القوانين الحاكمة ضد الوصاية الظالمة
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
ماجد المرهون
majidomarmajid@outlook.com
مارسَ رجال الكنيسة منذ البدايات الأولى للنصرانية ما يُشبه نظام السيادة على الجميع من خلال الوصاية الكاملة على مُجتمعاتهم حتى تعاظم دورهم في القرون الوسطى مع تفشي الجهل والسحر والمرض في الغرب، وبلغ بهم الأمر إلى إحكام قبضتهم على القادة والزعماء فضلًا عن العامة والبُسطاء، وإلى أبعد من ذلك حين أرادوا التحكم بالعقول وتحديد طرق تفكير الناس.
هذا بالطبع مكَّنهم من بسط نفوذ سلطتهم والتحكم شبه المطلق بصناعة القرار وتعمل المحركات الخفية من وراء ذلك، وبما أن مجرد التفكير بالخروج عن أفكارهم وقوانين سُلطتهم يمثل عصيانًا عظيمًا فإن الردع يستوجب اتهام المُخالِف بالهرطقة، وهي البدعة المُكفِّرة المُخرِجة من المِلَّة وعقابها القتل حرقًا، وهذا في شأن العامة من الناس بما فيهم المفكرون والعلماء الطبيعيون، وصولًا إلى إيقاع الحرمان الكنسي على الأباطرةِ والملوك ما يمثل الحظر الشامل والإقصاء التام وهو ذو مآلاتٍ رهيبةٍ عليهم.
ونظرًا للنظام الراسخ في المعتقدات من السُلطة المُطلقة للمسيطرين على القرارات السياسية والاجتماعية تحت الشِعارات القَداسية تشكل جمود فكري عميقٍ استمر لفترات زمنيةٍ طويلةٍ حتى خلُص إلى ثقافة تدين بالولاية القطعية لتلك الفِئة الصغيرة المتحكمة بسيادة القرار والتعقيد الذي أحاطت به نفسها، مع قُوى داعمة مستفيدة تفرِض القوانين على التجارة وبالتالي الاقتصاد العام وتُرهب المفكِّرين والعلماء وكُل ساعٍ للتغيير بأشد أنواع العقاب والعذاب حتى لا تعظُم نارهم في تنوير العقول وتخبُت جذوتهم في تفهيم الناس وإنارة عقولهم بما يدور حولهم لتحسين سبل حياتهم، وهذه فكرة ذات نتائجٍ جيدة جدًا على المدى القصير وعصية الاستقراء لدى أصحاب النفوذ ذوي الفكر المحدود على المدى الطويل، إذًا لماذا استمر رجال الكنيسة بتلك الأساليب المُستأثرةِ بسُلطة الدين والحياة والعلم والمادة الرافضة للتغيير والاستهانة بضرورات العدل؟ بلا شك أن الجواب هو بُغية الحفاظ على المكاسب والمنافع والمصالح والتي غالبًا ما يتمتع بها فئة قليلة ممحوقة على حساب جمهرةٍ كثيرةٍ ومسحوقة.
في مؤتمر الفاتيكان عام 1985م، قال البابا يوحنا بوليس الثاني لعلماء الفلك والفيزياء: "يُسمح لكم فقط بدراسة الكيفية التي يعمل بها الكون ولكن كُفوا عن البحث في الوجود والمصدر لأن ذلك من عمل الرب". ويقول العالم الفيزيائي ستيفن هوكينج الذي كان حاضرًا: "البابا لا يزال بعقلية القرون الوسطى ويُمارس دور المتحكم بالعقول". ونلاحظ هنا أن دخالة الوصاية لا تزال تسري إلى عصرنا الحديث مع رفض بوليس الثاني البحث في القوانين العلمية التي تعمل ويعمل بها الوجود، ولكن لم يعد لأمثال هؤلاء سُلطة الإطباق على تفكير الناس والجثوم على حياتهم والتحكم بمُقدراتهم، إذ تحول دور السيطرة إلى رجال السياسة الذين اتخذوا بدورهم نفس مسار التسلط والتحكم جنبًا إلى جنب مع مواكبة العلوم، ما ترتب عليه تفريغ سُلطة الكنيسة من محتواها وتهميش العقائد ذات النكهة الغيبيةِ وتحويلها إلى رفوف المكتبات لمن أراد الاطلاع عليها من باب الإثراء المعرفي فقط، وبذلك أصبحت قوة التحكم الخفية ذات المسحة الدينية مع ممارسة الوصاية من رجال الكنيسة على العامة قد تحولت إلى متاحف التاريخ مع إحلال القوانين الوضعية الصريحة ذات مسحةٍ دبلوماسيةٍ حمالة أوجه في ممارسات رجال السياسة، بعد تأصيل النُظم العَلمانية والعِلْمَوية والديمقراطية الرأسمالية، ولكن لازالت المحركات الخفية تعمل بنفس النشاط السابق.
وباتت الآن الاستدلالات السياسية مرتكزة على القوانين الدولية والتي يفترض بها أن تكون عادلة مع الجميع بدون التفريق وتمييز أحد على حساب الآخر وتخضع للإعمال العقلي القادر على الإقناع، إلّا أن التهرب من المسؤولية أيضًا بات يعد شكلًا من أشكال الدبلوماسية وفي وجود شواهد منطقية ودامغة تُكذِّب التحركات المريبة لحل قضيةِ ما، مع أن القوانين الحاكمة كلها تشير إلى الظلم وضرورة الانتصار للمظلوم واضحة لا تشوبها ذرة شك، ولكن ما يتحقق على أيدي رجال السُلطةِ من السياسيين وفي الكثير من الأحيان يعود بنتائج مخالفة ومغايرة لكل ما هو متوقع أو لما يُفترض به أن يكون؛ حيث تلعب المصالح لعبتها القديمة الخفية والجديدة المكشوفة على سيادة القرار وقد لا تنتهي بالانتصار للمظلوم بقدر ما تميل كل الميل مع الظالم إذا كان متنفذًا ويحقق الانتصار له مكاسب تعود بالنفع على قلةٍ قليلةٍ ولا يهم الكثرة الكاثرة التي سيغلبها الوقت والملل والتشتت مع التحركات الدبلوماسية الطويلة والمتشابكة والمعقدة ويتوارث السياسيون تدوير نفس المشاكل جيلًا بعد جيل.
إنَّ ما نشهده اليوم في القضية الفلسطينية يضرب أصدق الأمثلة على ممارسة السياسة الغربية المخضرمة وصايتها على الدول وخصوصًا ما يسمى بـ"العالم الثالث"، تارةً بالترغيب في الدعم والمساندة العسكرية تحت بنود الحماية والمساعدات المادية والمالية ووعود السلام مع كيانٍ محتل يتعارض إحلال السلام مع أطماعه في التوسع ويفتعل النزاع والصراع واستمرار تدوير عدم الاستقرار، كما يكره الحقيقة التي تُعري كذبته أمام العالم ولذلك يحاربها ويلجأ إلى تضليل الرأي العام بتزييف الحقائق؛ وتارةً أخرى بالترهيب في إنفاذ نفس القوانين ذات الوجهين على الآبق ومن يشق عصا الطاعة ويُخالف الوصاية في تصريحاتِ تهديدٍ مُبطنٍ وغير مباشر، ولسوء الحظ أن معظم الدول العربية تأخذ بالنصيحة الغربية التي تبقيهم تحت طائلة الحاجة لاستبداد رجال السياسة لما وراء البحار أو الزائرين لهم بين الحين والآخر، ولكن ومع كُل ذلك ستبقى القوانين الطبيعية الحاكمة تعمل لأن الظُلم لا ينتصر وإنما هي مسألة وقت، مهما نشطت المحركات الخفية في عملها ومهما جاء به المشككون بوجودها أو الغافلون عن مصدر قوتها، ولن يكُف المظلوم عن العمل لتحقيق حريته مهما مورست عليه وعلى مناصريه من وصاياتٍ وتسييسات.
خاطرة أخيرة.. بابا الفاتيكان يوحنا بوليس الثاني الذي أوصى العلماء بعدم البحث في مصادر الوجود مات بسبب سقوط جزء من سقف قصره على رأسه؛ حيث إن القانون الحاكم للجاذبية ظل يعمل، ولم تحمل حصافة ستيفن هوكينج وصاية البابا على محمل الجد فأخرج بعد 3 سنوات من ذلك الاجتماع كتابه الشهير بعنوان "تاريخ موجز للزمان".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سيراميكا: لم نمانع إلغاء الهبوط.. ولكن ماذا لو تعرض لنادي شركات لمثل هذا الموقف ؟
أكد معتز البطاوي المشرف العام على الكرة بنادي سيراميكا كليوباترا، أن نادي سيراميكا لم يكن لديه اي مانع من الغاء الهبوط ونحترم جميع الأندية الجماهيرية، ولكن كنا نتحدث عن كيفية الخروج من الأزمة.
وقال البطاوي في تصريحات مع الإعلامي كريم رمزي عبر برنامج لعبة والتانية عبر راديو ميجا إف إم: بلغنا الرابطة خلال الاجتماع لو نادي من اندية الشركات تعرض لنفس الأزمة هل هيتم إلغاء الهبوط من قبل الرابطة ولكن هناك حماية للأندية الجماهيرية
وأضاف البطاوي: تحدثنا عن العديد من المشاكل التي نعاني منها في الكرة المصرية وبطولة الدوري مثل مثلا ملاعب كرة القدم، فكام ملعب من الملاعب الموجودة تصلح للعب كرة القدم، وايضا التصوير والأخراج التلفزيونية، وصبية الملاعب الصغيرة، وجودة المنتج تحتاج إلى تغيير والحضور الجماهيري.
رسميا.. الزمالك يُنهي أزمة مستحقات باتشيكو لرفع إيقاف القيد بعد أرنولد.. ريال مدريد يتحرك لحسم صفقة جديدة قبل كأس العالم للأنديةوتابع: فكرنا في موضوع الحضور الجماهيري عند الصعود إلى الدوري الممتاز في اللعب على ستاد السويس بسبب التواجد الجماهيري هناك، ولما أتكلمنا أمبارح في موضوع الغاء الهبوط اتكلمنا من نقاط كبيرة عشان يكون الكل عارف يستفيد ليس فقط الأندية الجماهيرية، إنما أندية الشركات أيضا، ومثلا تحدثنا إزاي النادي الناس تحب كرة النادي دا، جمهور الكرة يحب كرة سيراميكا كليوباترا فهدفنا أن الجميع يحب كرة جميع الفرق
وواصل:،جودة المنتج الكروي المصري تحتاج إلى كثير من الجهود، ونادي سيراميكا كليوباترا كان من المؤيدين لزيادة عدد الأجانب ولم يكن لدينا مانع في زيادة عدد الأجانب مع النادي الأهلي، ويشارك فقط خمس أجانب في المباراة واستبعاد أجنبي وحيد ولكن للاسف تم رفض المقترح وبعض الأندية رفضت لزيادة عدد الأجانب بسبب الأعباء المالية، وهذه ليس أزمة فاللاعب المصري أصبح أغلى من الأجنبي، شراء لاعب أجنبي في الوقت الحالي أصبح أقل تكلفة من اللاعب الأجنبي.
وأكلم: نسير بخط ثابتة وفي سيراميكا كليوباترا ونمتلك جهاز فني قوي بقيادة علي ماهر ولم يصادفنا الحظ في عديد من المباريات ولكن كنا نحتاج إلى التوفيق ونعمل ونحن في طور البناء كل موسم نقدم الأفضل من المواسم السابق ونطمح في الوصول إلى نهائي كأس عاصمة مصر والحفاظ على اللقب للموسم الثالث على التوالي مع ما تبقى من المباريات المتبقية في الدوري
وأختتم البطاوي: تم طرح موضوع تأجيل مباراة بيراميدز وسيراميكا كليوباترا من قبل رابطة الأندية واقترحنا أن نقف مع بيراميدز في نهائي إفريقيا ولم يكن أي أزمة من تأجيل مباراة بيراميدز ولكن الظروف والتشابك أدت إلى رفض القرار من قبل الرابطة، لا حديث يعلو عن الهبوط ولا يوجد أي أحاديث حول زلاكا أو قندوسي، وهدفنا إنهاء مسابقة الدوري والتتويج بكأس عاصمة مصر وبعدها نرى ما سيحدث