أكد طاهر محمد السني، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن “ملف حقوق الإنسان يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول حول العالم، بما فيها الدول المستقرة، مشدداً على أن التعامل مع هذا الملف يتطلب عملاً دؤوباً ودعماً مستمراً لتعزيز سيادة القانون واحترام الحريات”.

جاء ذلك في كلمته، الخميس، أمام مجلس الأمن الدولي خلال الجلسة المخصصة لمناقشة “الحالة في ليبيا”، حيث أوضح السني أن “أية خروقات قد تقع لا تعكس سياسة ممنهجة للدولة الليبية، وإنما تعتبر تصرفات فردية يتحمل مرتكبوها المسؤولية الكاملة عنها”.

وأشار إلى أن “مكتب النائب العام في ليبيا يتابع باهتمام جميع قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والانتهاكات، ويقوم بفتح التحقيقات اللازمة دون تهاون”، مؤكداً أن “الجرائم لا تسقط بالتقادم وفقاً للقانون الليبي، وبالتالي لن يفلت أي مجرم من المحاسبة، عاجلاً أم آجلاً”.

وفيما يخص ملف الهجرة غير الشرعية، جدد السني التأكيد على “موقف ليبيا الثابت باعتبارها دولة عبور وليست دولة مقصد”، محذراً من “تحميل ليبيا وحدها مسؤولية هذا الملف، في ظل نشاط شبكات الاتجار بالبشر التي تمتد من دول المصدر إلى العبور والمقصد”.

وتساءل السني عن غياب العقوبات الدولية على رؤوس شبكات التهريب والاتجار بالبشر، متسائلاً: “لماذا التركيز فقط على ليبيا؟ وماذا عن زعماء هذه الشبكات في دول أوروبا وغيرها؟”، مجدداً “رفض الشعب الليبي القاطع لأي محاولات لتوطين المهاجرين أو فرض حلول لا تحترم سيادة ليبيا وتشريعاتها الوطنية”.

كما أعرب عن استياء ليبيا من “بعض ممارسات المنظمات الدولية العاملة على أراضيها”، متهماً بعض الجهات “بمحاولات التفاف على القوانين الوطنية، واستغلال الوضع الليبي لخدمة أجندات مشبوهة”، مشدداً على أن هذه “التصرفات مرفوضة تماماً من جميع مكونات الشعب الليبي”.

وفي ختام كلمته، أكد السني أن “مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا لن يتحقق إلا عبر دعم الجهود الوطنية، وعلى رأسها مشروع المصالحة الوطنية الذي يقوده المجلس الرئاسي بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي”، مشيراً إلى “أن الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء المرحلة الانتقالية والتأسيس لشرعية منتخبة تعبر عن إرادة الليبيين”.

ودعا السني المجتمع الدولي إلى “رفع التدخلات الخارجية، وكشف المعرقلين محلياً ودولياً، واحترام سيادة ليبيا واستقلال قرارها الوطني”، مؤكداً أن “الشعب الليبي قد سئم من ازدواجية المعايير والحلول المفروضة التي لم تؤدِ سوى إلى مزيد من التأزيم والانقسام”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الاتجار بالبشر النائب العام توطين المهاجرين طاهر السني ليبيا والأمم المتحدة مكافحة تهريب البشر منظمات أجنبية

إقرأ أيضاً:

التمساح ألكاتراز.. سجن أنشأه ترامب لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين

مركز اعتقال أميركي افتُتح في ولاية فلوريدا أوائل يوليو/تموز 2025 بهدف احتجاز المهاجرين غير النظاميين وتسريع ترحيلهم خارج الولايات المتحدة، واعتبره الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفاؤه مُنشأة نموذجية لإقناعهم بالموافقة على ما يُعرف بـ"الترحيل الطوعي".

في المقابل ندد نشطاء حقوق المهاجرين بإنشاء مركز الاعتقال، واعتبروه غير إنساني، إذ يقع في منطقة معزولة تحيط بها مستنقعات تعج بالبعوض والثعابين والتماسيح، علاوة على الظروف القاسية والمهينة التي يعاني منها المحتجزون داخلها.

ورفعت جماعات حماية البيئة إلى جانب قبائل السكان الأصليين في الولاية دعوى قضائية ضد إنشاء المركز، وذلك بدعوى تسببه بأضرار بيئية جسيمة ودائمة في منطقة تُعد محمية طبيعية.

الموقع والتأسيس

شُيد سجن "تمساح ألكاتراز" في أواخر يونيو/حزيران 2025، في منطقة إيفرغليدز على بُعد نحو 80 كيلومترا غرب مدينة ميامي بولاية فلوريدا، وعلى أراضي مطار ديد كولير للتدريب والانتقال، وهو مهبط طائرات ناء شبه مهجور.

ويُعد المطار من ممتلكات مقاطعة ميامي ديد، لكن إدارة ولاية فلوريدا استولت عليه استنادا إلى صلاحيات الطوارئ المتعلقة بالهجرة التي أقرها حاكم فلوريدا رون ديسانتيس عام 2023، والتي تخوّله لممارسة سلطات تنفيذية استثنائية، من بينها مصادرة الأراضي لأغراض إنفاذ قوانين الهجرة وتجاوز إجراءات تقييم الأثر البيئي للمنشآت.

وبناءً على طلب من الحكومة الفدرالية، اقترح المدعي العام لولاية فلوريدا جيمس أوثماير فكرة بناء المنشأة، وذلك في إطار جهود تنفيذ أجندة الرئيس ترامب بشأن الهجرة وتسريع عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين.

بُني المركز في غضون أسبوع على مساحة تبلغ نحو 26 كيلومترا مربعا، ويتألف من خيام ومقطورات معاد تصميمها ومرافق مؤقتة، وتحتوي على صفوف من أسرّة بطابقين قادرة على استيعاب ما بين 3 و5 آلاف محتجز.

ونفذت المشروع إدارة ولاية فلوريدا باستخدام صلاحيات الطوارئ، ووفّر قسم إدارة الطوارئ الخيام المستخدمة عادة لإيواء المتضررين من الكوارث الطبيعية والأعاصير، إلى جانب مراحيض متنقلة وطواقم بناء ميدانية.

وتُقدر الكلفة السنوية لتشغيل المنشأة بنحو 450 مليون دولار تتحملها الولاية من ميزانيتها الخاصة بموجب صلاحيات الطوارئ، على أن تتقدّم لاحقا بطلب استرداد التكاليف من برنامج الإيواء والخدمات التابع لوكالة إدارة الطوارئ الفدرالية.

إعلان

ووفقا لتقارير نشرتها وكالة أسوشيتد برس، فقد منح المكتب التنفيذي لحاكم فلوريدا ما لا يقل عن 20 عقدا بقيمة إجمالية تجاوزت 245 مليون دولار، وذلك في الأسابيع الأولى التي تلت الإعلان عن المنشأة يوم 19 يونيو/حزيران 2025.

وبعدما دشن ترامب مركز الاحتجاز رسميا في مطلع يوليو/تموز 2025، بدأ باستقبال أفواج من المهاجرين غير النظاميين، حتى بلغ عدد المحتجزين نحو 2000 شخص بحلول أواخر الشهر نفسه، في حين بدأت السلطات المحلية في فلوريدا ترحيل دفعات من المحتجزين في "التمساح ألكاتراز " إلى دولهم، مستفيدة من وجود مدرج طائرات ملاصق للمنشأة، وهو ما سهّل على مسؤولي وزارة الأمن الداخلي عمليات النقل من وإلى الموقع.

الوظيفة والتشديد الأمني

يُعد مركز احتجاز إيفرغليدز من أكثر مرافق الاحتجاز تشديدا في البلاد، إذ تحيط به مستنقعات مأهولة بالتماسيح والثعابين وتشكل عائقا طبيعيا أمام أي محاولة فرار. ويعزز هذا الطوق الطبيعي سياج شائك يتجاوز الـ8 كيلومترات، إلى جانب منظومة مراقبة تشمل أكثر من 200 كاميرا، وتواجد أمني مكثف يضم نحو 400 عنصر أمن.

وكان هذا المستوى من التحصين والعزلة سببا في إطلاق اسم "التمساح ألكاتراز" على المركز، في إشارة إلى بيئته العدائية وتشابهه مع السجن الفدرالي السابق في جزيرة ألكاتراز بخليج سان فرانسيسكو، من حيث صعوبة الهروب والطابع الانعزالي الصارم.

وأعرب ترامب وإدارته عن ارتياحهم للطبيعة المعزولة وظروف الاحتجاز الصارمة في المنشأة، معتبرين أنها تشكل رادعا يُجبر المهاجرين غير النظاميين على الامتثال لقوانين الهجرة الأميركية.

وأعلنت الإدارة الأميركية أن المنشأة مؤقتة، وجاءت بهدف تخفيف الضغط عن وكالات إنفاذ القانون والسجون في الولاية بعد الزيادة الكبيرة في عدد المحتجزين من المهاجرين غير النظاميين.

وعادة ما يُحتجز المهاجرون لدى وكالة الهجرة والجمارك الأميركية لأسباب تتعلق بدخول البلاد بشكل غير قانوني أو تجاوز مدة التأشيرة، وهم مخيرون بين "الترحيل الطوعي" إلى بلادهم أو رفضهم الترحيل وخوض إجراءات قانونية أمام محكمة الهجرة.

وصرّح المسؤولون أن المنشأة مخصصة للمهاجرين غير النظاميين "الأكثر خطورة" في البلاد قبل ترحيلهم. وفي كلمته أثناء افتتاح المركز، قال ترامب إن السجن خُصص لاحتجاز "أخطر المهاجرين وبعض من أكثر الناس وحشية على وجه الأرض".

ووصفت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم المهاجرين المحتجزين في المنشأة وفي مراكز أخرى بأنهم "قتلة ومغتصبون وتجار مخدرات ويتاجرون بالبشر".

غير أن تقارير الصحافة المحلية، مثل صحيفة "ميامي هيرالد"، كشفت أن نحو ثلث المحتجزين من بين أكثر من 700 اعتقلوا في الأسبوعين الأوليين من افتتاح السجن، كانوا فقط ممن صدرت بحقهم إدانات جنائية.

سجن "التمساح ألكاتراز" تبلغ مساحته نحو 26 كيلومترا مربعا ويتألف من خيام ومقطورات معاد تصميمها (رويترز)انتهاك حقوق الإنسان

واجه سجن "التمساح ألكاتراز" انتقادات واسعة من نشطاء حقوق المهاجرين بسبب الظروف التي وصفت بـ"القاسية وغير الإنسانية" التي يعاني منها المحتجزون داخله.

وأفاد أعضاء في الكونغرس وممثلون عن ولايات زاروا المركز أنهم شاهدوا مئات المهاجرين محاصرين داخل أقفاص، في ظل درجات حرارة مرتفعة وانتشار الإصابات الناتجة عن لدغات الحشرات فضلا عن محدودية الوجبات الغذائية.

إعلان

واستنادا إلى شهادات من داخل السجن، ذكرت تقارير صحفية محلية أن المنشأة تفتقر إلى الشروط الصحية الأساسية وتعاني من ضعف في الرعاية الطبية ونقص في الطعام، إضافة إلى رداءة في النظافة العامة وسوء في أنظمة الصرف الصحي، مما يُساهم في انتشار الحشرات والبعوض الناقل للأمراض.

ووصف المحتجزون الزنازين بأنها "أقفاص حيوانات"، وتضم كل واحدة منها 8 أسرّة، وتُستخدم 3 مراحيض مكشوفة لخدمة ما يصل إلى 32 شخصا في القفص الواحد.

واشتكى المحتجزون من صعوبة الحصول على مياه الشرب وعدم القدرة على الاستحمام لأيام عدة، مع معاناة من الإضاءة الشديدة التي تُبقيهم مستيقظين ليلا، إضافة إلى الحرمان من ممارسة الشعائر الدينية ومنعهم من التواصل مع محاميهم وعائلاتهم إلا عبر الهاتف.

وأعربوا عن مخاوفهم من أن الضغط النفسي الممارس عليهم قد يدفع بعضهم إلى التوقيع على قرارات "الترحيل الطوعي" رغما عنهم. وبحسب تقارير، احتَجز ضباط الولاية والحكومة الفدرالية صبيا من أصل مكسيكي يبلغ من العمر 15 عاما لا يملك سجلا جنائيا، وأرسلوه مكبل اليدين إلى المنشأة، واحتُجز مع بالغين.

وأكد محامو المحتجزين أن موكّليهم يُحرَمون من حقوق قانونية أساسية، وقد أُبقي بعضهم رهن الاحتجاز رغم دفع الكفالة، في حين جرى احتجاز آخرين تُوفر لهم القوانين الأميركية الحماية من الترحيل الإجباري ومن ضمنهم الذين دخلوا البلاد وهم أطفال.

ومن جانبها، أكدت السلطات في ولاية فلوريدا أن المركز يلتزم بكافة المعايير المطلوبة ويعمل بشكل جيد، نافية صحة التقارير المتداولة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.

دونالد ترامب (يسار) أعرب أثناء افتتاح السجن عن ارتياحه للطبيعة المعزولة وظروف الاحتجاز الصارمة في المنشأة (رويترز)المخاطر البيئية

لقيت المنشأة انتقادات من منظمات حماية البيئة التي أعربت عن قلقها من تسبب المنشأة بأضرار بيئية جسيمة ودائمة في منطقة تُعد محمية طبيعية، وتقع قرب نحو 15 قرية نشطة للسكان الأصليين.

وتُهدّد المنشأة النظام البيئي في إيفرغليدز الذي يُعتبر من أكثر المناطق البيئية حساسية في الولايات المتحدة، وقد خُصصت مليارات الدولارات لحمايتها على مدى عقود، وفقا لمنظمات حماية البيئة.

وتقع المنشأة ضمن نطاق محمية "بيغ سايبرس" الوطنية، وهي موطن لأنواع متعددة من الحيوانات المهددة بالانقراض، ويقوض وجود المنشأة -وفق المنظمات- جهود الحفاظ على الحياة البرية والنباتات النادرة، فضلا عن تهديدها المستنقعات التي تُعتبر مصدرا أساسيا للمياه العذبة في جنوب فلوريدا.

وقد أسفر بناء المنشأة عن أضرار بيئية، من بينها إنشاء شبكة من الطرق المعبدة أثّرت سلبا في البيئات الطبيعية الهشة للكائنات البرية، كما تسببت حركة المركبات المتواصلة ليلا ونهارا بضوضاء مزمنة، إضافة إلى تلوث ضوئي غيّر ملامح الليل، إذ امتدت أضواء المنشأة إلى مسافة تصل إلى 24 كيلومترا.

ووجّهت عمدة مقاطعة ميامي ديد، دانييلا ليفين كافا، رسالة إلى مسؤولي الولاية شددت فيها على ضرورة تقديم مزيد من المعلومات والتفاصيل بشأن الضوابط البيئية للمشروع، محذّرة من أن تأثيراته قد تكون مدمرة، كما شهد مطلع يوليو/تموز 2025 مظاهرات نظمها ناشطون طالبوا بحماية البيئة.

ورفعت كل من "جمعية أصدقاء إيفرغلاديس" و"مركز التنوع البيولوجي" دعوى قضائية ضد إدارة الحاكم ديسانتيس في 27 يونيو/حزيران 2025 في محاولة لوقف المشروع بحجة تأثيراته المدمرة في النظام البيئي.

وفي 14 يوليو/تموز، قدمت قبيلة ميكوسوكي -إحدى قبائل السكان الأصليين في المنطقة- التماسا للمشاركة في الدعوى، وجاء في وثيقة الالتماس أن قُرب مركز الاحتجاز من قُرى القبيلة يثير مخاوف كبيرة بشأن التدهور البيئي والتأثيرات المحتملة على المواقع المقدسة لها ومواقع احتفالاتها والأراضي التي تحميها ومناطق صيدها التقليدية.

إعلان

وفي ردهم على الطلب، اعترض محامو قسم إدارة الطوارئ في فلوريدا -وهو الطرف المُدعى عليه- على تدخل القبيلة بحجة أن مشاركتها مجرد تكرار لحجج منظمات حماية البيئة.

مقالات مشابهة

  • ازدواجية في فهم الحريات “العباءة نموذجاً”
  • ضياء رشوان: مظاهرات تل أبيب كشفت ازدواجية الإسلام السياسي ومخططاته ضد مصر
  • أبو شامة: مصر أكبر من كل محاولات تشويه صورتها.. وستظل ثابتة في دعمها للفلسطينيين
  • رئيس «الوطنية للانتخابات»: طوابير الناخبين رسالة لـ العالم عن قوة الشعب المصري
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • السوداني: نسعى للتهدئة ونرفض أن تكون العراق ساحة صراع
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى
  • الخارجية الفلسطينية: إسرائيل مهددة بعزلة دولية .. ونرفض تهجير الفلسطينيين
  • التمساح ألكاتراز.. سجن أنشأه ترامب لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين