الجزيرة:
2025-07-29@21:20:16 GMT

هل تحركت أنقرة وتل أبيب فعلا استجابة لدعوة ترامب؟

تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT

هل تحركت أنقرة وتل أبيب فعلا استجابة لدعوة ترامب؟

أنقرة- تزايد التوتر بين تركيا وإسرائيل بما يخص الساحة السورية في الأيام الأخيرة، مدفوعا بمتغيرات سياسية وميدانية أعادت رسم موازين القوى داخل البلاد.

فمع سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، وصعود حكومة جديدة في دمشق مدعومة من فصائل معارضة ذات توجه إسلامي، برزت مخاوف إسرائيلية من التقارب المتنامي بين أنقرة والقيادة السورية الجديدة.

في المقابل، كثفت تركيا دعمها للمعارضة، ووسعت من وجودها العسكري شمال سوريا، ففتح ذلك فصلا جديدا من الخلافات بينها وبين تل أبيب التي تخشى من تغيرات ميدانية قد تؤثر على توازن الردع في الجبهة الشمالية. كذلك تزايد التوتر بين الطرفين منذ اندلاع حرب غزة عام 2023، والتي شكلت نقطة تحول في العلاقات المتوترة أصلا بين البلدين.

وانتقل التوتر التركي الإسرائيلي في سوريا من التصريحات إلى الميدان، مع تصاعد لافت في وتيرة التحركات العسكرية والاتهامات المتبادلة في أواخر مارس/آذار وبداية أبريل/نيسان الجاري، إذ شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مواقع داخل الأراضي السورية، بينها قواعد يُعتقد أن أنقرة استطلعتها ضمن ترتيبات لنشر قواتها بالتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة.

إعلان

واعتبرت تل أبيب تلك الضربات رسالة تحذير لدمشق، متهمة أنقرة بالسعي لفرض نفوذها وتحويل سوريا إلى منطقة وصاية تركية. في المقابل، ردّت أنقرة باتهام إسرائيل بتهديد استقرار سوريا وتعميق الفوضى، في وقت تمسّكت فيه بموقفها الرافض لأي صدام مباشر مع إسرائيل، رغم اتساع هوة الخلافات بين الجانبين حول مستقبل سوريا وترتيبات النفوذ فيها.

وساطة ترامب

في خضم التصعيد العسكري بين أنقرة وتل أبيب داخل الأراضي السورية، طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه كوسيط بين الطرفين، في محاولة لتفادي مواجهة مفتوحة بين حليفين لواشنطن.

وخلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين الماضي، قال ترامب أمام الصحفيين "أعتقد أنني أستطيع حل أي مشكلة لديكم مع تركيا"، مشيرا إلى متانة علاقته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصفه بأنه "قوي وذكي للغاية"، ومشيدا بدور أنقرة في "إسقاط نظام الأسد" و"أخذ سوريا"، على حد تعبيره.

وفي تعليقه على هذه التصريحات، قال المحلل السياسي مراد تورال إن لترامب تأثيرا مباشرا على أطراف الأزمة الثلاثة (تركيا، إسرائيل، وسوريا) إما من خلال علاقاته الشخصية أو عبر نفوذ يمكنه فرضه عند الضرورة.

وأضاف تورال، في حديث للجزيرة نت، أن دعوة ترامب للوساطة لا يمكن تجاهلها، حتى إن لم يصدر رد رسمي من أنقرة، مشيرا إلى أن هذه الدعوة شكلت في واقع الأمر دافعا سياسيا مهمّا، حفّز تحركات ميدانية ودبلوماسية جدية لاحتواء الأزمة.

وبحسب تورال، فإن ترامب يعرف كيف يخاطب حساسيات الأطراف، ويستثمر رصيده السابق لدى كل من أردوغان ونتنياهو لطرح نفسه "كضامن سياسي" لأي تهدئة، مشيرا إلى أن مجرد ذكره للملف علنا شكل ضغطا غير مباشر على الطرفين، لتفادي الانزلاق نحو مواجهة غير محسوبة، خاصة في ظل التداخل المعقد بين ساحات النفوذ والمصالح داخل سوريا.

إعلان

من جانبه، يرى الباحث في مركز سيتا للأبحاث كوتلوهان قورجو أن ما حرّك إسرائيل نحو الحوار لم يكن دعوة ترامب، بل طلب مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سعى -على ما يبدو- إلى استغلال موقف ترامب لمصلحته.

وأوضح قورجو، في حديث للجزيرة نت، أن ترامب، خلال ظهوره الإعلامي مع نتنياهو، لم يقدم عرض الوساطة كمبادرة فعلية بقدر ما كان يرد على مطلب إسرائيلي غير واقعي، قائلا له بشكل غير مباشر "قد أتوسط، لكن عليك أن تكون أكثر عقلانية".

واعتبر الباحث أن هذه المقاربة لا تنسجم مع الواقع الميداني في سوريا، حيث تعد تركيا اليوم فاعلا رئيسيا، وتربطها شراكة إستراتيجية واضحة مع الحكومة الجديدة في دمشق، التي تنظر إلى أنقرة كحليف إقليمي مهم في مرحلة ما بعد الأسد.

القصف الإسرائيلي على سوريا استهدف مواقع يُعتقد أن أنقرة استطلعتها لنشر قواتها فيها (مواقع التواصل) آلية خفض التصعيد

لم تمضِ أيام على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الوساطة، حتى بدأت ملامح تحرك فعلي لتفادي التصعيد الميداني بين أنقرة وتل أبيب داخل سوريا، فقد عُقد الأربعاء الماضي في العاصمة الأذربيجانية باكو أول اجتماع فني غير معلن بين مسؤولين أتراك وإسرائيليين، خصص لبحث سبل إنشاء آلية تنسيق عسكري تمنع وقوع احتكاك مباشر أو "حوادث غير مرغوبة" بين قوات الطرفين على الأرض السورية.

وبحسب مصادر وزارة الدفاع التركية، فإن الاجتماع جاء تتويجا لتفاهم أولي بين الجانبين على ضرورة ضبط التحركات العسكرية، خصوصًا بعد غارة جوية إسرائيلية نُفذت في الثاني من الشهر نفسه، واستهدفت منشآت كانت تركيا تدرس استخدامها كقواعد ميدانية بالتفاهم مع دمشق.

ومثّل اجتماع باكو -بحسب التصريحات الرسمية- بداية عملية تقنية مستمرة تهدف إلى تأسيس قناة دائمة لتبادل المعلومات الميدانية وتفادي سوء الفهم خلال العمليات.

إعلان

وهذا التحرك لم يكن مفاجئا في ظل إشارات دبلوماسية سابقة، إذ أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مقابلة تلفزيونية مساء الأربعاء، عن محادثات فنية جارية مع إسرائيل "بهدف تفادي التصادم في سوريا"، مشيرا إلى أن الآلية المقترحة ستكون مشابهة لتلك التي تعتمدها تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا، وتشمل تبادل الإحداثيات وإنشاء خطوط تواصل مباشر بين الوحدات العسكرية.

أما تل أبيب فلم تُعلق رسميا على مضمون المحادثات، لكن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد مشاركة وفد رسمي برئاسة مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي في لقاء باكو، دون الخوض في التفاصيل.

وأوضحت مصادر إسرائيلية لاحقًا أن تل أبيب أبلغت أنقرة رفضها "أي تغيير في خارطة الوجود العسكري بسوريا"، بما في ذلك إقامة قواعد تركية في منطقة تدمر التي تعدّها إسرائيل نقطة إستراتيجية حساسة.

ولكن هيئة البث الإسرائيلية قالت إن الجانبين لم يتوصلا إلى اتفاقات بشأن أنشطتهما في سوريا وستستمر المحادثات بعد عيد الفصح بمشاركة كبار المسؤولين الأمنيين.

وفي السياق، تواصلت الجزيرة نت مع مكتب الاتصال في وزارة الخارجية التركية للاستفسار عن تفاصيل الاجتماع والآلية المزمع إقرارها، لكنها لم تتلقّ ردا حتى لحظة نشر هذا التقرير.

تنسيق ميداني

وفي ما يخص المحادثات الفنية الجارية بين أنقرة وتل أبيب، اعتبر الباحث قورجو أن اللقاء الأول لم يحقق نتائج مباشرة، لكنه أشار إلى أن مجرد انعقاده رغم القطيعة السياسية يعكس مدى أهمية التنسيق الميداني للطرفين.

وقال إن "الاتفاق على بدء هذه المحادثات -رغم غياب التمثيل الدبلوماسي- يثبت وجود حاجة حقيقية وملحّة لتفادي الاصطدامات الميدانية التي قد تكلف الجميع أثمانا باهظة وغير متوقعة".

وأضاف قورجو أن نجاح هذا التنسيق مرهون بتخلي إسرائيل عن مقاربتها "المتطرفة والتوسعية"، والعودة إلى "الواقع الميداني"، حيث يمكن عندئذ بناء آلية عمل مشترك من دون صعوبة كبيرة.

إعلان

ورغم فشل الاجتماع الأول، عبّر قورجو عن قناعته بأن الحاجة المتبادلة لتنسيق ميداني في سوريا ستنتج نتائج ملموسة على المدى المتوسط، حتى إن تعثرت الخطوات الأولى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أنقرة وتل أبیب بین أنقرة مشیرا إلى فی سوریا تل أبیب إلى أن

إقرأ أيضاً:

كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري

سلّط الكاتب والصحفي الأمريكي، روبرت وورث، الضوء على التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط عقب سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، مشيرا إلى خلاف آخذٍ في الاتساع بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي بشأن مستقبل سوريا ودور الرئيس الجديد أحمد الشرع.

وفي حوار مع فريد زكريا، المذيع في شبكة "سي إن إن"، أشار وورث، المساهم في مجلة "ذا أتلانتيك"، إلى أن سوريا لا تزال بلدًا منكوبًا بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، تخللته عقود من الحكم الاستبدادي والعقوبات الدولية. 

وقال: "سوريا لا تزال في حالة صدمة شديدة، لا سيما بعد انهيار ديكتاتورية الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي"، موضحا أن الأغلبية السنية تشعر اليوم بشيء من التحرر، بعد أن كانت لعقود ضحية لحكم أقلية علوية.

غير أن البلاد، وفق وورث، لا تزال تئن تحت وطأة الانقسام والدمار، وسط قلق بالغ يخيّم على الأقليات مثل العلويين والمسيحيين والدروز، في ظل غياب الاستقرار المؤسسي.

As the US backs Syria’s new president, Israel bombed Damascus last week. I spoke with @TheAtlantic’s @robertfworth about the shifting alliances shaping the Middle East in a post-Assad world. pic.twitter.com/1ZVfoGwDct — Fareed Zakaria (@FareedZakaria) July 27, 2025
واشنطن تتبنى "الشرع".. وتحول في موقف ترامب
وعن الموقف الأمريكي من سوريا الجديدة، أوضح وورث أن إدارة الرئيس دونالد ترامب – في ولايته الثانية – كانت في البداية تميل إلى تجنب الانخراط في الشأن السوري، واعتبرت البلاد "ساحة خطرة لا تحتمل التدخل". غير أن زيارة ترامب إلى الخليج في أيار/مايو الماضي غيّرت هذا الموقف جذريا، بعد لقاءات مع قادة خليجيين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وبحسب وورث، فقد دفعت هذه الأطراف باتجاه دعم حكومة مركزية قوية في دمشق، والتخلي عن سيناريو التقسيم، محذّرة من السماح للأقليات المسلحة بالتحول إلى نموذج يحتذى به، في ظل مخاوف خليجية وتركية من انتقال عدوى التمرد إلى الداخل.

وتابع وورث: "طرح القادة الخليجيون على ترامب فكرة احتضان أحمد الشرع، الرئيس الجديد لسوريا، وقد وافق ترامب والتقى به في الرياض، بل وأبدى إعجابه بشخصيته القوية والجذابة"، مشيرًا إلى أن ترامب لمح بشكل غير مباشر إلى أن ماضي الشرع الجهادي قد يكون دافعًا لقوته الحالية.

الاحتلال: لا ثقة بـ"الشرع" رغم العداء المشترك لإيران
في المقابل، اعتبر وورث أن الموقف الإسرائيلي يختلف جوهريا عن الموقف الأمريكي والعربي، حيث تنظر تل أبيب بعين الريبة إلى الشرع، رغم الترحيب بسقوط الأسد باعتباره حليفًا استراتيجيًا لإيران.

وقال: "الإسرائيليون يرون في الشرع شخصية لا يمكن الوثوق بها. ورغم طرده لإيران من سوريا بعد توليه السلطة، فإن تاريخه الجهادي يثير مخاوف حقيقية لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب"، مضيفًا أن الاحتلال الإسرائيلي تبنى منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي نهجا أحاديا يقوم على توجيه ضربات استباقية داخل الأراضي السورية، تستهدف مخازن الأسلحة وأي أهداف تُعتبر تهديدًا لأمنها.

وأوضح وورث أن الاحتلال تاريخيًا، كان يرى أن أمنه يتعزز حين يكون جيرانه العرب ضعفاء ومفتتين، وهو ما ينعكس في سلوكها الحالي تجاه سوريا.


"الشرع" يربك الاحتلال.. وتركيا تتهيأ 
ورأى وورث أن ظهور أحمد الشرع على رأس السلطة في دمشق أضاف عنصرا مربكا في الحسابات الإسرائيلية، خاصة في ظل خلفيته "الإسلامية-الجهادية" التي تثير القلق، رغم مؤشرات براغماتية أظهرها خلال السنوات التي قاد فيها محافظة إدلب.

وأوضح أن الشرع، خلال قيادته لإدلب، خفف من حدة الفوضى، وفرض سلطته على الجماعات المسلحة، وبدأ بتشكيل نواة جيش وطني، مما جعله شخصية أكثر براغماتية وانفتاحًا. 

وأردف: "من اللافت أنه، خلافًا للأيديولوجيات السائدة في فصائل المعارضة السورية، لم يظهر عداءً صريحًا تجاه إسرائيل، بل ألمح إلى استعداده للحوار".

أما تركيا، فيرى وورث أنها بدأت تُدرك أن لحظتها قد حانت للعب دور محوري في سوريا الجديدة، بعد سنوات من رعاية الفصائل السورية المعارضة، خاصة في إدلب. 

وقال: "أنقرة كانت الداعم الرئيسي للشرع في الشمال الغربي من سوريا، وقدمت له كل ما يلزم من دعم لوجستي واستخباراتي".

واختتم فريد زكريا حواره بالقول إن ما يجري في سوريا يشير إلى تحوّل في موازين القوى الإقليمية، حيث يتبنى الاحتلال الإسرائيلي نهجًا أحاديًا ومتشدّدًا يفتقر إلى أي مرونة دبلوماسية، مقابل سعي الدول العربية وتركيا إلى إعادة تشكيل النظام السوري على أسس أكثر استقرارًا وانفتاحًا.

أما روبرت وورث، فأكد أن المنطقة تمر بمرحلة تشهد ديناميكيات جديدة، تتبلور فيها خلافات غير مسبوقة بين الاحتلال من جهة، ودول الخليج وتركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى. 
وأضاف: "سوريا اليوم ليست فقط ساحة إعادة إعمار، بل أيضًا ساحة إعادة تموضع استراتيجي ستؤثر في الشرق الأوسط بأسره".


مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرونوت: تأثير تركيا العسكري والسياسي المتزايد بات التهديد الأكبر لإسرائيل
  • إسرائيل تستدعي السفير الهولندي لدي تل أبيب.. اعرف السبب
  • تركيا تشترط الاستخدام الكامل لخط كركوك-جيهان في اتفاقها مع العراق
  • كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري
  • تركيا.. استقالة جماعية لأعضاء “الشعب الجمهوري” في ماردين
  • وزير الدفاع التركي يلتقي السفير الأمريكي
  • إسرائيل في فخ غزة: هل وقعت تل أبيب في مصيدة الاستنزاف السياسي والعسكري؟
  • غزة بين فكّي الابتزاز والتصعيد: قراءة في خطاب ترامب وخيارات تل أبيب
  • تصعيد حوثي جديد ضد إسرائيل: الجماعة تعلن استهداف كل السفن المتعاملة مع تل أبيب
  • جاستن توماس: تصريحات ترامب بشأن غزة سخيفة.. والحل بيد تل أبيب وحماس