سودانايل:
2025-06-15@01:25:12 GMT

حين تُكذّب الحربُ مقولةَ التفاوض

تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT

كتب الدكتور عزيز سليمان استاذ السياسة والسياسات العامة

قال أرسطو “نحن نخوض الحروب لنعيش في سلام”، لكن التاريخ، ذلك المعلّم الصلب، يعلمنا أن السلام ليس دائمًا ثمرة طاولة مستديرة، بل قد يكون غصنًا ينبت من رماد انتصارٍ كاسح. يتردد في الأذهان قولٌ شائع: “كل حربٍ لازم تنتهي بالتفاوض”، تعبيرٌ يحمل في طياته حكمةً شعبيةً تبدو بديهية، لكنه يصطدم أحيانًا بجدار الواقع الذي لا يرحم.

فهل كل نزاعٍ محكومٌ بمصير المفاوضات، أم أن هناك حروبًا تُسدل ستارها بانتصارٍ عسكريٍّ لا يقبل القسمة على اثنين؟ دعونا ننظر إلى السودان اليوم، حيث تُرسم معالم صراعٍ قد يُعيد كتابة هذا المثل.
ميراث التاريخ: انتصاراتٌ بلا مساومة
لنعد بالذاكرة إلى أمثلةٍ تاريخيةٍ تُناقض هذا القول. حرب القرطاجيين الثالثة (149-146 ق.م) بين روما وقرطاجة لم تنته بتفاوض، بل بانتصارٍ روميٍّ مدوٍّ أحرق مدينة العدو وأذابها في ملح الأرض، كما يروي المؤرخون. وفي العصر الحديث، سقوط برلين عام 1945 على يد الحلفاء لم يترك للنازية بابًا للتفاوض، بل كان نهايةً حاسمةً أعقبتها استسلامٌ بلا شروط. حتى في حرب الاستقلال الأمريكية (1775-1783)، لم يكن انتصار المستعمرات على بريطانيا ثمرة حوارٍ دبلوماسيٍّ مبكر، بل جاء بعد معاركَ دمويةٍ فرضت واقعًا جديدًا.
يقول الفيلسوف توماس هوبز: “الحرب هي حالة الإنسان الطبيعية حين يغيب القانون”، لكن الانتصار العسكري قد يكون أحيانًا القانون الوحيد الذي يُنهي تلك الحالة. فالتاريخ لا يُكتب دائمًا بحبر الدبلوماسية، بل قد يُسطر بدماءٍ تُجبر المهزوم على الصمت.

السودان: حربٌ ترفض طاولة التفاوض
في السودان اليوم، حيث يتصارع الجيش الوطني مع مليشيا “الدعم السريع” (الجنجويد)، تبرز معالم صراعٍ قد يُثبت استثناءً لهذه المقولة. الجيش السوداني، مدعومًا بإرادة شعبيةٍ جارفة، يخوض معركةً ليست مجرد نزاعٍ على السلطة، بل حرب وجودٍ ضد قوى التمرد والعمالة. الشعب السوداني، ذلك العمود الفقري للأمة، لم يكتفِ بالمشاهدة، بل حمل السلاح إلى جانب جيشه، في مشهدٍ يذكرنا بقول شكسبير: “إذا لم تكن ذئبًا، أكلتك الذئاب”. هنا، لا مكان للتردد.
لماذا يبدو الانتصار الكامل للجيش محتومًا؟ أولاً، لأن الشعب السوداني يرفض الجنجويد رفضًا قاطعًا، ليس فقط لفظاعاتهم من نهبٍ وقتلٍ وتشريد، بل لعمالتهم المكشوفة لأجنداتٍ خارجيةٍ تُريد تقطيع أوصال البلاد. ثانيًا، لأن المجموعات المدنية التي ساندت المليشيا، سواء بنيةٍ أو بغفلة، فقدت مصداقيتها بعد أن كشفت الأيام خيانتها لتطلعات الشعب، فأصبحت كمن يحفر قبره بيده. ثالثًا، لأن الجيش ليس مجرد مؤسسةٍ عسكرية، بل رمزٌ للوحدة الوطنية في مواجهة الفوضى.
أصل المقولة: حكمةٌ أم وهم؟
من أين جاءت مقولة “كل حرب لازم تنتهي بالتفاوض”؟ لعلها وليدة تجاربَ مثل معاهدة فرساي أو اتفاقية كامب ديفيد، حيث أعقبت الحروبَ جلساتُ حوارٍ شكلت السلام. أو ربما هي صدى لقول تشرشل: “التفاوض أفضل من التقاتل”، معاد صياغته بلغةٍ شعبيةٍ عربيةٍ تلخص واقعًا شائعًا. لكنها، كما يقول نيتشه: “الحقائق الكبرى تبدأ كبدعٍ ثم تصير بديهيات”، قد تكون بدت بديهيةً حتى اصطدمت بحروبٍ لا تقبل الحلول الوسط.

خاتمة: السودان يكتب تاريخه
في السودان، قد لا تكون طاولة التفاوض سوى سرابٍ في صحراء الصراع. الجيش، بقوة الشعب، يسير نحو انتصارٍ قد يُعيد تعريف المقولة، ليثبت أن بعض الحروب تنتهي لا بحبر الأقلام، بل بحد السيوف. كما قال ابن خلدون: “إذا تعانى القومُ أمرهم، صلح حالهم”، والسودانيون اليوم يعانون أمرهم بإرادةٍ لا تُقهر. فلتكن هذه الحرب استثناءً يُضاف إلى سجل التاريخ، حيث الانتصار الكامل هو البوابة الوحيدة للسلام.

quincysjones@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مصر القومي: إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتنفيذ حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق السلام

أشاد حزب مصر القومي، بالجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة المصرية، قيادة وشعبا، من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ووقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدًا دعمه الكامل والثابت للموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية.

الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني

وجدد الحزب، في بيان له، تأكيده أن مصر كانت، ولا تزال، الداعم الأول للقضية الفلسطينية، انطلاقا من دورها التاريخي والمحوري في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال المستشار مايكل روفائيل، نائب رئيس حزب مصر القومي، إن مصر كانت أول من حذر من اتساع دائرة الصراع في المنطقة، وقد أثبتت الأحداث صحة هذا التحذير، حيث تتفاقم التوترات الإقليمية يوماً بعد يوم، ما يستوجب تحركا دوليا عاجلا لوضع حد لهذا التصعيد الخطير.

إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة

وأضاف روفائيل، أن إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووقف العدوان، ورفع الحصار، وتنفيذ حل الدولتين وفقًا للقرارات الدولية، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار الدائم في منطقة الشرق الأوسط.

نطنز القلب النووي النابض.. إسرائيل تضرب معقل اليورانيوم الإيراني20 صورة ترصد تجهيزات استراحات المعلمين المشاركين في امتحانات الثانوية العامة 2025

ودعا روفائيل، المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والقانونية، والعمل الجاد لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين، وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف مفاوضات السلام على أسس عادلة ومتوازنة.

طباعة شارك حزب مصر القومي الشعب الفلسطيني الحرب الإسرائيلية مصر فلسطين

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفرنسي يدعو نظيره الإيراني للعودة للتفاوض
  • تعز.. وقفة حاشدة تنديدا بالعدوان على غزة وللمطالبة بوقف الحرب
  • نحن (السودانيين) لنا قيمة و فائدة لهذا العالم
  • الجيش السوداني والدعم السريع يتنازعان السيطرة على منطقة المثلث الاستراتيجية
  • مصر القومي: إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتنفيذ حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق السلام
  • كيف يخطط الغرب-3 الشائعات
  • دوي انفجار سُمع... ماذا فعل الجيش الإسرائيلي في عيتا الشعب؟
  • عادل الباز يكتب: لماذا نتفاوض مع الإمارات؟ وعلى ماذا يدور هذا التفاوض؟ (1/2)
  • الهجمة على الجيش والمخاطر على السودان
  • المليشيا لن تنتصر كقوة غازية يتم تجهيزها في ليبيا أو أي دولة أخرى لغزو السودان