اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. والسودان في قلب الكارثة

صفاء الزين

يوافق العاشر من ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وفي المقابل يواجه السودان واحدة من أعنف الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، ففيه أكثر من 12 مليون نازح ولاجئ وفق تقارير الأمم المتحدة ومنسقية الشؤون الإنسانية (OCHA) خلال ديسمبر 2025م، وما يزيد عن 25 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وأكثر من 30 ألف قتيل موثق، بينما تبقى أعداد غير معروفة تحت الأنقاض وفي المناطق المعزولة.

الحرب التي اندلعت منذ أبريل 2023م ما زالت تمزّق كل شيء، فالحقوق الأساسية تلاشت بالكامل. الحق في الحياة تحوّل إلى رفاهية بعيدة، قذائف تتساقط فوق الأحياء السكنية، والمدفعية تضرب المستشفيات، والأسواق تتعرض للقصف وسط اكتظاظ المدنيين. الحق في الغذاء يوشك على الانهيار التام، خمسة ملايين سوداني يقفون على حافة مجاعة كارثية تمتد إلى 12 ولاية، والمجاعة أُعلنت رسميًا في أغسطس الماضي.

مع امتداد الحرب اتسعت دائرة العنف في مناطق متعددة، وبات المدنيون يواجهون ضغوطًا وانتهاكات متنوعة ترتبط بطبيعة الاشتباكات واتساع نطاقها، وتشير تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن حجم الوقائع في الميدان أكبر من الأرقام المتاحة، فكثير من الحالات لا يجري توثيقها نتيجة غياب الأمان وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة.

كما أدى استخدام الطيران الحربي في عدد من الجبهات إلى توسيع نطاق الخسائر وسط المدنيين، القصف الجوي طال مناطق مكتظة بالسكان، وتسبب في تدمير واسع للبنية التحتية الأساسية، من طرق ومرافق خدمية ومستشفيات، وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن استمرار الضربات الجوية يزيد من تعقيد الوضع الإنساني، ويعرقل عمليات الإجلاء والإغاثة، ويضاعف من معاناة الأسر المحاصرة بين خطوط القتال.

وقد ظل الأطفال في دائرة الخطر المباشر، لأن أكثر من 19 مليون خارج المدارس، وآلاف جُنّدوا قسرًا في صفوف المتقاتلين، والمئات سقطوا ضحايا للألغام والعبوات الناسف، أما كبار السن وذوو الإعاقة يعيشون وحدهم خلف خطوط النار بلا دواء ولا غذاء.

كما أن المشهد الصحي ينهار لأن المستشفيات تحولت إلى أطلال، والصيدليات فارغة، والمياه النظيفة حلم بعيد في معسكرات النزوح التي تضم أكثر من ستة ملايين شخص.

اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذا العام يحمل صيحة واضحة، صيحة في وجه صمت المجتمع الدولي الذي يكتفي بتصريحات لا تغيّر واقعًا يزداد قسوة، وصيحة في وجه كل من يضع “الاستقرار السياسي” فوق حياة الملايين، إن حماية المدنيين واجب قانوني وأخلاقي يحتاج تطبيقًا فوريًا، لا بيانات إدانة مؤجلة.

كما أن احترام حقوق الإنسان في السودان يشكّل الطريق الوحيد للخروج من الحرب، فأي حديث عن المستقبل بلا معنى إذا لم تُحمَ الأرواح اليوم، وإذا لم تُصن الكرامة في هذه اللحظة بالذات.

السودان ليس خبرًا عابرًا في نشرة، لكنه اختبار حقيقي لضمير العالم، النجاح في هذا الاختبار يمنح الملايين فرصة للحياة، والتقاعس يسجّل البشرية كشاهد صامت على واحدة من أفظع المآسي في القرن الحادي والعشرين.

????: [email protected]

الوسومالأمم المتحدة السودان المجتمع الدولي اليوم العالمي لحقوق الإنسان حرب 15 ابريل 2023م صفاء الزين منسقية الشؤون الإنسانية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة السودان المجتمع الدولي اليوم العالمي لحقوق الإنسان حرب 15 ابريل 2023م صفاء الزين الیوم العالمی لحقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلق من الوضع في كردفان

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم الأربعاء، إنه قلق جدا من تكرر الفظائع التي ارتكبت في الفاشر (غرب السودان) في كردفان.

وأضاف تورك في مؤتمر صحفي تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن المواجهات تتصاعد في السودان ولا ينجو أي مدني من هذا العنف الفظيع.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هيئة الأسرى تحذر من "تجمد الأسرى" داخل السجون الإسرائيليةlist 2 of 2بسبب انتهاكات جسيمة.. دعوات حقوقية لإغلاق مركز احتجاز أميركي للمهاجرينend of list

من جانبه، أكد وزير العدل السوداني عبد الله درف، أن بلاده تعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات والجرائم المروعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، قائلا "سنعرض الانتهاكات التي تعرض لها شعبنا بالمحافل وسنحاسب مرتكبيها أمام القضاء الوطني والدولي".

مجاعة كادوقلي

في الأثناء، أعلن شيلدون ييت ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة بالسودان (يونيسيف) تأكد حدوث مجاعة في مدينة كادوقلي جنوب كردفان.

وتعاني كادوقلي من حصار تفرضه "الدعم السريع" و"الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال" بقيادة عبد العزيز الحلو منذ الشهور الأولى للحرب، وهجمات متكررة بالمدفعية والطائرات المسيرة.

ولا توجد إحصائيات لعدد الأهالي النازحين في كادوقلي، لكنها شهدت موجات نزوح كبيرة على فترات إلى الأطراف والمناطق المحيطة.

في الأثناء، قالت وكالات أممية ومنظمات إغاثة إن عشرات الآلاف من الفارين من دارفور وكردفان لا يزالون في عداد المفقودين.

وأضافت أن نحو مئة ألف نازح سُجلوا منذ هجمات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقابل أعداد أقل، وصلت فعلياً إلى مواقع النزوح.

وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أسابيع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.

وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء حرب بين الجيش السوداني والدعم السريع اندلعت منذ أبريل/ نيسان 2023 بسبب خلاف بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص.

إعلان

مقالات مشابهة

  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما هو وضعها في تونس؟
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. أي وضع حقوقي في تونس؟
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. مرصد عراقي يطالب بإعادة تعريف مصطلحات سياسية مبهمة
  • اليمن يحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان ويؤكد التزامه بحماية المدنيين
  • اليمن يُحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان بفعالية خطابية
  • صرخات نسائية بلا مجيب.. كيف تبدو مصر في اليوم العالمي لحقوق الإنسان؟
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما حققته مصر من تطورات لدعم منظومة الحريات
  • مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلق من الوضع في كردفان
  • رسالة هامة من القومي لحقوق الإنسان في يوم اليوم العالمي