الزكاة والصدقة.. أداة اقتصادية فعالة لمكافحة التضخم والركود
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
تعد الزكاة والصدقة من الركائز الأساسية في النظام الاقتصادي والاجتماعي الإسلامي، حيث تسهمان في تحقيق التكافل الاجتماعي والعدالة الاقتصادية من خلال توزيع الثروة بشكل متوازن بين أفراد المجتمع. ومنذ فجر الإسلام، كانت الزكاة من أوائل التشريعات الاقتصادية التي وُضعت لضمان استدامة التنمية وتقليل الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
حيث أكد الدكتور عبدالله بن مبارك العبري، رئيس الهيئة الشرعية لنافذة ميثاق للصيرفة الإسلامية، أن تشريع الزكاة يعد من أوائل التشريعات الاقتصادية في الإسلام، حيث اعتبرت ركنًا أساسيًا من أركانه، وسرعان ما أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية للدولة المسلمة منذ نشأتها في المدينة المنورة، موضحًا أن للزكاة دورًا اقتصاديًا جوهريًا لا ينبغي إغفاله، مشيرًا إلى أن العلماء المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي أفردوا لها دراسات معمقة أثبتت أهميتها في دعم الاستقرار الاقتصادي.
التوازن الاقتصادي والحد من الفقر
وأشار العبري إلى أن الزكاة تعد نفقات تحويلية، حيث تأخذ من أموال الأغنياء وتوزع على المستحقين وفقًا للأصناف الثمانية التي حددها القرآن الكريم، لتكون إحدى الأدوات الاقتصادية الفعالة لتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الزكاة تؤدي دورًا في تحريك الدورة الاقتصادية بشكل فعال، معللا ذلك بأن الفئات المستفيدة من الزكاة عادة ما تكون الأكثر إنفاقًا لما في أيديهم على السلع الأساسية، باعتبار أن الزكاة تغطي أولويات الحياة فالميل الحدي للاستهلاك لدى الفئات الزكوية كبير جدا فلا يكاد يتبقى شيئا في جيوبهم، مما يسهم في زيادة الطلب على السلع الأساسية، مما يوجه المنتجين نحو تلبية الاحتياجات الضرورية للمجتمع، وهو الأمر الذي يحقق التوازن الاقتصادي.
وأوضح العبري أن ذلك أيضا يؤدي دورًا حيويًا في الحد من الفقر عبر رفع مستوى معيشة الأفراد، وتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين ودافعين للزكاة مستقبلًا، موضحًا أن الهدف لا ينبغي أن يكون مجرد سد للحاجات الأساسية بل لا بد من وضع خطط اقتصادية مدروسة تتظافر معها كل مكونات الاقتصاد المجتمعي لعلاج المشكلات سواء من مؤسسات حكومية أو خاصة وذلك بوضع استراتيجيات عصرية لضمان استدامة التنمية والحد من اختلالات الرفاه الاجتماعي.
الزكاة والضرائب
وبين العبري أن الزكاة تتميز عن الضرائب بأنها فريضة إجبارية تفرض على رؤوس الأموال المجمدة والذهب والفضة وعلى عروض التجارة بمختلف أنواعها والثروات الزراعية والحيوانية، وتأثير كل قطاع أو صنف زكوي على النمو الاقتصادي كبير جدًا لأن الزكاة ضريبة إجبارية في أوعية زكوية لها برنامج خاص من حيث الجباية التي تحافظ على رأس المال الإنتاجي، وتراعي ظروف المزكّي وأحوال أمواله وفقًا لنظام دقيق، أما الضريبة، فهي عمياء لا تنظر إلا إلى الرصيد الصافي دون معرفة أحوال دافع الضرائب في أنشطته الأخرى فقد يربح معه نشاط وتفرض عليه ضريبة وبالمقابل تخسر معه أنشطة أخرى ويتكلف فيها بديون وأقساط ولا يلتفت لها فالقطاعات الضريبية ينظر لها باستقلالية ولذلك لا مجال للدول الإسلامية إلا بالموازنة بين الزكاة والضريبة في الجباية ووضع نقاط مشتركة تضمن حيوية القطاعات الاقتصادية واستمرارية النمو، فالزكاة تدعم دافع الضرائب في صور كثيرة وبطرق متعددة بينما الضريبة أحيانا تؤثر سلبا على دافع الزكاة في سلته الاستثمارية، لذا يؤكد العبري على ضرورة تحقيق توازن بين نظامي الزكاة والضرائب لضمان استدامة النمو الاقتصادي دون الإضرار بمصالح المستثمرين.
تأثير الزكاة على الاقتصاد
وأوضح العبري أن الدراسات تشير إلى أن مؤشرات التأثير للدول التي تطبق نظام الزكاة تختلف حسب قوة مؤسسات الزكاة في الجباية، فالمؤسسات الزكوية المستقلة والتي تؤدي دورها بأدوات معاصرة وتضبط جباية الزكاة فإن التأثير الاقتصادي والاجتماعي كبير جدا، حيث ستشهد تحسنًا ملموسًا في مستويات الرفاه الاجتماعي، وزيادة في الدخل القومي، وتقليلًا في معدلات البطالة، فضلًا عن تعزيز استقرار العملة المحلية والقوة الشرائية، مشيرًا إلى أن كفاءة مؤسسات الزكاة تنعش الدورة الاقتصادية بشكل ملحوظ.
تحفيز الاستهلاك والاستثمار
وأكد العبري أن توجيه أموال الزكاة إلى الفئات الأكثر احتياجًا، توجه الاقتصاد نحو الاقتراع السليم للسلع والخدمات حسب أولويات المجتمع وحاجاته الأساسية، كما أن الزيادة في الحصيلة الزكوية يعني استفادة أكبر قدر ممكن من الفئات المستحقة، مما يحفز ذلك الطلب في السوق وتزداد فرص الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، ما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد الوطني.
وبين العبري أن البحوث الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة وضعت الكثير من المؤشرات والبرامج الإلكترونية التي تسهل على مؤسسات الزكاة وضع الزكاة في موضعها الصحيح فلا يمكن التعويل على الدخل دون النظر إلى الالتزامات العائلة ومن يعولها والمستحقين من الأقارب كما أن الجانب المتعلق بالشركات التجارية المتعثرة والمتقلبة في أوضاعها تحتاج لدراسات خاصة بما يكفل استمرارها أو انتشالها من الأوضاع المتردية خصوصا إذا كان تحت مظلتها الكثير من العاملين والمعيلين للأسر وهذا باب واسع في الزكاة والذي يطلق عليه سهم الغارمين.
دعم مشروعات ريادة الأعمال
وأشار العبري إلى أنه كلما زادت حصيلة الزكاة، وكانت مؤسسة الزكاة قوية في التحصيل استطاعت أن تتبنى زيادة توزيع رأس المال الإنتاجي والذي يشمل الكثير من البرامج الخاصة منها إمكانية دعم المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال، مما يسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، مؤكدًا على أنه ينبغي توجيه جزء من أموال الزكاة لدعم المشروعات التي تلبي احتياجات المجتمع من السلع والخدمات الأساسية.
التحديات
وأوضح العبري أن موضوع إلزامية الزكاة يعد من أبرز التحديات التي تواجه تطبيق الزكاة بفعالية، إذ إن ترك الأمر لاختيار المزكي قد يحول دون التحصيل الحقيقي لموارد الزكاة والأمر محسوم في أحكام الشريعة الإسلامية بإلزام المزكي بأداء الزكاة جبرا بالسحب المباشر من حساباته وهذا سوف يشكل فارقا رهيبا في أحوال وأوضاع المجتمع وسيحدث نقلات نوعية في الواقع المتذبذب لبعض القطاعات الاقتصادية.
تعزيز الوعي
وأكد العبري أن الوعي يكمن في أن يرى المزكي المزيد من الشفافية في إدارة موارد الزكاة ولا بد أن تكون مؤسسة الزكاة مستقلة عن كل مؤسسات الدولة تشرف عليها وزارة المالية من باب ضمان الإدارة المالية الكفؤة في التحصيل والتوزيع فالناس عندما ترى الحقائق والتقارير وترى الآثار حولها فإن الإقدام على دفع الزكاة طواعية سيكون كبيرا جدا.
دور التكنولوجيا
وأشار العبري إلى أن الدول الإسلامية تتسابق اليوم في تصميم البرامج الإلكترونية للزكاة مما يصنع بيئة شفافة وسريعة في إدارة موارد الزكاة، كما أن التنويع الإلكتروني في منصات الدفع يجعل الآثار النفسية والمالية للدفع أكثر شفافية عند الناس مما يسارع الإقبال على التعاطي مع كل مفردات الدفع وهنا سيتسارع معدل الآثار بنسبة كبية جدا.
الزكاة والصدقة
وأكد العبري أن الزكاة والصدقة تكافح التضخم والركود من حيث إنها تعطي السيولة لمن يستحق حسب الفئات المدعومة بالزكاة وسوف تتجه هذه الفئات إلى اقتراع السلع والخدمات بطريقة متوازنة وسريعة تعطي المؤشرات الإيجابية لقطاع الإنتاج وهنا سوف تتحرك كل عجلات الاقتصاد في الاتجاه الصحيح وسوف نصنع بذلك دورة اقتصادية قليلة التقلبات بين القطاع العائلي والقطاع الإنتاجي، وبهذا، تعد الزكاة أداة اقتصادية فعالة لمكافحة التضخم والركود.
تقليل الفجوة
وبين العبري أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء لتزكوَ أموالهم ونفوسهم وبالمقابل يأخذ الفقراء الزكاة فينتقلوا من مستويات رفاه متدن إلى مستويات أعلى مما يعني تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء والقرآن نص على ذلك بقول الله تعالى: "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"، فمسارعة الفقير لرفع مستواه تزداد كلما زادت حصيلة الزكاة في يده حتى يرتقي سريعا إلى مستوى الادخار فينضم سريعا لقافلة المزكين.
وأكد العبري أن الوقف هو أحد أقدم الأدوات الاقتصادية في الإسلام لدعم التنمية المستدامة، قامت عليه مؤسسات كبرى تدعم جوانب متعددة في المجتمع وقد استفاد العالم من فقه الوقف في الإسلام وبرامجه المتنوعة وأطره الشرعية التي تم تقنينها في عالمنا المعاصرة مما صنع بيئات مستدامة في التعليم والصحة والزراعة والصناعة وهنا عندما تكون مؤسسة الوقف الرائدة تراعي أهم احتياجات المجتمع بفكر ورؤية ثاقبة فإن الدعم الذي تمثله للمجتمع لن يترك ثغرة للفقر والجوع والجهل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أن الزکاة العبری أن الزکاة فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
5 تمارين فعالة لتخفيف آلام الظهر بسرعة.. تعرف عليها
يعد الاستيقاظ مع ألم في الظهر من أسوأ التجارب التي قد تواجهها، قد يكون الألم مُنهكًا ومُزعجًا، لذا يُمكن لبعض تمارين التقوية أن تُساعدك على الشعور بالراحة ومنع تكرار الألم في المستقبل، جرّب تمارين سوبرمان، وتمارين الكرانش، ورفع الساق الجانبي لتحسين أدائك.
يُعد ألم الظهر من أكثر الأسباب شيوعًا وإعاقةً، وهو ما يدفع معظم الأشخاص إلى طلب المساعدة الطبية، والتغيب عن العمل، والبقاء خاملين.
ووفقًا للخبراء، يُعد ألم الظهر سببًا رئيسيًا للإعاقة حول العالم. ومع ذلك، يمكنك المساعدة في إيجاد الراحة الفورية في المنزل.
يقول الأطباء إن هناك العديد من التدابير التي يمكن أن تمنع أو تخفف معظم نوبات آلام الظهر، خاصةً لمن هم دون سن الستين. ومع ذلك، إذا فشلت الوقاية، فإن العلاج المنزلي البسيط واستخدام الجسم بشكل صحيح بانتظام يمكن أن يشفي ظهرك، نادرًا ما تكون هناك حاجة لإجراء عملية جراحية لعلاج آلام الظهر.
يمكن لبعض التمارين أن تساعد في تقوية العضلات الداعمة لأسفل الظهر، مما يُخفف الألم ويمنع الإصابات. ووفقًا للخبراء، يُمكن أداء هذه الحركات مع أو بدون أوزان إضافية.
-الجسور
تساعد تمارين الجسور على تقوية عضلة الألوية الكبرى، وهي العضلة الكبيرة في الأرداف، وهي أيضًا من أقوى عضلات الجسم. وهي مسؤولة عن حركة الورك، بما في ذلك تمارين تمديد الورك مثل القرفصاء. ووفقًا للخبراء، فإن ممارسة تمارين الجسور يوميًا تساعد على التغلب على ضعف عضلات الألوية، الذي يُسهم بشكل كبير في آلام الظهر، حيث تُساعد على تثبيت مفاصل الورك وأسفل الظهر أثناء حركات مثل المشي.
لأداء هذا التمرين، استلقِ على الأرض بشكل مستقيم، واضغط قدميك برفق على الأرض مع رفع أردافك ببطء عن الأرض حتى يصبح جسمك في خط مستقيم. حافظ على كتفيك على الأرض. استمر في هذه الوضعية لمدة ١٠ إلى ١٥ ثانية، وكررها ثلاث مرات.
-مناورة الرسم
تمارين الرسم تُحسّن عضلة البطن المستعرضة، وهي العضلة التي تُحيط بخط الوسط وتدعم العمود الفقري والبطن. ووفقًا للخبراء، فإن ممارسة هذا التمرين بانتظام تُساعد على تثبيت مفاصل العمود الفقري ومنع الإصابات أثناء أي نوع من الحركة.
للقيام بذلك، استلقِ على الأرض وقدماك مسطحتان عليها، حافظ على استرخاء يديك بجانبك. ازفر ببطء واسحب سرتك نحو عمودك الفقري، مع شدّ عضلات بطنك دون إمالة وركيك. حافظ على هذه الوضعية لمدة 4-5 ثوانٍ على الأقل، وكرّرها خمس مرات.
-سوبرمان
هذا التمرين فعال بقدر ما يبدو ممتعًا. يعمل تمرين سوبرمان على عضلات الظهر الباسطة الممتدة على طول العمود الفقري، مما يساعدك على الحفاظ على وضعية مستقيمة، كما يدعم العمود الفقري وعظام الحوض. مع ذلك، ينصح الخبراء بعدم ممارسة هذه التمارين إذا تفاقم الألم بدلًا من أن يخف، واستشر طبيبك فورًا.
للقيام بذلك، استلقِ على بطنك مع مد ذراعيك أمامك وساقيك، ارفع يديك وقدميك ببطء عن الأرض مسافة 15 سم تقريبًا مع شدّ عضلات جذعك، حافظ على هذه الوضعية لمدة ثانيتين إلى ثلاث ثوانٍ، ثم عد إلى وضع البداية.
-تمارين البطن
تمارين البطن من أفضل التمارين للحفاظ على استقامة عمودك الفقري وتخفيف الألم، تساعد تمارين البطن على تقوية عضلات البطن، التي تدعم ظهرك وتساعدك على الحفاظ على استقامة الوركين.
لأداء تمارين الكرانش بأمان، استلقِ على الأرض مع وضع قدميك مسطحتين على الأرض وركبتيك في وضعية ثني، ضع يديك ببطء فوق صدرك، خذ نفسًا عميقًا، وأثناء الزفير، شدّ عضلات بطنك بسحب سرتك نحو عمودك الفقري، ارفع نفسك ببطء عن الأرض بضعة سنتيمترات، كرّر ذلك عشر مرات على الأقل في ثلاث مجموعات.
-رفع الساق
تعمل تمارين رفع الساق على تقوية عضلات الورك التي تدعم الحوض وتساعدك على تحقيق التوازن واكتساب القدرة على الحركة.
للقيام بذلك، استلقِ على جانبك مع ثني ساقك السفلية قليلاً على الأرض، شدّ عضلات جذعك بقوة بسحب سرتك نحو عمودك الفقري، ارفع ساقك العلوية دون تحريك باقي جسمك، وثبتها لمدة خمس ثوانٍ على الأقل، كرّر التمرين عشر مرات على كلا الجانبين.
المصدر: timesnownews