إن كان لديك مجنونٌ فلدينا خمسون مجنوناً
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
د. فايز أبو شمالة
يطيب لقادة الأمة العربية على اتساع أراضيها، ووفرة مواردها، وتجاوز عدد سكانها 470 مليون إنسان، يطيب لقادة هذه الأمة أن تتهم نتانياهو بالجنون والدكتاتورية والتسلط والاستبداد، وأنه حريص على مصالحه الشخصية، وعلى بقائه في السلطة، متجاهلين الأيديولوجيا التي تحرك نتانياهو في قراراته السياسية، وتحالفاته الحزبية.
وصف نتانياهو بالجنون يعفي الأنظمة العربية من مواجهة المجنون، وهم يطلبون له الهداية، وينتظرون تدخل أهله، وحراكهم، كي يوقفوا جنونه، إما بحبسه، أو عزله، أو إبعاده عند دائرة القرارات المصيرية؛ التي أشعلت النيران في الشرق الأوسط، وشكلت نموذجاً لحرب إبادة ضد أهل غزة غير مسبوقة في التاريخ البشري.
نتانياهو المجنون من وجهة نظر الأنظمة العربية قد أعجبه الوصف، فراح يبالغ في جنونه، وقد أدرك أن الساحة قد خلت له، وما على قادة العرب إلا ان يقفوا بين يديه صاغرين طائعين، فقد تحداهم علانية، وراح يقصف شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، غير هيّاب، وقد ظن نفسه وحش الغابة، يبقر بطون الفرائس، ويهشّم عظمها، كما وصفت التوراة شعب إسرائيل، حتى حسب نتانياهو أن جيشه لا يقل قوة وعظمة وجبروتاً عن جيش سليمان بن داوود، قبل أن يجيئه الهدهد بنبأ عظيم من اليمن، عن قومٍ صارت لهم صواريخ فرط صوتية، لها القدرة على ضرب قلب الكيان الصهيوني.
نتانياهو المجنون يرجع بذاكرتي إلى أربعين سنة خلت، يوم كنت مريضاً جداً في سجن عسقلان سنة 1986، ولم أقوَ على الخروج من غرفة السجن إلى الباحة مع بقية السجناء، يومها جاء الدكتور سفيان أبو زايدة لزيارتي في غرفة 26 قسم ح، جلس الأسير سفيان أبو زايدة ـ ممثل الأسرى لدى إدارة السجن في ذلك الوقت ـ على حافة أحد الأسرة، وقبل أن يسألني عن حالتي الصحية، دخل الغرفة ضابط أمن سجن عسقلان، ورد التحية، واستأذن سفيان أبو زايدة بالجلوس، فأذن سفيان له، وهو غاضب، ومقطب الجبين.
دار الحديث في تلك الجلسة القصيرة الاستثنائية بين ضابط أمن سجن عسقلان، وبين ممثل المعتقلين سفيان أبو زايدة حول استفراد أحد ضباط السجن الإسرائيلي بأحد الأسرى الفلسطينيين، والاعتداء عليه بالضرب، وكان الأسير سفيان جاداً وصارماً، وهو يهدد ضابط أمن سجن عسقلان، بأن الأسرى الفلسطينيين في سجن عسقلان غاضبون، وسيردون على الاعتداء بالقوة، وسيمزقون الضابط الذي اعتدى على أحد الأسرى، وأن من مصلحة مدير السجن أن ينقل هذا الضابط الذي اعتدى على الأسير الفلسطيني من سجن عسقلان إلى أي سجن آخر فوراً، وذلك عقاباً له، فبقاؤه في سجن عسقلان سيجر 400 أسير في سجن عسقلان إلى معركة مع الإدارة.
طال النقاش، وطال توسل ضابط أمن السجن للأسير سفيان أبو زايدة، ولكن سفيان ظل مصراً على موقفه، حتى وصل الأمر بضابط أمن سجن عسقلان أن قال: هذا الضابط مجنون، وأطلب منكم الغفران!
وقتها، انفعل سفيان أبو زيادة، وارتفع صوته، وقال بلغة التحدي جملة واحدة باللغة العبرية: إن كان لديك ضابط مجنون، فلدينا في السجن خمسون أسيراً فلسطينياً مجنوناً، سيقومون بالرد، ولن نسمح ببقاء هذا الضابط الإسرائيلي في سجن عسقلان.
وهذا ما تحقق بالفعل، فلم يعتد ذلك الضابط الإسرائيلي إلى العمل في سجن عسقلان.
والسؤال هنا: من أين للأسير سفيان أبو زايدة تلك القوة ليتحدى إدارة السجن، ويفرض عليهم شروط الأسرى؟ وهل كان سفيان أبو زايدة ابن 24 عاماً في ذلك الوقت يقرأ الواقع الفلسطيني والعربي بشكل جيد؟
الجواب نعم، فلم يكن الأسير سفيان يخوض المعركة مع ضابط أمن السجن وحيداً، مكتفياً بعنفوان وقوة 400 أسير فلسطيني، كان سفيان أبو زايدة يثق في ذلك الوقت أن من خلفه 5 ملايين فلسطيني، لن يتركوا الأسرى في المعركة لوحدهم، وأن من خلفه مجتمع فلسطيني متماسك، سينفجر ثورة وغضباً ومظاهرات في رام الله والقدس وجباليا ونابلس ورفح، مظاهرات تضامنية مع الأسرى، ستحطم الهدوء الزائف، وتحرك المنطقة، وتثير موجة من الغضب العربي العارم، وكانت القراءة الإسرائيلية للمشهد في تلك المرحلة تتوخى الحذر، وتخاف من ردة فعل فلسطينية وعربية تؤثر على الهدوء العام، لذلك جاء انكسار إدارة السجن، لجملة من الحسابات الداخلية والخارجية، وكانت قوة الأسرى في ذلك الوقت تستند على الواقع الفلسطيني والعربي الذي كان على قيد الفعل، ولم يمت بعد، وفي عروقه بقايا كرامة ونخوة وعزة وشرف قومي.
المجنون إذا عرف أنه سيلاقي في الميدان خمسين مجنوناً يصير عاقلاً، ونتانياهو لو كان يعرف ان بين قادة الأمة العربية عشرة مجانين فقط، لما أقدم على ذبح غزة، وشرب دمائها في الكاسات العربية النظيفة من الغضب والثأر.
القائد الصهيوني نتانياهو أدرك أن الأمة العربية والإسلامية في موات، وأن الأموات لا يؤثرون في الأحداث التي تجري من أمامهم وخلفهم، لذلك راح يصول ويجول في الساحة كأحد الضواري، يزأر بإرهابه، لتفر الفرائس من أمامه مذعورة.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی سجن عسقلان فی ذلک الوقت
إقرأ أيضاً:
احذر.. جريمة غسل الأموال تقودك إلى عقوبة السجن 7 سنوات
واجه قانون مكافحة غسيل الأموال جريمة غسيل الأموال ، حيث وضع عقوبات مغلظة للمتهمين فى جريمة غسيل الأموال.
عقوبة غسيل الأموالونصت المادة (14) من قانون مكافحة غسيل الأموال على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات وبغرامة تعادل مثلى الأموال محل الجريمة، كل من ارتكب أو شرع فى ارتكاب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها فى المادة (2) من هذا القانون.
بينما تنص المادة (14 مكرراً)، من قانون مكافحة غسيل الأموال على أن يحكم بمصادرة الأموال أو الأصول المضبوطة الناتجة عن جريمة غسل الأموال أو الجريمة الأصلية، عند مخالفة حكم المادة (2) من هذا القانون، وتشمل المصادرة ما يأتى:
1- الأموال أو الأصول المغسولة.
2- المتحصلات، بما فى ذلك الدخل أو المنافع الأخرى المتأتية من هذه المتحصلات، فإذا اختلطت المتحصلات بأموال اكتسبت من مصادر مشروعة، فيصادر منها ما يعادل القيمة المقدرة لها أو للوسائط المستخدمة أو التى أعدت لاستخدامها فى جرائم غسل الأموال أو الجرائم الأصلية.
ويُحكم بغرامة إضافية تعادل قيمة الأموال أو الأصول فى حالة تعذر ضبطها أو فى حالة التصرف فيها إلى الغير حسن النية.
كانت لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب برئاسة النائب محمد كمال مرعي، أصدرت عددا من التوصيات لدعم المشروعات الصغيرة في قطاع المشروعات الزراعية وهي:
قيام رئيس مجلس الوزراء بالتوجيه بتشكيل لجنة من وزارة الزراعة والمالية والتضامن الاجتماعي والبنك المركزي وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة لوضع دراسة ورؤية لتنشيط ومنح وتمويل ميسر لأصحاب معاش تكافل وكرامة في المحافظات والقادرين على العمل لإقامة مشروعات متناهية الصغر تحقق وتضمن الاستدامة المالية لهم.
ومن ضمن التوصيات قيام وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بإفادة اللجنة بالأراضي الشاغرة فى المحافظات ذات الميزة التنافسية والتي تصلح لإقامة تجمعات صناعية تخدم الانتاج الزراعي كنموذج فى محافظتين بصفة مبدأيه، ووضع دراسات جدوى وتخطيط لهذه الأماكن بواسطة الجامعات وأخذ الموافقات اللازمة لإقامة هذه التجمعات على أن يتم إدارتها عن طريق القطاع الخاص.
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة المشروعات المتوسطة الصغيرة بمجلس النواب، بحضور علاء فاروق، وزير الزراعة، لمناقشة خطة عمل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في دعم قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وما تم تنفيذه منها - بعد ما يقرب من عام على تشكيل الحكومة - لدعم هذا القطاع، ورؤيتها في المرحلة القادمة لإقامة مشروعات صغيرة تخدم الإنتاج الزراعي في المحافظات ذات الميزة التنافسية في إنتاجها، وأوجه التنسيق مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والجهات ذات الصلة لخدمة ودعم هذا القطاع.