عبد الله علي إبراهيم
(أكثر طاقة قحت-تقدم-صمود في وحشتها هي التباكي على المدنيين كأن هذا منتهى الأرب وآخر ما في جعبتها. وصار هذا عرضحالها الفرد لوقف الحرب كأن ما تعاقدت عليه من آليات مصاحبة لوقف الحرب فيميثاقها في أديس في العام قبل الماضي نسياً منسياً سوى زيارة يتيمة لئيمة لنازحين مصابين بأثيوبيا. وليس في تدريب هذه الجماعة السياسي التعاطي مع الظاهرة المعقدة سوى من ملكتي الامتثال أو الاحتجاج.
لا أعرف من وضع أصبعه على أزمة قوى الإجماع الوطني المعارضة مثل يوسف الكودة بقوله إنها اعتزلت مزاج الشعب. وأكبر أسباب هذا الاعتزال أنها محجوبة عنه بنظام الإنقاذ الذي ذهب بوجدانها. فرفضت نقد الجبهة الثورية على تصعيدها للحرب وبشائر السلام بالمفاوضات لائحة ولعنفها الذي رشح في أب كرشولا. وقال كمال عمر الأمين إن خبر العنف فبركه المؤتمر الوطني وأن لهم مصادراً كذبته. ولم يطلعنا على رواية مصدره بينما يثبت كل يوم أن الثورية استباحت حقوق الإنسان في غزوة شمال كردفان ولم تستجب بعد لدعوة الكثيرين لتحقق بصورة مستقلة عما أشيع عنها. أما يوسف حسين، الناطق الشيوعي، فقال إنهم لن يؤاخذوا الثورية لأن الحرب سجال. وهذا قول مردود. فحزبه لم يتوقف لحظة من إدانة الحكومة خلال حربها السجال. كما أن سجالية الحرب لا يعني أن أطرافها غير ملزومة بتجنيب المواطنين ويلاتها.
سمعت عن اللحمة التي لا ترغم. وهو القريب الذي لا يتغضب لمحنتك. ولم أجد لها تطبيقاً سوى عند مبارك الفاضل. فقد قرأت له بياناً يعزي في اغتيال سلطان دينكا نقوك المرحوم كواك دينق مجوك لوال، والاسم مربع. وهذه نباهة كبيرة. ولكني لم أجد منه بعد كلمة عن محنة شيعته الأنصار المزعزعين في أب كرشولا وما تواتر عن تقطيع أوصال العالم المرحوم محمد أبكر زعيم الأنصار وحزب الأمة وسائر أخوته. ولن يجوز هذا الكيل بمكيالين إلا إذا كان مبارك مطلعاً على غير الخبر الرائج المكذوب في نظره، أو أن أنصار أب كرشولا استحقوا ما نالهم لأنهم اختاروا غيره من شُعب المهدي وحزب الأمة.
وقرأت بمزيد الأسى والحزن على "الميدان" الشيوعية غير الورقية عن نية الاجماع الوطني السفر لدولة جنوب السودان للعزاء في سلطان كوال. ونشرت صورة لوفدها يعزي فيه بسفارة جمهورية جنوب السودان وتكون من صديق يوسف وكمال عمر وعبد الجليل الباشا وفتحي نوري. ولا بأس في ذلك حتى لو كان العزاء المستحق في أبيي موضع البكاء لا في جوبا التي فراشها خبر. ولكن ما يمحق بركة عاطفة الاجماع للسلطان وجوبا أننا لم نسمع من أي من مكونات الإجماع توجيهاً لفروعها في أحياء الخرطوم أقله لاستنفار المواطنين لعون من وفدوا إلى العاصمة من الفارين من أب كرشولا. فقرأت في الخرطوم أمس عن ترزي يؤجر ماكنة الخياطة بحي مايو وله زوجتان وفوق الدستة من العيال استضاف 25 من أهله الفارين في بيت عشوائي تتربص به الحكومة. ولما مد الصحفي له بشيء من المال رده وقال: "ديل أهلي وما بغلبني اعيشهم". وبالطبع توقع الرجل تدخلاً أليق، بل طلبه.
وبعيداً عن كل ذلك، وبصراحة النبي، من يدفع لأسفار الاجماع الساساقة من الخرطوم، القاهرة، كمبالا، جوبا والعكس وقد شكا الاجماع لطوب الأرض عن إدقاع الإنقاذ له؟
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تسلم البطن الجابتك
تسلم البطن الجابتك
كتبت- يسرية محمد الحسن
ما من منطقة تأذت من هذه الحرب مثلما تأذت به ولاية الخرطوم ! دمار ما بعده دمار تفكيك وتدمير ممنهج بل ومدروس للبنى التحتية بالعاصمة كلها. كل شبر.. كل متر كل مربع كل شارع.. حارة.. حي.. سوق.. مشفى مدرسة.. جامعة دور العبادة.. تخيلوا حين يهدمون مسجدا.. أو كنيسة تتعالى أصواتهم النكرة بالتكبير !!! حتى الأشجار والطيور والحيوانات لم تسلم من بطش هؤلاء (الذين يعدنا
قادتهم بجلب الديمقراطية والعدالة وحقوق المواطنين) قبلا توعد وهدد قائدهم بأن عمارات الخرطوم (ستسكنها الكدايس).. خربوها نعم. دمروها نعم.. جعلوا عاليها واطيها.. نعميين !!. اضطهدوا مواطنيها وأذلوهم أيما اضطهاد وإذلال ! وهل من بعد سرقة (شقى العمر ) للمواطنين المسالمين العزل الأبرياء سيكون لهؤلاء نصيب من قبول لدى مواطنىدي ولاية الخرطوم. التي وبعد رحيلهم المذل عنها أصبحت كما تمنى قائدهم في مقولته تلك … ولاية لا تصلح حقا الا (لسكنة الكدايس)!!..عامان كانهما دهر بأكمله ! ذاق فيها الناس ( الويل وسهر الليل)! والظلم والقهر والاضطهاد، والاذلال والعنف والقتل والسبي للنساء والبنات والاختفاء القسري للرجال والنساء على حد سواء.. والتخويف والرعب والإرهاب. كانوا يقفون على كل باب ! كان مواطنو الخرطوم أسرى في أيدي هؤلاء.. نعم أسرى بكل مافي الكلمة من معان ومدلولات ! أسرى داخل الأحياء.. لا يستطيعون التحرك إلى أي جهة بالولاية أو خارجها. إلا بعد تفتيش دقيق وتمحيص أدق ولك أن تتخيل عزيزنا القارئ. كيف كان الحال في عاصمتنا الجميلة قبل وقوعها في أيدي هؤلاء القتلة وكيف كان حال مواطنيها الذين لم تسعفهم ظروفهم المادية للهرب من هذا الجحيم.. خرج هؤلاء الذين ( لا يشبهون البشر) ولا أي علاقة لهم البتة بالجنس البشري ! او حتى بجنس الحيوان. نعم. فبعض الحيوانات رؤوفة ببني جلدتها وأجناسها..! دمار بهذا الحجم للبنى التحتية وللمباني. سكنية او حكومية ونهب ممتلكات المواطنين وتدمير بيوتهم بهذا العنف والإصرار والترصد لا يمكن بأي حال. أن يكون وليد اللحظة ! هي خطط مدروسة وبعناية فائقة لـ( مسح كل شيء. اي شيء) له علاقة بعاصمة اسمها الخرطوم !..
خرج الجنجويد. نعم. بعد أن نفذوا تعليمات قياداتهم العليا. كما طلب منهم بالملي والسنتمتر والشولة والنقطة لم يخرج أحمد عثمان حمزة..! لم يبارح ولايته قط عاش لحظة بلحظة هذا (التسونامي) الغريب والمتوحش والشرس واللا دين له ولا وطنية ولا إنسانية ورأى رأي العين كل ما حدث وهو صابر صامد في في مكانه يمارس نشاطه في كرري التي لم يستطع هؤلاء (الغجر) أن يطؤوها ! ولكن دانات مدافعهم ومسيراتهم كانت تفشل دوما في أن تصيب المنطقة بأذى ! فترتد إليهم بالخزي والخيبة والحسرة والانهزام.
خليت الخرطوم تماما من مغول العصر وكان أول من انتقل للعمل فيها من مقر أمانة الحكومة الذي دمر ونهب وسرق كل شيء بداخله والي الولاية ووزراء حكومته المكلفين ما من أي معينات أو اموال. ليبدأ هؤلاء الرجال تطويع المستحيل ليصبح واقعا ولكن المستحيل أصبح واقعا بالفعل ! كيف ذلك وبأي أموال أو معينات. أو… أو… لا ندري ولا نعلم.. فقط نعلم أن مجهودات جبارة بذلت ولا زالت تبذل لإعادة عاصمة البلاد إلى ألقها وجمالها وماضيها الجميل..
بالأمس ساقتني قدماي إلى (سوق ستة) وسوق ستة سادتي واحد من الأسواق الشعبية المنتشرة بعاصمة الجمال.. لبرهة حسبتها دهرا تحسست رأسي هل ضللت طريقي؟ (فقد اعتدت أن أمشي بأرجلي كثيرا) نعم هو سوق ستة أو سوق الوحدة كما يسمونه ولكني لم أصدق عيناي وأنا أرى (جبال نفايات السوق والجنجويد ) وقد اختفت !!
الطرقات التي كانت مرتعا خصبا لأولئك الأوباش. يدخنون الحشيش داخل الرواكيب ويحتسون القهوه والشاي ويأكلون ويشربون ويذلون المواطنين ! بل يعتدون عليهم ضربا بسياط العنج. دون أي مبررات..! هذه الرواكيب والفوضى والعشوائية التي كان سائدة ولمدة العامين الماضيين قد اختفت !! لم أصدق أنه سوق الوحدة لماذا.. لأن هذا السوق حوله هؤلاء الأوباش إلى مكب نفايات كل الموبقات والخارج عن القانون هو سيد الموقف.. عاد كل شيء إلى وضعه.
قبل السنتين الماضيتين لأول مرة أرى أنه كانت هناك شوارع أسفلت داخل هذا السوق.. كان لابد أن استفسر عن الأمر فقد كنت قبل يومين بالسوق. وكان على حاله المتسخ والـ (مقرف) والعشوائية والفوضى تملأ كل مكان فيه ما الذي حدث بالضبط وأي معجزة تلك التي وفي يومين فقط غيرت ملامح السوق تماما تماما ليعود كما عرفناه قبل أن تطأه الأقدام النجسة جاءتني الإجابة من فورها.. من وجوه المواطنين والفرح يغمر الوجوه… (الوالي كان هنا يوم السبت الفات، وطاف على كل السوق، أي مكان، أي راكوبة، أي زقاق، وكان زعلان شديد. لما شاف الحاصل) وركب عربة، ما فخمة زي عربات المسؤولين البنشوفها في التلفزيون… يرد بائع ليمون كان جوارنا.. الكلام ده أول أمس، أمس جات حملة كبيرة ماليها عد، وعربات للشرطة والأمن، وضباط كبار وصغار، وعساكر، وآليات كبيرة.. السوق ده في ست ساعات بس، أهو زي ما إنتو ونحن شايفنو رجع كيف؟؟!!!
القائد الذي سيخلد اسمه في تاريخ السودان الحديث كأعظم قائد انتصر على أكبر مؤامرة تحاك ضد دولة بالعالم قديمًا وحديثًا، فخامة الرئيس البرهان، أخاطب سيادتكم. لأنكم أنتم من اخترتم الاستاذ أحمد عثمان حمزة واليًا على ولاية الخرطوم. أخاطبكم وبكل الأدب أقول: كيف سيكون الجزاء لهذا الرجل الذي طوع المستحيل في زمن قياسي، وبفضل جهوده عاد مواطنو الخرطوم إلى الديار التي نعمت بالأمن والأمان والخدمات من بعد طول غياب.
هذا الوالي، النموذج لرجل الدولة المتفاني في خدمة مواطنيه، يستحق منكم، أخي القائد، التكريم ومنحه أرفع الأوسمة التي تقلد عادةً لأعظم القادة في ميادين القتال. فمثله لم تلده أمّه بعد!! وأخي سعادة الأستاذ الفخيم أحمد عثمان حمزة، والي ولاية الخرطوم، يوم شكرك ما يجي!! وتسلم البطن الجابتك.
بسرية محمد الحسن
صحيفة أخبار اليوم
الخرطوم.
البرهانوالي الخرطوميسرية محمد الحسن