لحظات الوداع واسترجاع الذكريات
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
عائشة بنت محمد الكندية
ها نحن نصل إلى ختام مشوارٍ جميل امتدّ على مدى عامين كاملين، مع برنامج "على الطاولة" الذي بُثّ عبر أثير إذاعة رأس الخيمة الإماراتية، لم يكن هذا البرنامج مجرد محتوى يُقدّم في مواعيد مُحددة؛ بل كان مساحة رحبة للعقل والقلب، ومنبرًا للفكر والحوار والتواصل الإنساني العميق، هو برنامجٌ وُلد من رحم الرسالة، ونما برسالة، ويودّعنا اليوم برسالة أخيرة، لكنها ليست نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة جديدة، بروح مُتجددة وأفق أوسع.
منذ انطلاقة أولى حلقاته، حمل "على الطاولة" همًّا ثقافيًا واجتماعيًا نبيلًا، وحرص على تقديم محتوى يُثري العقول ويُلامس الأرواح، لقد كان مرآة تعكس تراثنا الثقافي، وجسرًا يمتدّ إلى ثقافات الشعوب الأخرى، نتحاور فيها ونتبادل الخبرات، ونبني عبرها فهمًا أعمق لإنسانيتنا المشتركة، لم تقتصر الحوارات على المواضيع النظرية أو النقاشات الجافة، بل كانت نابضة بالحياة، عامرة بالإلهام، حيث استضاف البرنامج شخصيات بارزة ومُلهمة من مختلف التخصصات، ممن أضاءوا الطريق أمام المستمعين وساهموا في رسم ملامح تجربة استثنائية.
ولم يكن الجانب الثقافي وحده هو ما ميَّز البرنامج، بل كان له حضور فاعل في الفعاليات والمناسبات المجتمعية، مشاركًا وناقلًا ومحتفيًا، وقد أبدع في تسليط الضوء على القيم الإنسانية والرسائل النبيلة، من خلال حوارات تحمل في طياتها الاحترام والتقدير للتنوع الثقافي والاختلاف الإنساني.
وكان للهوية العُمانية نصيبها الأصيل من اهتمام البرنامج؛ حيث فُتحت المساحة أمام عدد من الشخصيات العُمانية المؤثرة لتقديم نماذج حيَّة تعكس القيم العُمانية الأصيلة، وتعزّز الانتماء الوطني والوعي الثقافي لدى المستمعين، كما إنَّ إشراك الأطفال الموهوبين في الحلقات كان لفتة إنسانية رائعة، حيث أُتيحت لهم فرصة الظهور، والدعم، والتشجيع، مما يعكس رؤية البرنامج في احتضان المواهب الصغيرة وتنمية قدراتها.
لقد كنتُ جزءًا من هذه الرحلة، ووجدت فيها فسحة للتعبير عن شغفي بالكتابة، سواء من خلال مشاركتي الشخصية أو مع زميلتي، فكل لحظة في هذا البرنامج كانت بمثابة دفعة نحو الأمام، ومصدر إلهام لتطوير الذات، وشهادة حيَّة بأنَّ الكلمة قادرة على صنع فرق، وأن التعبير مسؤولية ورسالة.
"على الطاولة" لم يكن برنامجًا جامدًا يقيّد الإبداع؛ بل كان حاضنًا له، يفتح أبواب التفاعل، ويمنح الثقة، ويُطلق الطاقات الكامنة، لقد خرجتُ من هذه التجربة برؤية أوضح، وإيمان أعمق بأنَّ ما نقدمه، وإن بدا بسيطًا، قد يُحدث أثرًا عظيمًا في نفوس الآخرين.
ويجدر بي هنا أن أُشيد بالمذيع العُماني المتألق، عبدالله بن خلفان البلوشي، الذي أبدع في تقديم البرنامج بكل حرفية واقتدار، وامتلك قدرة مدهشة على إدارة الحوار والتواصل مع الجمهور، ما جعل من كل حلقة تجربة فريدة مليئة بالإثارة والمتعة، ولا ننسى المخرج المبدع سيف الدين يونس، الذي أبدع خلف الكواليس في إخراج البرنامج بصورة جاذبة تواكب الموضوعات المطروحة، وتمنحها بعدًا بصريًا فريدًا، كما إنَّ فريق العمل بأكمله كان على قدر عالٍ من الحرفية، والدقة، والتنسيق، الأمر الذي انعكس على جودة كل حلقة، وجعل من هذا البرنامج نموذجًا يُحتذى به في تقديم البرامج الحوارية الراقية.
وفي الحلقة الأخيرة، لم تكن مجرد وداع، بل لحظة تأمل واسترجاع لكل ما كان، استعرضنا خلالها أجمل الذكريات، واستعدنا أبرز اللحظات التي تركت أثرها فينا، كما استمعنا إلى رسائل الجمهور واتصالاتهم التي كانت شاهدًا حيًّا على مدى تأثير البرنامج في حياتهم، كانت مشاعر الامتنان واضحة، والذكريات تتدفّق كأنها تُعيد سرد حكايتنا من جديد
نعم، انتهى البرنامج، ولكن الأثر باقٍ، والرسائل التي حملها لا تزال تنبض فينا، لا نقول وداعًا بأسى، بل بفخر وامتنان، فكل نهاية تحمل في جوفها بذور بداية جديدة، ولعل هذا الوداع هو تمهيد لانطلاقة أخرى، أكثر إشراقًا واتساعًا.
شكرًا لكل من شارك، ولكل ضيف أضاف بصمة، ولكل من كان جزءًا من هذا الحلم الجميل، شكرًا لفريق العمل الذي جعل هذه التجربة مُمكنة، "على الطاولة" كان أكثر من مجرد برنامج، كان حياة.. وإلى اللقاء في فضاءات أخرى، وحكايات قادمة، نكتبها معًا بكلماتٍ تنبض بالشغف والإيمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية يشهد ختام الدفعة الثالثة من برنامج “المرأة تقود في المحافظات”
شهد اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، فعاليات ختام البرنامج التدريبي “المرأة تقود في المحافظات” في دفعته الثالثة، والذي استضافته محافظة الغربية على مدار 17 يومًا بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، ضمن جهود الدولة لتأهيل كوادر نسائية شابة بمهارات القيادة الحديثة، ودعم تمكين المرأة في مختلف المواقع التنفيذية.
جهود محافظ الغربيةجاء ذلك بحضور الدكتورة جيهان القطان، مدير عام مكتب محافظ الغربية ومنسق البرنامج بالمحافظة، والدكتورة آية عبد السلام، ممثل الأكاديمية الوطنية للتدريب.
وفي كلمته خلال ختام البرنامج، ثمّن محافظ الغربية التعاون الوثيق مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، واصفًا إياها بأنها “منارة تطوير ومؤسسة وطنية رائدة تسهم بفاعلية في بناء قدرات الإنسان المصري وفق أحدث المعايير العلمية والمهنية”، مشيرًا إلى أن الأكاديمية تضطلع بدور محوري في إعداد جيل جديد من الكفاءات المؤهلة للقيادة، وهو ما ينسجم مع توجهات الدولة في الجمهورية الجديدة.
دعم الأسر والعائلاتكما حرص اللواء أشرف الجندي خلال الفعاليات على الاستماع إلى المتدربات، حيث أبدت المشاركات تجاربهن وانطباعاتهن عن البرنامج، واستعرضن ما اكتسبنه من مهارات ومعارف، كما طرحن عددًا من الأفكار والمقترحات التي تعكس وعيًا كبيرًا وفهمًا عميقًا لطبيعة العمل التنفيذي. وأشاد المحافظ بالمستوى الرفيع الذي ظهرت عليه المتدربات، مؤكدًا أن ما لمسه من وعي وإصرار وطموح بين المشاركات يُعزز القناعة بأن المرأة الغربية تملك كل المقومات لتولي أدوار ريادية في مختلف القطاعات.
وأكد محافظ الغربية أن المرأة تحظى بمكانة محورية في رؤية الدولة المصرية، مشددًا على أن المحافظة تضع ملف تمكين السيدات في مقدمة أولوياتها، ليس فقط كشعار، بل كممارسة عملية تتجسد في برامج ومبادرات تدريبية حقيقية، مثل برنامج “المرأة تقود”، الذي أثبتت نتائجه قدرته على تخريج صفوف ثانية وثالثة من القيادات النسائية المستنيرة والقادرة على التأثير.
وأشار إلى أن خريجات الدفعات السابقة من البرنامج قدمن نماذج ناجحة ومتميزة داخل الجهاز التنفيذي، ما يعكس جودة التدريب وفاعلية المنهجية التي تعتمد على التفاعل والمشاركة والتطبيق العملي، مؤكدًا أن نساء الغربية أثبتن على الدوام أنهن شريك فاعل في كل مسارات التنمية.
تعظيم دور المراةوأوضح الجندي أن البرنامج لا يقتصر على التأهيل النظري، بل يضم حزمة متكاملة من المحاضرات التطبيقية وورش العمل التفاعلية التي تركز على المهارات الشخصية والقيادية، بما يعزز جاهزية المتدربات لتولي مواقع المسؤولية، سواء داخل الجهاز الإداري للدولة أو في مختلف قطاعات العمل العام والخاص.
وفي ختام كلمته، وجه محافظ الغربية الشكر للأكاديمية الوطنية للتدريب وفريق عمل البرنامج، مؤكدًا أن الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تسير بخطى ثابتة نحو تمكين المرأة بوصفها ركيزة أساسية في بناء الجمهورية الجديدة، ومشدداً على أن محافظة الغربية ستظل داعمة ومؤمنة بقدرات بناتها، حريصة على الاستثمار في طاقاتهن وإتاحة الفرص أمامهن للمشاركة وصناعة الأثر.