أكدت المبعوثة الأممية هانا تيتيه، أن غياب الإرادة السياسية يعمق الأزمة الليبية ويعطل الوصول إلى حل دائم.

ودعت تيتيه خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، إلى ضرورة استكمال المرحلة الانتقالية ضمن إطار سياسي شامل تكون فيه الانتخابات جزءًا أساسيًّا من عملية بناء الدولة، مشيرة إلى أن البعثة الأممية تدعم عمل اللجنة الاستشارية المعنية بمعالجة المسائل الانتخابية الخلافية.

وأضافت تيتيه أن تقريرًا سيتضمن الخيارات المطروحة سيقدم بنهاية أبريل الجاري، وأن البعثة ستقيم تلك الخيارات بوصفها أساسًا للتوصل إلى توافق وطني حول مسار العملية السياسية.

وأكدت تيتيه أنها ستعتمد مقاربة جامعة تشرك فيها جميع أصحاب الشأن، وتحظى بدعم واسع من مختلف مكونات المجتمع الليبي، مشيرة إلى إجرائها مشاورات مع القيادات والأحزاب السياسية بشأن المراحل القادمة.

وذكرت تيتيه، إن دعم الشركاء الإقليميين والدوليين أمر بالغ الأهمية لنجاح أي اتفاق سياسي، مشددة على مخاطر استمرار الوضع الراهن على وحدة ليبيا واستقرارها الإقليمي، ومرحبة في الوقت ذاته بالتقييمات والآراء حول كيفية تجاوز المأزق السياسي.

التنافس الاقتصادي

ورأت تيتيه أن استمرار الأزمة السياسية في ليبيا سببه التنافس على الموارد الاقتصادية، وان تفاقم الوضع هو نتيجة لتفكك المؤسسات والإجراءات أحادية الجانب التي تُعمّق الانقسامات.

كما اعتبرت تيتيه أن عدم وجود ميزانية موحدة، يؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد الكلي، ويسبب عجزًا في النقد الأجنبي والتضخم وانخفاض قيمة العملة.

وأشارت تيتيه إلى أن البعثة دأبت على العمل مع خبراء اقتصاديين لتحديد الإصلاحات اللازمة للإدارة والاستدامة الماليتين.

وأكدت تيتيه مواصلتها المشاورات لتعزيز التقدم في هذا الصدد، مبديةً استعدادها لدعم الأطراف السياسية الرئيسية للاتفاق على ميزانية موحدة لمنع وقوع أزمة باتت تلوح في الأفق.

وذكرت تيتيه أن الحفاظ على استقلالية المؤسسات الرقابية الرئيسية أمر بالغ الأهمية، ويجب أن تحميها الجهات السياسية الفاعلة الرئيسية، بما في ذلك ديوان المحاسب الليبي.

وعدت تيتيه وقف معاملات المؤسسة الوطنية للنفط المتعلقة بالنفط الخام مقابل الوقود تطوراً إيجابياً يعزز الشفافية في مبيعات النفط.

وحثت تيتيه الحكومة على ضمان تمويل واردات الوقود في الوقت المناسب بناءً على الطلب المحلي.

وأشارت تيتيه إلى تبادل بعض الأطراف الاتهامات إثر خفض قيمة الدينار من جانب المصرف المركزي، إذ اقترح عدد من الأطراف الليبية أن تجري واحدة من الشركات الدولية الخمسة مراجعة مالية لمؤسسات الدولة الليبية الرئيسية.

الوضع الأمني متقلب

وقالت تيتيه إن الوضع الأمني ما يزال متقلبًا رغم صمود وقف إطلاق النار للعام 2020 إلى حد كبير، واستمرار الحشد العسكري والتنافس العدائي على السيطرة الإقليمية خاصة بين المجموعات المسلحة في المنطقة الغربية.

كما لفتت تيتيه إلى أن إعادة هيكلة “قوات حفتر” وترسيخ سيطرتها يستمران في تأجيج التوترات مع الأطراف المحلية، وقد أسفر عنها قتال عنيف وخسائر في الأرواح في المنطقة الجنوبية.

ورأت تيتيه أن الوضع سيظل هشًّا إلى أن تتوفر إرادة سياسية لتوحيد القوات الأمنية والعسكرية في إطار رؤية مشتركة.

انتهاكات حقوق الإنسان

وأوضحت تيتيه أن من بين العواقب المأساوية لانقسام المؤسسات الليبية هو الفراغ الذي يسمح للأطراف المسلحة بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان دون عقاب.

وعبرت تيتيه عن قلقها إزاء التصاعد الأخير لخطاب الكراهية العنصري وكراهية الأجانب، إذ يُحرّض على العنف ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين والمنظمات الإنسانية التي تُقدّم الدعم المُنقذ للحياة.

كما أضافت المندوبة أن تعليق أنشطة بعض المنظمات الإنسانية المسجلة رسميًّا في ليبيا واستجواب موظفيها، أعاق تقديم الدعم المُنقذ للحياة.

وحثث تيتيه على ضرورة وقف استهداف المنظمات الإنسانية والمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، كما دعت الأطراف السياسية كافة إلى تبني نهج أكثر شموليةً لمعالجة الاتجار بالمهاجرين وتأمين المجال الإنساني من خلال ضمان وصول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة بشكل آمن ودون عوائق.

كما قالت تيتيه إن الاحتجاز التعسفي ما يزال متفشياً في ليبيا، داعية السلطات إلى ضمان أن تكون الاعتقالات وفقاً للقانون، وأن يُمنح المحرومون من حريتهم حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة.

كما طالب تيتيه مجلس النواب إلى إقرار مشروع قانونٍ بشأن حماية المرأة من العنف، الذي يُعالج ثغرات الحماية ويتماشى مع المعايير الدولية، والذي أقرته اللجنة التشريعية مطلع العام الجاري.

وأكدت المبعوثة التزامها بالتعاون مع جميع الأطراف الليبية المعنية والاتحاد الإفريقي لدعم عملية مصالحة شاملة قائمة على الحقوق وتركز على الضحايا.

الانتخابات وقوانينها

واعتبرت تيتيه أن الانتخابات البلدية في ليبيا بالغة الأهمية في إرساء حوكمة ديمقراطية على مستوى القاعدة الشعبية.
واستندت تيتيه إلى عدم احترام نتائج التصويت في بعض البلديات واستبدال المرشحين الفائزين بسلطات على غياب حكومة موحدة.

وناشدت تيتيه بضرورة حل النزاعات المتعلقة بنتائج الانتخابات من خلال الأطر القانونية القائمة على احترام إرادة الناخبين، قُبيل الجولة القادمة من التصويت.

كما ناشدت أعضاء المجلس الأعلى للدولة بضرورة إيجاد حل توافقي للخلاف حول رئاسة المجلس والذي أضعف دوره، وفق تعبيرها.

ورأت تيتيه أن الانقسامات المؤسسية والسياسية التي طال أمدها، إلى جانب الإجراءات الأحادية الضارة وصراع القلة من ذوي الحظوة على السيطرة على الموارد، تُقيد تطلعات الشعب الليبي واحتياجاته.

وقالت: إن الإفراط في إنفاق موارد ليبيا الهائلة في غياب ميزانية وطنية متفق عليها قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي إذا لم يعالج بصورة عاجلة.

وأشارت تيتيه إلى أن هدف البعثة هو دعم ليبيا لإنهاء الفترات الانتقالية المتعاقبة وإرساء السلام والاستقرار من خلال ضمان توحيد المؤسسات الليبية وإجراء انتخابات وطنية شاملة.

كما دعت المجتمع الدولي إلى أن يجتمع على كلمة سواء للتعاون في إيجاد خطة موحدة لدعم دولة ديمقراطية تلبي الاحتياجات والتطلعات الأساسية لليبيين وتعزز النمو الاقتصادي والتنمية العادلة.

المصدر: كلمة المبعوثة الأممية “هانا تيتيه” أمام مجلس الأمن

تيتيه Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

المصدر: ليبيا الأحرار

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي يوهان يونيسيف يونيسف يونغ بويز يونسيف تيتيه

إقرأ أيضاً:

بعثة الأمم المتحدة ترحب بتشكيل لجنتين أمنية وحقوقية في ليبيا: خطوة حاسمة نحو الاستقرار وحماية المدنيين

رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اليوم السبت، بقرار المجلس الرئاسي الليبي بتشكيل لجنتين من الأطراف الرئيسية في البلاد، لمعالجة القضايا المرتبطة بالملف الأمني وانتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي في لحظة حرجة تمر بها ليبيا.

وذكرت البعثة، حسب ما نقلته بوابة "الوسط"، أن هذه المبادرة تأتي متزامنة مع جهود أخرى لتعزيز الترتيبات الأمنية، بهدف منع اندلاع موجات جديدة من العنف، وضمان حماية المدنيين في مختلف المناطق.

البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر بشأن ليبيا* (آلية دول الجوار الثلاثية) القاهرة ٣١ مايو ٢٠٢٥ وزير الخارجية والهجرة يستضيف اجتماعا للآلية الثلاثية لدول الجوار حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي معالجة الاحتجاز التعسفي والانتهاكات داخل مراكز التوقيف

أكدت البعثة الأممية أن عمل اللجنتين سيركز على ملف حقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز، والحد من الاحتجازات التعسفية المنتشرة في البلاد، لافتة إلى التزامها بتقديم الدعم الفني للجنتين وفقًا للمعايير الدولية وضمن ولايتها المحددة.

وشددت البعثة على أن هذه الجهود تعكس رغبة الليبيين في إصلاحات جادة وبناء مؤسسات ديمقراطية خاضعة للمساءلة، معتبرة أن تشكيل اللجنتين يمثل استجابة مباشرة لتلك المطالب.

 لجنة أمنية مؤقتة برئاسة المجلس الرئاسي: ترتيبات جديدة في طرابلس

في سياق متصل، أصدر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، يوم الأربعاء الماضي، قرارًا بتشكيل لجنة ترتيبات أمنية وعسكرية مؤقتة في العاصمة طرابلس، وذلك بالتنسيق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، بعد توصلهما إلى اتفاق مشترك بهذا الشأن.

وتنص الوثيقة على أن رئيس المجلس الرئاسي أو من ينوب عنه سيرأس اللجنة، وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارتي الداخلية والدفاع، وعددًا من الأطراف المعنية.

وتهدف اللجنة إلى إعداد وتنفيذ خطة شاملة للترتيبات الأمنية والعسكرية في العاصمة، تتضمن إخلاء المدينة من المظاهر المسلحة، وتمكين الأجهزة الشرطية والعسكرية النظامية من أداء مهامها في بيئة آمنة ومنضبطة.

تعزيز سيادة القانون ودعم استقرار الدولة

جاء في نص القرار أن تشكيل اللجنة يهدف إلى تعزيز سلطة الدولة وترسيخ الاستقرار، مع التشديد على ضرورة تكريس سيادة القانون، وتوفير مناخ ملائم لعمل المؤسسات الأمنية الرسمية دون تدخل من جهات غير نظامية.

وتسعى هذه الإجراءات إلى ضبط الأوضاع في طرابلس، في وقت تتواصل فيه الجهود الأممية والمحلية لكبح جماح الفوضى التي خلفتها النزاعات المسلحة والانقسامات السياسية.

أحلام مفقودة: مأساة شابين من المنيا في صحراء ليبيا عاجل| مصر تتابع ببالغ القلق التطورات الجارية في ليبيا والاشتباكات العسكرية بطرابلس الانقسام السياسي لا يزال يعرقل العملية الانتقالية

رغم هذه الخطوات الإيجابية، لا تزال الأزمة السياسية الليبية تراوح مكانها، في ظل الانقسام القائم بين حكومتين متنافستين: إحداهما في الشرق بقيادة أسامة حماد المكلّف من مجلس النواب، والأخرى في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، الذي يصر على البقاء في السلطة حتى إجراء انتخابات.

وكان من المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في البلاد يوم 24 ديسمبر 2021، غير أن الخلافات العميقة بين الأطراف الليبية والنزاع حول قانون الانتخابات حالا دون إنجازها، مما أطال أمد الأزمة وأثر على مسار الانتقال الديمقراطي في ليبيا.

 

مقالات مشابهة

  • وزارة الدفاع الليبية تعلن ضبط الموقف في طرابلس عقب خرق للهدنة
  • “الموارد البشرية” تعلن بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتبارًا من 15 يونيو الجاري
  • الدرقاش: على المنفي حل “مليشيا الردع” دون أي تأخير
  • الهدنة تنهار مجدداً في طرابلس.. من يتحمل المسؤولية؟
  • تقرير فرنسي: سكان طرابلس يخشون تجدد العنف رغم أجواء العيد
  • الولايات المتحدة تلغي “الإعفاء من التأشيرة” لزوار ليبيا
  • بعثة الأمم المتحدة ترحب بتشكيل لجنتين أمنية وحقوقية في ليبيا: خطوة حاسمة نحو الاستقرار وحماية المدنيين
  • مساعد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للخدمات المشتركة يزور مركز العمليات الأمنية الموحدة (911) بمنطقة مكة المكرمة
  • وزارة التنمية الإدارية تطلق مشروع  “التمكين التدريبي” لتعزيز القدرات وتنمية الموارد البشرية
  • “مساعد وزير الموارد البشرية” للخدمات المشتركة يزور مركز العمليات الأمنية الموحدة (911) بمكة