جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-12@00:52:02 GMT

ملك.. والساعة!

تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT

ملك.. والساعة!

 

 

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

 

"ليس مطلوبًا منك أن تُنظِّم العالم، ولا أن تُنظِّم المجتمع، وحتى أسرتك، فقط «نظِّم عقلك»، وستجدهم جميعًا ينتظمون معك". سعود الفيصل.

*****

يُحكى أنه في أحد العصور الغابرة ثمة ملك يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الساعة وحركة عقاربها، ويتحين مع فارق التوقيت تحريك قراراته وفرماناته، في كل قرار يأمر مستشاره ليتفقد الساعة، وبناءً على لحظة الساعة كان يُصدر القرار المنوي إقراره، وكان بحسب الروايات يستبشر بمواعيد الساعة ويعتقدها أمر خيرًا، وكلما أراد إصدار أمر أو قرار سأل المستشار أن ينظر للساعة، وكم الساعة الآن، وهل وصلت الساعة للحظة التي يرجوها هذا الملك المعتقد بأهمية الساعة.

لنترك هذا الملك والمستشار والساعة، ولنذهب بعيدًا عن مدى صحة الرواية أو إسرائيليتها، بالنهاية هي قصة عابرة كآلاف القصص العابرة منذ آلاف السنين منها ما تم تصديقه واعتباره مُسلَّمًا به، ومنها ما بقي من الهراء أو القصص الممتعة التي لا أساس حقيقي لصحتها، أو ما وصمت به بعض الحكايا بأنها من الإسرائيليات.

وعلى ذكر الإسرائيليات، وهنا لنركز على لفظ الإسرائيليات؛ فهو يرمز إلى الاشتباه بعدم صحة رواية ما، أما لماذا تم تسميتها بإسرائيليات، لا أعلم في الحقيقة بشكل جازم. هنا لن أحدثك عن تفسيرات قد تكون صحيحة أو مجانبه لها، قرأت أنه جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: يعني: فيما ادعوا من الكتاب ومن أخبارهم، مما يمكن أن يكون صدقا أو كذبا، لإخبار الله تعالى عنهم أنهم بدلوا الكتاب ليشتروا به ثمنا قليلًا، ومن كذب على الله فهو أحرى بالكذب في سائر حديثه. انتهى.

وقال ابن حجر في فتح الباري: ولا تكذبوهم، أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا، لئلَّا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج. انتهى (1)

نرى هذه الأيام ونسمع عبر الأخبار عمَّا يجري من كوارث إنسانية و إجرام صهيوني في غزة الجريحة، وبعيدا عن تفسيرات السياسة وتحليلاتها، وفي الواقع لم يعد هناك سياسة بمعنى السياسة؛ بل قتل وتشريد وإمعان في القوة، وإفراط في الإجرام من مجموعة عصابات صهيونية تسيطر اغتصابًا على قطعة أرض تقع في خاصرة الوطن العربي، وتمارس الإجرام والقتل بحق أهل هذه الأرض، وسط صمت شبه تام من الغالبية، وفي زمان لم يعد الشجب والاستنكار وإصدار البيانات، وعناوين البنط العريض في الصحف كافية لرأب الصدع، ولا لوقف آلة القتل الصهيونية القاتلة.

ماذا عساي أن أتحدث أو أكتب، هل أضعف الإيمان هو كتابة مقال بسيط يتحدث عن الملك والساعة؛ سواءً كان موقعة في مالطا أو إسبانيا أو حتى في طرابزون بتركيا.

أعلم أن أحوال الأمة صعبة، وبالتأكيد هناك اجتهادات على قدر الإمكان، وثمة توجيهات معينة لكن من يسمع ذلك، من يرى الحل؟ من يقتنع بميزان القوة؟

السياسة أحبانا تكون في يد من لا يفقهها، ولا يفهمها، ولا يستوعبها، ليس عيبًا الضعف، وقلة الحيلة، كلنا ضعفاء، وكلنا فقراء إلى الله، لكن العيب هو تسليم أمرك لمن لا يخاف الله ولا يخافه بك.

اِلعب سياسة كما تشاء، إنما وفق مقتضيات محددة؛ إذ إن من أهم قواعد السياسة أن تعرف ما تملك من أوراق وتعرف ما يملك خصمك من أوراق، وبناءً عليه تحدد مستوى وطريقة اللعبة السياسية. أمَّا أن تسلم أمرك لغيرك، لدواع غير مقنعة، وتخاطر بمغامرات معروفة نتائجها سلفا ثم تتباكى، فهنا ممكن أصفك بأي وصف إلا السياسي.

الكلام كثير، وتجار السياسة لا يهمهم دمار شعب أو نهضته، سلامته أم قتله، الأهم استخدام هذا الشعب كورقة مساومة، وليقتل منه ما يقتل، ليس مهما مادامت الأمور تبعد آلاف المسافات.

توجد دول عربية وإسلامية لها علاقات سياسية مع الكيان الصهيوني، وكثير من هذه الدول موثوق، من المهم التحرك سياسيًا على الأقل لردع آلة القتل الصهيونية وإيقافها، ولو مقابل صفقات أيًّا كان نوعها، الوضع أصبح لا يُطاق في غزة، القتل يومي بشكل مُروِّع، ومن المهم إيقاف هذه الآلة؛ إذ لا توجد حرب بمعنى حرب؛ فالتكافؤ غير واقع، والصهاينة عاثوا في الأرض قتلًا، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.

هل نطمع بمن يعتمد على ساعة لعله يستطيع وقف وردع القتل، وبالطبع ليس بالقوة فلا تحدثني عن القوة؛ بل بالسياسة، فهل تستطيع السياسة فعل ما لم تفعله القوة؟

في هذا المقال لن يكون الحديث ومعناه إلّا عن أهلنا في غزة، رحم الله الشهداء، وشفى الجرحى، وحفظ من بقي حيًا سالمًا، وسامحينا يا غزَّة، فلا نملك إلا أضعف الإيمان، ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60). وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد: 11).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الكامل لقطاع غزة وغطرسة القوة

قرار حكومة الاحتلال المتطرفة والهادف إلى إعادة احتلال قطاع غزة، يؤكد بشكل قاطع إمعانها في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني وقد أثار إقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي (الكابينيت) بما اسماه خطة السيطرة على مدينة غزة ضمن خطة أوسع لاحتلال القطاع بالكامل، حالة من الرفض والتنديد العربي والإسلامي والدولي، معتبرين ذلك انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واستخفاف بقرارات الشرعية الدولية.

قرار المجلس الوزاري بوضع خطة لاحتلال قطاع غزة بالكامل يهدف إلى ترسيخ الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، ومواصلة حرب الإبادة في غزة، والقضاء على جميع مقومات حياة الشعب الفلسطيني وتقويض حقه في تقرير مصيره وتجسيد دولته المستقلة وتصفية القضية، وذلك في انتهاك صارخ ومرفوض للقانونين الدولي والإنساني.

وتستهدف خطة نتنياهو وحكومته ترسيخ احتلال قطاع غزة وتوسيع السيطرة العسكرية عليه بالكامل، وتعد امتدادا لسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تستخدم التجويع والحصار سلاحا ضد الشعب الفلسطيني، فضلا عن إمعانها في الاستهداف الممنهج للأعيان المدنية والمستشفيات والمدارس، في انتهاك واضح لقرارات الشرعية، واتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، وتأتي استمرارا للخروقات الإسرائيلية الجسيمة لقرارات المجتمع الدولي، وتقويضا واضحا لحل الدولتين، وحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

مواصلة حكومة الاحتلال سياسة التجويع والقتل الممنهج والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل لن تؤدي سوى لتأجيج الصراع وتزيد من تصعيد التوتر وتعميق الكراهية ونشر التطرف في المنطقة، والذي تفاقم بالفعل بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم وما خلفه من كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة.

الأفكار والقرارات اللاإنسانية التي تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلي دون رادع تؤكد مجددًا أنها لا تستوعب الارتباط الوجداني والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني بأرض الاباء والأجداد، وأن الشعب الفلسطيني صاحب الحق التاريخي لهذه الأرض المباركة، استنادًا للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية.

إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل ومواصلة حكومة الاحتلال القوة القائمة على الغطرسة والهيمنة العسكرية رفضها للامتثال والالتزام بموجب القانون الدولي، لاسيما القانون الدولي الإنساني، ينسف الجهود الدولية المستمرة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وإنهاء المعاناة الإنسانية ووقف العدوان الإسرائيلي، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الكافية والفورية إلى القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة.

استمرار عجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن وقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية بشكل فوري يقوض أسس النظام الدولي والشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلم على المستوى الإقليمي والعالمي وينذر بعواقب وخيمة تشجع الاحتلال على ممارسات الإبادة الجماعية والتهجير القسري لما تبقى من سكان بقطاع غزة.

المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية وضرورة اتخاذ موقف فاعل يوقف العدوان الإسرائيلي وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ولا بد من  مجلس الأمن وجميع الأطراف المعنية الاضطلاع بمسئولياتهم السياسية والقانونية والأخلاقية، والتحرك لوقف سياسة العربدة وغطرسة القوة التي ينتهجها الاحتلال والتي تهدف إلى فرض أمر واقع بالقوة، وتقوض فرص تحقيق السلام، والقضاء على آفاق حل الدولتين، وأهمية التأكيد على أنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة إلا من خلال تجسيد الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • المونسينيور يؤانس لحظي: «الفاتيكان الدولة الأصغر مساحة والأكثر تأثيرًا في السياسة العالمية»
  • هل يصمد تفويض اليونيفيل في لبنان أمام الجدل ويُجدَّد هذا العام؟
  • هل يفوز ترامب على جبهة السياسة الاقتصادية؟
  • القوة الجوية يعزز تشكيلته بـصقر أردني جديد
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا في أب وأم لقتلهما ابنتهما بمكة المكرمة
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بمواطنين لقتلهما ابنتهما في مكة المكرمة
  • الاحتلال الكامل لقطاع غزة وغطرسة القوة
  • بعد صورتها مع محمد رمضان.. من هي لارا ترامب؟ وكيف اقتحمت عالمي السياسة والفن؟
  • الخارجية الفلسطينية: إعادة احتلال غزة بالكامل يندرج ضمن السياسة التوسعية الإحلالية
  • «واخد توكيل الركنيات».. رضا عبد العال يهاجم نجم الزمالك بعد موقعة سيراميكا كليوباترا