بحجم تعاملات 3 ملايين جنيه.. تفاصيل التحقيق مع متهم بتجارة العملة
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
تباشر الجهات المختصة، التحقيقات مع متهم بمزاولة نشاط غير مشروع في مجال الاتجار بالنقد الأجنبي من خلال شراء العملة الأجنبية، خارج نطاق السوق المصرفية، وبأسعار السوق السوداء، بالمخالفة لقانون البنك المركزي، وخارج الجهات المصرح لها، والتي بلغت حجم تعاملاته خلال عام 3 ملايين جنيه.
وتواجه الجهات المختصة المتهم بالمعلومات التي كشفت عن ممارسة المتهم نشاط إجرامي تخصص في الاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي وبأسعار السوق السوداء، من خلال قيامه بشراء وتجميع العملات الأجنبية من المواطنين، وإعادة بيعها والاستفادة من فارق السعر بالمخالفة للقانون، واستخدامه سيارة ملك للاحتفاظ بالمبالغ المالية بداخلها.
وتبين أن المتهم قام بممارسة نشاط إجرامى واسع النطاق فى مجال الاتجار في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي وبأسعار السوق السوداء من خلال شراء العملات الأجنبية خاصة (الدولار الأمريكى ، الريال السعودى ) من المواطنين وعقب ذلك يقوم باستبدالها من البنوك بالعملة الوطنية مستفيدين من فارق سعر العملة وذلك مقابل عمولة قدرها 1% ، مما يعد عملاً من أعمال البنوك بالمخالفة لأحكام القانون، وضبطهما حــال قيامهم بالتعامل خارج نطاق المصارف المعتمدة وبحوزتهم مبالغ مالية، كما تم ضبط بحوزة أحدهم علي تليفون محمول وبفحصه تبين احتوائه على العديد من الرسائل النصية والمحادثات الصوتية الدالة على نشاطهم غير المشروع، وبمواجهته أقر بنشاطه الإجرامي على النحو المشار إليه.
وألقي القبض علي أحد الأشخاص بممارسة نشاط إجرامى في مجال الاتجار بالنقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفية وبأسعار السوق السوداء من خلال شرائه العملات الأجنبية من ذوى العاملين بالخارج بسعر أزيد من سعر الصرف وإعادة بيعها مرة أخرى لراغبي شرائها من التجار والمستوردين وأصحاب شركات السياحة بسعر أزيد من سعر الصرف بنسبة كبيرة وبأسعار السوق السوداء بالمخالفة للقانون عقب تقنين الإجراءات أمكن ضبطه ، وبمواجهته أقر بنشاطه الإجرامي على النحو المشار إليه.
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: تجارة العملة اسعار العملات التحقيق مع متهم متهم بتجارة العملة الداخلية الاتجار بالنقد الأجنبي وبأسعار السوق السوداء خارج نطاق السوق من خلال
إقرأ أيضاً:
في غزة : عندما تفقد النقود قيمتها .. يعود الغزيون الى المقاضية
كان صباحًا ثقيلًا في سوق مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. العجوز سليم القدرة، بقبعته القماشية الباهتة، يتنقل بين البسطات كما لو أنه يبحث عن زمن مضى. لم يحمل محفظة، ولا هاتفًا محمولًا، ولا حتى أوراقًا نقدية ممزقة. في يده اليمنى كيسٌ صغير فيه كيلوجرام من العدس، وفي الأخرى علبة قديمة من السمنة النباتية، أملاً أن يقايض بها شيئًا يسد رمق حفيدته المريضة.
سوق بلا مال
وقف سليم أمام بائع خضار وسأله: «هل تأخذ السمنة مقابل كيلو من الطماطم؟» أجابه البائع بعد تردد: «هات السمنة.. وخذ الطماطم والنعناع معها». تنفّس العجوز الصعداء، وهمس: «اللهم لك الحمد، سنطبخ اليوم».
في مشهد كهذا، يصبح السوق مسرحًا للتفاوض لا لشراء السلع، ومكانًا يحكي قصة انهيار منظومة اقتصادية بأكملها. لا أحد يسأل عن السعر، بل عمّا يملكه الآخر، وهل يحتاج إليه أم لا. سليم لم يعد يثق في العملات الورقية التي بات التجار يرفضونها، وأموال ما قبل الحرب اختفت أو تهالكت.
«منذ أكثر من عامٍ، لم أقبض راتبًا ولا حتى تلقيت حوالة. أموالي أصبحت قديمة، البائعون لا يقبلون بها. لا خيار أمامي سوى التبادل، أستغني عن نصف كيس الطحين مقابل زيت أو سكر أو عدس»، يقول سليم بينما يمسح العرق عن جبينه المتجعد.
ويضيف لـ«عُمان»: «قبل أيام، أعطيت جاري ثلاثة أرغفة من الخبز، فأعطاني مقابلها علبة فول. نحن نقتات على التضامن والبقاء».
يرى العجوز أن الناس بدأت تتكيف، «أصبح من الطبيعي أن تأتي امرأة لتبادل كيس أرز بعلبة حليب، أو أن يتبادل الأطفال الحلوى الجافة بعلبة تونة.. نحن نعيش بعقلية ما قبل العملة».
يختم حديثه بتنهيدة موجعة: «كانت العملة وسيلة للحياة.. اليوم صارت الحياة هي العملة».
العودة القسرية
لم يكن سليم القدرة حالةً شاذة في السوق، بل هو انعكاس جماعي لحال قطاع بأكمله. ففي غزة، لم تعد العملة وسيلة، بل عبئًا. الورق النقدي الممزق بات غير مقبول، والبطاقات البنكية لا تعمل، والتحويلات توقفت. والأسواق، بدلًا من أن تكون مكانًا للرزق، أصبحت «مقابر للبضائع»، كما يصفها الأهالي، بسبب شح المشترين.
منذ استئناف الحرب في مارس 2025، تعاظمت المجاعة، وتفاقم انهيار المنظومة المالية، حتى صار شراء كيلو طماطم يتطلب ما هو أكثر من المال: الحاجة المتبادلة.
وتسبب تدهور قيمة العملة الورقية القديمة، وانعدام الوظائف، في خلق واقع اقتصادي بالغ القسوة. لم تعد السيولة النقدية موجودة، ومن يمتلك مالًا غالبًا ما يحتفظ به للضرورة القصوى، فشراء الطعام لم يعد مضمونًا.
بسبب هذا الواقع الخانق، بدأت تظهر تدريجيًّا بدائل غير رسمية، في مقدمتها المقايضة. فكرة قديمة بعثها الجوع من رمادها، لتتحول إلى نظام حياة. هنا لا يدفع الناس أثمان حاجياتهم، بل يقدمون ما قد يملكونه من مواد غذائية أو أدوات منزلية أو حتى خدمات.
وتحكي الأسواق هذه الأيام قصة اختلال المنظومة الاقتصادية. لم تعد البضاعة تُعرض على رفوف منظمة، بل تفترش الأرصفة في أكياس أو صناديق بلا أسماء، ينتظر أصحابها زبائن ربما لا يحملون مالًا بل «شيئًا مقابل شيء».
صفقات الندرة
أكرم الغرباوي، شاب عشريني، كان يقف في سوق النصيرات وسط القطاع، يحمل بيده كيسًا صغيرًا من الطحين، ويبحث عمن يبادله بكيلوجرام من البندورة. يقول: «لا توجد لدينا أموال، وهذا أصبح حل من الحلول، في ظل المجاعة والحصار».
يضيف وهو يتفقد الخضروات على الأرض: «أضطر أن أبدل كيلو طحين بكيلوجرام من البندورة، أو كيلو عدس بكيلوجرام من الخيار. لو معي شيء لا أحتاجه في وقته، ممكن أبدله بشيء مفيد أحتاجه الآن».
يرى أكرم خلال حديثه لـ«عُمان» أن السوق بات أكثر من مكان بيع، بل صار منظومة تبادل للبقاء. لا أحد هنا يشتري ليدّخر، بل فقط من أجل وجبة ذلك اليوم، أو حتى نصفها.
في حديثه، تتجلى حقيقة مقلقة: «صرت أحتفظ بأكياس صغيرة من المواد الأساسية، أبادلها حسب الحاجة. الخبز اليومي أصبح أقرب إلى معركة تفاوض».
ويضيف مبتسمًا بمرارة: «أحيانًا نشتري المكرونة بـعلبة صلصة، أو الحمص بكيس أرز.. لا أحد يتحدث عن الأسعار، بل عن التكافؤ».
ما يقوله أكرم يفتح نافذة على نمط جديد من الاقتصاد الشعبي، قائم على الحاجة الفورية، والندرة، والتأقلم مع الموت المحتمل.
من الحصار إلى الجوع
منذ استئناف الحرب في مارس 2025، عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى إحكام حصار خانق على قطاع غزة، فقلّص المساحة الجغرافية التي يمكن للمدنيين البقاء فيها إلى أقل من 8%، ومنع دخول الوقود، وأعاق وصول المساعدات الغذائية، ومنع البضائع الأساسية من العبور.
هذا الحصار الخانق لم يضرب فقط سبل المعيشة، بل تسبب في شلل شبه كامل للأسواق. انقطعت الإمدادات، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وانهارت حركة البيع والشراء.
ومع انهيار البنية التحتية المالية، توقفت البنوك عن العمل، واحترقت ماكينات الصراف الآلي، وتُرك الناس لقدرهم، وسط خراب اقتصادي لم يشهد له القطاع مثيلًا من قبل.
ولم تعد المقايضة مجرد خيار، بل ضرورة. فالتاجر لا يملك ما يبيعه، والمشتري لا يملك ما يشتري به. أصبحت السوق أشبه بساحة لمفاوضات النجاة، كل يقدّم ما لديه، ليخرج بما يكفي لأسرته.
يصف أحد التجار الحال بقوله: «لم يعد لدينا شيء نبيعه سوى ما يتبادله الناس. السوق ليس سوق مال، بل سوق صبر وأمل».
تبادل شمالي
في مخيم جباليا شمال القطاع، حيث الدمار أشدّ والمجاعة أقسى، يقف وسام حمادة، وهو شاب ثلاثيني، يبيع على عربة صغيرة فيها خضروات معلبة: بازلاء، فول، ذرة.
يقول: «نحن في الشمال بدل أن نأخذ العملة الممزقة، يأتي إلينا أحدهم بعلبة من اللحم المجفف، فنعطيه 3 علب من البازلاء، وهكذا».
يؤكد وسام لـ«عُمان» أن العملة لم تعد تملك أي قيمة، «صارت قديمة، ممزقة، بلا أي قوة شرائية. الناس لا يملكون منها شيئًا، ولو اكتفينا بالنقود، فلن نبيع شيئًا».
يضيف: «نظام المقايضة ساعدنا على الاستمرار في البيع، ومكّن الناس من البقاء على قيد الحياة. كثير من الباعة هنا صاروا يضعون لافتة صغيرة: (نقبل المقايضة)، لتشجيع الناس» ويختم: «كأن العالم كله تخلى عنا، فلم نجد سوى أنفسنا نعتمد على ما نملكه، ونتبادل به الحياة».
خطر دائم
من شمال القطاع إلى جنوبه، لا يفكر الناس في ماذا سيأكلون غدًا، بل إن كانت أرواحهم ستبقى اليوم. فالسوق في غزة ليس مجرد مكان شراء، بل خطر داهم. الطائرات لا تميز، والقصف لا ينتظر.
تقول نهى الدويك، وهي امرأة أربعينية من حي الشجاعية: «أخرج للمقايضة وفي قلبي رجاء أن أعود لأطفالي حيّة. لا أحمل مالًا، بل دُمى قديمة وعلب بسكويت، أبادلها بأي شيء يؤكل». تصف نهى السوق بأنه «ساحة نجاة». وتقول لـ«عُمان»: «ذات مرة بادلت حذاء طفلي القديم مقابل بصل وبندورة. لا خيار أمامنا، فقط البقاء».
تختم بمرارة: «الموت لا يسأل من اشترى ومن باع، بل يختار بلا منطق. نعيش يومنا كما لو كان الأخير، ونتبادل كل شيء إلا الألم».
صرخة بقاء
في تصريح لـ«عُمان»، قال عائد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة وصناعة قطاع غزة إن نظام المقايضة المنتشر حاليا «هو نتاج مباشر لحرب مدمرة دمّرت كل أركان الاقتصاد».
وأضاف: «الحصار الإسرائيلي المتواصل، وإغلاق المعابر، ومنع دخول الأموال والوقود، أدّى إلى توقف الحركة التجارية، وانعدام السيولة، وانهيار قيمة العملة الورقية. كل ذلك أجبر الناس على البحث عن بدائل غير تقليدية للبقاء».
ويتابع: «نحن نعيش حالة مجاعة حقيقية، والأسواق أصبحت شبه فارغة من البضائع، ومعظم التجار لا يستطيعون تعويض مخزونهم، كما أن البضاعة الموجودة تفوق قدرة الناس الشرائية، فلا يوجد مال».
وأكد أبو رمضان أن المقايضة هي وسيلة اضطرارية، وليست حلاً اقتصاديًّا دائمًا، لكنها أثبتت فاعليتها مؤقتًا. وقال: «ربما يمكن التفكير في تنظيم هذا النظام شعبيًّا، كنوع من التبادل المجتمعي المدروس، لمواجهة الحصار».
وأشار إلى أن الركود التجاري في غزة بلغ ذروته منذ مارس، قائلاً: «لم نشهد منذ سنوات هذا المستوى من الشلل الاقتصادي، حتى في أشد فترات الحصار. الحرب الأخيرة ضربت عصب السوق، وشلت حركة الاستيراد والتصدير، وقطعت مصادر الدخل».
وختم قائلاً: «لا خيار أمام الغزيين سوى أن يتحولوا من مستهلكين إلى متبادلين، من حاملي نقود إلى حاملي أمل.. لكن لا يمكن لأمة أن تُبقي اقتصادها قائمًا على المقايضة، هذا النظام صرخة بقاء لا أكثر».