«العنصرية هي المعتقدات أو السلوكيات التي تعلي من شأن فئة ما، بناء على عناصر موروثة مرتبطة بطبائع الناس أو قدراتهم، وتستند أحيانا إلى لون البشرة، أو اللغة، أو الثقافة، أو العادات، أو المعتقدات، وتصنف المادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (جريمة الفصل العنصري) ضمن الجرائم على الإنسانية التي تخضع لولايتها القانونية.
«عند الشدائد تظهر معادن الرجال»، لطالما مثلت هذه العبارة إحدى المعايير التي يُرجَع إليها عند الشدائد والاضطرابات والأحوال الصعبة الهائلة. ولطالما مثل العلماء ميزانا مختلفا عن الميزان العام الذي تحتكم إليه الدول والعسكر، فهم منحازون إلى الحق لا الحقيقة، وإلى الإنسان -كل إنسان- دون اعتبارات تراتبية أو مقاييس اجتماعية. فكل نفس ثمينة ولها قيمتها وقدسيتها أكانت نفس الفقير الضعيف، أو الجاهل الحائر، أو الغني القوي، والعالِم المستبصر؛ كل هؤلاء متساوون فـي قدسية النفس الإنسانية وحفظها من التلف المقصود المتعمد، وإلا فإن تلفها العارض حاصل لا محالة.
يقرأ البعض الوقوف بوجه السلطة على إطلاق ذلك الوقف أنه النضال السليم الذي ينبغي أن يدعم ويناصر، بينما يرى آخرون بأن الوقوف فـي وجه المظالم وحدها هي ما يستحق الدعم والمناصرة. وينسى المرء وهو يسمّي الأشياء والناس أو يسمها، بأنهم بشر مثله. فالسلطة مجموعة من الناس فـي بيئة ما، وهم من تلك البيئة ومن تربتها، ولا تخلو تربة من الحشائش الضارة والأشجار المثمرة، جنبا إلى جنب وفـي بقعة واحدة وتمتحان من معين واحد. بالنسبة إلي، أرى أن العلماء الحقيقيين هم ميزان العقل فـي الدول، فهم من يحفظون الأرواح ويراعون مصالح الناس؛ لأنهم يرون الآتي والمستقبل بعين البصير الذي يرى آثار الفعل قبل الفعل نفسه. ولكن العلماء كونهم من الناس وأطباعهم طباع الناس أيضا، فهم معرضون للفساد واتباع الهوى والمصلحة والمنفعة، فلماذا يُصدم الناس من علماء ولا يصدمون من آخرين فـي منزلة العلم ذاتها؟ إن الصدمة تكون على قدر التوقع والآمال، فمتى رأينا جراحا فـي القلب، فإننا لا نتوقع منه أن يقطع شريان امرئ وفقا لعمره أو دينه أو لونه. ومتى رأينا عالما فـي النفس، فإننا لا نتوقع منه إلا أن يكون البصير العارف بكوامن النفس، وتأثير الخطاب على الأفراد والمجتمعات والسياسيين أنفسهم. ولأن الحروب تكشف المؤثرين وتصدم الناس بهم، فقد سقطت أهلية كثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين بسبب عنصريتهم، وتعرضت أطروحاتهم وآثارهم للنقد بعد النقد والتمحيص فوق التمحيص، لأنها لا تخلو من تحيّز لا يصلح معه أن يؤخذ كلامهم على عواهنه، رغم معرفة الجميع بعلمهم.
يمثل عالم النفس الكندي علامة فارقة فـي علم النفس الحديث، فهو العالم النفساني الأبرز والأكثر شهرة وتأثيرا على الناس وعلى المؤثرين والفاعلين فـي أنحاء العالم كله، وقد كانت الصدمة التي تسبب بها بعد تغريدته الشهيرة عبر منصة إكس -تويتر سابقا- وحضه نتنياهو على إبادة الفلسطينيين؛ ما يجعل الإنسان يصاب بالذهول من ذلك العالم!. فكيف لعالم نفساني مثله أن لا يقدر قيمة الحياة والنفس الإنسانية وقدسيتها!، فهذا مما لا سبيل إلى معرفته وفهمه. وبعد تلك التغريدة، عاد الكثير من القراء إلى كتبه وأطروحاته التي كانت قبل التغريدة تمثل ما يمكن أن يُقال عنه بأنه علم نافع محض، فوجدوا مواطن العنصرية كامنة فـي التفاصيل الصغيرة، وهو ما أدى به بعد ذلك إلى التصريح بعنصريته وتقديمها فـي لباس تبدو معها فـيه وكأنها شيء مباح وجميل!. مما حدا بي إلى الكتابة عن هذا، هو مراجعتي لإحدى محاضراته فـي علم النفس، وكم هو عجيب أن يذكر مثالا فـي كلامه قد سبقه إليه المتنبي قبل قرون طويلة وأحقاب متعاقبة!، والجميل فـي الأمر أنه رد عليه وعلى عنصريته التي ترى فـي العرب والمسلمين عبئا على البشرية ومصدر استهلاك لا إنتاج. أما قوله الذي يكاد يكون اقتباسا من المتنبي فهو المتمثل فـي قول أحمد بن الحسين:
وما يَنفعُ الأُسْدَ الحياءُ من الطّوى
ولا تُتّقى حتى تكونَ ضَوارِيا
وأما عن بيترسون وغيره ممن يشابهونه فـي عدم احترامهم للعلم بعنصريتهم أو بمخالفتهم لأخلاقيات العلم والمبادئ الإنسانية، واعتمادهم على التورية فـي سبيل صناعة العقول وصقلها بما يتماشى مع القوى التي تدعمهم، فهم منكشفون لا محالة، فهم كما قال زهير:
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ
وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هل تكفي تسبيحة واحدة في الركوع أو السجود؟.. بما علق العلماء؟
الركوع أحد أركان الصلاة الأساسية، ولا تصح الصلاة بدونه، ومن نسيه وجب عليه الإتيان بسجود السهو تعويضًا، كما أن إدراك الركوع مع الإمام يعني إدراك الركعة وصلاة الجماعة، أما من لم يدرك الإمام في ركوعه، فلا تحتسب له الركعة.
وفيما يتعلق بالحركة التي تلي الركوع، فإن الفقهاء اختلفوا في مسألة الإطالة بعد الاعتدال منه؛ فمنهم من رأى أن المصلي يجوز له أن يسجد فورًا بعد الرفع، ومنهم من أجاز البقاء قليلاً للدعاء، لكنهم اشترطوا أن يكون الدعاء مما ورد فيه فضل خاص، كما في الحديث الذي أثنى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، على من قال دعاءً معينًا سمعه منه في الصلاة، وقال عنه إن الملائكة تسابقت لكتابته.
تسبيحة واحدة تكفي في الركوع والسجود
وفيما يخص عدد التسبيحات المطلوبة في الركوع أو السجود، أكد العلماء أن تسبيحة واحدة فقط تكفي، موضحين أن المهم هو أن يركع المصلي ويطمئن في ركوعه، ومتى تحقق الركن وأدّاه المصلي بخشوع، فإن صلاته تكون صحيحة.
وشدد العلماء على أن التسبيح في الركوع والسجود سنة عند جمهور أهل العلم، بينما يعده الحنابلة واجبًا وأقله تسبيحة واحدة.
وأضافوا: "لو أخطأ المصلي فذكر أذكار السجود في الركوع أو العكس، فصلاته صحيحة، ولا يترتب على ذلك سجود سهو، بحسب ما ذهب إليه جمهور الفقهاء".
وأشار العلماء إلى أن الأفضل للمسلم أن يسبح ثلاث مرات أو أكثر أثناء الركوع والسجود، لكن إذا اقتصر على تسبيحة واحدة فقط، فصلاته صحيحة بإجماع العلماء، إذ إن السنة يمكن أن تتحقق بأدنى فعل منها.
دعاء عظيم بعد الاعتدال من الركوع
وتناول الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، موقفًا شريفًا يدل على فضل بعض الأدعية في هذا الموضع من الصلاة، حيث روى عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه أنه قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركوع وقال: "سمع الله لمن حمده"، قال أحد الصحابة من خلفه: "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه".
فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة: "من المتكلم آنفاً؟"، فقال الرجل: أنا، فقال عليه الصلاة والسلام: "رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول".
وأوضح الدكتور جمعة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن هو من قال هذا الدعاء أولًا، لكنه أثنى عليه عندما سمعه، لما فيه من فضل عظيم، مشيرًا إلى أن بعض الأذكار والأدعية التي لم ترد عنه بشكل مباشر لها مع ذلك منزلة وفضل إذا أُدخلت في مواضعها المناسبة في الصلاة.
وأشار إلى حديث آخر عن ابن أبي أوفى، يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد رفع ظهره من الركوع: "سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
هذه الأقوال والأحاديث تدل على سعة رحمة الله، وعلى مرونة السنة النبوية في الأذكار، ما دامت لا تخرج عن مواضعها الشرعية، ولا تبتعد عن ما أقره النبي أو أثنى عليه.