فيلم نجمة الدم: امرأة على الطريق في مواجهة قاتل متسلسل
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
يحفل تاريخ السينما بأنواع فيلمية اعتمدت أساليب واتجاهات كان في بعضها عنصر المكان ركيزة أساسية، فهو يتحول إلى مرآة للشخصيات والبيئات الثقافية وطبيعة المجتمعات وبذلك امتلك الفيلم عاملا إضافيا للنجاح في كونه وثيق الصلة بالواقع ومستمدا منه بالإضافة إلى توفر العناصر الجمالية الأخرى.
في هذا النوع الفرعي من الأفلام -والذي نحن بصدده الآن- ليست الثيمة وحدها هي التي ترسم مساره بل المكان، وهو هنا الطريق الذي تتخذه الشخصية في انتقالها بين حدود بلد إلى بلد آخر أو ما بين مدينة وأخرى، وهنا سوف تتأسس وتتكشف جماليات هذا النوع من السرد الفيلمي.
فالميزة الأولى لأفلام الطريق أنها تنتمي غالبا إلى ذلك النوع من الأفلام قليلة التكلفة أو منخفضة الميزانية، لأنها لا تتعدى في بعض الأحيان الشخصيات والتصوير في الأماكن الطبيعية الخارجية مع بعض المشاهد الداخلية والاستذكارات.
من هنا يمكننا النظر إلى هذا الفيلم للمخرج لورانس جاكوميلي بوصفه فيلما من أفلام الطريق من خلال رحلة بوبي -الممثلة بريتني كاماتشو وحيدة بسيارتها عبر إحدى الولايات الأمريكية، لغرض ملاقاة زوجها بعد خلاف وفراق، وخلال ذلك تواصل اتصالاتها مع شقيقتها وزوجها لتجد نفسها فجأة في مواجهة رجل شرطة الطرق بليستين - يقوم بالدور الممثل جون شواب وهو لوحده وهي وحيدة في ارض قفراء واسعة وبيئة شبه صحراوية قاحلة، وببساطة شديدة سوف يستعمل سلطته معلنا أنها خالفت حدود السرعة وأنها تسببت في ضرر لسيارة الشرطة وعليها أن تدفع غرامة مقدارها 1000 دولار وبعد مفاوضات مع الشرطي يوافق على إلغاء العقوبة في مقابل رشوة مقدارها ثلاثمائة دولار.
خلال تزويد سيارتها بالوقود تكتشف من خلال عامل المحطة أن ذلك الضابط المسؤول عن تلك المقاطعة الأمريكية، يقوم بهذه الأعمال بكامل حريته دون أن يحاسبه أحد وأنها ليست الضحية الأولى، تحاول أن تستعين بزوجها لكن دون جدوى، فتجد نفسها في ذلك المدى الشاسع ثم لتتلقى رصاصة يطلقها الشرطي لتفجير عجلة سيارتها فتضطر لترك السيارة وقطع الطريق مشيًا.
في أجواء درامية كهذه يتجسم العدو بوجوده الشبحي، إذ بإمكانه أن يظهر في أي مكان، فالساحة ساحته وعنده مطلق الحرية للتصرف، ومع ذلك تحاول أن تجد بوبي لنفسها حلا، فتصحب عاملة المقهى شبه المشردة لتخفف عن نفسها وطأة ذلك الهلع، لكن ما لم يكن في حسبانها أن تنطلق رصاصة أخرى تؤدي لمقتل تلك الفتاة في الحال.
هذا التحول في الدراما الفيلمية سوف ينقلنا إلى مسار سردي آخر وهو مسار الجريمة والعنف، إذ أن الفتاة العزلاء سوف تكون في مواجهة مجرم لا يتورع عن قتل أي أحد بدم بارد، إذ تلا ذلك الإجهاز على سائق شاحنة لتتوج تلك الرحلة الكارثية بلجوء بوبي إلى مكان معزول مليء بحطام السيارات وليس فيه سوى رجل غير متزن، ليتأكد لها أنه متآمر آخر ومتواطئ مع الشرطي بل هو شقيقه المختل، وأن هنالك بطاقات هُوية لفتيات كثيرات تم الإجهاز عليهن من طرف ذلك القاتل المتسلسل الذي يتخفى بزي رجل شرطة.
وفي هذا الصدد يقول الناقد ايريك هيلز في موقع موفي وافلر: "إن هذا الفيلم يؤجج فينا خوفنا الفطري من أن يتم إيقافنا في منتصف مكان مهجور لا يوجد فيه سوى شرطي قد يكون مارقا. حتى لو كنا أبرياء تمامًا، فهناك شعور رهيب بأن ذلك الشخص ربما يكون أحد هؤلاء المجانين الذين يحملون شارة رسمية ويتوارون خلفها كما هي نجمة الدم التي يحملها هذا الضابط الأمريكي.
بالنسبة للمرأة في الفيلم، هناك خوف إضافي من الاعتداء الجسدي، وللأشخاص ذوي البشرة الملونة، قلق إضافي من أن يكون هذا الشرطي عنصريًا يستغل شارة الشرطة للانغماس في تعصبه، الفتاة بوبي ليست بيضاء ولهذا يتفاقم القلق".
أما الناقد كريس بويك في موقع يوكي فيلم ريفيو فيقول: "هذا الفيلم ذكي في بنائه ومُحكم في تكامل السيناريو، لكنه يبدأ بالتعثر مع اقتراب النهاية، بسبب بعض الخيارات التي تتاح لشخصية بوبي لغرض الهرب والتخلص من المأزق من دون استغلالها بذكاء. مع ذلك، ينجح الفيلم في الوصول إلى هدفه، ويقدم رحلة مشوقة ممتعة طوال مساحة الزمن الفيلمي".
وبصدد أحداث هذا الفيلم، بالطبع سوف نتذكر هنا العديد من الأفلام التي قدمت شخصيات لم تغادر الذاكرة في إطار أفلام الطريق والمطاردة مع الشخصيات الشريرة والأكثر إيذاء كما في أفلام "بوني وكلايد" 1967 و"نهاية الأسبوع الوحشية" 1965 و"الحمى الباردة" 1995 و"دويل" 1971 و"منافي” 2004 و"عناقيد الغضب" 1940. ونذكر أيضا أفلام "الراكب" 1994 و"ملك الطريق" 1976 و"مفقود في أمريكا" 1985 و"محاربو الطريق" 1981 و"قتلة بالفطرة" 1994 و"المسافر" 1975 و"الطريق" 1954 وغيرها من الأفلام، حيث لا يتسع المجال لإدراج أفضل مائة فيلم من أفلام الطريق في تاريخ السينما، لكن كانت هذه بعضا منها.
من جانب آخر، يمنح هذا النوع من الأفلام مدير التصوير مساحة واسعة لاستخدام اللقطات الطويلة والعامة والبانورامية، حيث تجد الكاميرا مرونة أكبر بسبب اتساع المكان وتنوعه وما يتبع ذلك من حركة الكاميرا المرتبطة بحركة السيارة، ومن ذلك المرونة في استخدام الكاميرا المحمولة والدرون وهو ما كثف فيه مدير التصوير باسكال كنوك كل هذه الاستخدامات مجتمعة في فلاة تلك الولاية الأمريكية، ليمضي في تتبع المغامرة المأساوية إلى نهايتها الدامية التي تصل إلى تطويق بوبي وقطع لسنها ثم تمردها على سجانها.
انه ما يمكن أن نسميه بالسلوك الرعوي الذي يتجلى من خلال الشخصيات التي يجلبها الطريق وتتجلى خلاله طباعها، سواء كانت عدوانية أو لصوصية، وهو نوع من الابتعاد عن السائد في المدن من انضباط وخضوع للقانون وما إلى ذلك، كل هذا ينطبق على ذلك القاتل المتسلسل الذي يكره ما حوله ويمضي للاقتصاص من ضحاياه بدم بارد، على أن التحول الدرامي الجذري الذي لم يكن متوقعا هو أن بوبي تخدع سجانها على أساس أنها أقدمت على الانتحار، بينما هي تكون قد أوقعت الشرطي في موقف غير متوقع لتقوم بالإجهاز عليه والتقاط كومة من بطاقات الهُوية للضحايا لتهرب بسيارة الشرطة وحيدة لإنقاذ نفسها.
على صعيد الإيقاع الفيلمي نجح المخرج في بناء سردية درامية متماسكة جعلتنا ننهمك في متابعة الأحداث وعلى أمل أن تخرج الضحية من المأزق الذي وجدت نفسها محشورة فيه مع أنها لم تبن بتلك البراعة في ردود الفعل وخضعت لأهواء القاتل المتسلسل حتى مرحلة النهاية السعيدة، عندما تقتص منه بشكل نهائي وهو ما حقق توازنا دراميا منطقيا إلى حد كبير.
.....
إخراج/ لورانس جاكوميلي
سيناريو/ فيكتوريا تيلور، لورانس جاكوميلي، جورج كيلي
تمثيل/ بريتني كاماتشو في دور بوبي، جون شواب في دور الضابط بليستين، سيدني برومفيلد في دور آمي.
مدير التصوير/ باسكال كنوك
موسيقى/ فيلكس هيلس
التقييمات/ آي ام دي بي 7 من 10، برايم فيديو 7.5 من 10، جوجل فيورز 75 من 100
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا الفیلم من الأفلام
إقرأ أيضاً:
تطبيق بت شات قاتل واتساب يصل رسميا للهواتف
أعلن جاك دورسي مؤسس ومالك تويتر سابقا عن إطلاق النسخة الأولى من تطبيق الدردشة الثوري الخاص به "بت شات" (Bitchat) في تغريدة عبر حسابه الخاص في منصة إكس.
وجاء طرح النسخة الأولى من التطبيق عبر متجر آبل للتطبيقات ليكون حصريا في البداية لأجهزة آيفون مع توقعات بوصوله إلى أجهزة أندرويد قريبا، ليبدأ بذلك عصر جديد من التواصل عبر الإنترنت، ولكن لماذا هذا الاختلاف؟
الدردشة والتواصل دون الحاجة للإنترنتيعتمد تطبيق "بت شات" على مفهوم الشبكات اللامركزية والبلوكتشين لتصبح المنصة غير مملوكة لجهة بعينها، فضلا عن أنها لا تحتاج إلى استخدام الإنترنت على الإطلاق من أجل نقل الرسائل والملفات بين المستخدمين.
ويستبدل تطبيق دورسي الجديد الإنترنت بشبكات البلوتوث منخفضة الطاقة، وذلك عبر تشكيل إشارة شبكية بين الأجهزة المختلفة التي تستخدم تقنيات البلوتوث لنقل الرسائل بين أطراف المحادثة، وذلك في دائرة قطرها 3.2 كيلومترات كما جاء في تقرير موقع "ذا ستريت" عن التطبيق.
ويضم التطبيق أيضا مجموعة من معايير الأمان، مثل التشفير ثنائي الأطراف دون الحاجة لأسماء مستخدمين أو أرقام هواتف، فضلا عن عدم تخزين الرسائل في أي هاتف لأكثر من 12 ساعة ودون حفظها في خوادم الشركة.
ويستطيع التطبيق إرسال الملفات والصور ومقاطع الفيديو كما أشار بيان دورسي للإعلان عن المنصة مع إمكانية ربط المحافظ الرقمية به مباشرة لإرسال الأموال واستقبالها عبر التطبيق، مما يوسع استخداماته ويجعله أشبه بتطبيق خارق رغم أن دورسي يزعم أنه مصمم لمواجهة واتساب.
كيفية استخدام "بت شات"يمكن استخدام التطبيق بعد تثبيته مباشرة دون الحاجة لإنشاء حساب داخل التطبيق أو حتى ربطه بأي خدمة أخرى، فبمجرد تحميل تطبيق وفتحه تجد أمامك الواجهة الرئيسية للتطبيق، وهي عبارة عن شاشة سوداء فيها نصوص خضراء تمثل الرسائل.
إعلانويختلف استخدام "بت شات" قليلا عن استخدام تطبيقات الدردشة المعتادة مثل واتساب أو تليغرام، إذ تمثل الواجهة الرئيسية للتطبيق غرفة دردشة واسعة يمكن لأي شخص يملك التطبيق وقام بتحميله إرسال رسائل عامة إليه بشكل يشبه غرف الدردشة العامة القديمة.
ويتيح التطبيق أيضا إرسال الرسائل الخاصة إلى بعض المستخدمين في حال كنت ترغب في ذلك، وهذا عبر الضغط على اسم المستخدم الذي ترغب في التواصل معه مباشرة لتبدأ في المحادثة الخاصة.
ورغم إعلان دورسي دعم التطبيق لإرسال الصور ومقاطع الفيديو فإن هذه الخاصية لم تكن متاحة بعد في التطبيق، وربما تصدر في المستقبل هذه الميزة في التحديثات المستقبلية أو ضمن خطة دورسي المستقبلية للتطبيق.
ما هي استخدامات "بت شات"؟تضمّن إعلان دورسي عن التطبيق الجديد تصوراته عن استخدام التطبيق، إذ أوضح أن التطبيق يستخدم في الأوقات التي لا يكون فيها الإنترنت متاحا أو يتعرض لرقابة شديدة تعرّض مستخدميه للخطر.
ويمكن استخدام التطبيق في حالة المظاهرات عندما يتم إيقاف شبكات الإنترنت أو تتعرض للمراقبة من الجهات الخارجية، كما أوضح دورسي أن هذا الأمر ينطبق على حالات الكوارث الطبيعية التي ينقطع فيها الإنترنت.
وتثير ميزة التواصل دون رقابة وفي غياب الإنترنت وبتشفير وسرية كاملتين المخاوف الأمنية بشكل كبير، إذ يمكن للجهات الخبيثة استخدام التطبيق للتواصل في ما بينها بسرية تامة ليتحول التطبيق إلى مرتع للإرهابيين مثل تليغرام.
لماذا أطلق دورسي هذا التطبيق؟تبنى جاك دورسي فلسفة التقنيات اللامركزية منذ تنحيه عن منصبه مديرا تنفيذيا لمنصة تويتر في عام 2021 وفق ما نشر في موقع "كريبتو بريفينج"، وانعكس هذا بوضوح على دعمه عملة البيتكوين وتأسيسه شركة "بلوك".
وتعمل شركة "بلوك" على تعزيز الخدمات المالية باستخدام نقاط الدفع الخارجية وتقنيات "البلوكتشين" المختلفة، بما فيها إطلاق تطبيق "بت شات" الجديد.
يذكر أن شركة "بلوك" دخلت مؤخرا في مؤشر "إس آند بي 500″، لتصبح بذلك ثاني شركة عملات رقمية تدخل في هذا المؤشر بحسب تقرير "كريبتو بريفينج".
كما أشار الموقع إلى أن أسهم الشركة ارتفعت بمقدار 11% خلال الأيام الماضية بعد إعلان دورسي الأول عن التطبيق الجديد في نسخته الاختبارية.