رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| حديث الصباح والمساء.. ملحمة درامية مستوحاة من إبداع نجيب محفوظ
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص؛ حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
إذا كنا نتحدث عن الدراما العميقة التي تأسر القلوب، فلا بد أن نذكر "حديث الصباح والمساء"، العمل الذي استطاع أن يترجم عبقرية نجيب محفوظ إلى دراما تليفزيونية أبهرت المشاهدين. المسلسل ليس مجرد قصة عادية، بل هو ملحمة إنسانية تتنقل عبر الأجيال، وتسرد حكايات الحب، الخيانة، الصراع الاجتماعي، والتغيرات السياسية التي أثرت في المجتمع المصري.
ويقدم "حديث الصباح والمساء" تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي من خلال ثلاث عائلات، تبدأ من منتصف القرن التاسع عشر وتمتد حتى نهاية القرن العشرين. هذه العائلات هي: عائلة البدري: التي تمثل الطبقة الغنية وأصحاب النفوذ، وعائلة السماحي: التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وتحاول الصعود اجتماعيًا، وعائلة السُرّاج: التي تمثل الطبقة الكادحة والمسحوقة.
وتتشابك مصائر الشخصيات عبر الأجيال، حيث تتحول حياة بعضهم من الفقر إلى الثراء، ومن النفوذ إلى الضياع، بينما يظل آخرون عالقين في دوامة الصراعات العائلية والحب المستحيل.
أحد الجوانب العبقرية في المسلسل هو الطريقة غير التقليدية في السرد، حيث يتم تقديم القصة من خلال الأسماء المرتبة أبجديًا؛ ما يعطي المشاهد إحساسًا بالقدرية ودائرة الحياة التي تتكرر بين الأجيال.
وحقق المسلسل نجاحًا هائلًا عند عرضه لأول مرة في رمضان 2001، وكان واحدًا من الأعمال القليلة التي استطاعت أن تحوّل رواية أدبية إلى دراما تليفزيونية بنفس العمق والجمال.
وتميز المسلسل بسيناريو محكم وحوارات فلسفية تحمل لمسة نجيب محفوظ، إلى جانب موسيقى تصويرية ساحرة من ألحان الموسيقار ياسر عبد الرحمن، التي أضافت بعدًا عاطفيًا عميقًا للأحداث. وعلاوة على الأداء التمثيلي المذهل من نجوم كبار ، مثل ليلى علوي، أحمد خليل، وأحمد ماهر.
قصة العمل مأخوذة عن رواية نجيب محفوظ، والمعالجة الدرامية والسيناريو محسن زايد، وإخراج أحمد صقر، ومن بطولة ليلى علوي، عبلة كامل، أحمد خليل، دلال عبدالعزيز، خالد النبوي، أحمد ماهر، سوسن بدر، محمود الجندي، وأحمد رزق.
"حديث الصباح والمساء" لم يكن مجرد مسلسل، بل كان رحلة عبر الزمن، حيث تتكرر المصائر، وتتشابك الحكايات، في لوحة فنية بديعة رسمها نجيب محفوظ وأعاد إحياءها صُنّاع المسلسل ببراعة، إنه واحد من أعظم الأعمال الدرامية في تاريخ التليفزيون المصري، وسيظل دائمًا مصدر إلهام لعشاق الدراما الراقية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حديث الصباح والمساء رمضان زمان حكايات على ضوء الفانوس نجيب محفوظ أحمد صقر ليلى علوي عبلة كامل خالد النبوي حدیث الصباح والمساء نجیب محفوظ
إقرأ أيضاً:
ملحمة جزيرة الدهب.. سواعد لا تهدأ في وزارة الكهرباء لإعادة التيار
يطلق عليهم في العادة أبطال الظل، على الرغم من عملهم تحت وطأة الشمس في عز الحر، يواصلون الليل بالنهار أحيانا، أو يتم استدعائهم بشكل مفاجئ في جوف الليل أو في آخر النهار، دائما تجدهم في حالة استعداد فهذه طبيعة عملهم.
إنهم العمال والفنيين في قطاع الكهرباء سواء في شركات نقل الكهرباء أو التوزيع، ترس المنظومة المهم بل الأهم، هم من يسارعون دائمًا لحل المشكلات وتنفيذ التعليمات، وبفضلهم تتحول هذه التعليمات إلى نجاح ملموس.
في ملحمة محطة محولات جزيرة الدهب التى أصاب كابلتها الأعطال ظلوا هم الأبطال الحقيقين على الأرض، إضافة إلى عمال وفنيي المقاول الخاص المكلف بالمشاركة في مد الكابلات وربط الدوائر الجديدة لعودة التيار الكهربائي بعد انقطاع دام أربعة أيام.
بابتسامة كبيرة واجه أحد العمال تذمرات بعض المارة في منطقة ساقية مكي مرددا "أنا ذنبي أيه ثم وجه حديثه لي قائلا: الناس زعلانة مننا وإحنا غصب عننا حضرتك شايفة إحنا شغالين كام يوم في الشارع" ليلتقط زميله الكلمة قائلا : “أنا زوجتي زهقت عشان مالناش مواعيد شغل في أي وقت بننزل”.
هذه الكلمات لخصت طبيعة عملهم الشاق فقد ظلوا في الشوارع طيلة الأيام الماضية يذهبون سويعات قليلة لبيوتهم ثم يعودون ليتسلموا الوردية.
في قلب الأزمة: فرق عمل متكاملة لإعادة النورخلال متابعة “صدى البلد” لإصلاح محطة جزيرة الدهب في موقع الأعطال شهدنا كيف يبذل الجميع جهودا جبارة، فكل فريق له مهامه، فريق يعمل على إصلاح الكابلات المعطلة، وفريق آخر يقوم بالحفر لتركيب كابلات جديدة لإضافة دائرتين جديدتين للمحطة ضمانات لاستقرار التغذية الكهربائية ومواجهة زيادة الاستهلاك الذي تسبب في خروج المحطة عن العمل، أما الفريق الثالث فكان يعمل على توصيل المولدات الاحتياطية وعربات الطوارئ لتغذية الأماكن الحيوية والاستراتيجية خاصة محطات مياه الشرب التى تسبب فصل الكهرباء في انقطاعها في بعض الأماكن لليوم الخامس.
ونجحت الفوق الفنية فى مهامها حين أعلنت وزارة الكهرباء عصر أمس عن نجاح الأطقم العاملة في إصلاح الكابل رقم 2، وإطلاق التيار الكهربائي على مستوى شبكة التوزيع، مع استمرار العمل لتأمين التغذية في نطاق محطة محولات جزيرة الدهب. وبذلك أصبحت المحطة تعمل من خلال الكابلين المغذيين 1 و2، وهو ما ساعد في تخفيف حدة الأزمة.
وواصلت الفرق الفنية بالشركة المصرية لنقل الكهرباء، برئاسة المهندسة منى رزق، العمل المكثف على توصيل الدائرتين الجديدتين بمحطة محولات جزيرة الدهب، بهدف إعادة التيار الكهربائي المستقر إلى كافة مناطق محافظة الجيزة، حيث بدأت أعمال الحفر ورفع الكابلات المتهالكة منذ صباح الثلاثاء، تلتها مباشرة أعمال تمرير المواسير والكابلات أسفل خطوط مترو الأنفاق والسكة الحديد، بعد الانتهاء من المناطق الأخرى ومد الكابلات الجديدة في الرابعة عصرًا، ثم اللحام قرب منتصف الليل، وصولًا إلى اختبار الكابلات حتى فجر اليوم استعدادًا لإطلاق التيار تدريجيًا.
جهود حثيثة بقيادة الوزيرنجحت كل هذه الأعمال بمتابعة دقيقة ومستمرة من الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء، حيث تواجد الوزير شخصيًا في مواقع الأعطال أكثر من ثلاث مرات في يوم واحد، مما كان له أثر كبير في نجاح الجهود المبذولة.
فيما واصلت المهندسة منى رزق إشرافها المباشر والمتواصل على أعمال مد الكابلات، حيث تواجدت في موقع العمل على مدار الساعة لضمان سير الأمور بسلاسة وسرعة، تمهيدًا لإعادة التيار الكهربائي.
في بيان رسمي، أعربت وزارة الكهرباء عن بالغ شكرها وتقديرها لأهالي الجيزة على ما أبدوه من صبر وتعاون مع الأطقم الفنية العاملة ميدانيًا. ومن المتوقع أن تصدر الوزارة بيانًا آخر عند حل الأزمة بشكل كامل، يتضمن شكرًا خاصًا للجنود (المعلومين) الذين عملوا بجد. هذا الشكر لن يكون مجرد كلمات على ورق، بل سيشمل مراعاة لمطالبهم العادلة من حوافز وبدلات، فهم وجميع العمال والفنيين ثروة حقيقية لوزارة الكهرباء.