صفات #عظماء #القادة_السياسيين . . !
#موسى_العدوان
في كتابه ” الطريق إلى القيادة “، يقول المارشال #مونتغمري صانع نصر الحلفاء، في الحرب العالمية الثانية ما يلي وأقتبس بتصرف :
” لا أعتقد أن الرجل يوصف بالعظمة والعبقرية، في مجال القيادة السياسية والزعامة الوطنية، ما لم يحقق عملا نافعا لبلده وأمته، عملا خالدا يبقى على مرّ الزمن.
وهذه الصفات قد تكون فائدتها محدودة للقائد السياسي في الأوقات العادية، ولكن سيكون لها أهمية بالغة في الأوقات العصيبة، عندما تصبح الأمة بحاجة ملحّة إلى القائد الذي يَصْلحُ لإقامة البناء، القائد الذي يمكن الاعتماد عليه ليحمل المهمة، معرّضا نفسه للمخاطر إذا استدعى الحال، حيث تبدو الأمور بصورة خطيرة يلفها الغموض.
مقالات ذات صلة المنافقون بين الماضي والحاضر 2025/04/14فالأمة تحتاج في الحقيقة تحتاج إلى هذا النوع من الرجال . . وسيصرخ العالم دائما طلبا لمثل هؤلاء القادة الحازمين، ذوي الشخصية القوية، عندما يلوح الخطر، هؤلاء الرجال الذين يثقون بأنفسهم، وعلى أتم استعداد لتولي زمام المواقف في الظروف الاضطرارية. وهم الرجال القادرون على بذل التضحيات، ولديهم الشجاعة والتصميم والقدرة على الصمود حتى النهاية.
على القائد السياسي أن يحيا حياة منظمة بعيدا عن الإرهاق، وأن يعطي لنفسه وقتا للتأمل والتفكير الهادئ، وأنسب الأوقات لذلك هو في ساعات الصباح الباكر، وفي ساعات المساء. فطبيعة القرار الذي سيتخذه سواء كان قرارا سليما أو غير سليم، غالبا ما يرجع إلى مقدار الوقت، الذي يستغرقه هذا القائد في التفكير قبل اصدار القرار.
كما على القائد السياسي ألا يكون متعنتا في قراراته، بل يجب أن تتسم قراراته بالمرونة، لكي تتماشى مع التغييرات التي تطرأ على سير الحوادث. إن بعض القسوة أمر ضروري – وبصفة خاصة مع المرؤوسين غير المنتجين، الذين يضيعون وقته بلا جدوى – وسوف يتقبل الشعب هذه القسوة – بحجة أن القائد يقسو على نفسه أيضا.
وفي هذا السياق، يجدب على السياسي أن يتصف أيضا بالعزم وعدم التحول عن أهدافه، فإذا ما حدد السياسة التي يسير عليها والهدف المراد تحقيقه، يجب أن لا يتنازل عن بلوغ ذلك الهدف، وألا يسمح للجبناء بأن يثنوه عن عزمه، بل عليه أن يتخلص منهم عنما تتضح حقيقتهم له. وهؤلاء موجودون دائما بقرب السياسي ولا ينقطعون عن إظهار تبرمهم وضيقهم، ليس بسبب ضعفهم وضآلتهم، ولكن بسبب حقدهم على غيرهم من الأقوياء. وهم في الوقت نفسه لا يقْدِرون على تحسين حالتهم وأوضاعهم، إلاّ بالوسائل القذرة الملتوية، التي تعتمد على الهدم ولا تعتمد على البناء.
يجد معظم القادة السياسيون في الحياة العملية، أن أمامهم مسؤوليات كثيرة وعمل لا ينقطع، في حين أن الوقت قصير ولا يتسع لكل ذلك – وهذه تجربتي في المجال العسكري – والإجابة على هذا هو ألا يجزع القائد السياسي، فإن ما يحتاجه فقط هو دراسة عميقة وهادئة لجوانب المشكلة، يتبعها اصدار القرار بكل هدوء.
ولو أخذنا من القادة السياسيين على سبيل المثال، الجنرال ديجول زعيم فرنسا الأسبق. فقد كان يدخل إلى جناحه الخاص بقصر الإليزيه في باريس الساعة التاسعة مساءا، ولا يسمح لأحد بإزعاجه لكي يتفرغ للتفكير في مشاكل الدولة، ووضع تصور أولي للحلول المناسبة لها. وهو يدرك تماما أن على القائد السياسي أن يتفهم أولا حيثيات المشكلة الأساسية، لكي يصل إلى قرار مناسب بحلها، ثم يصدر في النهاية أوامره لتنفيذها. ولا يمكن اتخاذ القرار السليم، إلا إذا تمكن السياسي من وزن الأمر وزنا سليما، مدخلا في اعتباره العوامل المختلفة، التي تؤثر على المشكلة، وهو أمر يتطلب تفكيرا هادئا وإلماما بأطرافها. فمَثلُ القائد في ذلك، كمَثل الطبيب الذي يبدأ واجبه بتشخيص الداء، ثم يصف له الدواء “. انتهى.
* *التعليق : هذه خارطة طريق للقادة السياسيين شخصيا، قدمها المارشال مونتغمري قبل اكثر من سبعة عقود، يدلنا فيها على أن القائد السياسي الذي يريد أن يخدم بلده وشعبه، يضع هموم وقضايا ذلك الشعب نصب عينية، محاولا وضع تصور عام لحلها. ثم يناقشها مع مستشارية ويصدر توجيهاته للمعنيين، لوضع التفاصيل المطلوبة ومتابعة تنفيذها، دون الاعتماد الكامل على حلول ترده مطبوخة، من قبل مسؤولين قليلي الخبرة، أو حلولا مستوردة من الخارج، فتنعكس نتائجها السلبية على إدارة الدولة.
التاريخ : 14 / 4 / 2025
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: عظماء القادة السياسيين موسى العدوان مونتغمري القائد السیاسی
إقرأ أيضاً:
???? مغالطة جون قرنق الكبري وتجلياتها في الحاضر السياسي
مغالطة جون قرنق الكبري وتجلياتها في الحاضر السياسي:
معتصم أقرع
????في الذكري العشرين لإغتياله نتذكر أن الشهيد قرنق أسس حركته الشعبية ببرنامج إشتركي وكانت الدول ذات التوجه الشيوعي هي نواة تحالفاته الخارجية – إثيوبيا منقستو بالذات ورعاتها من الكتلة السوفيتية.
????ولكن بعد سقوط الكتلة السوفيتية وإنهيار نظام منغستو أعاد قرنق تموقعه السياسي والأيديلوجى واسقط الاشتراكية السودانية من خطاب الحركة واستبدله بخطاب هوية مسموم، مدمر، مفرق ومصاب بعمي الطبقة و ذاهل عن العدالة الأقتصادية من يومه الأول.
????وبرزت في أوساط الحركة شخصيات صديقة للغرب مثل منصور خالد وغيره. ودغدغ خطاب الهوية الذي يشابه خطاب الإسلام هو الحل – في نسخته التبسيطية – هوي ألاف الشباب الذين وجدوا في الخطاب مفتاحا سحريا يجعلهم بين يوم وليلة من أصحاب الثقافة الرفيعة التي تتيح لهم تشخيص كل مشاكل السودان وصرف الوصفات العلاجية عن طريق قلوظة خطاب الهوية بما يناسب كل سؤال – فعلي سبيل المثال مشكلة التعليم في السودان هي فشل الدولة في الأعتراف بكل الهويات وعدم رغبتها في توفير تعليم ومنهج وكتب لكل طالب بلغته الأصلية – علما بانه قبل إنفصال الجنوب كان في السودان أكثر من مئة وخمسين قبيلة تتعدد اللهجات داخلها ومعظم هذه اللغات غير مكتوب. ولا دخل لفشل التنمية الأقتصادية بمشاكل التعليم.
????الدكتور قرنق كان إنسانا واسع الثقافة والمعارف وملك من إمكانات القيادة ما لم يملكه سوداني قبله ربما منذ أيام المهدي. لذا لا أعتقد أن جوهره كان قد تغير بعذ سقوط الكتلة السوفيتية ولكنه قرر أن يختار البراغماتية وان يستعمل المعسكر الغربي – بعد سقوط المعسكر الشرقي – لتحقيق أحلامه السياسية التي كان جلها نبيل أو علي الأقل معقول لا يصعب الأتفاق معه.
????وهكذا متنت الحركة الشعبية علاقاتها بدول الغرب المهتمة بافريقيا بما في ذلك المهتمة بالإنسانيات ولعبت الكنائس الغربية دورا كبيرا في دعم الحركة الشعبية والترويج لها، بما في ذلك تشويه سمعة السودان بفبركة أخبار عن ممارسة السودانيين الشماليين الرق في الخرطوم بل وفي داخل بيوت الدبلوماسيين السودانيين في أعتى العواصم الغربية.
????ولا أعتقد أن جون قرنق لم يكن يعي عيوب تحالفه الخارجي ولكنه قرر إستخدام خارج مشكوك في نواياه لخدمة أهداف قرنيقية نبيلة كما أعتقد. وبالغت الحركة الشعبية من التبرج للخارج حين عرضت علي المملكة السعودية وأمريكا مدهما بخمسئة جندي للمشاركة في تحرير الكويت من غزوة صدام والتي تحولت بعذ ذلك إلي الغزو الأول للعراق في عام ١٩٩١ تحت قيادة جورج بوش الأب.
????ورغم ولوجه في تحالف مشبوه مع قوي إمبريالية وهو الاشتراكي التقدمي حاد الذكاء إلا أنه يستحيل وصف القرنق بالعمالة لانه أدار تحالفاته الخارجية حسب إرادته وتقديره للأمور ومصلحة القضية ولم يكن منفذا مطيعا لاي أوامر تاتي من أي جهة مهما بلغت درجة بياضها وقداستها. وهكذ أستمر التحالف بين الحركة الشعبية والخارج بقياداته الدولية والإقليمية المعروفة.
????كما قلنا، فإن قرنق كان الأبعد عن العمالة لان هناك فرق بين خلق علاقات في الخارج والعمالة. ولكن يمكن اتهامه بالغرور وممارسة الوهم الرغبوي الطوعي لانه في كل تحالف مرحلي، نفعي، قلق، بين طرفين تختلف أهدافهما بعيدة المدى تكون الكلمة الأخيرة فيه إلي الطرف الذي يملك مقدارا أعلي من عناصر القوة.
????وهكذا تجاهل قرنق أن مغالطته القائلة بإستخدام الغرب لصالح قضية تحررية، توحد أفريقيا من كيب تاون إلي الأسكندرية. وهي مغالطة تفترض غباء الغرب – حاشاه فهو غرب نبيه يعرف دبيب النملة وما تخفي الصدور. ولو استدرك قرنق من أمره ما استدبر لأدرك أن الغرب كان يلعب معه نفس لعبته وهي إستخدامه مرحليا لتقريب الغرب وحلفائه الإقليميين والكنائس من هدفهم النهائي وهو فصل الجنوب. ولكن جون قرنق فضل العمي الطوعي خلف قناع من الغرور واختار الطريق السهل لان مواجهة مثل هذه الحقائق كان كفيل بإجباره علي مراجعات كبري تدخله في جفاء مع من دعمه بالمال والسلاح والسطوة السياسية في العالم.
????وهكذا واصل جون قرنق في مسار أضان الحامل طرشا النفعي البراغماتي.
????وحين تمكن نظام البشير من إستخراج البترول في بداية الألفية أدرك الغرب أن ميزان القوي سيتغير لمصلحته بصورة حاسمة بسبب البترول والحماس العقائدي والقتالي للحركة الإسلامية. ولقطع الطريق علي إنتصار حاسم لنظام البشير، فرض الغرب طريق نيفاشا التي قبل بها نظام البشير مجبرا بعد أن تم إرعابه بان السودان سيكون المسرح الثاني للغزو الأمريكي بعد العراق الذي تم تدميره في غزوة عام ٢٠٠٣ وان مصيره لن يكون أحسن من مصير صدام حسين.
????وقد أيد الغزو الأمريكي للعراق كبار دعاء الاستنارة في السودان – الذين تقام بإسمهم مراكز التنوير الممولة من الخارج – كآخر دليل علي توبتهم إلي بيت الطاعة الغربي. وهو الغزو الثاني للعراق بعد أكثر من عقد من الزمان من تحرير الكويت. كما شارك في الغزو الذي أهلك ملايين الأنفس في العراق مستنيرون أخرون ساعدوا بترجمة لغة العراق وثقافته ودينه للغزاة وأحسنوا الترجمة وزيتوا ولوج سنابك الغزاة. وما أشبه الليلة بالبارحة ولا جديد – فهي استنارة متعودة، دايمن كما قال عادل إمام. فهي استنارة بالميلاد تقتات من موائد الغزاة وتناصر غزواتهم السياسية والإعلامية واحيانا العسكرية ولا تري دم الأبرياء في يدها وطعامها وشربها.
????ولم يكن كافيا لحلفاء الحركة الشعبية في الخارج أن إتفاقية نيفاشا أعطت الجنوب فوق كل سقوف مطالبه السابقة لان الهدف النهائي هو فصل الجنوب وليس إنصافه. فرق تسد. دائما.
????عودة إلي الطبيعة القلقة لتحالف قرنق مع الغرب وممثليه في الإقليم، لم يكن ليغيب علي هذا الغرب أن فصل الجنوب لن يكون نزهة في حديقة في وجود قرنق قوي الشكيمة الذي لا يأتمر بامر أحد. وإنه حتي لو تم فصل الجنوب في وجوده فان دولة جنوب السودان لن تكون ضعيفة، تابعة مخبولة بل سوف تولد تحت قيادة زعيم عظيم لا تقل قامته عن أعلي قامات حركات التحرر الوطني التي عمت الجنوب الكوني في منتصف القرن السابق من ماو، وناصر وكاسترو وسوكارنو ولومببا ونيكروما إلي كريس هاني. وهكذا قرر الغرب أن آن أوان رحيل قرنق فاغتالوه وتم بعد ذلك إتمام مخطط فصل الجنوب.
????تكمن تراجيديا الشهيد جون قرنق أن مقولاته كانت من الأكثر تقدما في تاريخ السودان السياسي، ولكنه قتل مستقبل مشروعه في افتراضه الضمني بأن عبقريته تسمح له بتحالفات تتيح له استغلال شيطان الاستعمار والكنائس لخدمة مشروع تقدمي نبيل. كما أعتقد بنفس العقلية بانه بإمكانه خلق فضاء سياسي معافي وكادر تقدمي، إشتراكي مستنير عبر خطاب هوية مغرق في الضحالة والرجعية وفات عليه ان الاستعمار يلعب معه نفس اللعبة بهدف استغلال تقدميته لتفكيك دولة افريقية بما يتيح اضعافها ونهب موارد أجزائها المتفككة.
????وبلغت مأساة قرنق نهايتها حين اغتاله حلفاؤه الدوليون بعد ان قام بدوره في تشكيل الخطاب ولكنه صار عقبة امام فصل الجنوب. ثم سكت اتباعه السودانيين عمن قتله وواصلوا تحالفهم مع من قتل زعيمهم وولي نعمتهم وما زالوا ياكلون من قصعة قاتل زعيمهم.
????وحين قرر قرنق بكل ذكائه الوقاد تجاهل “المنهج” فات عليه أن نسيانه الطوعي للمنهج لا يعني أن المنهج سيتجاهله ويتركه يصول ويجول كحليف مساو القوة لان هذا وهم شديد الكلفة.
????ومن يعرف التاريخ يعرف قصص شبيهة يتم فيها إستغلال إنسان نبيل ثم إغتياله عندما ينتهي دوره. ولم يكن قرنق أخر الزعماء السودانيين الكبار الذين إغتالهم الخارج في منعطف سياسي حاد فإن للأستعمار جنود لا تري بالعين المجردة.
????هذه قصة زعيم قوي الشكيمة أبعد ما يكون عن العمالة. أما في عالم اليوم المليء بالأقزام المنبطحين للخارج بدعوي إستعمال قوته لمصلحة السودان فان لهم في سيرة قرنق عبر. فبعد أن يقضي الخارج وطره ويحقق أهدافه فانه سيلفظهم كلبانة قديمة تم مضغها ليقضي بعضهم ما تبقي من العمر يطارده عار العمالة بعد أن تتوقف أعطياتها، وربما تم أغتيال بضعة أفراد منهم لمحو ذاكرة التاريخ السري للحرب السودانية.
???? في مديح الخواجة العالي يغني النوبي محمد منير:
“أصل الخواجه ابن ماريكا لما بيدخل حواريكا
يا اما ياخدك في بطاطه يا اما يا بني حيأزيكا
حاكم الخواجه ابن ماريكا هوه اللي بدع الشيكا بيكا
تدخل قفاه عايز تلعب حيرقصك سامبا و سيكا”.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب