يقول البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي
 كنت مريضًا فزرتموني" (متى 25: 36)
1. وقعت كلمات هذا الإنجيل في صميم قلب الطوباوي ابونا يعقوب، مذ  كان كاهناً شابًا في رهبنة مار فرنسيس للآباء الكبوشيين. وكانت الغيرة الرسولية تستحثّه للتنقل من رعية الى اخرى ساحلاً وسهلًا وجبلًا، يعلّم التعليم المسيحي للأطفال، ويُهيّئهم للمناولة الاولى في رعاياهم.

وهو القائل:"ازرعوا القربانة في قلوب الأطفال، واحصدوا قديّسين!"
2. وانفتح قلبه بكامل الحب والتحنن على المرضى والمتألمين بمختلف الأمراض الجسدية والعصبية والعقلية والنفسانية الإعاقات والاحتياجات الخاصة. فأسّس دير الصليب على تلّة جل الديب ومؤسسة مماثلة في دير القمر، ومياتم ومستشفيات ومدارس ودور للمسنّين والمسنّات.
وأَولى الكاهن المريض والمسنّ عناية خاصة فأسّس دار المسيح الملك لاستقبال هؤلاء الكهنة، وحفظ كرامتهم الكهنوتية. وأسّس جمعية راهبات الصليب لاستمرارية حبّه وتحنّنه ومؤسساته.
3. رفع الصليب على تلتّي جل الديب ودير القمر كعلامة رجاء وخلاص وفداء لكل انسان، وتمثال المسيح الملك على تلّة وادي نهر الكلب حيث نقش الملوك والأباطرة والفاتحون من مختلف العصور على صخور نهر الكلب ذكرى مرورهم، فكانت النقوش علامة اندثارهم.
شاء أبونا يعقوب رفع تمثال المسيح الملك على تلّة نهر الكلب للتأكيد أن الملوك والاباطرة الفاتحين مرّوا من هنا. لكنهم ماتوا واندثرت ممالكهم. أما المسيح الملك فهو حيٌّ الى الابد، وملكه لا ينتهي، وهو الكنيسة المجاهدة على الأرض والممجَّدة في السماء.
4. يُسعدنا ان نحتفل مع اخواتنا راهبات الصليب بتكريس مذبح كنيسة يسوع الملك بعد ترميمها، وبإنارة واجهتها والتمثال، بتقدمة تقويّة من الدكتور ادغار يمّين وزوجته، اللذين نحييهما معكم بكثير من الشكر والدعاء الى المسيح الرب كي يُتمم نواياهما، ويقبل قربانهما لمجد الله وتقديس عائلتهما، وللخير العام الفائض من محبة القلب الالهي، ولوحدة الشعب اللبناني بين ذراعي المسيح الملك.
5. لم يفصل الطوباوي بونا يعقوب بين الكرازة بالانجيل والبعد الاجتماعي. فمن بعد ان تشبّع من كلمة الإنجيل وتعليمها ساحلًا ووسطً وجبلًا، أتته الدعوة إلى الانطلاق في البعد الاجتماعي الذي بدونه يتشوّه المعتى الاصيل والشامل لرسالة اعلان الانجيل(البابا فرنسيس:فرح الانجيل، 176). البعد الاجتماعي يعني إنماء الشخص البشري إنماء شاملًا، وتحريره من كلّ العوائق التي تحدّ أو تعرقل نموّه الانساني والثقافي والاقتصادي والأخلاقي.
انطلاقًا من هذا الرباط العضوي بين الإنجيل وبعده الاجتماعي، أنشأ أبونا يعقوب مؤسساته الاجتماعية المتنوّعة بتنوّع حاجات الأشخاص، وواصلت جمعية الراهبات الصليب إنشاء مؤسسات أخرى في لبنان والخارج وفقًا لموهبة – carisma الجمعية ولحاجات انماء الشخص البشري، عملًا بكلمة القديس ايريناوس:"مجد الله الانسان الحيّ".
6. في الواقع ان الحاجات الست التي تشملها المحبة الاجتماعية، ويعددها النص الإنجيلي، لا تقتصر على الشأن الجسدي والمادّي، بل تشمل ايضًا المستويات الروحية والثقافية والمعنوية والأخلاقية.
فالجائع هو الذي يحتاج إلى طعام أو علم أو روحانيّة. العطشان هو الذي يحتاج إلى ماء أو عدالة او عاطفة انسانية او معرفة. العريان هو المحتاج الى ثوب واثاث بيت او صيت حسن او كرامة. المريض هو الذي يعاني من مرض في جسده أو نفسه، أو الذي هو في حالة أخلاقية شاذّة كالبخل والطمع والنميمة والكبرياء، او المدمن على المخدرات او المسكرات او لعب القمار. الغريب هو العائش في غير بلده او بلدته او في محيط لا ينسجم معه. وهو الغريب بين اهل بيته الذي يعاني من عدم قبولهم او تفهّمهم له. والسجين هو العائش وراء القضبان، وايضًا من هو اسير امياله المنحرفة، او مواقفه غير البنّاءة؛ ومن هو مستعبد لاشخاص او لايديولوجيات.
7. اننا نحيّي كل مؤسساتنا الخيرية والتربوية والاستشفائية والانمائية التي تعمل من اجل انماء الشخص البشري انماءً شاملًا. ونحيّي كل اصحاب المبادرات الخاصة، والمحسنين الذين يسندون هذه المؤسسات. ومعلوم أن هذه المؤسسات تقوم مقام الدولة، وتُخفف عن أعباء مسؤولياتها. ولكن من المؤسف ان السلطات المدنية تهُمل هذه المؤسسات، وتحجب عنها المستحقات المالية سنة واثنتين وثلاثًا واربعًا من دون أي شعور بالمسؤولية، فيما هم بددّوا أموال الخزينة بالسرقة والنهب والتهريب والتبذير.
8. من أجل التمادي في هذه الحالة يُعطل المسؤولون بما لهم من نفوذ، انتخب رئيس للجمهورية يَضع البلاد على الخطّ السليم. وتراهم يتستّرون وراء الحوار والتوافق، فيما الحلّ واحد ودستوري وهو الدخول الى قاعة المجلس النيابي وإجراء الانتخابات الرئاسية بين المرشحين الذين باتوا معروفين. فتكون كلمة الفصل في التصويت وفقًا للمادة 49 من الدستور. وهكذا يضعون حدًّا للمهزلة التي شوّهت وجه لبنان الديموقراطي البرلماني الحضاري.
9. أيها المسيح الملك، انت وحدك سيّد العالم، وسيّد وطننا لبنان وشعبه. فلا تدعه فريسة اطماع الطامعين والاشرار، نجّه من شرّهم، ومسّ ضمائر معطلّي انتخاب رئيس للدولة من اجل مطامعهم الشخصية والفئوية والطائفية. لك المجد والتسبيح مع الآب والروح القدس

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط

إقرأ أيضاً:

هنية: الحل سيتحقق بمفاوضات تفضي لاتفاق متكامل مهما تهرب العدو

صفا

قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إن عيدًا آخر يمر على فلسطين عامة وغزة خاصة وهي تكافح وتجاهد ضد الغزاة المحتلين على كل الجبهات وفي مختلف الميادين.

وأضاف هنية في كلمة له بمناسبة عيد الأضحى المبارك، "ها هو عيد الأضحى وهو عيد التضحية والفداء يأتي علينا هذا العام ونحن في خضم هذه الملحمة التاريخية التي ندافع فيها عن أرضنا وهويتنا وقدسنا ومقدساتنا، ونقدم هذه التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والمقدرات والممتلكات في كل أنحاء أرضنا المحتلة وخاصة في قطاع غزة، وها هو شعبنا يعيش الحصار الخانق، ويعيش أقسى ألوان المعاناة من نزوح إلى نزوح ومن قصف إلى قصف ومن خيمة إلى خيمة ومن فقد إلى فقد في رحلة معاناة لم يعرف التاريخ لها مثيل".

وتابع "لم يقف الأمر عند حدود القطاع، فها هي الضفة المحتلة والقدس تتعرض لأبشع هجمة إرهاب وقتل وترويع واعتقالات وانتهاك للمقدسات من قبل العصابات الصهيونية بهدف تركيع شعبنا وكسر إرادته".

وأكد هنية أن "العدو الإسرائيلي المجرم الذي ارتكب وما زال الإبادة الجماعية والوحشية التي لم تعرفها البشرية قد فشل في تحقيق أي من أهدافه التي أعلنها، كما بدأت ملامح التفكك في حكومته وبنيانه بما يؤذنُ بهزيمته وانكساره".

وشدد على أن "طوفان الأقصى كانت معركة تاريخيّة فيها من الدلائل والنتائج ما لا يمكن الإحاطة بها لكن يكفي أن نرى بوادر نتائجه في مختلف الاتجاهات، وأن نرى هذا العجز لدى قادة العدو وداعميه من الدول العظمى وهم يعبّرون عن معاني اليأس والانكسار".

وأشار إلى أن أبناء القسام وكل كتائب المقاومة أبدعوا في الحفاظ على قدرة المقاومة في الإثخان بالعدو بكل الوسائل وفي كل المواقع، حتى تلك التي دمرها الاحتلال وعاث فيها فساداً، ورغم كل محاولات العدو تدمير قدرات المقاومة إلا أن العمليات البطولية ما زالت تتواصل بشجاعة وإبداع، وآخرها التي أعلنها القسام وشاهدها العالم يوم أمس في رفح وغزة وفي شمال القطاع صباح اليوم".

ووجه هنية "التحية لمجاهدي حزب الله في لبنان الذين وقفوا مع غزة منذ اللحظة الأولى ووسعوا ضرباتهم مساندة لها ولمقاومتها حتى أجبروا مئات الآلاف من المستوطنين الغاصبين على النزوح من الشمال المحتل".

كما وجه "التحية لأنصار الله في اليمن الذين جعلوا البحر الأحمر وبحر العرب مياهاً محرمة على العدو ومن يسانده، وتحية للإخوة في المقاومة الإسلامية في العراق الذين يقومون بدور كبير في استهداف مواقع عديدة لدى الكيان الإسرائيلي".

وأوضح أن العدو أمعن في حرب الإبادة التي يخوضها ضد شعبنا في غزة وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة، وها هي الحرب تدخل شهرها التاسع وما زال العدو المجرم يواصل القتل والقصف والتدمير.

وطالب هنية الأمة العربية والإسلامية بأن تقوم بدورها في هذه المعركة، وتصعد من سقف مواجهتها مع الكيان الإسرائيلي نصرة لغزة وانتصاراً للقدس والأقصى، مضيفًا: "نحيي شعوبنا العربية والإسلامية التي وقفت وتحركت وما زالت في كل الميادين وقدمت كافة أشكال الدعم لشعبنا ومقاومته الباسلة".

ولفت هنية إلى أن الحركة ومعها كل فصائل المقاومة أبدت جدية كبيرة ومرونة عالية من أجل الوصول لاتفاق يحقن دماء شعبنا ويوقف العدوان.

وأردف قائلاً: "تمثل ذلك في موافقتنا على اقتراح الوسطاء في السادس من مايو والإيجابية التي عبرنا عنها تجاه خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، وترحيبنا بقرار مجلس الأمن الذي صدر قبل أيام، وردنا الذي سلمناه للوسطاء بوفد مشترك مع حركة الجهاد الإسلامي في قطر، وهو متوافق مع الأسس التي وردت في خطاب بايدن وقرار مجلس الأمن بشأن المراحل الثلاث للصفقة وشروط وقف إطلاق النار".

وبيّن هنية أن الاحتلال وحلفاءه لم يتجاوبوا مع هذه المرونة وواصلوا مناوراتهم ومحاولاتهم للتحايل والخداع من خلال مقترحات وأفكار هدفها الحصول على الأسرى والعودة لاستئناف حرب الإبادة من جديد، وشنوا حملات إعلامية وتحريضية للضغط على الحركة وفصائل المقاومة للموافقة على مخططاتهم، مشددًا "لكننا ما زلنا وسنبقى ثابتين على مواقفنا التي تضع مصالح شعبنا وأمنه وحمايته فوق كل اعتبار".

ولفت إلى "ثلاثة أبعاد في هذا الموضوع، أولها أن الحل سيتحقق من خلال مفاوضات تفضي إلى اتفاق متكامل مهما تهرب العدو وعطل الوصول إليه، وثانيها: تمسكنا بدور الوسطاء وأهمية ما يقومون به واستعدادنا لإعطاء الفرصة والمساحة الكافية لإنجاز مهمتهم النبيلة، وثالثها: استمرار العمل على كل المسارات من أجل إنهاء حرب الإبادة ضد شعبنا".

وأكد هنية أن "الحركة مع فصائل المقاومة جادة لإنجاز اتفاق يتضمن البنود الأربع: وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الشامل من غزة، والإعمار وصفقة تبادل للأسرى، وأن يكون ذلك كله واضحاً لا لبس فيه ولا يحتمل تفسيرات ولا تأويلات ولا يخضع للتأجيل أو المساومة أو المناورة".

وأعرب عن أمله بأن تنتهي هذه المَظلمة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من مائة عام، مردفًا "آن الأوان أن تنجز حقوقنا الأصيلة والمشروعة، وشعبنا الذي ثار في السابع من أكتوبر على القيد والقهر لن يتراجع حتى يستكمل مسيرته بالتخلص من الاحتلال، وتتويجها بالحرية والاستقلال والعودة، وذلك بوابة الأمن والاستقرار في المنطقة".

وشدد على أن "الغطاء الذي توفره بعض الدول للاحتلال خاصة الإدارة الأمريكية بات مكشوفاً شعبياً وسياسياً وقانونياً وإنسانيا، وعلى هذه القوى أن تعلم بأنه لم تفشل الحرب العسكرية على شعبنا فحسب بل فشلت معها الحرب السياسية والإعلامية، وبحجم الصمود الأسطوري لشعبنا في غزة كان صلابة الموقف السياسي وإيجابيته".

وشدد هنية على أن "صور المجاعة المروعة التي يشاهدها العالم وتضرب في كل مناحي القطاع وتحصد أرواح الأبرياء وخاصة في الشمال هي مسؤولية المجتمع الدولي وتحديداً الدول الداعمة لهذا الاحتلال القاتل، فيجب أن يتحرك الجميع لإجبار العدو على فتح كل المعابر وإدخال كل احتياجات شعبنا بشكل فوري وعاجل".

مقالات مشابهة

  • تعرف علي حق العامل في أجر إضافي خلال العمل في الأعياد
  • سوسان: للتمسك بالطائف علّنا ننجح بانتخاب رئيس
  • عودة: على حكماء هذا البلد أن يتفقوا على مبادىء واضحة وتفاسير موضوعية لكل ما يختلف عليه اللبنانيون
  • هنية: الحل سيتحقق بمفاوضات تفضي لاتفاق متكامل مهما تهرب العدو
  • كيفية منع أخذ «اسكرين شوت» لـ«بروفايل فيسبوك».. الحل في 3 خطوات
  • رئيس مجلس النواب يهنئ نظراءه في البلدان العربية والإسلامية بعيد الأضحى
  • الراعي: لا يمكن ترك لبنان من دون رئيس وهذا المطلوب منه
  • بري وجعجع.. الجرة انكسرت فهل يكون باسيل الرابح؟!
  • ملك الأردن: لقد فشلنا في تحقيق الحل الوحيد الذي يضمن أمن الفلسطينيين والإسرائيليين
  • ملك الأردن: لقد فشلنا في تحقيق الحل الوحيد الذي يضمن أمن الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة والعالم