أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن التأمل في الكون هو مدخل رئيسي لتعزيز الإيمان بالله تعالى، والتقدم العلمي في مجالات الفلك والاستكشاف الفضائي يزيد في إدراك الإنسان لدقة النظام الكوني، ويدفعه للتفكر في عظمة الخلق، مشيرًا إلى أن الإسلام لم يكن يومًا في خصومة مع العلم، بل جعله وسيلة لاكتشاف سنن الله في الكون.

جاء ذلك خلال ندوة علمية تحت عنوان «الكون بعيون العلم والإيمان.. رحلة في آفاق الفضاء»، نظمتها نقابة المهندسين بالتعاون مع الأزهر الشريف، وشهدت مشاركة واسعة من كبار العلماء والمتخصصين في علوم الفضاء والفلك والعلوم الشرعية، بهدف استكشاف العلاقة بين المعرفة العلمية والرؤية الإيمانية في تفسير نشأة الكون وظواهره.

وأوضح أن القرآن الكريم احتوى على إشارات علمية مذهلة تتعلق بالفضاء والفلك، مثل قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق: 11)، التي تتوافق مع ما كشفه العلم الحديث عن ظاهرة ارتداد الموجات الكهرومغناطيسية في الغلاف الجوي، ما يؤكد عمق الإعجاز العلمي في النصوص الدينية.

وأشار إلى أن العلماء المسلمين أسهموا في تأسيس علوم الفلك ورسم الخرائط السماوية، ومن بينهم البيروني، الذي وضع قياسات دقيقة لحركة الأجرام السماوية، والبتاني، الذي طور حسابات فلكية دقيقة، ما جعل الحضارة الإسلامية منارة علمية في عصورها الذهبية.

وأكد وزير الأوقاف أن رحلة الإنسان في استكشاف الفضاء ليست مجرد تقدم علمي، بل هي امتداد لفطرة التأمل والتدبر التي دعا إليها القرآن الكريم، فالإسلام يحث على الغوص في أسرار الكون والتفكر في خلق السماوات والأرض كطريق لتعميق الإيمان بالله عز وجل، موضحا أن العلوم الحديثة، وعلى رأسها علم الفلك وعلوم الفضاء، تكشف عن عظمة الخالق في أدق تفاصيل الكون، ما يعزز اليقين بأن الإيمان والعلم جناحان متكاملان يحلق بهما الإنسان نحو الحقيقة.

وأضاف أن الحضارة الإسلامية قامت على ربط العلم بالإيمان، حيث لم يكن العلماء المسلمون مجرد باحثين في الفلك والرياضيات، بل كانوا أيضًا أصحاب رؤية روحية تنطلق من يقينهم بأن هذا الكون مسخر للإنسان ليكتشفه ويستفيد منه.

وشدد على أن الأمة تحتاج اليوم إلى إعادة إحياء هذا النهج التكاملي، بحيث لا يكون العلم مجرد أداة مادية، بل وسيلة لتعزيز الوعي الإيماني وبناء حضارة قائمة على المعرفة واليقين.

وقال وزير الأوقاف إن بناء الحضارة لا يتحقق إلا بالعلم والمعرفة، مشيرًا إلى أن المحور الرابع في استراتيجية الوزارة يرتكز على صناعة الحضارة من خلال إحياء روح البحث والاكتشاف في العقول الناشئة.

وأوضح أن القرآن الكريم مليء بالإشارات الدالة على عظمة ملكوت السماوات والأرض، الداعية إلى التأمل في النجوم والشمس والقمر، بما يحفز الإنسان على الغوص في أسرار الكون وسبر أغواره، فلا يكون مجرد مشاهد للوجود، بل شريكًا في استكشافه وتسخيره لخدمة البشرية، ومن الضروري أن يمتلئ وعي الإنسان المصري بالشغف بالعلم والتطلع إلى آفاق جديدة من المعرفة، بحيث يصبح الحلم بالإنجاز العلمي جزءًا من ثقافة المجتمع.

وأعرب عن اعتزازه باتجاه مصر منذ عقود إلى مقاربة علوم الفضاء عبر هيئة الاستشعار عن بعد، وصولاً إلى تتويج ذلك بإنشاء وكالة الفضاء المصرية قبل أعوام معدودات، وثقة القارة الإفريقية في القدرات العقلية والبحثية المصرية المتعلقة بالفضاء جعلت القارة توافق على أن تكون مصر مقر وكالة الفضاء الإفريقية أيضًا، ولمصر في هذا المجال إنجازات ملموسة ولله الحمد.

واستدعى الوزير أيضًا مقولة العالم المصري الراحل الدكتور أحمد زويل عن أن وكالات الفضاء تمتلك تكنولوجيا تتفوق على ما يدور خارج مبانيها بعقود، مؤكدًا أهمية هذا المجال وتطبيقاته وابتكاراته في النهوض بالأمم.

وأكد المشاركون في الندوة أن تعزيز التكامل بين العلوم الشرعية والتطبيقية هو الطريق الأمثل لمواكبة المستجدات العلمية، وضرورة بناء جسور الحوار بين الباحثين في مختلف التخصصات، بما يسهم في صياغة رؤية متكاملة لفهم الكون وتفسير ظواهره على أسس علمية وإيمانية متوازنة.

وشهدت الندوة حضور نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء ورئيس لجنة العقيدة والفلك بمركز الأزهر للفلك، والدكتور محمد عبد الدايم الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والمهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، إلى جانب عدد من المتخصصين في علوم الفضاء والفلك.

اقرأ أيضاً«الأوقاف» تكرم الفنان سامح حسين تقديرا لدوره في نشر القيم المجتمعية

وكيل وزارة الأوقاف بالغربية يلقي محاضرة بكلية الآداب جامعة طنطا بعنوان «الإسلام دين الرحمة والتسامح»

بعد نجاح برنامجه «قطايف».. وزير الأوقاف ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام يكرمان سامح حسين

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التقدم العلمي التأمل في الكون الإيمان بالله وزیر الأوقاف علوم الفضاء

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: شعار الرُّشد قيمة أخلاقية وفِكرية كبرى للإبحار في عالم الذكاء الاصطناعي

قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إن الرشد هو الغاية من الدين وشرائعه وأحكامه، وهو شعار الدين وعلامته.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي العاشر لدار الإفتاء المصرية المنعقد تحت عنوان: "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، والذي يقام بالقاهرة تحت رعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي – رئيس الجمهورية.

مفتي الجمهورية: الخوارزميات تحولت لأداة قتل في غزة والسكوت في موضع الدم جريمةهل يأثم الزوج إذا لم يأمر زوجته بلبس الحجاب؟.. أمين الفتوى يجيبمتى تقال أذكار الصباح وآخر وقت لها؟ اعرف الرأي الراجح للعلماءصيام يوم المولد النبوي الشريف.. دار الإفتاء توضح حكم الشرع


وأضاف وزير الأوقاف أن كلمة "الرشد"، التي ينطلق منها أيضًا عنوان مؤتمر الإفتاء هذا العام، يُقصد بها القيمة المركزية الشرعية الكبرى التي ننطلق بها إلى عالم الذكاء الاصطناعي، والتي يمكنها وحدها أن تروِّض جموح هذا العالم الصاخب الهادر المزلزل لكثير من القيم والأخلاقيات، مشيرًا إلى أن تقنيات وآليات الذكاء الاصطناعي ليست مجرد محرك بحثي فائق السرعة، يجمع المعلومات من كل المصادر الإلكترونية المتاحة، ولا يقتصر على تطبيقاته السطحية مثل (شات جي بي تي) أو (ديب سيك) أو غيرها، بل هو صناعة ثقيلة ينفق فيها العالم من حولنا مليارات تدخل في مجالات الطب، والصناعة والتعليم والاتصالات والبرمجة، وجمع وتحليل البيانات والأمن السيبراني ويطور تطبيقات معقدة في مجالات عدة.


وأكد الدكتور أسامة الأزهري أن المواهب والعقول تتبارى يومًا بعد يوم في تقديم رؤيتها وحكمتها للمخازن البحثية الإلكترونية، لتغترف منها محركات بحث الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أنه من خلال ذلك يولد المفتي الرشيد، والفيلسوف الرشيد، والمفكر الرشيد، والخطيب والواعظ المفوه الرشيد في عالم الذكاء الاصطناعي.


واختتم وزير الأوقاف كلمته بالإشارة إلى نقطتين مهمتين، الأولى القضية الفلسطينية، مؤكدًا أنها ستظل قضيتنا الكبرى، وقال نصًّا: "سنظل هنا في مصر داعمين لأشقائنا في فلسطين، رافضين رفضًا قاطعًا لتهجيرهم من أرضهم، ورافضين رفضًا قاطعًا لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وفي رفض كل صور الظلم المهول والقهر المرير لهم"، مؤكدًا ثوابت الدولة المصرية في دفع الظلم والعدوان عن أشقائنا في فلسطين عمومًا وغزة على وجه الخصوص.


وأشار وزير الأوقاف إلى أن النقطة المهمة الثانية وهي أن وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية ونقابة السادة الأشراف ومشيخة الطرق الصوفية كانت -ولا تزال وستظل- صفًّا واحدًا خلف الأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، على قلب رجل واحد، في تقديم كل الخير والعلم والنفع والنور لوطننا العظيم، وللعالم العربي والإسلامي، وللبشرية كلها، مع رصد كل صور الخطر والهموم والتحديات التي تحيط بنا وبشعوبنا وأوطاننا، والانطلاق للتصدي لها بكل تجرد وصدق وإخلاص، محملين بأخلاق الشرع الشريف وأنوار هدايته للعالمين.

طباعة شارك وزير الأوقاف الإفتاء الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الإفتاء العاشر عالم الذكاء الاصطناعي القضية الفلسطينية تهجير الفلسطينيين أسامة الأزهري صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يبحث مع قيادات دينية من الأردن والجزائر والإمارات تعزيز التعاون
  • وزير الأوقاف: فلسطين ستظل قضيتنا الكبرى.. وسنظل رافضين لمحاولات التهجير
  • وزير الشؤون الدينية بالجزائر: في عصر الذكاء الاصطناعي الأمة أمام تحديات كبيرة
  • وكالة الفضاء السعودية تدعم مشاركة المنتخب الوطني في أولمبياد الفلك والفيزياء الفلكية بمومباي
  • وزير الأوقاف: المؤسسات الدينية ستظل على قلب رجل واحد خلف الأزهر الشريف والإمام الأكبر
  • وزير الأوقاف: شعار الرُّشد قيمة أخلاقية وفِكرية كبرى للإبحار في عالم الذكاء الاصطناعي
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: سيظل ما نعلمه عن خلق الإنسان أقل بكثير مما هو موجود في القرآن
  • وزير الأوقاف ينعى عاملاً بالغربية ويوجه بإعانة عاجلة لأسرته
  • وزير الأوقاف: مساعي الاحتلال المفضوحة نحو القتل والتجهير غير خافية على أحد
  • وزير الأوقاف يستنكر قرار الاحتلال بالاستيلاء على قطاع غزة