نصيحة امرأة .. عابرة..
كنت في طريقي إلى السفارة السودانية بالقاهرة. تعودت أن بعض أحبابنا السودانيين والسودانيات يديرون معي حلقات حوار مباشر بلا ترتيب. ورغم أني أحياناً أكون في عجلة من أمري، إلا أنني أسعد بهذا التلاقي العفوي، وأجتهد في استثمار العقول النيرة التي تقابلني. ومهما كان اللقاء صدفة وعفوياً، فإنه يمنح فرصة لتحسس الرأي العام.
قبل يومين، استوقفني أحد الأصدقاء وتحاورنا قليلاً، لكن فجأة قطعت حوارنا سيدة تبدو عليها الوقار والجدية. قالت لي إنها تتابع ما أقوله عبر الفضائيات، وتتفق معي تماماً، إلا في أمر واحد.
هنا، حشدت حواسي وانتبهت لكل كلمة. قالت: “ألا يمكن أن تغض الطرف عن أخطاء الحكومة والسلطة ريثما نخرج من هذا النفق؟”
وأضافت: “لا أعني أن ما تقوله خطأ، بل أقصد أنه قابل للتأجيل قليلاً.”
قلت لها: “لكن ما أقوله في تبصير الحكومة بما يجب أن تفعله لا يشغل الجيش عن مهامه التي اتفق معك أنها أولوية قصوى. أنا أتحدث وأنتقد الجانب السياسي والتنفيذي فقط. كلما تأخر الزمن في مراجعة وتصحيح بعض الأخطاء، تعقدت نتائجها وحلولها.”
لكنها لم تقتنع. ردت عليّ: “مهما كان، اتركوا كل شيء الآن. فقط المعركة ولا شيء غيرها. وبعدها سنجد وقتاً كافياً لمراجعة كل ما تنتقده.”
بالطبع شكرتها وأعربت عن سعادتي بالنصيحة. لكن بعد مغادرتها للمكان، قلت لصديقي: “هي مثلها وملايين السودانيين يظنون أن إصلاح الجانب السياسي في الدولة يشوش على المهام العسكرية للجيش. وفي تقديري، العكس تماماً هو الصحيح. لابد من تقسيم الملعب إلى نصفين: ما للجيش للجيش، وهو قادر عليه ويديره بأفضل وجه، وما للسياسة للسياسة، وهو الآن في أسوأ حال، بما يشكل ضغطاً على الجيش الذي نحمله بأعباء أخرى بينما كان بالإمكان أن ندعم الجيش بتقوية الدولة.
الذي ذكرني بهذا الحوار مع تلك السيدة هو ما قرأته في الأيام الماضية لكثير من المعلقين في وسائل التواصل الاجتماعي بعد انتشار أخبار مزعجة عن إرغام أسر في مدينة مدني على العودة للنزوح بعد أن ساءت الأوضاع الأمنية، مع غياب الخدمات تماماً. وأكثر من ذلك غياب الإدارة المحلية التي ترعى شؤون المواطن.
ثم قرأت الأمر ذاته في كرري، لكن الصورة الأكثر خطورة هي ما راج عن أحداث في ميناء سواكن. أرغم المغتربين على توجيه نداء عاجل ينصح بعدم العودة للوطن.
في معظم الحلول التي اقترحها البعض، كان هناك دعوة للجيش بأن يتولى فرض النظام وحماية المواطنين من الفوضى. بعبارة أخرى، مطلوب من الجيش أن يخوض معاركه العسكرية، ثم يتولى حراسة الأحياء وتوفير أقسام لتلقي بلاغات المواطنين وفرض القانون.
هذا عين ما انتقدتنا فيه السيدة الكريمة، إذ اعتبرت أن غض الطرف عن الحكومة والإدارة المدنية يمنح الجيش تركيزاً أكبر في العمليات العسكرية. والعكس هو الصحيح. هنا تضعف الجبهة الداخلية ويتحمل الجيش مسؤولية الشرطة والإدارات المحلية والنيابة وربما القضاء.
الدولة – أي دولة – جسم متكامل لا يمكن تجزئته. والأمر لا يحتاج إلى معجزة. كل المطلوب تمتين هياكل ومؤسسات الدولة وتركها تعمل وفق خطط وإدارة تستبصر خطواتها بكل حرص، لتجعل المواطن يعيش حياته في أفضل وضع.
الأوجاع الأخيرة والشكاوى كلها مصدرها واحد: غياب مؤسسات الدولة.
#حديث_المدينة الاثنين 10 مارس 2025
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
مغامراتٌ عابرة للحدود
خولة علي (أبوظبي)
في عالم تتزايد فيه التحديات، تأتي مبادرة «جرب للمغامرات»، لتحفيز النساء في الانخراط بمجال المغامرات، من خلال توفير بيئة آمنة وداعمة.
وقد انطلقت فكرة الفريق بجهود 3 مغامرِات إيمان بن هدية، سحر سليمان، ورزان سليمان، اللاتي حملن على عاتقهن تمكين النساء من تحدي أنفسهن واكتشاف الطبيعة بطرق غير تقليدية، وإثبات قدرات المرأة على تحقيق المستحيل.
الفكرة
انطلقت فكرة تأسيس الفريق من رغبة في تشجيع النساء على الانخراط في تجارب استثنائية، تتطلب الشجاعة والإرادة.
وتقول سحر سليمان، إحدى مؤسِّسات الفريق: الهدف الرئيس هو تمكين النساء من خوض مغامرات جديدة بطريقة آمنة وممتعة، وتحفيزهن على كسر القيود، التي قد تفرضها الظروف، لنثبت أن المرأة قادرة على التميز في كل المجالات، بما في ذلك المغامرة.
ويؤمن الفريق بأن كل مغامرة تبدأ بخطوة أولى قائمة على الشجاعة والفكرة، ويعمل على تقديم أنشطة مصمّمة بعناية، لتوفير بيئة محفّزة وآمنة، وتشجع النساء على التغلب على المخاوف والتحديات، وتتيح لهن فرصة بناء ذكريات لا تُنسى، ما يعزّز ثقتهن بأنفسهن ويدفعهن نحو التميز.
تخييم واستكشاف
تتنوع الأنشطة التي يقدمها الفريق بين التخييم وسط أجواء الطبيعة الساحرة، والغوص واستكشاف أعماق البحار، وتسلق الجبال الذي يجمع بين التحدي والإصرار، والتجوال في الطبيعة واستكشاف مناطق جديدة.
وتقول سليمان: لا تقتصر مغامرات الفريق على استكشاف المواقع المحلية فقط، بل تتسع نحو المغامرات الخارجية.
ومن داخل الإمارات، يركّز الفريق على إبراز أجمل المواقع الطبيعية، مثل الوديان والصحاري المخفية.
وعلى المستوى الإقليمي، ينظم الفريق رحلات إلى السعودية وعُمان، مع خطط مستقبلية لتوسيع نطاق الرحلات نحو وجهات جديدة.
اختيار المواقع
عن كيفية اختيار مواقع المغامرات، تشير سحر سليمان إلى أن الفريق يعتمد على خبراته المتراكمة في اختيار المواقع، التي تجمع بين الجمال الطبيعي وتحدي التضاريس.
ومن أبرز المواقع، وديان الإمارات المخفية، جبال الحجر في سلطنة عُمان، وصحاري السعودية، التي تتميز بطابعها الخاص ومغامراتها الفريدة.
ولا تخلو رحلات المغامرة من التحديات، سواء كانت صعوبة التضاريس، أو تقلبات الطقس، أو الحاجة إلى إدارة الوقت والمعدات.
ويرى الفريق في هذه التحديات فرصة للنمو، ويؤكد أن الأمن هو الأولوية الأولى، وكذلك التعامل مع الطوارئ، والخبرة في الإسعافات الأولية وخطط طوارئ خاصة بكل مغامرة لضمان سلامة الجميع.
رسالة
ترسل تجربة «جرب» رسالة لكل امرأة بأن المغامرة ليست حكراً على أحد. فمن خلال الدعم والتحفيز، تمكّن الفريق من جذب إقبال كبير من السيدات اللواتي وجدن في هذه الرحلات الكثير من الثقة والشجاعة للانطلاق في تجارب غير مسبوقة.
ويطمح الفريق إلى تحقيق توسع عالمي من خلال تنظيم مغامرات في وجهات جديدة حول العالم.
كما يسعى إلى إطلاق برامج تدريبية تركّز على تعليم النساء مهارات المغامرة الذاتية وبناء الثقة بالنفس، ويعمل على تعزيز شراكاته لدعم رحلاته ومشاريعه المستقبلية.
كسر الروتين
تحت شعار «لتعيشي مغامرتك الخاصة» يدعو الفريق كل امرأة إلى خوض تجربتها الخاصة، من مبادراته الملهِمة وبيئته الداعمة، لتعزيز ثقافة المغامرة كوسيلة لكسر الروتين وتحدي الذات والانطلاق في ساحات المغامرات في قلب الطبيعة.