عربي21:
2025-06-13@12:16:38 GMT

حول النسوية وأدبها

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

متنكبات عن الصراط

هل من الصعوبة بمكان أن لا يهتدي الإنسان بعقله وفطرته السليمة إلى فك جدلية الحرية الفردية والجماعية ثم ينطلق بشخصية متوازنة في دروب الحياة؟

لا أرى في الثقافة العربية، والأدب منها، تمييزا ضد المرأة، تمييزا يدعوها لطلب حق لها قد هضم، أو حاجة ما للندية ومنافسة أخيها الرجل. لم يك الطريق أمامها مقفلا، أو أن الذكورية كانت تمنعها.

هذا وهم، وآيته أن أسماء منهن قد وجدن فضاء للكتابة متاحا فكتبن شيئا أردنه.

هكذا هي النسوية تستدعي مخاصمة مفتعلة وتخلق جوا ليس بالضرورة أن يكون واقعيا. ولعلي لا أكون متشائما جدا إذا قام غير المرأة والرجل بادعاء حق مسلوب ومارس في الأدب لونا من المظلومية.

لغو الأحاديث

التشاركية، الندية، مطالب حقوقية، الذكورية... مصطلحات نجدها لدى الحركات النسوية في الغرب كثيرا. وأخيرا تعترف إحداهن الأمريكية بأن سبب العنوسة هو تنمر حركتها على الرجل: الأب، والأخ، والزوج، والابن. لست النفقة أو الأجر الذي يدفع للمرأة لقاء نكاحها العلة وراء التحكم فيها، إذن ما يقول أدعياء هذا في مهر شرعي قدره خاتم من حديد، أو مهر مقداره ما مع الرجل من القرآن، ولست أدري ما ستقنع به هؤلاء ربات الخدور إن أرادهن الرجال لمالهن؟ ثم هل كانت القوامة بسبب مال مهرت به الزوجة أما هي إرادة ربانية؟ الزواج عقد قران بين رجل وامرأة لتكوين أسرة تحضن الأجيال التي تستمر بها الحياة، توزعت فيها الأعمال مناصفة بين الرجل والمرأة كل بحسبه، وفضلت المرأة على الرجل بثلاثة أرباع البر، وليس من واجبها أن تعمل لتكسب القوت، الذي ضمن لها مذ تولد وحتى الوفاة، سواء أكان على أبيها أم على زوجها أم على الأولاد والأحفاد. إنهن قوارير رفق بهن لا كما تشقى مثل الرجال الغربيات، حتى أضاعت إحداهن الأسرة وافتقدت الأنوثة، وهما أثمن ما قسم الله للنساء.

من وجوه العفة والحياء في أمتنا المسلمة السيدة فاطمة الزهراء وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما، اللتان ابتكرتا النعش المتداول اليوم في التشييع، الذي يشبه الصندوق، بدلا من اللوح الذي كانت تسجى عليه المتوفاة فلا يتوارى حجم جسمها عن الناس؛ فكرة خارقة جاءت من وحي الطهر والحياء، "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا". لا تعبأ اليوم نساء مسلمات بخلق الحشمة الذي يجللهن إلا قليلا، ولعل بعضهن تبارين في إظهار الزينة للناس غير مباليات أن كن متبرجات، إن ذلكم خطب غير يسير حل ببنات المسلمين على حين غفلة من أهلهن!تلتقط بعض المتكسبات بالأقلام نصوصا من الأدب العالمي تظهر المرأة مضطهدة وأهلا للرحمة والشفقة، من دون تمييز بين كونها ضحية عنف كما في الاغتصاب، أو متهمة بجنابة كمن اخترن البغاء أو وقعن في المثلية. تعمد الكاتبات النسويات إلى التعاطف معهن لأنهن يعانين في صمت، من دون أن تحسن التفريق بين الحالات في تعام أحمق لا يميز بين الألوان؛ ليست كل النساء بريئات، فلا تقاس عليهن سائر النساء، وهذه خطيئة منهجية وقعت فيها هؤلاء الكاتبات، اللاتي يلجن بيوت المخبآت في الخدور عبر منصات تمدها حكوماتنا بالمال.

مقالات الكاتبة غادة السمان تريح تفكيري عن النقد وتسليني، أراها ككشكول ابني في الابتدائي، فيه من كل شيء، حتى خربشات أخته المفطومة حديثا لم تنج منه، وحولها كثير من بقع الزيت أيضا. لست أدري حقا نمط الكتابة الذي تظهر به الكاتبة على الناس، وفي أي الأجناس الأدبية أصنفه؟ لا تبالي هذه المحصنة أن تلقي بذكريات عشق عاشتها في الصبا على كراسها المنشور، تباهي به الناس وتجد في البوح به مسلاة لها وملهاة للغافلات!

وفي الأدب النسوي رجال لا يقل شأنهم عن ربات الحجال، يضيرهم أن يلحظوا فوارق بين النساء في الشرق والغرب، طبعا لا يريد هؤلاء للغربيات أن يكن مثل الشرقيات بل العكس ما يريدون، أسأل هؤلاء السذج عن المرأة الجزائرية مثلا، ما هي ملامح شخصيتها؟ وكيف تشكلت خصوصيتها عبر التاريخ؟ وما هي الفروق الثقافية بينها وبين مثيلاتها في الضفة الأخرى من الأطلسي؟

أحسن ما يكون التصور والتصديق في القضايا الخاصة بالشعوب عندما ينظر إليها من خارج الصندوق. على ألا يبقى المثقف حبيس رأيين لا ثالث لهما: العيار المدني كما نشأ وتطور في ضوء عصر النهضة الأوروبي، والمحلي الذي صاغته السياسة والثقافة والتاريخ والأعراف. أن يتحمل الطفل جنسية الأبوين أو أحدهما مسألة سياسية بحتة. وأن يدعى المولود لأبيه فذلك ما أمر الله به. ولقد رأيت دفاتر عائلية لدولة أوروبية حذف منها ذكر الأب، وبقيت الأم وحدها فيه والأولاد، كي لا أقول دفاتر مبتدعة لمجتمع "الميم"، فيها أسماء أطفال نسبوا إليها بالتبني لا يعلم أصولهم الحقيقية إلا الله.

قضية الحجاب الإسلامي هي إحدى المرايا المحدبة التي تتصادم فيها الثقافة الدينية والعلمانية وحقوق الإنسان وغيرها بحدة. علما بأننا لا نجد مثل هذه التفاعل الحاد في قضية اللباس اليهودي والمسيحي ذوي الصبغة التقليدية والدينية، رغم تشابههما والحجاب في مسألة الاحتشام.

مخادعنا المحصنة

ليس في المثل العليا للغرب مفهوم النسب، ولا تروم قوانينه حفظ العرض والشرف، وتحقيق التمازج الثقافي لا يتطلب إنسانا كيف ما كان، فقط لأنه عقل وآلة. لنتمعن في هذا التفضيل النبوي الساحر: "خيرُ نساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ نساءُ قريشٍ، أرْعاهُ على زوجٍ في ذاتِ يَدِه، وأحناهُ علَى ولَدٍ في صِغَرِهِ".

للحريم، أو الحجبة أو غيرهما من أسماء، فضاء رائع للنساء، ينجذبن إليه بشدة في المناسبات التي تجمعهن وحدهن، وفيه حكيمات يداوين الحرائر ويوجهنهن بنصائح موروثة أثبتت نجاعتها في استقرار المجتمعات الشرقية. لا نلفى روايات أدبية مشهورة تتحدث عنها!

فساد الأخلاق بشكل عام ألقى بظلاله الثقيلة على الكتابة، والأصالة أصبحت غريبة في الأوساط العلمية، كما أن حياتنا الفكرية والأدبية جافت بيئتها الطبيعية التي شبت فيها على مدار القرون السالفة. الرافعي والعقاد والزيات والإبراهيمي.. هم عناقيد أخيرة من تلكم الجنة التي لها خصوصية فارقة قلما يلتفت إليها أحد من المثقفين في هذا الزمان.الرواية جنس من الأجناس الأدبية وليست هي كل الأدب، تفعيل القراءة بالأدب أو إنشاء أدب مقروء قضية تتجاوز الوضع السياسي والاقتصادي لمجتمعاتنا التي قل اهتمامها بالقراءة عموما. الذي أجده مقروءا حقا والناس تنتظم لسماع نصوصه قياما وقعودا وعلى جنوبهم في كل يوم هو القرآن الكريم، الركيزة الراكزة في أدبنا العربي وليست الرواية الطارئة عليه. يبقى تذكير الناس بفرضية القراءة وإرشاد الكتاب بضرورة وصل أدبهم وما يكتبون بهذا النص العجيب الذي يفجر الإبداع بسحره تفجيرا.

الأنفس البشرية تتشابه في ما بينها لأن أصلها واحد حواء وآدم، ولقد عرف شيء من هذا في ثقافتنا الشرقية سمي بالخلوة، عده أساطين التصوف سبيلا لا بد منه لتزكية النفس وتقريبها من خالقها للفوز بالسعادة الحقيقية. كتاب "صفة الصفوة" لابن الجوزي يروي قصصا عجيبة لأناس عاشوا هذه التجربة الممتعة. ولنساء صالحات مناجاة شعرية خلدها الزمان.

من وجوه العفة والحياء في أمتنا المسلمة السيدة فاطمة الزهراء وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما، اللتان ابتكرتا النعش المتداول اليوم في التشييع، الذي يشبه الصندوق، بدلا من اللوح الذي كانت تسجى عليه المتوفاة فلا يتوارى حجم جسمها عن الناس؛ فكرة خارقة جاءت من وحي الطهر والحياء، "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا". لا تعبأ اليوم نساء مسلمات بخلق الحشمة الذي يجللهن إلا قليلا، ولعل بعضهن تبارين في إظهار الزينة للناس غير مباليات أن كن متبرجات، إن ذلكم خطب غير يسير حل ببنات المسلمين على حين غفلة من أهلهن!

فساد الأخلاق بشكل عام ألقى بظلاله الثقيلة على الكتابة، والأصالة أصبحت غريبة في الأوساط العلمية، كما أن حياتنا الفكرية والأدبية جافت بيئتها الطبيعية التي شبت فيها على مدار القرون السالفة. الرافعي والعقاد والزيات والإبراهيمي.. هم عناقيد أخيرة من تلكم الجنة التي لها خصوصية فارقة قلما يلتفت إليها أحد من المثقفين في هذا الزمان.

في كل هذه المشهدية "الثقافية" لصالونات المرأة المصرية، أسأل عن صالونات نسائية متوارية عن الأنظار، ليس فيها اختلاط بين الرجال والنساء، مليئة بالمثقفات، وفيها من القيمة الأدبية والأخلاقية ما يربو على أشهر الصالونات.

أتحدث عن فتيات عابدات يجتمعن في بيت إحداهن لتعلم أحكام الدين، فيهن كل أصناف النساء المصريات، المثقفات والأميات، الصغيرات والكبيرات، يتعبدن الله بالصلاة والصيام وتلاوة القرآن، خاصة في الشهر الفضيل، ويتبادلن النصائح والتوجيهات، ويناقشن قضاياهن وقضايا المجتمع والأمة، لا يلج فضاءهن رجل قريب أو بعيد لا يحسن التفريق بين الحرية والأخلاق، ولا يستهويه من صالونات المرأة غير حب النساء، يمشي إليهن رويد، يطلب منهن صيد، إلا أتباع عمرو بن عبيد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الأدب النساء رأيين أدب نساء رأي كتابات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مواطنون من مختلف المحافظات:الظروف المعيشية التي خلفها العدوان والحصار زادتنا تراحماً وألفة في العيد

لم تثنهم الظروف الاقتصادية الصعبة عن إحياء هذه الفرحة الدينية بكل تفاصيلها، الكل مبتهج ومسرور ومظاهر العيد تزين الشوارع والأماكن العامة، فلا مغبون ولا مهموم ولا جائع في العيد، طالما وجسور الإحسان متجذرة في مبادئ شعبنا اليمني الإيماني، هكذا يعيشون عيدهم بمحبة وتراحم وتآلف:

الثورة / أسماء البزاز

من محافظة صنعاء يقول الحسين عبدالكريم السقاف: حقيقة عيد الأضحى المبارك من أهم المناسبات الدينية العظيمة التي استقبلناها بأداء الشعائر الدينية الجليلة وجميع أبناء الشعب اليمني استقبلوا العيد بالفرحة ومتابعة شعائر الحج الأعظم.

وأضاف: البعض من أبناء الشعب اليمني يشترون أضاحي العيد، لأن معظم الناس بسبب الظروف الصعبة التي سببها العدوان أصبحوا غير قادرين على شراء أضحية العيد ومن أجمل الأشياء في مجتمعنا هو بروز مظاهر الترابط بين أبناء الشعب اليمني، فمن يشتري أضحية العيد تجده يوزع اللحوم على جيرانه وعلى الفقراء والمساكين تقربا لله تعالى ليدخل السعادة على قلوبهم.

وقال السقاف: كما أن لهذا المناسبة الدينية العظيمة مظاهر جميلة في مجتمعنا فهي مناسبة يحييها اليمنيون بزيارة الأهل والأقارب وتفقد الأرحام والعطاء والعطف على الفقراء والجيران.

كما أن المساجد في بلادنا بحمد الله نجدها عامرة بالمصلين وبالذكر والتكبير والتهليل والدعاء لله تعالى بالنصر القريب لمجاهدينا من أبناء القوات المسلحة والأمن الذين يواجهون في هذه المرحلة الكيان الصهيوني الغاصب وطواغيت العالم انتصاراً لمظلومية أهلنا في غزة، ويدعون الله لأهل فلسطين بالانتصار على عدوهم وأن يثبت أقدام المجاهدين، ومن هنا تبرز جماليات هذه المناسبة الدينية الجليلة وعظمة الشعب اليمني المؤمن المجاهد والصامد، وخلال مناسبة عيد الأضحى المبارك نتمنى أن يعم الخير والرحمة كل أرجاء وطننا أكثر مما هو موجود وأن يحرص الناس جميعاً على عمل الخبر والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة وكثرة الدعاء، لأنها أيام مباركة يستجيب الله فيها لدعاء عباده المؤمنين.

عشنا تفاصيله

ومن محافظة عمران تقول نجلاء حمدين: الحمد لله رب العالمين الحمد لله القائل: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَـمِينَ).

وأضافت حمدين: إنها فريضة مقدسة بقدسية الدين الإلهي وشعيرة عظيمة من شعائر الله، استقبلناها ببهجة وفرح وبتكبيره وتعظيمه وتقديسه بتلبية (الله أكبرالله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد والحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك ولا ند ولا ولي لنا سواك).

وتابعت: في يمن الإيمان يمن العز والكرامة حل علينا عيد الأضحى المبارك بما فيه من منسك عظيم من مناسك الله وهو الحج الأكبر، استقبلناه أولاً بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء البشرية أمريكا وإسرائيل وعظيم أن ترتبط هذه المناسبة بنبي يسطر اسمه في أكثر سور القرآن وهو نبي الله إبراهيم الذي مثل أسطورة التسليم المطلق لله والامتثال لأمره في رؤياه لابنه إسماعيل وأمر الله بالذبح له حيث خلد الله هذه الحادثة على مر العصور والأزمان لأهمية التسليم المطلق له.

وختمت حديثها بالقول: بالتكبيرات والتلبية وبصيام يوم عرفة والفرحة وذبح الأضاحي يُظهر اليمنيون أساليب احتفالهم واهتمامهم بهذه المناسبة، حتى جاء صباح يوم العيد والكل بلباس جديد وتوافد الناس إلى الجبانات أو إلى المساجد لسماع خطبتي العيد وللصلاة ومن ثم انطلق الجميع لذبح الأضاحي والمعاودة لزيارة الأرحام والأقارب وكذلك العلماء وزيارة مقابر الشهداء وزيارة جبهات الإسناد لغزة في القوة الصاروخية والبحرية، وتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمساكين والأقارب وتبادل التهاني والتبريكات وزيارة الأرحام وزيارة روضات الشهداء .

التسابق في الخيرات

ومن محافظة ذمار تقول شفاء يحيى: ما إن يخطر على بال الإنسان العيد في اليمن حتى يتصدر إلى الذاكرة صوت المآذن التي يتردد صداها بالتكبير والتهليل سواء قبل أيام العيد أو يوم العيد ولاسيما عيد الأضحى، وتمر المشاهد في الخيال من أمام أسواق المواشي المزدحمة بالأنعام التي ستكون أضاحي حمدًا وشكرًا لله على نعمة الهداية والولاية والفضل والامتنان لله على نعمة الدين الحنيف، دين إبراهيم -عليه السلام- وملته.

وتابعت: بالطبع إن اليمنيين كمجتمع مسلم ومحافظ ومن ذرية نبي الله إسماعيل ابن النبي إبراهيم -عليهم السلام- يحافظ على مثل هذه المناسك وطقوسها، بل أصبحت جزءاً متوارثاً لديه أبّاً عن جد، تتداولها الأجيال اليمنية جيلاً بعد جيل، فما إن يتسلل فجر يوم العيد حتى يستيقظ أفراد الأسرة اليمنية لإحياء ذلك الفجر بالصلاة والتسبيح، فتسمع التكبير يدوي في جميع أزقة وحارات البلاد، فيجتمع شغف الذهاب إلى المساجد مع روحانية العيد وما إن تتسلل أشعة الشمس من نوافذ البيوت حتى تجد الأطفال مع آبائهم يتسابقون لأداء الصلاة وسماع خطبة العيد، والنساء في البيوت بعد الصلاة يقمن بتهيئة المنازل، ليكون المنزل في ذلك اليوم يشرح الصدر من نظافة وروائح طيبة ويجتمع أفراد الأسرة للخروج من البيت لزيارة الأرحام وروضات الشهداء وأسرهم وأسر المرابطين والجرحى ولربما هذه من أقدس مراحل هذا اليوم، فلا يكتفي اليمني بزيارة الأحياء فقط وإنما أيضا بزيارة الأحبة ممن رحلوا.

مبينة أن زيارة المقابر شيء أساسي وكذا تفقد الفقراء والمحتاجين وهي من أجمل محطات يوم العيد في اليمن، حيث ترى البسمة مرسومة على وجه كل يمني ويمنية، وكيف لا تُرسم وذلك اليوم هو اليوم الأجمل للغني والفقير، ففي يمن الإيمان والحكمة؛ شعبٌ يداوي جراح غيره وإن كان أولى، ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة.

مضيفة: كثير من التفاصيل في هذا اليوم هي مصدر للسعادة ليس بالرفاهية والبذخ؛ وإنما بالاستقرار والأمان والراحة التي هي مصدر إلهي يمده الله لهذا الشعب، لأنه في أوج سعادته تجده يذكر الله كما لوكان في أوج احتياجه.

وتابعت: طبقات هذا الشعب متعددة وشرائحه مختلفة، فهناك المجاهدون المرابطون حماة الوطن، من لولاهم لما كان العيد عيد وهناك المدنيون وهناك رجال الأمن وغيرهم، إلا أن الجميع يجتمع عيدهم في ذكر الله ورسوله والحمد والشكر لله على نعمه والكلام الحسن فيما بينهم.

ولائم الإحسان

ومن محافظة حجة تقول فاطمة الجرب: الحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، إنه عيد الله الأكبر، بهذا التهليل والتكبير والتحميد لله سبحانه وتعالى أعلنا فرحتنا بتمام نعمة الله علينا، ولنيل الأجر الكبير من الله تعالى بفعل الطاعات وقدمنا الأضاحي قرابين لله سبحانه وتعالى لإطعام البائس والفقير، تأسياً بنبي الله إبراهيم -عليه السلام- وتعظيما وتقديسا لله سبحانه وتعالى، وتعد شعيرة من شعائر الله سبحانه وتعالى.

وأضافت: ففي يوم العيد رأينا الكل مكبراً ومهللاً يلبسون الجديد، الكل يتجه ليصلي صلاة العيد من الصغار والكبار وتبادلنا التحية والمباركة بهذه المناسبة وبهذه الفرحة رأينا شوارع المدن والقرى ممتلئة بالزائرين لأرحامهم، ورأينا البسمة في وجه الصغير والكبير والغني والفقير، وأبرز ما يقومون به هو ذبح الأضاحي وإطلاق الألعاب النارية والولائم والضيافات والتجمعات بين الأهل والأقارب والأصدقاء.

مبينة أن ما يميز هذا اليوم هو جانب الإحسان، فالكل يتسابقون لإدخال الفرحة والسرور إلى من لا يملك أضحية في بيته، وفي فترة العصر تكثر الجلسات العيدية الممتلئة باللون اليمني من إنشاد وغيره وخاصة في جلسات الرجال، هذا ما يتميز به اليمنيون عن سائر كل الشعوب.

الكل مبتهج

ومن محافظة تعز يقول محمد المنصور: لم تعقنا الظروف المعيشية والاقتصادية عن إحياء هذه الفرحة الدينية الغالية على قلوبنا وإسعاد أطفالنا وأسرنا وتوفير مستلزمات العيد بالقدر الميسور ويكفينا في هذه المناسبة التقارب والتزاور والترابط المجتمعي وتعميق التراحم بين الأفراد، فمن له زاد من الطعام يحسن لمن لا زاد له، فالكل سعيد ومسرور والكل مبتهج، فلا محتاج ولا جائع في العيد وهذا ما نتمنى تكريسه طوال العام وليس في أيام العيد وحسب.

لم الشمل والتسامح

ومن الحديدة يقول فؤاد حمدي: اكتست أيام العيد بالسعادة والراحة وعكستها وجوه الأطفال وزيارات الأرحام ومظاهر الجمال في مختلف الأماكن والشوارع وكأن العيد يقول لنا: لا مكان اليوم إلا للفرحة والتكبير والحمد والتهليل والعطف على الفقراء والمساكين ولم الشمل والتسامح والتزاور والتعاطف، هذا ما لمسناه وما رأيناه وما نتطلع لأن نراه في كل بقاع المسلمين عامة وفلسطين خاصة.

 

مقالات مشابهة

  • محمد حميد الله.. العلّامة المنسي الذي أعاد السيرة النبوية إلى قلب الإنسان والعالَم
  • هل يجوز إمامة المرأة للنساء وأين تقف في الصلاة؟ اعرف الطريقة
  • حكم الصلاة ببنطلون ضيق للنساء والرجال .. دار الإفتاء تحسم الجدل
  • الأشهر الحرم وفضلها وسبب تسميتها .. احذر من هذه المعصية واغتنم أفضل الأعمال فيها
  • خاطرة(بيان وتبيين)
  • 6 أخطاء تبطل الصلاة وتستلزم إعادتها.. تجنب الوقوع فيها
  • هنري بركات.. شيخ المخرجين الذي أنصف المرأة وأبدع في كل الأنواع
  • هل صحيح أن الهدية لا تهدى؟ .. حقيقة مقولة منتشرة بين الناس
  • مواطنون من مختلف المحافظات:الظروف المعيشية التي خلفها العدوان والحصار زادتنا تراحماً وألفة في العيد
  • فضل الأشهر الحرم.. اعرف أسماءها وثواب العبادة فيها