الفاشر والمخيمان.. مأساة سودانية تتجدد بالقتل والنزوح
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
تحت وطأة حصار من قوات "الدعم السريع"، تتفاقم الأزمة بمدينة الفاشر السودانية ومخيمات النازحين فيها، وخصوصا مخيمي زمزم وأبو شوك.
وتتعدد أوجه المأساة من شح الغذاء ونقص المياه وغياب العلاج، بجانب قصف متواصل للمدينة، بما فيها المخيمان الكبيران، حيث يوجد أكثر من مليون نازح.
ورغم التحذيرات الدولية، ازدادت الأوضاع سوءا منذ أن بدأت "قوات الدعم السريع" في 11 أبريل/نيسان الجاري محاولات لاجتياح مخيم زمزم، قبل أن تعلن مساء أمس الأحد سيطرتها عليه.
والأحد، اندلعت اشتباكات في أطراف وداخل مخيم زمزم، لليوم الثالث تواليا، بين الجيش والقوات المساندة له من حركات دارفور المسلحة في مواجهة "الدعم السريع".
وأعلنت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر (شعبية)، مقتل وإصابة أكثر من 320 شخصا، ونزوح آلاف جراء هجمات "الدعم السريع" على الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.
وفي اليوم نفسه، قالت حركة تحرير السودان، والتي تقاتل إلى جانب الجيش، إن 450 مدنيا قتلوا جراء هجوم "الدعم السريع" على الفاشر.
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مقتل مدنيين في الهجوم على الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.
وقال غوتيريش، في بيان، إنه يجب وقف الهجمات على المدنيين، وحماية موظفي الإغاثة الإنسانية والطواقم الطبية بالسودان.
إعلانوأضاف أن الفاشر تحت الحصار منذ أكثر من عام، مما يحرم مئات الآلاف من المساعدات الإنسانية، وشدد على أنه يجب السماح للمدنيين الراغبين في مغادرة الفاشر بالرحيل بصورة آمنة، حسب قوله.
كما أدانت دول بينها السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة، في بيانات أمس الأحد، الهجوم على مخيمي زمزم وأبو شوك، ودعت إلى حماية المدنيين.
ودعا حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي شباب الإقليم إلى التحرك، مؤكدا أنه ظل يوجه نداءات متكررة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، لكنه سيتوقف عن مناشدتهم بعد الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.
وأضاف مناوي أنه يوجه نداءه الآن إلى شباب دارفور للتحرك الفوري وفك الحصار عن مدينتي الفاشر وأم كدادة، معتبرا أن الوقت قد حان للتحرك.
ومنذ 10 مايو/أيار 2024، تشهد الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب) اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وخلال الفترة الماضية، كان الجيش يمد المدينة باحتياجاتها الإنسانية عبر الإسقاط الجوي، كما يسقط أسلحة لقواته المحاصرة في المدينة منذ نحو عام.
وفي 13 يونيو/حزيران 2024 اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يطالب قوات "الدعم السريع" بفك حصارها عن الفاشر.
وتصر "الدعم السريع" على السيطرة على الفاشر؛ لأنها بذلك ستكمل سيطرتها على إقليم دارفور بولاياته الخمس.
وإذا حدث ذلك فسيكون من الصعب على الجيش استعادة ولايات دارفور، التي قد تستخدمها "الدعم السريع" "ورقة" في أي مفاوضات مقبلة، وفق مراقبين.
كما تعزز سيطرة قوات "الدعم السريع" على شمال دارفور والفاشر من فتح مجال واسع لتحركاتها إلى ولايتي نهر النيل والشمالية، بعد أن فقدت الخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار.
إعلان آلاف النازحينومنذ الجمعة الماضي، أدت هجمات "الدعم السريع" إلى مقتل وإصابة مئات ونزوح آلاف من مخيمي زمزم وأبو شوك إلى داخل الفاشر المحاصرة، وفق الجيش ولجان شعبية إغاثية.
وأفاد شهود عيان في الفاشر بأن آلاف النازحين فروا من مخيم زمزم إلى الفاشر؛ جراء استمرار قصف المخيم من جانب "الدعم السريع".
وأوضحوا أن هؤلاء هم في الأصل نازحون إلى المخيم منذ فترة؛ بسبب الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" في مناطق عدة بولايات دارفور.
ومساء الأحد، قالت قوات "الدعم السريع" إنها سيطرت على مخيم زمزم للنازحين، على بُعد 12 كيلومترا جنوب غرب الفاشر.
وبثت عناصر من هذه القوات مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يعلنون عن وجودهم داخل المخيم.
زمزم وأبو شوكومنذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأت قوات "الدعم السريع" استهداف مخيم زمزم عبر قصف مدفعي.
وقالت قوات "الدعم السريع" إنها تستهدف المخيم لتمركز قوات مشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش داخله واستخدامها النازحين دروعا بشرية.
ومخيم زمزم هو أول موقع تعلن وكالات الأمم المتحدة، في أغسطس/آب الماضي، حدوث مجاعة فيه، ويقدر عدد النازحين فيه بنحو 500 ألف.
بينما تقول تقارير غير رسمية أخرى إن العدد داخل المخيم يصل إلى مليون نازح؛ جراء موجات نزوح جديدة عقب اندلاع الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" في أبريل/نيسان 2023.
وتأسس مخيم زمزم في 2004، عقب اندلاع الحرب بإقليم دارفور، بعد إعلان حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة في 2003 تمردهما على نظام الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير، متهمتين إياه بتهميش الإقليم.
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود تعليق نشاطها في المخيم، وأوقف برنامج الأغذية العالمي توزيع مساعدته داخل المخيم.
كما ظل مخيم أبو شوك هو الآخر هدفا لهجمات "الدعم السريع" خلال الأشهر الماضية، ويقع في الجزء الشمالي للفاشر، ويؤوي نحو مليون نازح من إقليم دارفور، وفق تقدير غير رسمي.
إعلانوتحت وطأة القصف المدفعي من قوات "الدعم السريع"، نزح الآلاف من المخيم إلى بلدة طويلة بولاية شمال دارفور.
ويقع المخيم على بعد 4 كيلومترات شمالي الفاشر، وتأسس في أبريل/نيسان 2014.
ومنذ أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وفي الفترة الأخيرة، بدأت تتناقص بوتيرة متسارعة مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش.
ففي ولاية العاصمة التي تتشكل من 3 مدن، أحكم الجيش قبضته على مدينتي الخرطوم وبحري، فيما يسيطر على معظم أجزاء مدينة أم درمان، باستثناء أجزاء من غربها وجنوبها.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد قوات "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كما تسيطر قوات "الدعم السريع" على 4 من ولايات إقليم دارفور، بينما يسيطر الجيش على الفاشر، عاصمة شمال دارفور، الولاية الخامسة في الإقليم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إقلیم دارفور الدعم السریع شمال دارفور أبریل نیسان بین الجیش على الفاشر ملیون نازح مخیم زمزم آلاف من أکثر من
إقرأ أيضاً:
الجيش يتصدى لمُسيرات في أجواء بورتسودان
تصدى الجيش السوداني -أمس السبت- بالصواريخ المضادة للطائرات لمسيرات حلّقت في أجواء بورتسودان، وفقا لشهود عيان.
وتعرضت بورتسودان، مقر الحكومة المدعومة من الجيش، الشهر الماضي لأول هجوم بطائرات مسيرة تم تحميل مسؤوليته لقوات الدعم السريع.
واستهدفت غارات الطائرات المسيرة بنى تحتية، بينها آخر مطار دولي مدني عامل في البلاد ومحطات لتوليد الطاقة ومستودعات وقود.
وتوقفت الغارات شبه اليومية لأكثر من أسبوع حتى أمس السبت، حين أفاد شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية بسماع "دوي صواريخ مضادة للطائرات شمال وغرب المدينة وتحليق طائرات مسيرة في السماء".
ومنذ انسحاب الجيش السوداني من العاصمة الخرطوم في بداية الحرب، استضافت بورتسودان وزارات حكومية ووكالات أممية ومئات الآلاف من الأشخاص، وتحولت إلى عاصمة مؤقتة للسودان في زمن الحرب، وشكلت ملاذا للنازحين.
وعبر بورتسودان، تمر جميع المساعدات تقريبا إلى البلاد التي يعاني فيها نحو 25 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
ومنذ خسارتها السيطرة على الخرطوم مارس/آذار الماضي، تبنت قوات الدعم السريع إستراتيجية من شقين: غارات بعيدة المدى بطائرات مسيرة على المدن التي يسيطر عليها الجيش مصحوبة بهجمات مضادة لاستعادة الأراضي في جنوب البلاد.
إعلانوأثرت الغارات على البنية التحتية في جميع أنحاء شمال شرق السودان الذي يسيطر عليه الجيش، كما تسببت الهجمات على محطات الطاقة في انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين الأشخاص.
وأدى انقطاع التيار الكهربائي في الخرطوم إلى انقطاع المياه النظيفة أيضا، وفقا للسلطات الصحية، مما تسبب في تفشي وباء الكوليرا الذي أودى بحياة نحو 300 شخص هذا الشهر.
وأول أمس الجمعة، قُتل 6 سودانيين وأصيب 12 آخرون جراء قصف قوات الدعم السريع مستشفيين وأحياء سكنية في مدينة الأُبيّض في ولاية شمال كردفان بوسط السودان، حسب مصدر عسكري، في حين يبذل أطباء الخرطوم جهودا لاحتواء تفشي الكوليرا في العاصمة.
وأعلن مصدر عسكري سوداني للجزيرة، أمس السبت، أن الجيش استعاد السيطرة على منطقة أم صميمة غربي مدينة الأُبَيّض، عاصمة ولاية شمال كُردُفان. وكانت قوات الدعم السريع أعلنت الجمعة سيطرتها على منطقة أم صميمة ومناطق أخرى.
وفي فبراير/شباط الماضي، كسر الجيش السوداني حصارا فرضته قوات الدعم السريع لنحو عامين على مدينة الأبيض الواقعة عند تقاطع إستراتيجي يربط الخرطوم (400 كيلومتر) بإقليم دارفور غربي البلاد.
وخلال الأسابيع الأخيرة، كثّف مقاتلو قوات الدعم السريع هجماتهم على الفاشر التي تُعد آخر مدينة كبرى في دارفور ما زال الجيش يسيطر عليها.
ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".