمن العام -بحسب القانون- ليس جهازا أمنيا فحسب، بل هو أيضا جهاز هدفه حماية الديمقراطية الإسرائيلية، فالتحقيقات في مكتب رئيس الوزراء والمخاوف من تسييس الجهاز تتزايد مع دعوات إقالة رئيس الشاباك".

إعلان

وبعبارة أخرى، يوضح أشكنازي أن "الشاباك يتمتع بصلاحيات أخرى إلى جانب التحقيق وجمع المعلومات الاستخبارية، حيث يتعامل أيضا مع الحفاظ على الأمن القومي، وفقا لمقياس الخطر المباشر على مواطني وسكان إسرائيل أو نظامها، وبالتالي يجب حمايته على هذا النحو ومنع سيطرة السياسيين عليه".

ومع نشر تحقيق الشاباك حول أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يكون التوتر بين نتنياهو وبار قد وصل إلى ذروته، حسب ما يقول أشكنازي، بسبب بعض الاتهامات الموجهة إلى المستوى السياسي وتحميله أيضا جزءا من مسؤولية الفشل والإخفاق، "وهو الاتهام الذي أغضب نتنياهو الذي ضاق ذرعا برئيس الشاباك"، حسب قوله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان لجنة تحقیق رسمیة المستوى السیاسی رئیس الوزراء رئیس الشاباک

إقرأ أيضاً:

آيزنكوت مهتم بمنصب رئيس الوزراء ويتهم نتنياهو بتعمد إفشال صفقة التبادل

اتهم رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الأسبق غادي آيزنكوت، الجمعة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإفشال مفاوضات صفقة تبادل الأسرى لأسباب سياسية، مؤكدا "أستطيع أن أكون رئيس وزراء إسرائيل".

وقال آيزنكوت، إن نتنياهو أفشل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس في قطاع غزة لأسباب سياسية، بحسب مقابلة أجرتها "القناة 12" الإسرائيلية.

وكشف أنه "جاهز لتولي رئاسة الحكومة.. أنا أعرف جميع التحديات التي تواجه إسرائيل، وأعرف ما هو الصواب"، مشيرا إلى أن هناك احتمال بأن يكون مرشحا لهذا المنصب.

ومطلع الشهر الجاري، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تطورًا بارزًا مع إعلان آيزنكوت استقالته من حزب "معسكر الدولة" ومن الكنيست، في خطوة تحمل دلالات سياسية هامة على مشهد المعارضة، وخصوصًا مع الاقتراب من احتمال التوجه إلى انتخابات جديدة.


وذكرت صحيفة "معاريف" أنه بموجب القانون، سيدخل المدير العام لمعسكر الدولة، إيتان غينزبرغ، إلى الكنيست بديلاً عن آيزنكوت، مشيرة نقلا مصادر مطلعة إلى أن الأخير يعتزم تشكيل حزب جديد ضمن كتلة "يسار وسط"، وسيكون منافسًا مباشرًا لحزبه السابق، ومن المتوقع أن يستقطب من نفس القاعدة الانتخابية التي دعمت زعيم الحزب بيني غانتس.

وجاء في البيان الرسمي الصادر عن "معسكر الدولة": "أبلغ عضو الكنيست الفريق أول (احتياط) غادي آيزنكوت رئيس معسكر الدولة بيني غانتس بنيته مغادرة الحزب".

وتأتي تصريحات آيزنكوت التي أبدت اهتماما بمنصب رئاسة الحكومة واتهام نتنياهو بإفشال الصفقة بعدما قال الأخير إن "إسرائيل تدرس مع الولايات المتحدة بدائل لإعادة المحتجزين من غزة وإنهاء حكم حركة حماس".

ولم يكشف نتنياهو عن طبيعة البدائل التي يتحدث عنها، بينما تقول المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى، إن السبيل الوحيد لإعادة المحتجزين هو اتفاق مع حركة حماس.

وجاءت تصريحات نتنياهو غداة إعلانه استدعاء وفده المفاوض من العاصمة القطرية الدوحة للتشاور، في خطوة مماثلة لما أعلنه المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف عبر منصة "إكس".

وقال ويتكوف الخميس الماضي: "قررنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد الرد الأخير من حماس، والذي يُظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة".

يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه حماس مررا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.


وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

ومنذ 6 تموز/ يوليو الجاري، تُجرى بالدوحة مفاوضات غير مباشرة بين حماس و"إسرائيل"، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة، لإبرام اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تشن "إسرائيل" حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

مقالات مشابهة

  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 30 يوليو
  • محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
  • اكتئاب خلف الكاميرا.. مشاهير هوليود يروون معاركهم النفسية
  • مسير ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” للمكاتب التنفيذية في تعز
  • أحمد موسى: أبناء الإخوان بإسرائيل يخدمون في جيش الاحتلال ويقتلون أهالي غزة
  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 29 يوليو
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مؤتمر "حل الدولتين" يجب أن ينهي الظلم الذي لحق بالفلسطينيين
  • ما هو الوسام الذي منحه رئيس الجمهوريّة لزياد الرحباني؟
  • تدّشين المرحلة الثالثة من دورات التعبئة في وزارة الكهرباء والمياه
  • آيزنكوت مهتم بمنصب رئيس الوزراء ويتهم نتنياهو بتعمد إفشال صفقة التبادل