خريف السياسة التجارية الأمريكية
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
لماذا فرض ترامب رسومًا جمركية مرتفعة على جميع شركاء أمريكا التجاريين تقريبًا؟
الأسباب التي ذكرها ترامب وإدارته هي أن هذه الدول تستغل الولايات المتحدة بتصديرها إلى أسواقها أكثر مما تشتريه من أمريكا، وتستخدم رسومًا جمركية مرتفعة وحواجزا تجارية أخرى للحد من الصادرات الأمريكية إلى أسواقها.
– برر ترمب الجمارك التي فرضها علي شركاء أمريكا التجاريين بانها من باب المعاملة بالمثل، لان هذه الدول تفرض جمارك علي الصادرات الأمريكية وتضع عقبات أخري تضر بها.
لكن هذا المنطق خاطئ تمامًا من جميع جوانبه للأسباب التالية:
– أولًا، العجز التجاري الثنائي مع دولة واحدة لا يعني شيئًا (العجز التجاري هو ما تستورده أمريكا من الدولة مطروحًا منه ما تصدره إلى سوقها). على سبيل المثال، لنفترض أن الكونغو تصدر الكوبالت إلى أمريكا ولا تستورد أي شيء مصنوع في أمريكا. هل يُمثل هذا مشكلة لأمريكا؟ لا. لا يزال بإمكان أمريكا تصدير فول الصويا إلى اليابان وتغطية عجزها التجاري مع الكونغو من هذا المصدر. أو كما قال بوب سولو: “لدي عجز تجاري مع الحلاق” – بمعنى أنه يشتري خدمات الحلاق لكنه لا يبيعه شيئًا. بالطبع، عوّض بوب عجزه التجاري مع الحلاق ببيع خبرته للجامعات والشركات والحكومات.
– لكن ماذا عن العجز التجاري الكلي، وهو إجمالي العجز مع جميع الدول؟ في هذه الجبهة، تشخيص ترامب للعجز خاطئ تماما. لأن العجز لا ينجم عن التعريفات الجمركية أو الحواجز التجارية التي تفرضها الدول علي صادرات أمريكا. إذ تشير صيغة حساب الدخل القومي القياسية إلى أن العجز التجاري يساوي تمامًا الفرق بين المدخرات والاستثمارات – ونعني هنا إجمالي المدخرات، سواءً كانت من قِبل الحكومة أو الشركات أو المواطنين العاديين. هذه النتيجة متطابقة أو حقيقة رياضية، صحيحة في كل الظروف – يمكنني تقديم الاشتقاق الرياضي لهذه المتطابقة ولكن أي طالب كان منتبهًا خلال سنوات دراسته الجامعية سيكون قادرًا على القيام بذلك. ببساطة تقول المتطابقة أن الدولة التي تستثمر أكثر مما تدخر لابد أن تعاني من عجز تجاري بنفس القيمة- نقطة سطر جديد.
– أيضا تشير فرضية العجز المزدوج إلى وجود علاقة بين العجز المالي للدولة (الإنفاق الحكومي الذي يتجاوز الإيرادات) وعجز حسابها الجاري (الواردات التي تتجاوز الصادرات إضافة إلي متغيرات أخري لا داعي للدخول فيها لغرض هذا المنشور – أو بتبسيط للميزان التجاري حتي لا ندخل في تفاصيل يتوه معها القارئ) . في جوهرها، تفترض النظرية أن عجزًا أكبر في ميزانية الحكومة أن يؤدي إلى عجز أكبر في الحساب الجاري.
– هذا الاستثمار الذي يفوق المدخرات يعني وجود أجانب مستعدون لاستثمار ثرواتهم في الاقتصاد الأمريكي، ما يعني أن أمريكا تحصل على كميات كبيرة من رأس المال الأجنبي الرخيص الذي يساعدها على الازدهار أو الإسراف في الصرف العسكري.
– لكن زيادة الاستثمار على المدخرات في أمريكا تعني أيضًا انخفاض إجمالي مدخرات الأمريكيين. وعندما نقول إن مدخرات جهة ما منخفضة، فهذا يعني أنها تستهلك أكثر من اللازم أو أن إستهلاكها مرتفع. تُظهر الدراسات الإحصائية أن مشكلة انخفاض إجمالي المدخرات الأمريكية سببها الحكومة، وليس المواطنين أو الشركات الأمريكية. على سبيل المثال، يبلغ عجز ميزانية الحكومة الفيدرالية الأمريكية حاليًا حوالي 7% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو عجز ضخم. وصل هذا العجز إلى 1.8 تريليون دولار في عام 2024. وإذا أضفنا العجز الذي تعاني منه حكومات الولايات والحكومات المحلية، فإن الصورة تزداد قتامة.
– لذا، فإن تشخيص ترامب خاطئ، فالعجز التجاري الأمريكي سببه السياسات المالية الأمريكية، وليس جشع الأجانب. والأسباب الرئيسية لعجز الميزانية الأمريكية هي انخفاض الضرائب على الأغنياء وارتفاع الإنفاق العسكري والأمني. ولا تُبدي إدارة ترامب أي اهتمام بفرض ضرائب على الأغنياء أو خفض الإنفاق العسكري، الذي يبلغ تريليون دولار في مقترح ميزانية ترامب، بانتظار موافقة الكونغرس.
– إذن، لن تُحلّ رسوم ترامب الجمركية مشكلة العجز التجاري، ولكن هل هناك أي مكاسب مُحتملة لإدارة ترامب؟ نعم، يأمل ترامب أن تُعطيه الرسوم الجمركية نفوذً أو كرت ضغط يُمكنه من التفاوض بشأنها مع كل دولة على حدة. ويمكن لترامب أن يطلب من كل دولة تقديم تنازلات مقابل خفض الرسوم. – وقد يطلب من بعض الدول أن تعطيه أعز ما تملك. ربما تُقدّم له بعض الدول الصغيرة والمتوسطة تنازلات طفيفة، لكن الدول والكتل الكبرى لن تُقدّم له الكثير. وستتلكأ الكثير من الدول قبل التنازل الأهم الذي سيطلبه ترامب: فك الارتباط بالصين بتقليص العلاقات الاقتصادية والسياسية. على الأرجح، سيحدث العكس، حيث ستُعزّز الدول والكتل التجارية علاقاتها مع الصين كبديل أو كحماية من أمريكا التي أثبتت أنها شريك متقلب، وصعب، ومُسيء، يصعب الوثوق به.
– كما ذُكر سابقًا، ستفشل الأهداف المعلنة لسياسة ترامب التجارية. لكنها لا تزال حدثًا هائلًا، أو كما يُطلق عليه الاقتصاديون “صدمة”. في الواقع، إنها واحدة من أكبر الصدمات التي لحقت بالاقتصاد العالمي في العصر الحديث. فما هي عواقب هذه الصدمة؟ فيما يلي بعض العواقب المتوقعة، ولكنها ليست كل القصة:
– هل سيدفع الأجانب الرسوم الجمركية كما يزعم ترامب؟ الإجابة الأولية هي لا. الرسوم الجمركية هي ضريبة تُفرض على السلع المستوردة، تُدفع عند حدود الدخول، ويتحملها المستورد وليس المُصدّر. لكن هذا ليس نهاية المطاف. بعض المُصدّرين لن يُغيّروا سعر سلعهم استجابةً للرسوم الجمركية، وفي هذه الحالة سيدفع المستهلك الأمريكي القيمة الكاملة للرسوم.
لكن بعض المُصدّرين قد يُخفّضون السعر الذي يفرضونه على المُستوردين للحفاظ على سعر معقول لمنتجاتهم في الأسواق الأمريكية، وذلك للحفاظ على حصتهم السوقية. في هذه الحالة، سيدفع المُصدّر الأجنبي جزءًا من الرسوم الجمركية، وسيدفع المستهلك الأمريكي جزءًا آخر. لكن على الأرجح، سيدفع المستهلك الأمريكي النسبة الأكبر من الرسوم الجمركية.
– من المُرجّح أن يُخفّض ترامب الرسوم الجمركية، لكنه لن يُعيدها إلى ما كانت عليه سابقًا – حوالي 2% في المتوسط . قبل تجميد الرسوم الجمركية لمدة تسعين يومًا، قُدّرت الرسوم الجمركية بمتوسط 24% مُقارنةً بـ 2% قبل صدمة ترامب.
– لكن بما أن الرسوم الجمركية لن تعود إلى متوسط 2%، فهذا يعني أن الحكومة الأمريكية ستحصل على إيرادات أكبر، وسيستخدم ترامب هذه الإيرادات الإضافية في إدامة إنخفاض الضرائب على الأغنياء التي ستنتهي مدتها في خواتيم هذا العام، أو حتى خفضها إلى مستويات أدنى. بمعنى آخر، لن يستخدم ترامب إيرادات الرسوم الجمركية لخفض عجز الموازنة الأمريكية، الأمر الذي من شأنه أن يقلل العجز التجاري وفقًا لمنطق المتطابقة المحاسبية الموضح أعلاه.
– وبما أن الرسوم الجمركية سيدفعها جميع المستهلكين، بمن فيهم أفقر الفقراء، وأن إنخفاض الضرائب ستعود بالنفع على الأغنياء، فهذا يعني أن العبء الضريبي على الفقراء سيزداد لأنهم ينفقون نسبة أكبر من دخلهم على السلع المستوردة مقارنة بالأغنياء. والنتيجة النهائية هي توزيع أسوأ للدخل القومي لصالح الأغنياء. وهذا سيُرضي ترامب والمليارديرات من حوله.
– ستنخفض الصادرات الأمريكية، حيث سترد دول أخرى على ترامب بفرض رسومًا جمركية مماثلة على الصادرات الأمريكية. وهذا سيضر بشركات التصدير الأمريكية والعمال على حد سواء.
– أيضا ستعاني الشركات الأمريكية، سواءً كان إنتاجها موجها للأسواق المحلية أو الخارجية، لأن الكثير من المدخلات التي تستخدمها في عمليتها الإنتاجية مستوردة، ما يزيد من تكلفتها بسبب الرسوم الجمركية. هذا يعني ارتفاع تكلفة الإنتاج، وانخفاض الأرباح، وبالتالي انخفاض الاستثمار، وانخفاض فرص العمل، وضغطًا على أجور ورواتب الطبقات العاملة والمتوسطة.
كيف حسبت إدارة ترامب الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها على كل دولة؟
– حسبت إدارة ترمب نسبة الجمارك/العقبات التي تضعها كل دولة علي الصادرات الأمريكية بعملية حسابية بسيطة: أخذت عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة في السلع مع تلك الدولة، وقسمته على إجمالي واردات السلع من تلك الدولة، ثم قسمت الناتج على اثنين. والناتج هو نسبة الجمارك الإضافية التي فرضها ترمب – (العجز التجاري مع دولة يعني الفرق بين ما تصدره أمريكا لتلك الدولة وما تستورده منها).
– وهذه طريقة جديدة تماما لتقدير نسبة الجمارك والعقبات التجارية التي تضعها دولة للحد من صادرات دولة أخري ما أنزل الله بها من سلطان وإطلاقا لم يسمع بها أي إقتصادي ولم ترد في أي مرجع ولا في أي دراسة ولا حتي في ونسة شفع في المدرسة الثانوية التجارية.
– شبه الإقتصادي الأمريكي دين بيكر المعادلة التي إستخدمتها إدارة ترمب لتشخيص أسباب العجز التجاري الأمريكي برجل ذهب إلي دكتور للفحص. فما كان من الطبيب إلا أن قسم طول الرجل على تاريخ ميلاده ، فظهرت النتيجة التي قرر الدكتور أنها أعلى بكثير من الحد الصحي . وبناء علي هذا الرقم أخضع الدكتور الرجل المريض لوصفات علاجية بنفس الدقة العلمية التي مارسها في التشخيص. استنتج بيكر أن هذا الرجل بحاجة إلي طبيب جديد أو هو طريق الهلاك.
– باختصار، ما نراه هو سياسة اقتصادية فاسدة تمامًا، تتشير إلي أن الإمبراطورية الأمريكية قد دخلت مرحلة الخرف ولكن خرف الفيل مرعب أكثر من كونه مسليا إذ أن الضرر لن يقتصر على أمريكا وحدها. ولكن علي المدي المتوسط والطويل ستدفع أمريكا الثمن الأكثر فداحة لتسارع وتائر تراجع نفوذها الأقتصادي والتكنولوجي والسياسي حول العالم.
– كان مسرح العبث سيكون مسليا ومضحكا لولا أن أمريكا قوة ضاربة جبارة لو عطست أصابت أركان العالم من عطستها زوابع.
معتصم أقرع.
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الصادرات الأمریکیة الرسوم الجمرکیة العجز التجاری على الأغنیاء التجاری ا هذا یعنی کل دولة یعنی أن الم صد رسوم ا
إقرأ أيضاً:
يزيد العجز بـ2.4 تريليون دولار فلماذا يُصر ترامب على مشروعه الكبير والجميل
واشنطن– منذ ولايته الأولى، لم يتوقف الرئيس دونالد ترامب عن تكرار أنه يسعى لترشيد الإنفاق الحكومي، وفي سبيل ذلك عهد لرجل الأعمال الشهير وأغنى رجل في العالم، إيلون ماسك بالمساهمة في تحقيق هذا الهدف من خلال إدارة الكفاءة الحكومية قبل أن تدب الخلافات بين الرجلين عندما انتقد ماسك مشروع القانون لترامب المعروف باسم "التشريع الكبير والجميل" الذي يشمل خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي بشكل كبير.
ووسط قلق الخبراء المبرر من زيادة الدين العام، يدافع ترامب باستمرار عن حجم ونطاق هذا التشريع واصفا ضخامة الإنفاق بأنها استثمارات ستعيد لأميركا عظمتها.
ووصف ترامب القانون بأنه أهم تشريع في ولايته الثانية، وهو مشروع قانون واحد من شأنه أن يمهد لتنفيذ أجندته الداخلية بأكملها. ولكن مع توجه مشروع القانون من مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ، يُتوقع أن يواجه الكثير من المعارضة.
وكشف تقرير صدر من "معهد مراقبة الميزانية" المستقل في واشنطن أن مشروع القانون سيضيف 2.4 تريليون دولار إلى الدين الوطني على مدى العقد المقبل.
ويدفع القانون الأعضاء الجمهورين بالكونغرس للرد على سؤال صعب عن جدوى هذا التشريع، خاصة مع تمتعهم بحكم البيت الأبيض، والسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
إعلانو"مشروع القانون الكبير والجميل"، هو حزمة تشريعية شاملة قدمها ترامب قبل أسابيع، وتم تمريره في مجلس النواب بفارق ضئيل في 22 مايو/أيار، بأغلبية 215 صوتا مقابل 214 صوتا جاءت على أساس حزبي صارم. وجاء تمرير القرار في لحظة محورية في أجندة ترامب التشريعية، مما يعكس أولويات سياسته والانقسامات العميقة داخل الحزب الجمهوري.
أبرز مزايا مشروع القانون الجديد
سيتضمن القانون 4 مجالات أساسية تؤدي لرفع الإنفاق، وخفض الضرائب على النحو التالي:
خفض الضرائبيسعى المشروع لجعل التخفيضات الضريبية التي سُنت خلال ولاية ترامب الأولى، والتي كان من المقرر أن تنتهي في نهاية العام الجاري، دائمة سواء ما يتعلق بالأفراد أو الشركات. وإلغاء الضرائب على البقشيش، والعمل الإضافي وفوائد قروض السيارة. ويقلل المشروع معدلات الضرائب على الأفراد في كل شريحة دخل فردية، وكذلك للشركات، مما يقلل معدل ضريبة الشركات من 25% إلى 21%.
ومن المتوقع أن تضيف هذه التدابير ما يقرب من 4 تريليونات دولار إلى الدين الوطني على مدى العقد القادم.
تشمل التغييرات المهمة في برنامج "ميديكيد" (Medicaid)، الذي يوفر التأمين الصحي لما يقرب من 70 مليونا من فقراء أميركا، ومقاتليها السابقين. ويضع القانون الجديد شروطا صعبة، منها فرض 80 ساعة شهريا من العمل أو التعليم أو الخدمة المجتمعية للبالغين الأصحاء جسديا. وتتوقع تقارير أن يقلل المشروع الإنفاق على هذه البرامج بما يقدر بـ700 مليار دولار على مدى 10 سنوات، إلا أن مكتب الميزانية في الكونغرس يقدر أن 8.6 ملايين شخص قد يفقدون التأمينات الصحية.
أمن الحدود والهجرةيخصص مشروع القانون 70 مليار دولار لأمن الحدود، منها 46.5 مليار لبناء وصيانة الحواجز على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ويخصص القانون مليارات الدولارات لزيادة أعداد ضباط دوريات الحدود وضباط الجمارك، لتعزيز قدرات تنفيذ قوانين الهجرة. وأخيرا يخصص القانون مليارات الدولارات لتسريع إجراءات الترحيل والاحتجاز، وبناء مراكز احتجاز تسمح بإيواء 100 ألف مهاجر إضافي.
إعلان ميزانية البنتاغون والأمن القومييخصص مشروع القانون 150 مليار دولار إضافية للإنفاق الدفاعي، ويخصص منهم 25 مليار دولار لتطوير نظام الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية". وتخصيص 34 مليار دولار لتوسيع الأسطول البحري، ومشاريع بناء السفن الجديدة. كما يتم تخصيص 21 مليار دولار لإعادة مخزونات الذخيرة لتجديد وتحديث احتياطيات الذخيرة في البلاد.
"الكبير والجميل" بين دعم ومعارضة الجمهوريينوبعد حصول مشروع القانون على دعم كل الجمهوريين في مجلس النواب، وتحمس له بشدة الأعضاء الذين يدافعون عن التخفيضات الضريبية وسياسات التشدد تجاه المهاجرين، لا يمكن التكهن بنتائج تبني المشروع على ما تبقى من حكم ترامب.
ويقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن مشروع القانون سيزيد العجز الفدرالي بنحو 2.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل. بينما يجادل المؤيدون بأن التخفيضات الضريبية ستحفز النمو الاقتصادي، ويؤكد النقاد أن الآثار المالية طويلة الأجل يمكن أن تكون ضارة.
وانتقد مشروع القانون 3 فئات أساسية، فئتان جمهوريتان، والثالثة ديمقراطية على النحو التالي:
المحافظون الماليون من الجمهوريين، فقد أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، مثل السيناتور ريك سكوت، من ولاية فلوريدا، والسيناتور رون بول من ولاية كنتاكي، عن مخاوفهما من أن تخفيض الإنفاق على مشروع القانون غير كافية، وأنها ستؤدي إلى تفاقم الدين القومي. إيلون ماسك وإدارة الكفاءة الحكومية "دوج" (DOGE)، حيث انتقد ماسك بحدة مشروع القانون، واعتبره إهدارا لجهوده في تقليص الهدر الحكومي، ووصل لدرجة وصفه بأنه تشريع "بغيض مثير للاشمئزاز". الديمقراطيون والمدافعون عن حق الرعاية الصحية، وتركز معارضة هذا الفريق على الخسارة المحتملة للتأمينات الصحية للفقراء التي يتمتع بها ملايين الأميركيين، إضافة لهؤلاء المنزعجين من تخفيضات برامج الرعاية.وعلى النقيض، يواجه العديد من الأعضاء الجمهوريين معضلة في أن قانون ترامب يلغي عمليا قانون "خفض التضخم" الذي مرر في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وترك آثارا إيجابية على تغير المناخ، وتوفير ضمانات ائتمانية ضريبية لمشاريع الطاقة النظيفة، وإعادة تأهيل البنية التحتية.
إعلانواستفادت الكثير من المقاطعات الجمهورية من مشاريع مختلفة منها مشاريع الطاقة النظيفة أو بناء مصانع لبطاريات السيارات الكهربائية. من هنا لا يتوقع أن يوافق أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين على الجزء المتعلق بإلغاء قوانين الرئيس السابق بايدن.
حسابات ترامب
تتحكم خلفية ترامب، كرجل أعمال ومطور عقاري، في رؤيته للإنفاق الحكومي، ويعتمد عالم العقارات على الاستفادة من الديون، حيث يقترض المطورون للبناء، متوقعين أن تتجاوز قيمة مشاريعهم في نهاية المطاف تكلفة الاقتراض.
ويرى ترامب أن الإنفاق الحكومي الضخم الآن سيؤتي ثماره في المستقبل، ويستحق عناء رفع معدلات القروض، مع إيمانه أن النتيجة النهائية كانت تستحق العناء.
ولا توافق النخبة الجمهورية في أغلبها على هذا الطرح، وحذر صقور الجمهوريين من أن الاقتراض غير الخاضع للرقابة من شأنه أن يثقل كاهل الأجيال القادمة. لكن بالنسبة لترامب، فإن النتائج السياسية والاقتصادية تفوق تلك المخاوف.
وبالنسبة لحسابات ترامب السياسية، يمكن الترويج إلى أن التخفيضات الضريبية دليل على أنه يراعي الطبقة الوسطى على عكس ما يكرره منتقدو ترامب من أن مشروع القانون يخدم الأثرياء. كما يمكن لترامب أن يشير إلى أن رفع حجم الإنفاق العسكري دليل على عهده بجعل "أميركا أولا".
من ناحية أخرى، كشف تحمس ترامب لمشروع قانون "الكبير والجميل" عن انقسامات ضخمة داخل الحزب الجمهوري. وشعر الجمهوريون المحافظون التقليديون، الذين دافعوا عن ميزانيات متوازنة منذ عهد الرئيس رونالد ريغان، بالفزع من استعداد ترامب لتراكم المزيد من الديون. وحذر أعضاء مجلس الشيوخ مثل راند بول ورئيس مجلس النواب السابق بول رايان من أن الدين الوطني سيتجاوز 30 تريليون دولار، وهو ما حدث بالفعل.
ورغم مخاوف الجمهوريين، لم يصوت أي نائب جمهوري في مجلس النواب ضد التشريع. ولا يتوقع أن يستمر هذا التأييد الجمهوري الكامل بهذه الصورة في مجلس الشيوخ الذي يتمتع فيه الديمقراطية بأغلبية 3 أصوات فقط.
إعلانفي النهاية، تمكن الرئيس ترامب من التغلب على تحفظات الجمهوريين في مجلس النواب عندما يتعلق الأمر بإلغاء قانون خفض التضخم. والآن بعد أن توجه مشروع القانون هذا إلى مجلس الشيوخ، والذي يجب أن يمرره حتى يصبح مشروع القانون هذا لديه فرصة ليصبح قانونا مطبقا بالفعل، يواجه ترامب اختبارا عسيرا ضاعف من أهميته الخلاف الحاد مع ماسك.