في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الأمة، تبرز الحرب الناعمة كأخطر أدوات الاستهداف التي تستخدمها قوى الاستكبار العالمي لإضعاف الشعوب والسيطرة عليها دون الحاجة إلى احتلال عسكري مباشر. هذه الحرب لا تعتمد على الدبابات والصواريخ، بل تسخّر الإعلام، التعليم، والثقافة لزعزعة الهوية الإيمانية، وإفساد القيم، وتشويه المفاهيم.

وفي هذا السياق، جاءت كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي خلال افتتاح الدورات الصيفية لتضع النقاط على الحروف، كاشفةً أبعاد هذه المؤامرة، وموضحةً الدور المحوري للدورات الصيفية في تحصين الأجيال، وخلق وعي راسخ يحبط مخططات الأعداء.

الحرب الناعمة ليست مجرد دعاية مضللة أو حملات إعلامية عابرة، بل هي استراتيجية شاملة تستهدف الإنسان من خلال الثقافة، التعليم، الإعلام، التكنولوجيا، والفنون. وكما أكد السيد القائد، فإن هذه الحرب أخطر من القتل الجسدي؛ لأنها تقتل الإنسان من الداخل، وتسلبه هويته، وتحوله إلى تابعٍ ذليلٍ لجلاديه. الأعداء يدركون أن السيطرة على العقول تصنع أجيالًا مهزومة دون الحاجة إلى معارك عسكرية، وهو ما تسعى إليه أمريكا وإسرائيل عبر عملائهما في المنطقة.

أحد أخطر مظاهر الحرب الناعمة هو استهداف قطاع التعليم، حيث تسعى الأنظمة الموالية للهيمنة الغربية إلى تغيير المناهج الدراسية لتتناسب مع مشاريع الاحتلال الثقافي، فتُحذف منها القضايا الجوهرية كفلسطين، ويتم تشويه تاريخ الأمة، واستبدال المفاهيم الدينية والوطنية بأفكار تدعو إلى التبعية والانسلاخ عن الهوية. وكما أشار السيد القائد، فإن هذه السياسات ليست مجرد خيارات تعليمية، بل هي إملاءات مباشرة من الأمريكي والإسرائيلي تهدف إلى خلق أجيال ضعيفة، فاقدة للهوية، لا تعي المخاطر التي تحيط بها.

في مواجهة هذا الطوفان الجارف، تشكل الدورات الصيفية حصنًا منيعًا لحماية الأجيال من السقوط في فخاخ الحرب الناعمة. فهي ليست مجرد أنشطة ترفيهية، بل هي مشروع متكامل لتحصين الشباب بالوعي والبصيرة، وغرس القيم الإيمانية والأخلاقية، وتزويدهم بالمعرفة الحقيقية التي تمكنهم من مواجهة حملات التضليل والتشويه. وكما شدد السيد القائد، فإن هذه الدورات تمثل ركيزة أساسية في معركة الوعي، إذ تعزز روح العزة الإيمانية، وتغرس الإحساس بالمسؤولية، وتؤهل الأجيال لتكون جزءًا من مشروع النهوض والنهضة.

لا يمكن فصل الحرب الناعمة عن الدور الذي يلعبه الإعلام المضلل، حيث تعمل شبكات إعلامية كبرى، ممولة من قبل قوى الاستكبار، على الترويج للانحراف الأخلاقي، وتمييع القيم، وتصوير الاحتلال والعمالة على أنها تحضر وتمدن. وكما نبه السيد القائد، فإن هذه القنوات لا تدخر جهدًا في تشويه صورة المقاومة، وتقديمها على أنها إرهاب، بينما تسوّق الخضوع للعدو على أنه طريق السلام والاستقرار.

في ظل هذه المعركة الشرسة، يؤكد السيد القائد أن الحل يكمن في التمسك بالهوية الإيمانية، وتعزيز الوعي، والتحصن بالثقافة الإسلامية الأصيلة. فالمعركة اليوم ليست فقط مواجهة عسكرية، بل هي صراع بين مشروعين: مشروع الهيمنة والاستعباد، ومشروع الحرية والاستقلال. والتاريخ يشهد أن الأمم التي تدافع عن هويتها وقيمها تنتصر، مهما كانت قوة العدو.

الحرب الناعمة التي يقودها الأعداء ليست مجرد تهديد مؤقت، بل هي أخطر مشروع استعماري يستهدف تدمير الأجيال القادمة من خلال هجوم منهجي على هويتها، وعيها، وقيمها. وكما حذر السيد القائد، فإن هذه المواجهة تتطلب أكثر من مجرد رد فعل؛ بل هي معركة مفتوحة تتطلب وعيًا استثنائيًا، وتحصينًا مستمرًا ضد محاولات العدو لتشويه الفكر وزرع بذور الفتنة. وللوقوف أمام هذا المدّ، يجب تعزيز الدورات الصيفية كأداة محورية لبناء جيل متسلح بالعلم والإيمان، وتعزيز التعليم الواعي الذي يعيد صياغة المفاهيم، وتفعيل الإعلام المقاوم الذي يكشف الحقائق ويواجه كل محاولات التضليل. فبدون وعي راسخ، لا يمكن تحقيق النصر، وبدون صمود عظيم، لا يمكن استعادة الحرية، ولن يكون للأمة مستقبلٌ مشرق إلا إذا تمسكنا بجيل قادر على فهم عمق المعركة، ووعي حجم التحديات التي نواجهها.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

السيد القائد :العدوان الإسرائيلي على إيران اعتداء ظالم وإجرامي لايراعي أي اعتبارات


وقال السيد القائد في كلمته اليوم .. العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية في إيران جاء في سياق استهداف غربي يرى فيها أنموذجا مستقلا داعما للقضية الفلسطينية
وأَضاف السيد القائد .. العدو الإسرائيلي ومن خلفه الغرب يرون في الجمهورية الإسلامية في إيران دولة تبني نهضة حضارية وقوة إسلامية.
وتابع .. لا يريد الإسرائيلي ولا الأمريكي ولا البريطاني ومن معهم أن يكون في وسط المسلمين وواقعهم أي دولة مستقلة لا تخضع لهم.
لافتا الى ان العدوان الإسرائيلي على إيران اعتداء ظالم وإجرامي استهدف قادة عسكريين إيرانيين وعلماء في المجال النووي وأبناء الشعب الإيراني.
وأشار السيد القائد الى ان العدو الإسرائيلي استهدف في خطوة عدوانية خطيرة جدا منشأة نووية دون أن يبالي بما قد يحدث نتيجة لذلك من تلوث إشعاعي نووي.
منوها الى انه لولا أن هناك إنشاءات أرضية كبيرة في المنشأة النووية المستهدفة لربما كانت النتائج خطيرة جدا.
مؤكدا ان العدو الإسرائيلي مجرم وجريء لارتكاب جريمة فظيعة جدا، عدو ليس له أي تبرير في عدوانه على الجمهورية الإسلامية في إيران وأن كل ما يرفعه العدو الإسرائيلي من تلفيقات وذرائع ومبررات هي سخيفة للغاية.
وأوضح السيد القائد ان المواقف بالنسبة للدول العربية والإسلامية مجمعة على إدانة العدوان الإسرائيلي على إيران، وهذا شيء جيد وإيجابي.
وقال السيد القائد .. يجب أن يكون الموقف السياسي والإعلامي وكل المستويات مساند للجمهورية الإسلامية باعتبارها معتدى عليها.
وأَضاف .. المهم من كل الأنظمة العربية والإسلامية أن تكون ثابتة على موقفها في إدانة العدوان الإسرائيلي ومستمرة على موقفها السياسي والإعلامي.

 

مقالات مشابهة

  • ( نص ) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم الولاية
  • السيد القائد ..نؤيد الرد الإيراني وشركاء في الموقف بكل ما نستطيع
  • السيد القائد :العدوان الإسرائيلي على إيران اعتداء ظالم وإجرامي لايراعي أي اعتبارات
  • السيد القائد يحذر من خطورة قضية التولي لليهود والنصارى
  • عضو اللجنة الإشرافية العليا للأنشطة والمدارس الصيفية عبدالله عبيد: المدارس الصيفية.. حصن الأمة في مواجهة تحديات العصر وبناء جيل القرآن
  • (نص) كلمة السيد القائد حول آخر التطورات والمستجدات 16 ذو الحجة 1446هـ
  • شاهد| كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات 16 ذو الحجة 1446هـ
  • السيد القائد يدعو للخروج المليوني غدًا دعما لفلسطين وغزة
  • السيد القائد ينتقد تواطئ بعض الانظمة مع العدو الصهيوني
  • السيد القائد ..خيارالمقاومة حتمي لردع العدوان الصهيوني على لبنان وسوريا